جمال ريان


طرحت حركة المغاربة الديمقراطيين المقيمين في الخارج مقترحًا ساخنًا للنقاش، شدّ اهتمام الجالية بين مؤيد لها ومعارض، قد تنظر إليه السلطات المغربية بالكثير من الحذر، وإن كانت لم تعبّر عن أي رد فعل من قرار كهذا، واكتفت بالصمت، بما في ذلك المؤسسات التي تعنى بالمهاجرين: وزارة الجالية، ومجلس الجالية.

وقال رئيس الحركة جمال ريان، في حوار لـ quot;إيلافquot;، إن هذا quot;الاقتراح لم يأت بمبادرة فردية، ولكنه جاء نتيجة نقاشات داخل الحركة ومع مجموعة من الفاعلين الجمعويين وبعض الجمعيات.

وعن التوقيت الذي طرحت فيه الحركة هذا المقترح، أجاب الريان، quot;في الحقيقة لم نختره بقدر ما وافق هذا التوقيت الحراك الاجتماعي والسياسي الذي يشهده المغرب وميلاد حركة 20 فبراير المباركة، والتي كنا سباقين للإنخراط فيها ومساندتها، سواء مباشرة من حركتنا أو عبر الشبكات التي نناضل في صفوفها، وأحيلكم بالخصوص على بيانات منتدى مغاربة أوروبا، سواء الصادرة من مدريد أو التي صدرت أخيرًا من بروكسيلquot;.

ويتهم ريان، الذي يشغل في الوقت نفسه مهمة الناطق الرسمي باسم المنتدى المدني لمغاربة أوروبا، يتهم quot;الأشخاص الذين كلفهم الملك بملف الجالية بتزوير التقارير، وبذلك هم دمّروا الأمل، وأعلنوا عن سياسة ممنهجة لتهميش الجالية والاستخفاف بهاquot;، بحسب تعبيره.

وأضاف في السياق نفسه، أنه quot;في الفترة الأخيرة تم تجنيد بلطجية من طابور المستفيدين لدفع مغاربة الخارج إلى العصيان المدني، لأنهم رفعوا مطلبًا أساسيًا هو الإعتراف بمواطنتهم الكاملة، وليس الاعتماد عليهم فقط لجلب العملة الصعبة...quot;، مشيرًا إلى ما اعتبره إقصاء للجالية من النقاش الدائر حول الدستور.

ووضع من هذا النوع، يقول ريان، خلق quot;احتكارًا ممنهجًا ضد أفراد الجالية منذ سنوات رغم الانفتاح المهم الذي حصل بموجب الخطاب الملكي ليوم 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2005، حيث أعلن عن تأسيس مجلس الجالية، والاعتراف بالحقوق السياسية الكاملة لمغاربة الخارج، والدعوة إلى إصلاح العلاقة مع الجاليةquot;.

ونفى أن يكون الهدف من إطلاق هذه المبادرة استغلال الظروف التي يمر فيها البلد، وذلك بالقول quot;لقد بلغ السيل الزبى...سبق أن أجرينا لقاءات عدة في إطار حركة دابا 2012 مع الوزير الأول وبعض المسؤولين الحكوميين والسياسيين وأعضاء البرلمان، وذلك من أجل المطالبة بالمشاركة السياسية للجالية وتفعيلها، لكن مرت سنة ولم يحدث أي إجراءquot;.

وأضاف ريان قائلا، وهو يرد على من يتهمونه بأنه يجري وراء أهداف شخصية، quot;ليس بوساطة اقتراح المقاطعة الإقتصادية يمكن تحقيق مآرب شخصية لأن هناك طرقًا أخرى سهلة...quot;، داعيًا quot;الإعلام المستقل إلى أن يحذر من الإتهامات المجانية للبلطجية التي تريد الركوب على الموجة وتمييعها بعدما حاربتنا واتهمتنا بأسوأ النعوتquot;.

الاقتراح ليس انتحاري

ولا يعتبر رئيس حركة الديمقراطيين المغاربة في الخارج مقترح كهذا، في حالة تبنيه، أنه سيكون quot;قرارًا انتحارياًquot;. وإن كانت الدولة تفاعلت مع هذا الموقف الذي لا يزال قيد النقاش، يقول ريان، quot;الدولة لم تعرنا أي اهتمام، ولم تفتح أية قناة للتواصل معنا، ولو جزئيًاquot;، مضيفًا quot;نعتقد أن الجالية وصلت في غضبها إلى حدود لن تتوانى بعدها في الاستجابة إلى هذه الدعوة وغيرها أكثر قوةquot;، إذ سجل quot;ردود فعل مختلفة وتجاوب كبير من طرفهاquot;.

وحمل جمال ريان مسؤولية فشل تدبير ملف الهجرة إلى مؤسسات الدولة، التي قال بخصوصها إنه، quot;ليس في نيتنا الضغط عليها، بقدر ما نحن مكرهون على المواجهة المفتوحة والمطالبة بحقوقنا مهما كلف الثمن، على غرار إخواننا في الداخل...quot;، معتبرًا ذلك quot;انتفاضة استمرارًا للانتفاضة الديموقراطية والسلمية في الداخل، ولن نقبل بأنصاف الحلول...quot;، على حد قوله.

الثقل المالي للجالية

كما عبّر هذا الناشط الحقوقي والجمعوي الذي يقيم في هولندا عن وعي الحركة بالثقل المادي والمعنوي لمغاربة العالم، quot;الذين يشكلون اليوم ما يزيد عن 11 % من سكان المغرب، ويساهمون بنسبة 27 % من موارد الدولة المغربية من العملة، كما يتقدمون الاستثمار الأجنبي في المغرب...quot;.

