لا ينظر الفلسطينيون بعين التفاؤل إلى المبادرات التي يتم إطلاقها لإنهاء الإنقسام بين حركتي فتح وحماس، بعد فشل الكثير من المبادرات في السابق، فيما تستعد حركة حماس لإطلاق مبادرتها، التي تقول إنها تأخذ بعين الاعتبار كل جوانب الأزمة الداخلية الفلسطينية.


أطلقت حركتا حماس وفتح الفلسطينيتان خلال فترة قصيرة نسبياً تزامناً مع موجة التغيير المستمرة في الدول العربية أكثر من مبادرة quot;إعلاميةquot; للوحدة وإنهاء الإنقسام، لينتهي الوضع أخيراً بإطلاق حماس مبادرة جديدة، تتجاهل تلك التي أطلقها رئيس الوزراء الفلسطينية الدكتور سلام فياض، لتشكيل حكومة وحدة وطنية لم يعلن عن تفاصيلها بعد، في حين يستمر الوضع الفلسطيني بإطلاق المبادرات من دون أي أثر فعلي ينهي أزمة الوضع الفلسطيني القائم.

ولدى سؤال quot;ايلافquot; النائب يحيى العبادسة عضو المجلس التشريعي عن حركة حماس بشأن تفاصيل مبادرة حركة حماس للوحدة، أكدّ عدم معرفته أي تفاصيل متعلقة في هذا الشأن، وقال إن حماس ستعلن عن هذه التفاصيل في الأيام المقبلة حينما تنتهي من بلورة الجزئيات المتعلقة بها، والتي تأخذ التغييرات العربية بعين الإعتبار. وأضاف لـ quot;إيلافquot; أنّ هذا هو الوقت المناسب فعلاً لإطلاق هذه المبادرة نظراً إلى ضرورة مواكبة التغييرات العربية.

حماس معنية بإنهاء الانقسام

وحول سؤاله عن أثر غياب الدور المصري في المبادرات الأخيرة، ردّ العبادسة بالقولإنالنظام المصري مشغول هذه الأوقات بترتيب البيت المصري، ونحن كفصائل قادرون على الاجتماع لإستعادة وحدتنا وإنهاء الأزمة. وأفاد العبادسة أنّ حركة حماس معنيّة بإنهاء الانقسام وضرورة تحقيق الوحدة الوطنية. وأكد على أنّ حركة حماس جاهزة ومستعدة لإنهاء أزمة الانقسام.

فيما أسف العبادسة لوجود ما أسماه quot;مغذيّات الإنقسام، التي تتمثل في إستمرار التنسيق الأمني مع إسرائيل واستمرار سياسة الاعتقالات ومنع عمل مؤسسات حماس في الضفة الغربية. كما لفت العبادسة الإنتباه إلى أنّ أزمة الوضع الفلسطيني لا يمكن تجزئتها في quot;كلام ملغومquot; تحت شعار quot;الشعب يريد إنهاء الإنقسامquot; حسب قوله، وأنّ المشكلة أكبر بكثير.

كما رأى العبادسة أنّ ما جرى ومازال يجرى في الساحة العربية يمثل عوامل مساعدة تدعم إنهاء الانقسام، مرجعاً السبب إلى تحرر المجتمعات العربية من الضغوطات الخارجية، وبالتالي تحرر القضية الفلسطينية من هذه الضغوطات، التي تدفعها لإمساك زمام أمرها وحل الأزمة في أقرب وقت ممكن.

حماس تخشى من التغيير

quot;المسألة ليست مسألة إثبات وطنية، كما إنّها لا تقتصر على تسجيل مواقف سياسية تؤكد وتنفي وتثبت نظافة أحزابهاquot;، هكّذا بدا موقف المحلل السياسي ناجي شرّاب من إطلاق المبادرات الخاصة بإنهاء الانقسام. كما رأى شرّاب أنّ المشكلة الفلسطينية لا تكمن في طرح مبادرات، مرجعاً السبب إلىا أنّ الوضع الفلسطيني مازال في أسوأ حالاته.

وقال شرّاب لـ quot;إيلافquot; إن حق مطالبة الشعب بإنهاء quot;الاحتلالquot; حق مكفول، وحماس بدورها لا تعارض هذا الحق واستدرك شرّاب قائلاً إنّ هناك خشية لدى حماس من موجة المطالبات الشعبية بالتغيير، مرجعاً سبب التخوف إلى سبب أنّ الثورات الشعبية لا يمكن التحكم بها، لكونها قد تتطور أكثر نحو أكثر من هدف إنهاء الانقسام إلى رفض كل شيء، وأضاف ربما تخشى حماس من تطور الوضع إلى حالة من العنف الدموي يصعب كبحها في حالة حدوثها، وتبعاً لذلك ينجم تخوف من حماس أو غير حماس أو أي جهة مسئولة من هذه العواقب.

وأفاد شرّاب quot;في الواقع الوضع الفلسطيني ليس بحاجة لمبادرات لا تترك أثراً في إنهاء الأزمةquot;، وقال: من حق الشعب المطالبة والمشاركة في التغيير وإنهاء الانقسام، ولا يمكن لأحد تجاهل هذا الحق كائناً من كان.

ورأىأنالمبادرات التي تطلق من قبل فتح وحماس منذ فترة تزامناً مع موجة التغيير العربية هي عملية احتواء لما هوآت من مطالبات شعبية واسعة بإنهاء الأزمة القائمة. مشيرًا إلى عدم وجود الثقة السياسية بين حركتي فتح وحماس الذي خلص إلى التشكيك في مصداقية مبادرتيهما، وبالتالي لن يحصل الاتفاق الذي يتحدث عنه الفصيلين مع استمرار غياب الثقة.

فيما استنكر شراب quot;انحصار تحرك الوضع السياسي الفلسطيني بين فصيلي فتح وحماس، مجدداً طلب مبادرة حقيقية يشارك فيها كل كوادر الشعب الفلسطيني تعبّر عن طموحات الشعب بما يتأقلم مع التغييرات العربيةquot;.

المبادرات... شكل جديد من السجال السياسي

من ناحيته رأى الإعلامي والمحلل السياسي حسن الكاشف أن القوى السياسية بأشكالها كافة، وليست حماس وفتح فقط، تحاول إرضاء الرأى العام، الذي يطالب بإنهاء الانقسام. فيما وصف عملية إطلاق المبادرات بـ quot;شكل جديد من السجال السياسيquot;، وأنّ حماس بمبادرتها الجديدة ترد على مبادرة فياض لإرضاء الرأى العام.

وأفاد الكاشف لـ quot;إيلافquot; أنهرغم تتابع المبادرات إلا أنّ كل القوى السياسية من دون استثناء لا تستشعر صعوبة الوضع، آسفاً لعدم استفادة القوى السياسية من دروس موجات التغيير العربية، مشيراً بقوله إلى أنّ سلبيات أنظمة الشعوب العربية التي طالها التغيير لا تختلف عن سلبيات الوضع الفلسطيني، وأنّ الوضع الفلسطيني يعتبر مؤهلاً لثورات مشابهة للثورات العربية.

وحين سؤاله عن ترقبه للوضع في الأيام المقبلة، أسف الكاشف لإستمرار العزلة بين الشعب والفصائل، متوقعاً أنّ لا يراوح الوضع الفلسطيني مكانه، وسيبقى مقيماً في الأزمة الفلسطينية، مما يصبّ في مصلحة الشأن الإسرائيلي.