أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية عن تعطيل العمل بالدستور وحلّ مجلسي الشعب والشورى، وتعهّد الجيش الذي يتولى الحكم في مصر منذ سقوط نظام حسني مبارك الجمعة، في بيان أصدره الأحد، بفترة انتقالية لمدة ستة أشهر أو انتهاء انتخابات مجلس الشعب والشورى.
القاهرة: تعهد المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يتولى الحكم في مصر منذ سقوط نظام حسني مبارك الجمعة، بفترة انتقالية quot;لمدة ستة أشهرquot; قد تطول أو تقصر قليلاً، وقرر حلّ مجلسي الشعب والشورى وإجراء تعديلات دستورية وتشريعية تسبق إجراء انتخابات نيابية ورئاسية جديدة.
وفي بيانه quot;رقم 5quot;، الذي أذاعه التلفزيون الأحد، أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة أنه قرر تعطيل الدستور، وهو إجراء لا بد منه من أجل أن يتمكن من إجراء تعديلات دستورية وتشريعية وحلّ مجلسي الشعب والشورى.
تعدّ هذه الإجراءات استجابة للمطالب الرئيسة التي رفعها المتظاهرون منذ أن بدأوا انتفاضتهم ضد نظام مبارك في 25 كانون الثاني/يناير الماضي. وأكد البيان أن quot;المجلس الأعلى للقوات المسلحة سيتولى إدارة شؤون البلاد بصفة مؤقتة لمدة 6 أشهر أو انتهاء الانتخابات في البلاد وانتخاب رئيس الجمهوريةquot;، في إشارة إلى أن هذه الفترة قد تقصر أو تطول بحسب الوقت الذي يستلزمه الانتهاء من الانتخابات النيابية والرئاسية.
وأوضح البيان أن quot;رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة سيتولى تمثيله أمام الجهات كافة في الداخل والخارجquot;، وهو ما يعني أن وزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي سيصبح الرجل الأول في البلاد خلال هذه الفترة الانتقالية.
وأكد البيان أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة قرر quot;حلّ مجلسي الشعب والشورىquot; وquot;تشكيل لجنة لتعديل بعض المواد بالدستور وتحديد قواعد الاستفتاء عليها من الشعبquot;. كما أعلن المجلس أنه سيتولى quot;إصدار مراسيم بقوانين خلال الفترة الانتقاليةquot;.
وخرج الجيش المصري القوي من الظل لقيادة البلاد في خضم الفراغ الدستوري الناجم من تنحي مبارك، إلا أن الكثير من الأسئلة حول دوره السياسي المقبل لا تزال من دون إجابات، كما يقول محللون. واستقال مبارك الجمعة بعد ثلاثة عقود من الحكم، وسلم السلطة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الهيئة التي تضم حوالي عشرين جنرالاً، والتي كانت إلى حين اندلاع الثورة في البلاد مجهولة للسواد الأعظم من الشعب.
وبتسلمه السلطة، بات هذا المجلس يحكم البلاد خارج الإطار الدستوري، كما يؤكد خبراء، وهي حالة استثنائية غير مسبوقة منذ الانقلاب العسكري، الذي نفذه الضباط الأحرار في 1952 على الملك فاروق، وألغى الدستور الملكي.
تقول رباب المهدي أستاذة العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في القاهرة إن quot;تسلم الجيش زمام الأمور يعني عمليًا أن الدستور تم تعليقهquot;. وبعد 24 ساعة على تسلمه السلطة، أصدر الجيش السبت بيانًا سعى من خلاله إلى طمأنة المواطنين عبر تعهده بتأمين quot;انتقال سلميquot; نحو quot;سلطة مدنية منتخبة لبناء الدولة الديموقراطية الحرةquot;.
ولمزيد من التطمين، كلف الجيش الحكومة الحالية تسيير الأعمال. وتقول المهدي quot;هذه ليست عملية تقليدية. لا يمكننا أن نتوقع منهم اتباع خطوات محددةquot;. ولا يجتمع المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلا في أوقات الأزمات. وهذا ثالث اجتماع له منذ حربي 1967 و1973، بحسب مركز الأبحاث الأميركي ستراتفور.
توفيق إكليمندوس الباحث في المعهد الفرنسي للدراسات القانونية والاجتماعية والاقتصادية والاختصاصي في شؤون الجيش المصري، ذكر تعليقًا على جنرالات هذا المجلس، quot;نحن لا نعرفهم أبدًا، نحن نكتشفهمquot;، مضيفًا quot;حتى وإن كانت مهمتهم واحدة فمن المحتمل أن تكون بينهم اختلافاتquot;.
لكن مع خروج الجيش أكثر فأكثر إلى العلن، ستظهر على الملأ شيئًا فشيئًا سلطته السياسية والاقتصادية الهائلة. ويقول عمر الشلقاني أستاذ الحقوق في جامعة القاهرة إن quot;هذا البلد يقوده العسكر منذ 1952quot;، مشددًا في الوقت عينه على أن العسكريين كانوا quot;حتى الساعة خلف الأضواءquot;.
يضيف quot;اليوم، يجب أن ينطلق الحوار لضمان قيام الجيش بدور تقليدي، وبأنه لن يكون له أي دور في الحياة السياسيةquot;. وتتهم منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان الجيش المصري باعتقال متظاهرين مناوئين لنظام حسني مبارك، تعرض بعضهم للتعذيب.
وبحسب هيومن رايتس ووتش، فإن quot;ضباطًا كبارًا والشرطة العسكرية اعتقلوا تعسفيًا 119 شخصًا على الأقل في مدن مصرية عدة ليل 28 كانون الثاني/يناير، خمسة منهم على الأقل تعرضوا للتعذيبquot;.
واندلعت حركة احتجاج شعبية غير مسبوقة في مصر في 25 كانون الثاني/يناير، تطالب بإصلاحات ديموقراطية، وبرحيل الرئيس المصري. ويرى مركز ستراتفور أن الجيش المصري أمامه اليوم quot;تحدي إقامة نظام يرضي الجماهير، وفي الوقت نفسه يسمح للعسكريين بالمحافظة على سلطتهمquot;.
التعليقات