آخر تحديث 14:52 الثلاثاء 15 فبراير/شباط 2011
أمهل الجيش المصري لجنة تعديل الدستور التي شكّلها عشرة أيام لإنجاز مهمتها بحسب بيان للمجلس الأعلى للقوات المسلحة. ومع بدء عودة أوجه الحياة المختلفة في مصر إلى طبيعتها بدأت تطفو على السطح بعض الأسئلة المتعلقة بمدى قدرة الجيش المصري على تحقيق الديمقراطية في البلاد.
القاهرة: أمهل الجيش المصري الثلاثاء لجنة تعديل الدستور التي شكّلها عشرة أيام لإنجاز مهمتها بحسب بيان للمجلس الأعلى للقوات المسلحة أذاعه التلفزيون المصري. وأعلن المجلس في بيانه تشكيل لجنة تعديل الدستور، مؤكدًا أنه quot;على اللجنة الانتهاء من عملها في مدة لا تتجاوز عشرة أيام من تاريخ هذا القرارquot;.
وطلب الجيش من اللجنة تعديل المادتين 76 و77 المتعلقتين بشروط الترشح لرئاسة الجمهورية ومدة بقائه في السلطة والمواد 88 و93 التي تتعلق بالإشراف القضائي على الانتخابات والطعون على الانتخابات التشريعية. كما دعا إلى تعديل المادة 189 التي تتضمن آليات تعديل الدستور.
وطلب المجلس العسكري إلغاء المادة 179 التي تعطي رئيس الجمهورية حق إحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية إذا ما تعلق الأمر بجرائم الإرهاب. يذكر أن هذه المواد الدستورية التي كان تم الاتفاق على تعديلها من قبل لجنة قانونية عينها الرئيس السابق حسني مبارك قبل سقوط نظامه في 11 شباط/فبراير الجاري.
إلى ذلك، ورغم الاحتكاك الخفيف الذي وقع بين قوات الجيش المصريومجموعة صغيرة من المتظاهرين خلال محاولتها إخلاء ميدان التحرير، إلا أن الأمور سرعان ما تم احتوائها، وانتظمت حركة المرور نوعاً ما، وعاد المتظاهرون إلى ترديد بعض من شعاراتهم، وعاد المارة من جديد لتسلق الدبابات كي يلتقطوا بعض الصور، وكان هناك عناقاً ومصافحة بين أفراد الشعب العاديين وبين العناصر المنتمية للقوات المسلحة.
وفي تصريحات أدلى بها إلى مجلة quot;التايمquot; الأميركية، قال شادي جمال، وهو طالب يبلغ من العمر 22 عاماً، كان يحاول دون جدوى أن يمنع بعض المحتجين من أن يدوسوا على خط مستقيم تم طلائه مؤخراً على واحدة من الطرق الرئيسية : quot;نحن نثق في الجيش. ونعتذر على ما سببناه من إزعاج خلال الفترة الماضية. والآن ها نحن نقوم ببناء مصر. وقد قدّم الجيش ضمانات تؤكد أنه سيحمي الديمقراطية ويمنح السلطة للشعب. وهذا دليل على أن الحركة الثورية ليس لديها ما تخشاهquot;.
هذا وقد تعهد المجلس الأعلى للقوات المسلحة يوم الأحد الماضي بأن يقوم بالإشراف على عملية انتقال السلطة بشكل سلمي إلى قيادة مدنية، كما أعلن عن أنه قد تم تعطيل الدستور وحل مجلسي الشعب والشورى. فضلاً عن أن الجيش سيتحمل مسؤولية قيادة البلاد لمدة ستة أشهر، أو حتى إجراء انتخابات ديمقراطية وحرة ونزيهة.
وعلى الرغم من أن القوات التي تم نشرها في الشوارع بعد نزول المصريين إلى هناك خلال الأسابيع الأخيرة للمطالبة برزمة من الإصلاحات قد تكون متضامنة مع جموع الشعب، إلا أنه من غير الواضح حتى الآن ما إن كان لدى قادتهم الرؤية أو الرغبة في تحقيق الديمقراطية. وأوضح هنا أحد المتظاهرين، الذي اكتفى بتعريف نفسه باسم أحمد quot; هناك وعود كثيرة. لكن لا توجد تفاصيل أو حقائق. فالجيش كان القوة التي تساند وتقف وراء مبارك، فما الذي يجعله يريد أن يتخلى عن تلك السلطة ؟quot;.
بعدها، مضت المجلة لتشيد بدور الجيش المصري منذ إطاحته بالنظام الملكي عام 1952، وأكدت أيضاً أنه مؤسسة تحظى بكل الاحترام، نظراً لما يقوم به من أدوار وطنية، مع أنه لم يفعل سوى القليل لتشجيع حدوث تقدم ديمقراطي حقيقي، على حد قول المجلة.
