مصطفى عبد الجليل

تحرص المعارضة الليبيّة على مشاركة الجميع في المجلس الوطني لكسب شرائح ودوائر ذات أهمية بينها قبائل قوية ومن لم يحسم موقفه منالنظام الحالي. ويرى مراقبون أن إختيار أعضاء المجلس راعى توجسات العواصم الغربيّة.


نال رئيس المجلس الوطني للثوار الليبيين سمعته خصمًا لنظام القذافي من موقع ينطوي على مفارقة هو وزير العدل في حكومة العقيد. إذ كان مصطفى عبد الجليل وزير العدل الليبي منذ العام 2007 حتى استقالته في شباط فبراير الماضي احتجاجًا على بطش النظام بالمتظاهرين.

ويتولى عبد الجليل الآن رئاسة المجلس الوطني الموقت الذي يضم الى جانبه مسؤولين ليبيين سابقين ومعارضين امضوا سنوات في سجون القذافي.

وتشير أسماء الأعضاء العشرة التي نُشرت حتى الآن من اصل 31 عضوًا في المجلس الوطني الى حرص قادة الثوار على مشاركة الجميع لكسب شرائح ودوائر ذات اهمية استراتيجية بينها قبائل قوية غربي ليبيا ونخب تقليدية في الشرق ومسؤولون في النظام الحالي ما زالوا لم يحسموا موقفهم.

ويرى مراقبون أن إختيار أعضاء المجلس راعى ايضًا توجسات الغرب مشيرين الى ان بعض الأعضاء معروفون في واشنطن وعواصم غربية اخرى بوصفهم علمانيين يدعون الى علاقات طيبة مع الغرب والانفتاح الاقتصادي على العالم. واختارت المجالس المحلية في المناطق التي يسيطر عليها الثوار ممثلي المدن في المجلس الوطني ولكن معلقين يلاحظون ان العملية لم تكن شفافة بالكامل.

وأُبعد الاسلاميون المنخرطون في صفوف الثوار عن الأضواء رغم تمتعهم بالتأييد في المناطق الشرقية وتوليهم مواقع حساسة في مجهود الثوار لاطاحة القذافي. ففي مدينة درنة مثلاً، المسؤول عن تنظيم دفاعات المدينة مقاتل اسلامي سابق حارب في افغانستان قبل ان يسجنه القذافي. وفي طبرق المجاورة يتولى تنظيم دفاعاتها ضابط علماني سابق ساعد في شن حملة ضد الاسلاميين إبان التسعينات.

ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن رجل أعمال أميركي من أصل ليبي قوله إن الثوار الليبيين يُشرِكون المعارضة الاسلامية على ما يبدو ولكن بطريقة خفية لكي لا يثيروا قلق الولايات المتحدة.

وقال قياديون مناوئون للنظام ان إشراك مسؤولين كبار سابقين في النظام يوفر لهم قيادات تعرف دواخل النظام وتشجع مسؤولين آخرين فيه على الانتقال الى صفوف المعارضة حين يرون ان الثوار مستعدون لاحتضان المسؤولين السابقين في صفوفهم.

وينحدر رئيس المجلس الوطني عبد الجليل (58 عامًا) من مدينة البيضاء الشرقية، الموطن التاريخي لعائلة السنوسي التي حكمت ليبيا كطريقة صوفية ثم ملكية قبل استيلاء العقيد القذافي على السلطة في العام 1969.

وخلال عمله قاضيًا كان عبد الجليل معروفا بدأبه على اصدار احكام ضد النظام. وكان من بين حفنة مسؤولين سلمهم النظام مسؤوليات في اوائل ومنتصف العقد الحالي في اطار مساعي سيف الاسلام نجل القذافي لتصوير نفسه ونظام الحكم ذوي توجهات اصلاحية.

وبعد تعيين عبد الجليل وزيرا للعدل في العام 2007 تحدى النظام علنا في خطوة لم يجرؤ عليها وزير من قبل في حكومة القذافي.

وفي تصريح لصحيفة وول ستريت جورنال قالت هبة مريف المسؤولة في منظمة مراقبة حقوق الانسان quot;هيومن رايتس ووتشquot; التي قابلت عبد الجليل مرتين في ليبيا انها لم تعرف وزير عدل عربيًا يجاهر بنقد أقوى الأجهزة الأمنية في البلد ولكن عبد الجليل ببساطة لا يعرف الكذب.

وفي العام 2010 ظهر عبد الجليل على التلفزيون الليبي امام العقيد القذافي ومئات المسؤولين في مؤتمر نظمته الحكومة واعلن نيته في الاستقالة بسبب رفض النظام الافراج عن السجناء السياسيين. ولكن استقالته رُفضت.

قرر القذافي ارسال عبد الجليل الى بنغازي حين اندلعت الاحتجاجات في 25 شباط فبراير. وحين وصل عبد الجليل ورأى اساليب النظام في قمع المحتجين سارع الى الاستقالة ليكون أول مسؤول كبير ينشق عن النظام.

وبعد أيام طُلب من عبد الجليل ان يكون وجه الثورة الذي يبين لليبيين والعالم أنه يوجد بديل ذو مصداقية من العقيد القذافي. واستجاب عبد الجليل للطلب. وفي يوم الأربعاء الماضي اعلن التلفزيون الحكومي مكافأة قدرها 500 الف دينار ليبي لكل من يقبض على عبد الجليل ويسلمه الى النظام.