القاهرة: مع توالي الكشف عن قضايا الفساد التي تطال العديد من الوزراء السابقين وكبار رجال الاعمال، يتصاعد الغضب الشعبي مضيفا وقودا الى التظاهرات التي دخلت يومها السادس عشر على التوالي للمطالبة برحيل الرئيس حسني مبارك.

وبعد نشر صحيفة الغارديان البريطانية انباء، لم تفصح عن مصدرها، عن امتلاك اسرة الرئيس مبارك عشرات مليارات الدولار وكشف اخرى مصرية عن ثروات فلكية لوزراء واعضاء في الحزب الوطني، بدأت نيابة امن الدولة الثلاثاء التحقيق في البلاغات التي انهالت كالسيل على هؤلاء وغيرهم تتهمهم بالفساد والاستيلاء على المال العام والتربح من مناصبهم.

وكان النائب العام عبد المجيد محمود اصدر قرارات الاسبوع الماضي بمنع سفر وتجميد اموال امين التنظيم السابق للحزب الوطني الحاكم احمد عز ووزراء الاسكان والسياحة والتجارة والداخلية السابقين، احمد المغربي وزهير جرانة ورشيد محمد رشيد وحبيب العادلي.

واثار المعلومات التي نشرتها الصحف المصرية المستقلة عن ثروة حبيب العادلي التي قيل انها بلغت 8 مليارات جنيه (الدولار يساوي 5,80 جنيه) استياء شعبيا واسعا خصوصا انه ضابط شرطة يفترض انه لا مصادر دخل اضافي له سوى راتبه ومخصصاته.

وكان النائب العام قرر منع الوزراء من السفر وتجميد اموالهم والتحقيق معهم في اطار quot;ملاحقة المتسببين فيما شهدته البلاد من اعمال التخريب والنهب والسرقة للممتلكات العامة والخاصة وإشعال الحرائق والقتل والإنفلات الأمنى والأضرار بالإقتصاد القومىquot;.

وجاء ذلك في اشارة الى الاتهامات المتواترة في وسائل الاعلام المصرية عن مسؤولية العادلي عن فتح السجون لاخراج السجناء الجنائيين بغرض نشر الفوضى في البلاد واثارة حالة من الذعر فيها وهو ما حدث خصوصا يومي 28 و29 كانون الثاني/يناير الماضي.

اما احمد عز الملقب بquot;امبراطور الحديدquot; فثروته تصل الى 18 مليار جنيه وفق الصحف المصرية. واكدت وسائل الاعلام المحلية ان وزير السياحة السابق اقترض 4 مليارات جنية من البنوك قبل توليه الوزارة لانقاذ شركته الخاصة وبعد توليه منصبه تمكن من تسديد ديونه وجمع ثروة تقدر بثمانية مليارت جنيه.

وقدرت الصحف ثروة وزير الاسكان السابق ب17 مليار جنيه ووزير الصحة السابق حاتم الجبلي ب 12 مليار جنيه. وكان نواب المعارضة وجهوا من قبل اتهامات عدة الى الجبلي باستغلال قرارات العلاج على نفقة الدولة ليستفيد منها النواب والوزراء وحتى زوجته نفسها التي عولجت في باريس على نفقة الدولة في حين يحرم الفقراء من الحد الادني من الرعاية الطبية.

وقدمت كذلك بلاغات الى النائب العام تطالب بالتحفظ على اموال رئيس الوزراء الاسبق عاطف عبيد المتهم باهدار المال العام من خلال قرارات الخصخصة التي اصدرها خلال توليه رئاسة الحكومة من 1999 الى 2004، وكذلك وزير الاسكان السابق سليمان ابراهيم.

وقالت صحيفة الدستور الخاصة هذا الاسبوع ان quot;تقريرا لهيئة رقابية افاد بان ثروة 42 عضوا في لجنة السياسات بالحزب الوطني الحاكم تصل الى 200 مليار جنيه في بنوك اوروبيةquot;. وقد اثار نشر هذه المعلومات حفيظة المصريين ما ادى الى انقلاب في مواقف حتى اولئك الذين كانوا يؤيدون بقاء مبارك في الحكم حتى انتهاء ولايته في ايلول/سبتمبر المقبل.

وتقول نازك (55 سنة) الناشطة في جمعيات خيرية quot;نزلت الى الشارع تاييدا لبقاء مبارك بعد خطابه المؤثر الاسبوع الماضي لكن بعد ما كشف من قضايا الفساد فانني سانضم غدا الى المتظاهرين في ميدان التحريرquot; الذي تحول معقلا للانتفاضة الشعبية المطالبة برحيل مبارك.

وكان الخطاب الذي القاه الرئيس المصري الثلاثاء الماضي واعلن فيه انه سيكمل ولايته ولن يترك مصر لانه يريد ان quot;يموت على ارضهاquot; اثار تعاطفا واسعا معه. ويقول ممدوح (45 سنة) وهو مهندس يملك مكتبا استشاريا quot;كنت اعلم ان هناك فسادا في الدولة لكنني لم اتصور يوما ان يبلغ هذا الحجم الرهيبquot;.

وتتساءل ليلى (25 سنة) الموظفة الشابة quot;كيف يمكن ان نثق في احد من مسؤولي النظام بعد الان؟ لن ابقى سلبية وسانضم الى ثوار التحريرquot;. وبعد نوع من الهدوء الاثنين شهد ميدان التحرير الثلاثاء اكبر التظاهرة الاضخم منذ بدء الاحتجاجات في 25 كانون الثاني/يناير الماضي اذ تدفق عليه مئات الالاف من المتظاهرين الذين اعطوا الانتفاضة المصرية زخما جديدا وخاصة مع ظهور الناشط وائل غنيم الذي استقبل استقبال الابطال بعد الافراج عنه.

كما انضم مئات الالاف الى المتظاهرين في ميدان سيدي جابر في الاسكندرية، في اكبر تظاهرات يشهدها الثغر منذ بدء الانتفاضة.