وقالت شيلا كارابيكو، رئيس قسم العلوم السياسية في الجامعة الأميركية بالقاهرة: quot;لن يكون من السهل خلال وقت قريب انتخاب شخص مدني من دون الدعم العسكري، وستحتاج الدولة كذلك إلى وقت أطول كي يمكنها القول إن لديها قيادة حقيقية للجيش. يجب أن تحدث بعض التغييرات، من أجل إخراج الناس فقط من ميدان التحرير، لكن من الصعب تخيل ما الذي سيحث الجيش على التخلي عن دوره المطلقquot;.
ورأت المجلة في ختام حديثها أن الاستقرار ليس الشيء الوحيد الذي يثير قلق الجيش، فالأمور المالية مثيرة للاهتمام أيضاً. وأشارت إلى أن القوات المسلحة المصرية، التي يقدر أعداد أفرادها بنصف مليون، تتلقى 1.3 مليار دولار سنوياً من الولايات المتحدة، وتحتفظ في الوقت ذاته أيضاً باستثمارات كبرى في الاقتصاد الوطني.
كما أوضحت المجلة أن الانتقال إلى ديمقراطية كاملة قد يبدو أمراً محفوفاً بمخاطر كبيرة للغاية بالنسبة لقيادة عسكرية لا ترغب في رؤية تغيير متهور. وقالت هنا رانيا مجدي، طالبة تبلغ من العمر 18 عاماً :quot; أعلم أن الجيش يحترم المصريين لأنهم لم يطلقوا علينا النار في الميدان. وهم يريدون ما هو خير للشعب المصريquot;.
القوات المسلحة: لاستمرار الاعتصامات نتائج كارثية
في المقابل، أعلنت القوات المسلحة المصرية أن استمرار الإضرابات والاعتصامات سيكون له نتائج quot;كارثيةquot; على البلاد، على ما نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط. ونقلت الوكالة عن مصادر قريبة من القوات المسلحة أن quot;المجلس يعي تمامًا الظروف الاقتصادية والاجتماعية، التي يعانيها المجتمع، غير أنه لا يمكن حلّ هذه القضايا قبل إنهاء الإضرابات والاعتصاماتquot;.
واعتبر المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن quot;استمرار الإضرابات والاعتصامات سيكون له نتائج كارثية على مصرquot;. وبعدما أكد على quot;الحق في الإضراب والاعتصامquot;، قال الجيش إن quot;الظروف غير مناسبة حاليًا في هذاquot;. وتساءل quot;من سيتحمل تكاليف إعادة هذه المنشآت إلى حالتها الأولىquot;.
وكانت مصر شهدت في الأيام الأخيرة إضرابات في قطاعات النقل والمصارف والبترول والنسيج وحتى في المؤسسات الإعلامية الرسمية، للمطالبة برفع الرواتب وتحسين ظروف العمل. وقررت إدارة البورصة المصرية الاثنين مواصلة إغلاقها طوال أيام الأسبوع الحالي بسبب عدم انتظام العمل بالمصارف.
ولم تنظم أي حركات احتجاجية في مصر الثلاثاء، وهو يوم عطلة، لمناسبة عيد المولد النبوي، لكنها مرشحة للاستئناف في الأيام المقبلة في عدد من القطاعات الأساسية.
أقباط يعترضون على تشكيلة لجنة تعديل الدستور بوجود الإخوان وقال نجيب جبرائيل رئيس الاتحاد المصري من أجل حقوق الإنسان، وهو منظمة غير حكومية مصرية قبطية، في بيان، إن quot;ملايين الأقباط يعترضون على تشكيل اللجنة التي عيّنها المجلس الأعلى للقوات المسلحةquot;. وأضاف أن quot;ضم اللجنة عناصر من الإخوان من دون وجود قبطي فيها يتنافى مع مبادئ ثورة الخامس والعشرين من يناير (كانون الثاني) التي امتزجت فيها دماء الأقباط والمسلمينquot;. وأكد جبرائيل لوكالة فرانس برس أن quot;وجود المستشار سامي يوسف أحد نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا لا يعد تمثيلاً للأقباط لأنه لا صلة له بالشأن القبطيquot;. مشيرًا إلى أن يوسف quot;ليس سوى رجل قانون، في حين أن هناك تمثيلاً سياسيًا واضحًا في اللجنة للإخوان المسلمين من خلال صبحي صالح (نائب سابق للإخوان) فضلاً عن أن رئيسها طارق البشري معروف عنه توجهاته الإسلاميةquot;. وأكد البيان أن quot;وفدًا من النشطاء الأقباط سوف يتقدم بمذكرة الأربعاء إلى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير حسين طنطاويquot; تطالب القوات المسلحة بـquot;ضم أقباط إلى اللجنةquot;.
هذا وأعلم ناشطون أقباط الثلاثاء اعتراضهم على تشكيلة لجنة التعديل الدستور التي أعلن الجيش تعيينها لتضمنها ممثلين للإخوان المسلمين من دون أن يكون فيها تمثيل قبطي.
التعليقات