وأضاف ريان أن هذه الشريحة، يوجد ضمنها، نخبة تشكل quot;اللوبي القوي في دول إقامتهم يتكون من أطر متعددة التخصص، توجد في مواقع المسؤولية والتأثير على صناعة القرار في بلدان إقامتهمquot;. وquot;تفيد معظم الدراسات أن تحويلات الجالية المغربية المقيمة في الخارج تتجاوز مداخيل السياحة بنسبة 40 %، كما إنها تساهم في تغطية العجز التجاري المغربي بما يفوق 80 %quot;.

كما quot;بلغ ما ضخّته الجالية في الاقتصاد المغربي سنة 2009، حوالي 45 مليار درهم، وهو ما يمثل 9 % من الناتج الداخلي الخام، عدا التحويلات التي تمرّ عبر قنوات غير منظمةquot;، وتنفيذ الجالية هذا القرار، يقول رئيس حركة المغاربة الديمقراطيين المقيمين في الخارج، quot;سيلحق بالمغرب خسائر اقتصادية مهمةquot;.

بوسلامتي: تفعيل المشاركة السياسية ليس بهذه السهولة

أنس بوسلامتي

لا يرى الإعلامي ورئيس نادي المغاربة في الإمارات، أنس بوسلامتي، بالنظرة نفسها خطوة من هذا الحجم، إذ لا يعتقد quot;أننا وصلنا في المغرب الى طريق مسدود، يستوجب إعلان حرب مفتوحة اقتصادية كانت أو من نوع آخر من طرف مغاربة العالم على الدولة المغربيةquot;.

وقال بوسلامتي quot;النضال بكل أشكاله من طرف المهاجرين المغاربة أمر مشروع، والمطروح حاليًا علينا كمغاربة مقيمين في الخارج هو التفكير في سبل عملية لضمان حضورنا وإسماع صوتنا في المؤسسات، التي يتم النقاش الدستوري حاليًا في المغرب من أجل تعديلهاquot;.

وأضاف quot;كمغاربة مقيمين في الخارج بالطبع لنا طموح في أن يتم تفعيل مشاركة هذه الكتلة البشرية التي تناهز عشرة بالمئة من سكان المغرب، أي أكثر من 3 ملايين مغربي ومغربية مقيمين في الخارج، في مختلف أوجه الحياة السياسية في المغرب، وطنهم الأم، وتفعيل مواطنتهم الكاملة، لكن الأمر ليس بهذه السهولةquot;.

وإن كان يؤمن بصعوبة انتزاع المهاجر المغربي هذه الحقوق، لا يتفق بوسلامتي مع دعوة المقاطعة، quot;فالأسلوب في نظري غير مناسب، يقول الإعلامي المغربي، quot;لأن الدينامية التي أطلقتها حركة عشرين فبراير الشبابية وتفاعل الدولة الايجابي والخطاب الاستباقي للعاهل المغربي، كلها أمور فتحت باب الأفق على مصراعيه، والنقاش السياسي والدستوري في المغرب أصبح يركز على جوهر الأشياء، وخرجنا من مرحلة التوافقات الشكليةquot;.

ويعتقد أنس بوسلامتي أن الفرصة مواتية بالفعل، quot;لدمج مطالب الجالية في الحياة السياسية ضمن سياق المشاركة السياسية، بشكل مرن...quot;، مؤكدًا أن ذلك quot;أمر لا مفر منهquot;. و ما يطرح نفسه بإلحاح اليوم، بالنسبة إلى هذا الإعلامي المغربي، quot;هو ضرورة إيجاد الصيغة المثلى لضمان حضور قضايا الجالية وانشغالاتها ومقترحاتها من خلال مجالس أو هيئات أو ما شابه...quot;.

quot;أحترم رأي المتشبثين بحق المشاركة في الانتخابات في المهجر، لكن بصراحة أطرح مجموعة من الأسئلة: كيف لو افترضنا جدلاً أننا اكتسبنا حق الاقتراع في الخارج، كيف ستنظم الحملة؟، كيف ومن سيضبط اللوائح الانتخابية؟ والمشاركة وسلامة الاقتراع؟، كيف سنتأكد من سلامة الاقتراع؟. كيف نتأكد أن مرشحًا ما لم يستعمل المال لشراء الأصوات؟. ما هي الجهة المخوّل لها الفصل في مثل هذه الحالة؟. ماهو سقف ميزانية الحملة؟...هذه معوقات حقيقية لا يجب التقليل من أهميتهاquot;، يقول بوسلامتي.

ويستطرد، في السياق عينه، quot;بعض الأحزاب اقترحت مثلاً على لجنة تعديل الدستور اقتصار التمثيلية على أماكن التجمعات الكبيرة... ماذا عن الآخرين؟quot;.

والحل الذي يراه مناسبًا لهذه المرحلة يكمن، بحسب رأيه، quot;في توسيع اختصاصات وصلاحيات مجلس المغاربة المقيمين في الخارج وزيادة الاعتمادات المخصصة للوزارة المكلفة شؤون الجالية، لكي تصبح هي المخاطب الرئيس وتنسيق عمل باقي المتدخلين، والتفكير مثلاً في صيغة تجبر الأحزاب على إدراج مرشحين من المهجر ضمن القائمة الوطنية مثلاً، والتوافق مع المؤسسة التشريعية لتخصيص لجنة لمتابعة أحوال مغاربة العالمquot;.