سفيرة إسرائيل في موسكو تسلم أوراق اعتمادها للرئيس الروسي

أبلغت إسرائيل روسيا قلقها البالغ من احتمالات حصول سوريا على صفقات أسلحة جديدة من موسكو، مؤكدة خشيتها من وصول تلك الأسلحة إلى عناصر متطرفة، خاصة في ظل أجواء تغيير أنظمة الحكم الذي تشهده المنطقة، والذي قد لا يسلم منه نظام بشار الأسد.


أعربت الدوائر السياسية والعسكرية في تل أبيب عن قلقها البالغ من وصول صفقات أسلحة روسية جديدة لسوريا، سيما في ظل الوضع المتردي الذي آل اليه نظام بشار الاسد، وإمكانية وصول تلك الاسلحة لتنظيمات وصفتها صحيفة يديعوت آحرونوت بالمتطرفة، حال سقوط النظام السوري ودخول البلاد منعطف غير مستقر.

ووفقاً للصحيفة العبرية، بعثت تل أبيب لموسكو برسالة تحمل ذلك المعنى، وترجمتها الى لغة التصريحات العلنية سفيرة إسرائيل لدى موسكو quot;دوريت غولندرquot;، إذ نقلت عنها وسائل الإعلام العبرية حديثاً لوكالة أنباء أنترفاكس الروسية، دعوتها الكرملين الروسي إلى إعادة دراسة بيع صفقات من الأسلحة الروسية لسوريا، خاصة الصواريخ البحرية المضادة للسفن من طراز quot;ياخونتquot;.

وضع غير مستقر

وكانت صفقة الصواريخ quot;ياخونتquot; التي يدور الحديث عنها قد تم التوقيع عليها بين دمشق وموسكو عام 2007، وقبل ما يقرب من شهرين أعلن الكرملين أن الصفقة ستخرج إلى حيز النور خلال الأيام القليلة المقبلة. وفي حديثها مع الوكالة الروسية قالت غولندر: quot;نأمل في ان تتعامل روسيا مع تلك القضية بجدية، سيما أن الوضع الراهن في سوريا غير مستقر، وقد يقود الى حالة فوضوية تتسرب من خلالها تلك الاسلحة الى ايادي عناصر متطرفة في منطقة الشرق الاوسطquot;.

وبحسب يديعوت احرونوت، اوضحت السفيرة الاسرائيلية ان قضية تصدير الاسلحة الروسية الى سوريا وايران، استحوذت على نصيب كبير من الحوار الجاري بين موسكو وتل ابيب، غير أن روسيا تبدي تفهماً كبيراً في هذه المرة لمدى تعرض منطقة الشرق الأوسط لمخاطر بالغة جراء وصول صفقات أسلحتها إلى سوريا، في ظل تردي الاوضاع السياسية والامنية في دمشق، وارتفاع معدلات زعزعة استقرار نظام بشار الاسد، على خلفية موجة التغييرات الجديدة التي تدور رحاها في المنطقة، وليس في سوريا فقط.

وتؤكد تقارير تقدير الموقف العسكري في الدولة العبرية أن الصفقات العسكرية بين الدول العظمى ودول منطقة الشرق الاوسط لا تقلق اسرائيل بالقدر نفسه، وانما يكمن الفارق بين صفقة وأخرى انطلاقاً من وجهة النظر الاسرائيلية في نوعين رئيسيين من تلك الصفقات، وأولهما بحسب صحيفة يديعوت أحرونوت الصفقات التي قد تشكل تهديداً فورياً على اسرائيل، وتؤدي الى عرقلة انشطة الجيش الاسرائيلي وقدرته على الردع حيال تلك الدول او التنظيمات التي تدخل في خط المواجهة العسكرية المباشرة مع الدولة العبرية.

اما النوع الاخر من تلك الصفقات، فهو الذي لا يشكل تهديداً فورياً على اسرائيل، وهى عبارة عن تزويد دول المنطقة، التي ليست في مواجهة عسكرية مع اسرائيل بصفقات اسلحة متطورة، ويقتصر قلق تل ابيب من تلك الصفقات على ظروف معينة، من بينها تغيير انظمة الحكم في هذه البلاد، او توتر العلاقات السياسية بين الدول التي تبيع او تشتري الاسلحة وبين اسرائيل.

التهديد المباشر على إسرائيل

تنتمي اتفاقات صفقات الاسلحة التي ابرمتها روسيا خلال السنوات القليلة الماضية مع سوريا وايران الى النوع الاول، الذي يشكل تهديداً مباشراً على امن الدولة العبرية في غضون عام او عامين. على الرغم من ذلك بحسب معطيات يديعوت احرونوت، ترى دوائر الشأن السياسي والعسكري في موسكو ان هناك مصلحة روسية في بيع السلاح لسوريا، استناداً الى سببين رئيسيين هما المال والنفوذ.

فروسيا ترغب في التمكين لوضعها السياسي والعسكري في منطقة الشرق الاوسط، وهي السياسة عينها التي تبناها الاتحاد السوفييتي السابق، وتسعى روسيا الى تفعيل هذه السياسة حالياً من خلال إبرام صفقات الأسلحة مع سوريا وغيرها من دول منطقة الشرق الاوسط.

