برغم انكفاء القذافي على قارته وسعيه إلى إقامة laquo;الولايات الافريقية المتحدةraquo; بعد يأسه من مشروعه للوحدة العربية الشاملة، فإن الخبراء يقولون إن مصير الرئيس الليبيري تشارلز تيلر سيصرف الزعيم الليبي عن اللجوء في افريقيا، لكن هناك صديقه الرئيس الفنزويلي شافيز.
لندن: انتهى مطاف زين العابدين بن علي - ومن قبله نواز شريف وقبله عيدي أمين - في السعودية.. وشاه إيران في مصر، وكذلك جعفر النميري قبل laquo;العفو الشعبيraquo; عنه وعودته إلى السودان.. ولجأ الليبيري تشارلز تيلر إلى نيجيريا قبل تسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية، والأثيوبي منغستو هايلي مريام إلى زمبابوي والزائيري موبوتو سيس سيكو إلى توغو... فأي مكان سيختاره الزعيم الليبي معمّر القذافي في حالانتصار الثورة الشعبية عليه؟.
السؤال تطرحه صحيفة laquo;غارديانraquo; البريطانية، وتستعين ببعض الخبراء للإجابة عنه. فيرشّح هؤلاء السعودية وسط الدول العربية رغم تهجّمه على ملكها من قبل، ولكن بسبب ما عرف عن تسامحها إزاء الحكام المخلوعين. ويرشّحون أيضًا بوركينا فاسو وتشاد وغينيا الإستوائية وجنوب أفريقيا وزمبابوي بين أفريقية أخرى، وفنزويلا بين الأميركية الجنوبية.
ويميل الخبراء أكثر إلى فنزويلا، ويعتبرونها أفضل خياراته بسبب العلاقات الطيبة التي تربط القذافي بالرئيس هوغو شافيز وتبادلهما المودة والزيارات. بل إن اسم الرئيس الفنزويلي أطلق على ملعب لكرة القدم في ليبيا، كما يقال إن القذافي من جانبه يتردد على جزيرة فنزويلية مفضلة لديه في ما يبدو.
لكن للزعيم الليبي وشائج قوية أقامها مع دول أفريقيا السوداء، بعدما يئس من الوحدة العربية. ويقول أديكايي أديبايو، مدير laquo;مركز حل النزاعاتraquo; في جامعة كيب تاون إنlaquo;للقذافي ما يكفي من الأصدقاء الأفارقة ليجد الملاذ عند أحدهم. لكن المشكلة هي أن هؤلاء مذعورون الآن من مجرد فكرة طلبه استضافته على أراضيهمraquo;.
ويشير أديبايو إلى أن القذافي متورط أيضًا في تمويل حركات التمرد في ليبيريا وسيراليون، وهذا سبب لقلق الزعماء الأفارقة (بعد مصير تشارلز تيلر متهمًا بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لحربه في بلاده وتدخله في تمويل حرب سيراليون). ومشكلة أولئك الزعماء الأخرى هي أنهم تقربوا إليه في السابق لمصالح شخصية، وقد يطالبهم الآن برد الديْن.
من ناحية تشاد، فقد وضع الزعيم الليبي خلافه القديم مع نجامينا خلف ظهره، ووقّع معها اتفاقيات ثنائية أمنية وتجارية. وله أصدقاؤه في السنغال، حيث وضع هو شخصيًا حجر الأساس لصرح laquo;برج القذافيraquo; بتكلفة 250 مليون دولار (تعطّل العمل فيه). وكانت السنغال أيضًا من أشدّ المتحمسين لدعوته إلى إقامة laquo;الولايات الأفريقية المتحدةraquo;.
ويمكن له أن يجدد روابطه مع رئيس زمبابوي روبرت موغابي، أو أن يطلب ضيافة صديقه بليز كومباوري رئيس بوركينا فاسو. وفي حال لم يرغب في هذا أو ذاك، فهناك أيضًا تيودورو أوبيانغ نغويما، رئيس غينيا الإستوائية، الذي يحتلّ المرتبة الثانية وسط الرؤساء الأفارقة من حيث القِدم بعد القذافي نفسه.
ويقول رتشارد داودين، مدير laquo;الجمعية الأفريقية الملكيةraquo; إنه، على صعيد القارة، يرشّح غينيا الإستوائية laquo;لأنها تتمتع برئاسة الاتحاد الأفريقي حاليًا، وتريد أن تظهر كلاعب أساسي، رغم أنها ليست كذلك، وأيضًا بسبب العلاقات الشخصية التي تربط القذافي برئيسها كومباوريraquo;.
لكن داودين يضيف إن الزعيم الليبي يفتقر إلى الأصدقاء الأفارقة الحقيقيين. ويقول laquo;انطباعي هو أن هؤلاء الراديكاليين لم يأخذوا laquo;الكتاب الأخضرraquo; على محمل الجد. نعم، كانوا يزورونه في خيمته (طلبًا للأموال) لكنهم كانوا يجاهدون لكتم ضحكات استهزائهم به وبأحلامه الجامحة للقارةraquo;.
وقد يستبعد البعض جنوب أفريقيا. لكن القذافي يتمتع بصداقة نيلسون مانديلا (92 عامًا) الذي قال في بداية رئاسته إنه يقدر لليبيا وقوفها مع laquo;المؤتمر الوطني الأفريقيraquo; في نضاله ضد laquo;الأبارتيدraquo; (نظام التمييز العنصري)، ونصح أولئك الذين لا تعجبهم هذه الصداقة بإلقاء أنفسهم في البحر.
يذكر أن جنوب أفريقيا تستضيف جان - بيرتران أريستيد (هايتي) ومارك رافالومانانا (مدغشقر)، فهل يكون القذافي هو التالي هنا؟، يقول بيتراس دي كوك، الباحث في laquo;معهد جنوب أفريقيا للشؤون الدوليةraquo; إن الحكومة laquo;قد ترضى، على مضض، باستضافته إكرامًا لمانديلا. لكن رد الفعل الشعبي سيكون غاضبًا حقًا، وستعلن الصحافة الليبرالية الحرب على الخط الرسميraquo;.
من جهته يقول أنتوني غولدمان، من مؤسسة laquo;بي إم كونسلتينغraquo; اللندنية للدراسات الأمنية إن أفريقيا laquo;ما عادت رهانًا مضمونًا بالنسبة إلى الطغاةquot;.
ونيجيريا، مثلا، كانت ملاذا آمنا لهم. لكن هذا الوضع تغيّر بعدما سلّم رئيسها السابق اوليسغون اوباسانجو تشارلز تيلر للعدالة الدولية عن جرائمه في بلاده وفي سيراليون. هذا وحده قد يصرف القذافي عن قارته.. وهذه هي افريقيا.. ما يبدو فكرة حسنة اليوم قد يتغير بين عشية وضحاها. لا اعتقد أن افريقيا ستكون خياره الأولraquo;.
التعليقات