تحيط حالة من الغموض بشأن التشكيلة المرتقبة للحكومة اللبنانية في ظل تواصل الانقسام بين قوى 14 آذار و8 آذار.


بيروت: بعد عشرة ايام على تكليف نجيب ميقاتي تشكيل حكومة لبنانية جديدة، يحيط الغموض بالتركيبة الحكومية الجديدة بينما يحاول كل فريق سياسي تسجيل اكبر عدد من النقاط من خلال رفع سقف مطالبه المتناقضة تماما مع طروحات خصمه.
ويحرص رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي الذي ايد حزب الله وحلفاؤه تسميته، على الحفاظ على موقع وسطي في ظل استمرار الانقسام السياسي الحاد بين قوى 14 آذار المدعومة من الغرب وقوى 8 آذار المدعومة من سوريا وايران.

وتشكل المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري احد الجوانب الاساسية لهذا الخلاف.
وتقول سحر الاطرش من مكتب مجموعة الازمات الدولية في بيروت ان quot;الطريق المسدود مستمر لان الازمة عميقة جدا، فيما لا يوجد حل عميق لهذا الانقسامquot;.

وهي ترى ان quot;كل ما يحصل في الموضوع الحكومي مناورات ومحاولة لكسب الوقتquot;.
ويقول مسؤول في فريق رئيس الحكومة المكلف رافضا الكشف عن هويته ان quot;الاتصالات مستمرة مع جميع الاطراف ولا تزال في مرحلة البحث في الخطوط العريضة والمبادىءquot;، مؤكدا انه quot;لم يحسم شيء بعد في مسالة توزيع الحقائب والاسماءquot;.

ويضيف ان quot;شكل الحكومة سيتحدد في ضوء القرار النهائي لقوى 14 آذار المشاركة ام عدمه: فاذا قررت المشاركة، نتجه الى حكومة موسعة بثلاثين وزيرا، والا يرجح تشكيل حكومة تضم وسطيين وممثلين عن الاكثرية الجديدة او حكومة تكنوقراط او سياسية مطعمة بتكنوقراطquot;.
وخسر سعد الحريري بعد سقوط حكومته في 12 كانون الثاني/يناير الغالبية داخل البرلمان بعدما غير عدد من النواب مواقعهم السياسية، ما ادى الى عدم تسميته مجددا لتشكيل حكومة.

واتهم فريق الحريري حزب الله بتنفيذ quot;انقلابquot; ادى الى تسمية ميقاتي عبر quot;ترهيب النوابquot; وquot;الاستقواء بسلاحهquot;.
واكد على الاثر ان ثوابته بالنسبة الى المرحلة المقبلة تتلخص بامرين هما عدم فك ارتباط لبنان بالمحكمة الدولية، ونزع السلاح غير الشرعي في كل البلاد باستثناء ذاك الموجه ضد اسرائيل (المقاومة) كونه مطروحا للبحث على طاولة حوار وطني.

ويقر المصدر القريب من ميقاتي بان ملف المحكمة الخاصة بلبنان من المواضيع المطروحة، مشيرا الى ان رئيس الحكومة المكلف quot;ليس في وارد اعطاء ضمانات لفريق الحريري ولا للفريق الآخرquot; الذي يطالب بالتنصل من المحكمة.
وكرر ميقاتي ان هناك شقا دوليا في مسالة المحكمة quot;لا يمكن ان نفعل شيئا ازاءه اي لا يمكن الغاءها، والشق الداخلي يتطلب اجماعا وطنياquot;.

ويوضح المصدر ان الاجماع quot;يتحقق اما من خلال مجلس الوزراء او طاولة الحوار الوطني او البرلمان او اي شكل آخرquot;.
ومارس حزب الله الذي يتوقع ان يوجه الاتهام اليه في جريمة اغتيال الحريري، ضغوطا على سعد الحريري قبل سقوط حكومته من اجل وقف تمويل المحكمة والغاء بروتوكول التعاون الموقع معها وسحب القضاة اللبنانيين منها، من دون ان يفلح في تحقيق ذلك.