اما سوريا التي التي يرفض الغرب تزويدها بالسلاح، فهى زبون مفضل، ليس فقط لافتقارها السلاح الروسي، وانما لكونها تدفع المقابل المادي بسخاء، سيما ان ايران هى المصدر الاساسي لتلك الاموال بحسب الصحيفة العبرية، ويمكن هذا المصدر المالي دمشق من شراء المعدات العسكرية اللازمة من هيئة الصناعات العسكرية الروسية، إضافة الى ذلك تمنح سوريا روسيا في مقابل الاسلحة التي تحصل عليها ميناءاً بحرياً في مدينة اللاذقية، حولته روسيا الى قاعدة عسكرية، يستطيع من خلالها الاسطول الروسي ممارسة نشاطه العسكري في منطقة الشريط الساحلي الشرقي لحوض البحر الابيض المتوسط، قبالة الاسطول الاميركي السادس.

وتتفهم دوائر صنع القرار السياسي والعسكري في موسكو وفقاً ليديعوت احرونوت ان موسكو اذا لم تقف الى جوار المعسكر المناهض لإسرائيل في منطقة الشرق الاوسط، فسوف يؤدي ذلك الى فقدان وضعيتها كوسيط وعنصر ذي نفوذ سياسي في المنطقة، فضلاً عن أن روسيا لا ترغب في امداد اسرائيل لدول لها حدود مع روسيا بالسلاح مثل جورجيا، لذلك فإن سياسة تصدير السلاح للشرق الاوسط التي يتبناها الكرملين، تأتي في اطار محاولة موسكو اللعب على حبلين في آن واحد، ففي الوقت الذي ترفض روسيا بيع دول الشرق الاوسط سلاحاً استراتيجياً او تكتيكياً، تبيع هذا السلاح بعد ان تعتبره بشكل احادي الجانب دفاعياً.

ومضت الصحيفة العبرية تقول: quot;هذه هى المصالح التي امتنعت روسيا على خلفيتها خلال السنوات القليلة الماضية بيع سوريا منظومة السلاح الاستراتيجي، التي اصرّت دمشق الحصول عليها، وهى منظومة الصواريخ والمروحيات من طراز S-300، وصواريخ ارض ndash; ارض النصف باليستية بالغة الدقة من طراز quot;اسكندرquot;.

لهذه الاسباب ايضاً ترفض موسكو بيع ايران صواريخ من طراز S-300، وهى المنومة الدفاعية التي من شأنها احباط اي محاولات اميركية او اسرائيلية للعمل عسكرياً ضد المنشآت النووية الايرانية، كما إن روسيا على قناعة بأن حصول ايران على هذا النوع من الاسلحة سيثير غضب دول خليجية في مقدمتها السعودية، وتحرص موسكو على حماية علاقتها مع دول الخليج حتى إذا كان ذلك سيأتي على حساب علاقتها بإيران.

انعطافات متشعبة في العلاقات

الى ذلك، دخلت العلاقات الروسية الاسرائيلية انعطافات متشعبة على مدى تاريخها، إذ انقطعت تلك العلاقات إبان الاتحاد السوفييتي السابق عام 1967، في اعقاب حرب تموز/ يوليو، ولم تعد هذه العلاقات الى سابق عهدها الى بعد 24 عاماً من القطيعة، ففي تشرين الاول/ اكتوبر عام 1991، أي قبل ما يقرب من شهرين على تفكيك الاتحاد السوفييتي، وفي الثالث عشر من كانون الاول/ ديسمبر عام 1991 قدم سفير الاتحاد السوفييتي السابق quot;الكسندر بوبينquot; اوراق اعتماده للرئيس الاسرائيلي، وفي الخامس والعشرين من الشهر عينه اصبح بوبين سفيراً لروسيا لدى اسرائيل بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.

وفي اعقاب تفكيك الاتحاد السوفييتي، اعترفت اسرائيل باستقلال دوله، وكوّنت معها علاقات دبلوماسية، وتعد روسيا من اهم تلك الدول من الناحية السياسية والدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية، سيما ان موسكو ورثت مكانة الاتحاد السوفييتي السابق كعضو دائم في مجلس الامن الدولي.

في بداية تسعينيات القرن الماضي ادركت اسرائيل اهمية الحفاظ على علاقتها بروسيا، وفي تشرين الاول/اكتوبر 2006 احتفلت روسيا واسرائيل بمرور 15 عاماً على توطيد العلاقات الدبلوماسية في ما بينهما، وبهذه المناسبة بعثت اسرائيل رسالة الى روسيا اعربت فيها عن بالغ تقديرها للعلاقات المتينة بين البلدين، معربة عن تطلعها لتوطيد تلك العلاقات بشكل اكبر في مختلف المجالات.

ووفقاً لتقارير الخارجية الاسرائيلية، كان من اهم دوافع توطيد العلاقة بين موسكو وتل ابيب إقامة ما يربو على مليون يهودي في اسرائيل، ينحدرون من اصول سوفييتية، وكان معظمهم من روسيا، وفي بداية التسعينيات رأت اسرائيل ان تلك الشريحة السكانية يمكن ان تشكل جسراً للتبادل الثقافي والاقتصادي مع موسكو، ولذلك استشعر المراقبون في تلك الفترة تقارباً كبيراً في العلاقات بين الرئيس الروسي بوريس يلتسين واسرائيل.