انتفض يهود اسرائيل المنحدرين من اصول مصرية اصوات شباب القاهرة ومختلف المدن المصرية التي تنادي برحيل الرئيس حسنيمبارك، وكان لهؤلاء اليهود انطباعات خاصة حول ما يجري في مصر، إذ اختلطت آرائهم السياسية بالحنين الى الماضي غير البعيد الذي عاشوه في مصر، والمواقع السياسية التي عاصروها.


تابع يهود اسرائيل ذوي الأصول المصرية ما يجري في القاهرة، وانطوت متابعتهم للمشهد الراهن على انطباعات خاصة، ربما لا يشعر بها قرائنهم من غير المصريين في إسرائيل، وكان لليهود المصريين الذين يحملون الجنسية الاسرائيلية حالياً، بعض الآراء الخاصة التي ادلوا بها لموقع الجيش الاسرائيلي quot;تساهلquot; على شبكة الانترنت، إذ رأى البعض ان الرئيس المصري حسني مبارك لا يستحق ما وصفوه بالطرد من قصر الرئاسة وربما من مصر، وان ما قامت به ثورة تموز/ يوليو عام 1952، عندما قام الضباط المصريون الأحرار بطرد الملك فاروق من مصر، يخالف الى حد كبير المشهد الذي يحاول تطبيقه عدد من الشباب المصري حالياً مع الرئيس مبارك، إذ ان المصريين كانوا في حالة فاروق على يقين بأن ملك البلاد لم يقدم لهم شيئاً ايجابياً، بينما قدم مبارك الكثير من الايجابيات للمصريين ولا ينبغي التعامل معه بتلك الطريقة.

يهود اسرائيل الذين ينحدرون من اصول مصرية، لا يعتبرون ميدان التحرير بوسط القاهرة مجرد رمز للتظاهر، او ربما للمواجهات بين الشباب والسلطات المصرية، وانما يعتبرونه تاريخاً شهد لسنوات طويلة على طفولة وشباب معظمهم.

ام كلثوم وعبد الوهاب

تلتقي تلك الشريحة من يهود اسرائيل مرة واحدة كل يوم ثلاثاء من كل اسبوع في منطقة quot;بيت يامquot;، ليمارسوا رياضة الـ quot;بينغ بونغquot;، والالتقاء بأحفادهم، غير هذا النشاط يركن هؤلاء الى منازلهم طيلة أيام الأسبوع، ورغم حالة الهدوء التي ينعمون بها على ما تبقى لديهم من تراث مصري، تلعب بطولته الموسيقى العربية الأصيلة، متمثلة في أغاني أم كلثوم وعبد الوهاب وفريد الأطرش، اقدت مضاجعهم اصوات الشباب الثائر في قاهرة المعز، وزادهم دهشة مطالبة الثوار من الجيل الصاعد برحيل نظام قبع على صدور المصريين - بحسب تعبير التقرير العبري ndash; لمدة ثلاثين عاماً.

تحولت لقاءات هؤلاء اليهود الاسبوعية الى صالون سياسي، ففي تمام الساعة السابعة من مساء يوم الثلاثاء خلال الاسبوعيين الماضيين، لم يلتفتوا الى ممارسة رياضتهم المحببة، ولم يكترثوا بالحديث مع احفادهم، وانما شغلهم ما يجري في مصر، والمستقبل المجهول الذي ربما تسير اليه اذا سقط نظام مبارك. ملتقى هؤلاء اليهود يشهد عليه نادي quot;دويتشquot; الذي يقع بشارع quot;بائعي السجائرquot; في منطقة quot;بيت يامquot;، وتعيد الصور والمشاهد التي تتناقلها وسائل الاعلام للشارع المصري امام اعينهم، مشاهد قديمة لم تسقط من ذاكرتهم الهرمة، وتعيد الى اذهانهم الاضطرابات السياسية، التي شهدتها مصر على ايدي الضباط المصريين الأحرار عام 1952، والتي اطاحت عندئذ بالملك فاروق، وعن العلاقة بين مشهدي الماضي والحاضر تقول quot;جيزال كليمانquot;: quot;عندما تابعت مظاهرات الشباب في شوارع القاهرة، لفت انتباهي الشارع الذي عشت فيه طفولتي وشبابي، وتذكرت ايام الاطاحة بالملك فاروق، فلم يفعل آنذاك ملك البلاد الفاسد اي شيئ لصالح المصريين، وكان من الاصوب خلعه من الحكم، بينما فعل مبارك الكثير لصالح مصر، وينبغي ان يتفهم الشباب المصري ذلكquot;.

التباكي على التراث

في خضم الانفعال بما يجري في القاهرة ومختلف المدن المصرية، تباكت شريحة اليهود المصرية على ما قد تتعرض له المتاحف والتراث الأثري في مصر لأذى في ظل ما وصفوه بحالة الفوضى في الشارع، التي تجسدها كاميرات وسائل الاعلام المختلفة، ولذلك اكدت quot;جيرمين كوهينquot; انه من الافضل متابعة ما يجري في مصر من مسافة بعيدة، خشية الاصطدام بواقع مرير إذا رأت ما يخدش الآثار المصرية امام عينيها او على ارض الواقع، وكان من الطبيعي في هذا السياق ان تعبر كوهين عن قلقها على الآثار اليهودية في مصر ومنها معبد quot;شعار هاشميمquot; بوسط القاهرة، ومعابد اخرى في القاهرة مثل quot;بن عزراquot;، quot;وبن ميمونquot;، واضافت كوهين: quot;اخشى على تعرض معبد quot;النبي دانيالquot; بالاسكندرية لأذى في ظل حالة الفوضى الامنية التي تعيشها المدينة ومختلف المدن المصرية، فكان جدي quot;اليعازر بنياسquot; رئيساً للطائفة اليهودية بالاسكندرية ذات يوم، وكان المعبد آنذاك منفرداً بطراز معماري مميز، فلا استطيع ان أتخيل امكانية تعرضه لأذىquot;.

وخلص تقرير موقع الجيش الاسرائيلي quot;تساهلquot; الى اشادة ما يقرب من 60 يهودي اسرائيلي ينحدرون من اصول مصرية بالشعب المصري وحفاوته وخفة ظله، واعلن هؤلاء انه على الرغم من رفضهم لطرد الرئيس مبارك من الحكم، الا انهم يتضامنون مع مطالب الشارع المصري، الذي ينادي بإجراء اصلاحات سياسية، واضافوا: quot;الفقراء من ابناء الشعب المصري هم الدافع الحقيقي في الرغبة بالتغيير، ولابد من التجاوب مع مطالبهم لتحقيق تغير جذري في المستوى الاجتماعي، إذ بات الفقراء يمثلون قاعدة الهرم السكاني بينما يشكل الأثرياء نسبة قليلة جداً من الشعب، ومن الطبيعي ان يشهد الشارع حالة من التمرد الشعبيquot;.