ويوضح النائب السابق غطاس خوري، مستشار سعد الحريري، لفرانس برس ان قوى 14 آذار quot;لا تزال تنتظر اجوبة على السؤالين الاثنين من خلال اقنية الاتصال القائمة بين ممثلين عنها والرئيس ميقاتي، وليس من خلال الاعلام قبل اتخاذ القرار بالمشاركة ام لاquot;.
ويرى ان ميقاتي quot;يريد ان يجد تسوية وسطية غير موجودة في الواقع لان القوى التي سمته غير وسطية وخيارها واضحquot;.

ويقول quot;اذا ارادوا تشكيل حكومة فلديهم الاكثرية وليفعلوا ذلك. اما اذا ارادوا مشاركتنا، فلدينا شروط لهذه الشراكةquot;.
وهو يؤكد quot;ضرورة ان يكون هناك تمثيل وازنquot; لقوى 14 آذار، مضيفا انه quot;اذا دخلنا الحكومة، يجب ان نكون قادرين على المساهمة في القرارquot;.

الا انه يشير الى quot;عدم وجود جو سياسي مرحب ب14 آذار في الحكومة من جانب الاكثرية الجديدةquot;، مضيفا quot;هم اسقطوا الحكومة السابقة بسبب المحكمة ولا يزالون على موقفهمquot;.
وقال الزعيم المسيحي ميشال عون المتحالف مع حزب الله الخميس quot;لا نريد عقبات اسقطت الحكومة السابقة، لذلك يجب ان يكون هناك حد ادنى من الانسجام في الحكم. اذا عدنا الى النموذج ذاته الذي كان موجودا من قبل فسنبقى في الفراغquot;.

ورأى النائب المسيحي سليمان فرنجية من قوى 8 آذار ان مطالب 14 آذار quot;تعجيزيةquot;، مؤكدا ان الاكثرية الجديدة لن ترضى باقل من عشرين وزيرا في الحكومة.
غير ان الخبراء يستبعدون نجاح قوى 14 آذار في انتزاع حصة وزارية تمكنها من الوقوف في مواجهة ممثلي الاكثرية الجديدة التي تعتبر انها حققت انتصارا باخراج الحريري من رئاسة الحكومة، مرجحين بالتالي انتقال قوى 14 آذار الى المعارضة.

وتقول اوساط ميقاتي ان quot;لا وقت محددا لولادة الحكومةquot;، مشيرة الى ان الاتصالات لتشكيل حكومة لم تتعد الايام، بينما الحكومات في لبنان يستغرق تشكيلها احيانا اشهرا عدة.
ويردد رئيس الحكومة المكلف انه quot;يريد حكومة فاعلة ومنتجة، لا حكومة خلافاتquot; في اشارة الى الحكومة السابقة التي تسبب الانقسام داخلها بشلل اداري ومؤسساتي.

ولا تتوقع الاطرش ان تكون عملية تشكيل الحكومة سهلة. وتقول quot;عندما يبدأ تقسيم الحقائب والمصالح، يسعى الكل الى الحصول على الحد الاقصى، ذاك ان مشكلة المحاصصة في لبنان تطغى على اي مسائل كبرى اخرىquot;.
وتتوقع ان يتم في المدى القصير quot;تمييع موضوع المحكمةquot;، مؤكدة ان موقف رئيس الحكومة المكلف من هذا الموضوع صعب quot;فهو ليس قادرا على اخذ مسالة الغاء المحكمة على عاتقه لان انعكاسات ذلك عليه ستكون سلبية جداquot;.
وتضيف quot;انما عاجلا ام آجلا سيكون على الجميع اتخاذ موقف من هذا الموضوع، وسيكون على ميقاتي مواجهة الاختبار الصعبquot;.