يدشن هجوم القوات التابعة للأمم المتحدة على القصر الرئاسي ومواقع الرئيس المنتهية ولايته لوران باغبو فصلاً جديدًا في تاريخ المنظمة الدولية المثير للجدل في القارة الافريقية.


يشير مراقبون إلى عجز الأمم المتحدة خلال حرب الابادة الجماعية التي اسفرت عن مقتل 800 الف شخص في رواندا العام 1994 بعد امتناع مجلس الأمن الدولي عن تعزيز قوة حفظ السلام الصغيرة في البلد.

واعترف الأمين العام للأمم المتحدة وقتذاك كوفي انان لاحقًا بأن quot;المجتمع الدولي خذل روانداquot; وأن هذه الواقعة ستترك احساسًا دائمًا quot;بالندم المريرquot;.

وتبين الأرقام ان زهاء 40 في المئة من عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام والمراقبة كانت في افريقيا خلال الفترة الواقعة بين 1948 و2007.وفي العام 2009 نُشر نحو 70 في المئة من افرادها في القارة. وتنفذ المنظمة الدولية حاليًا عمليات كهذه في جمهورية الكونغو الديمقراطية ودارفور غربي السودان، وفي جنوب السودان وساحل العاج وليبيريا، والصحراء الغربية.

وبعد المجازر التي وقعت في رواندا ثم في البوسنة أضافت الأمم المتحدة حماية المدنيين بوصفها أولوية في كل مهمة وعملية تنفذها قواتها ومراقبوها. ولكن محللين يرون أن مدى استعداد الأمم المتحدة وقدرتها للتدخل من أجل تطبيق هذا المبدأ يبقيان مسألة حساسة ومشحونة سياسيًا.

تنفذ الأمم المتحدة حاليًا أكبر عملياتها لحفظ السلام في الكونغو بكلفة تبلغ 1.35 مليار دولار سنويًا، ولكن مواردها بالكاد تكفي لإنجاز المهمة في هذا البلد المترامي الأطراف. وتعرضت الأمم المتحدة إلى اتهامات بدعم وحدات من الجيش الكونغولي مسؤولة عن ارتكاب فظائع خطيرة.

وفي العام الماضي وُجهت اتهامات إلى قوات حفظ السلام بتجاهلها نداءات تطلب الحماية قبل أيام على قيام متمردين باغتصاب اكثر من 240 قروية. وكانت الأمم المتحدة ترد على هذه الاتهامات في السابق متعللة بنقص المعدات والقوى البشرية والقدرات الاستخباراتية. وتعرضت المنظمة الدولية في دارفور إلى اتهامات بالتخلف عن وقف العنف الذي ادى الى مقتل كثير من المدنيين.

وكان الميجر جنرال باتريك كاميرت، وهو ضابط هولندي متمرس في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام صرح في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز أن القوات الدولية لا تستطيع أن تبدأ حربًا ضد حكومة مضيفة كما في حالة السودان، لافتًا إلى أن عميلة كهذه quot;تتعدى حماية المدنيين وذات نطاق لا تستطيع بعثة دولية أن تتعامل معهquot;.

في غضون ذلك، تتلقى الأمم المتحدة تحذيرات من تكرار اخفاقاتها السابقة في ساحل العاج حيث بدأ الهجوم الأخير لخلع باغبو وسط مخاوف من حدوث كارثة انسانية وهجمات انتقامية حتى بعد انتهاء الحرب المعلنة بين باغبو ومنافسه الحسن وتارا الذي يعترف به المجتمع الدولي رئيسا للبلاد.

وكتب الصحافي بايل بن بايل على موقع البي بي سي أنه يخشى وقوع حمام دم بعد سقوط باغبو الوشيك، مشيرًا إلى إستمرار حدة التوتر في ميناء ابيدجان بين الميليشيا الموالية للرئيس المنتهية ولايته باغبو وشبان مؤيدين لغريمة وتارا. وقال إن هذه المواجهة يمكن أن تتصاعد إلى اعمال قتل جماعي بين الطرفين.

من جهة اخرى، وجهت منظمة اطباء بلا حدود نداءً عاجلاً إلى جميع الفرقاء تطلب السماح للمدنيين بالوصول إلى المراكز الصحية والمستشفيات. وقال خافير سيمون رئيس بعثة المنظمة فيابيدجان إن الوضع خطر ولا يمكن عبور الجسور للوصول الى المستشفى. ونقلت وكالة اسوشيد برس عن أم وضعت مولودها قبل أيام أنها واطفالها توقفوا عن الأكل منذ يومين بعد نفاد ما في البيت وجف صدرها الآن ولم تعد قادرة على ارضاع طفلها.

وقال سيمون إن منظمة اطباء بلا حدود تعالج نحو 40 شخصًا في اليوم غالبيتهم من المدنيين، وهم ضحايا طلقات طائشة بالأساس. واستغاث سيمون باسم منظمته قائلا إن الوضع خطر والاحتياجات الانسانية ضخمة. وهناك شح في امدادت الماء في بعض مناطق ابيدجان، وجميع سكان المدينة يجدون صعوبة في الحصول على المواد الغذائية.واضاف quot;أن هناك نقصاً في الأدوية والتجهيزات الطبية في كل المستشفياتquot;.

وشدد سيمون على ضرورة تمكين كوادر المنظمة من ايصال الامدادات والتجهيزات الى المستشفيات وضمان سلامة موظفيها اثناء التنقل لانجاز هذه المهمة.

في سياق متصل، قالت منظمة الهجرة الدولية إن ميليشيا باغبو ارتكبت اعتداءات عرقية مسلحة ضد مواطنين من دول غرب افريقية اخرى ومهاجرين من مالي مستخدمة الأسلحة النارية والسكاكين. وليس هناك ما يشير الى انحسار هذه الاعتداءات.

وقالت المنظمة انها تلقت طلب استغاثة من نحو 300 مهاجر مالي بينهم الكثير من النساء والأطفال ، يعيشون منذ ايام في قبو السفارة المالية في ىابيدجان وغرفها. وأن كثيرين منهم مصابون بجروح ناجمة عن طلقات وحراب استخدمتها الميليشيات الموالية للرئيس المنتهية ولايته باغبو في اعتداءاتها ضدهم. واكدت بقاء هؤلاء المهاجرين بلا ماء منذ 72 ساعة وهم يقولون انهم لا يجرؤون على التوجه إلى بحيرة قريبة خشية تعرضهم إلى مزيد من الاعتداءات.

الاتحاد الأوروبي يفرض مزيدًا من العقوبات
هذا وأعلن الاتحاد الأوروبي اليوم أنه قرر فرض مزيد من العقوبات ضد ساحل العاج على خلفية خطورة الوضع هناك. وقال الاتحاد في بيان انه قرر حظر شراء السندات والأوراق المالية من quot;حكومة (رئيس كوت ديفور المنتهية ولايته) لوران غباغبو غير الشرعيةquot; أو تخصيص قروض لها.

كما قرر التكتل الأوروبي الذي يضم 27 دولة إدراج شخصية جديدة الى قائمة سوداء تضم أشخاصًا يخضعون لعقوبات تشمل حظر دخول الاتحاد الأوروبي وتجميد الأصول لعرقلتهم جهود السلام والمصالحة في ساحل العاج، اضافة الى ارتكاب انتهاكات خطرة في مجال حقوق الانسان.