يبدو أن أهداف التحالف الدولي من قصف ليبيا تبدو ملتبسة، ففي حين تعلن قيادة التحالف عن أن الزعيم الليبي معمّر القذافي ليس المستهدف بالضربات الجوية، كانت التقارير الواردة من طرابلس تتحدث عن دوي إنفجار كبير وتصاعد الدخان من مجمع العزيزية مقرّ القذافي.



أعلن الأدميرال وليام غورتني في مؤتمر صحافي عقده في البنتاغون يوم الأحد ان الزعيم الليبي معمّر القذافي ليس هو المستهدف بالضربات الجوية، بينما كانت التقارير الواردة من طرابلس تتحدث عن دوي إنفجار كبير وتصاعد الدخان من مجمع العزيزية مقر القذافي.

ويرى مراقبون ان ذلك كان اشارة واضحة الى ان الضربات العسكرية التي بدأت بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة تنفذها منذ يوم السبت قد تستهدف النظام نفسه، بصرف النظر عن النيات المعلنة. لكن هناك أيضاً احتمال ألا تكون الضربات الجوية كافية لخلع القذافي.
ويتساءل محللون إن كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها يعبئون ما يكفي من القوى لكسب المعركة، لا سيما وأن التأخير في بدء الهجوم زاد وعورة الطريق المؤدي الى هذا الهدف.فقد مر 22 يومًا منذ أن فتحت القوات الموالية للنظام نيران اسلحتها على المحتجين الى بدء الضربات العسكرية بموافقة من مجلس الأمن الدولي. وحين وصلت صواريخ توماهوك الاميركية الى اهدافها يوم السبت كانت قوات القذافي تعززها قوات مرتزقة، تمكنت من إبعاد الثوار عن أطراف طرابلس شرقا حتى بنغازي، وكادت تسيطر على آخر معاقل الثوار.

وأعرب عضو مجلس الشيوخ جون ماكين في حديث لشبكة سي ان ان، يوم الأحد عن الأمل بأن لا يكون التحرك الغربي بدأ بعد فوات الأوان. وقال انه لو اتُخذت هذه الخطوة قبل اسبوعين لكان الحظر الجوي كافيًا على الأرجح. واضاف quot;ان الحظر الجوي لا يكفي الآن، ويتعين القيام بجهود أخرىquot;.

ويعترف خبراء في شؤون المنطقة ومسؤولون في الإدارة ايضا بأن حمل العقيد القذافي على التنحي سيكون أسهل لو بدأ التحرك الدولي حين بدت الغلبة للثوار، وليس بعد حصر الانتفاضة في بنغازي والمناطق المحيطة بها.
ويتمثل المأزق بالنسبة إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي أكد أن القذافي فقد شرعيته في ان قرار الأمم المتحدة لا يجيز تنحيته. لذا يقول أوباما الآن ان الهدف محدود، وهو استخدام القوة لحماية الليبيين وتمكين المساعدات الانسانية من الوصول إليهم.

وأقر رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيوش الأميركية الادميرال مايكل مولين في مقابلة بثتها شبكة ان بي سي يوم الأحد بأن بقاء القذافي بعد انجاز هذه المهمة quot;هو من النتائج المحتملة بكل تأكيدquot;. واضاف ان الحلفاء يريدون عودة قوات القذافي الى ثكناتها، لكنه لم يقل شيئا عما ينبغي ان يفعله الثوار تحت مظلة الحماية التي توفرها قوات الحلفاء.

ولاحظ قادة الجمهوريين في مجلس النواب الاميركي ان هدف العملية كلها ليس واضحا.واصدر رئيس المجلس جون بونر بيانا الأحد قال فيه ان مسؤولية تقع على عاتق الادارة تجاه الشعب الأميركي والكونغرس والجنود الأميركيين لتحديد طبيعة المهمة في ليبيا وتوضيح الدور الأميركي في انجاز هذه المهمة وكيف ستُنجز.
وتساءل رئيس لجنة الشؤون العسكرية في مجلس النواب هاورد ماكون إن كان الهدف حماية المدنيين في ليبيا أو تنحية القذافي عن الحكم. شاركه في هذا التساؤل حتى حلفاء للولايات المتحدة، بينهم دول اعضاء في الجامعة العربية.
اياً يكن الهدف المعلن فإن قبضة القذافي على السلطة تلقت ضربات موجعة بتدمير دفاعاته الجوية وتعطيل سلاحه الجوي ودحر قواته في الشرق. وقال الادميرال مولين ان خطوط امدادات القذافي ستُقطع قريبا. وفي حين ان القذافي ليس مستهدفا فان الادميرال غورتني اكد انه quot;اذا صادف وجوده في مكان أو كان يتفقد موقعا لصواريخ أرض ـ جو وليس لدينا فكرة إن كان موجودا أو لا فإننا...quot;ولم يكمل العبارة.

ويتفق خبراء في السياسة الخارجية منكل ألوان الطيف السياسي على انه إذا أفلح القذافي في البقاء فإن ذلك سيبدو فشلاً منيت به الولايات المتحدة والمهمة التي فوضت بها الأمم المتحدة. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن ستيفن كليمونز الباحث في مؤسسة نيو اميركا ان باراك أوباما قال ان على القذافي ان يرحل، وإذا لم يرحل فإن الولايات المتحدة ستبدو ضعيفة بنظر العالم.
وحذر ستيفن هادلي مستشار الأمن القومي في ادارة الرئيس جورج بوش وأحد مهندسي غزو العراق ان العملية العسكرية المحدودة quot;يمكن ان تؤدي بنا الى الفشلquot;. ولاحظ هادلي وجود تضارب بين ما يريده اوباما حين طالب برحيل القذافي وما يجيزه قرار مجلس الأمن الدولي وهو حماية المدنيين، وحجم الموارد التي ستكون الولايات المتحدة مستعدة لتحشيدها، مشيرا الى quot;ان الولايات المتحدة ابدت ممانعة قوية إزاء التورط عسكرياquot;.