في الوقت الذي عاد الهدوء إلى شوارع البحرين، وبدت الأمور طبيعية بعد أسابيع من التوتر، على خلفية أحداث اللؤلؤة التي استدعت تدخل قوات درع الجزيرة؛ قررت المملكة الخليجية تأجيل محاكمة شبكة التجسس الإيرانية التي أُعلن عن كشفها أخيراً، من دون إبداء أسباب هذا التأجيل.


المنامة: تشهد البحرين هدوءًا واضحًا هذه الأيام، إذ عادت الحياة إلى طبيعتها بعد أسابيع من التوتر والمخاوف من التصعيد بسبب التظاهرات التي شهدتها بعض المناطق، ولا سيما دوار اللؤلؤة، وهو أمر استدعى تدخلاً عسكرياً خليجياً لفضّ تلك التظاهرات التي أخذت طابعاً سياسياً ومذهبياً وفقاً للحكومة البحرينية.

بالتوازي مع حالة الهدوء في الشارع، فإن حراكاً على مستويات أخرى بدت معالمه واضحة خلال الساعات الماضية، إذ قررت محكمة بحرينية على نحو مفاجئ إرجاء قضية يحاكم فيها بحريني وإيرانيان اثنان متهمان بالتجسس لحساب الحرس الثوري الإيراني وفق ما أعلنته وكالة أنباء البحرين.

وقالت الوكالة إن المحكمة الكبرى الجنائية الأولى برئاسة القاضي الشيخ محمد بن علي آل خليفة quot;أرجأت قضية التخابر مع الحرس الثوري الإيراني، متهم فيها بحريني وإيرانيان إلى جلسة 20 نيسان/ابريل الجاريquot;.

وكانت النيابة العامة البحرينية قد أحالت المتهمين على المحاكمة بعدما وجهت إليهم تهمة التخابر quot;منذ 2002 وحتى نيسان/ابريل 2010 في مملكة البحرين وخارجهاquot;، مضيفة أنهم quot;تخابروا مع من يعملون لمصلحة دولة أجنبية بقصد الإضرار بمركز الدولة الحربي والسياسي والاقتصادي وبالمصالح القوميةquot; وفق الوكالة.

وأشارت النيابة إلى أن المتهمين الثلاثة quot;تخابروا مع الحرس الثوري الإيراني بغرض إمداده بمعلومات عسكرية واقتصاديةquot;، وquot;يجمع عناصره بيانات ومعلومات تتعلق بمواقع عسكرية ومنشآت صناعية واقتصادية داخل البحرين بقصد الإضرار بالمصالح القومية للبلادquot;.

وأضافت أن المتهمين تلقوا quot;عطايا ممن يعملون لمصلحة دولة أجنبية بقصد ارتكاب عمل ضار بالمصلحة القومية للبلادquot;، مضيفة أن المتهمين quot;طلبوا من الحرس الثوري الإيراني مبالغ مالية مبينة بالتحقيقات مقابل تزويدهم بالمعلومات ذات الطبيعة العسكرية والاقتصادية عن مملكة البحرينquot;.

وفي الوقت الذي تبدي البحرين لهجة هادئة في التعامل مع إيران، فإن الأمر لا يبدو كذلك في طهران، حيث لم تتوقف الجمهورية الإسلامية عن التصعيد بأشكال مختلفة، كان آخرها دعوة رئيس أركان الجيش الإيراني اللواء حسن فيروز آبادي الجيش البحريني إلى quot;طردquot; القوات السعودية من أراضي المملكة.

ونسبت وكالة quot;مهرquot; الإيرانية شبه الرسمية الثلاثاء إلى فيروز آبادي قوله quot;إذا ما كان الجيش البحريني يتمتع بروح وطنية فعليه أن يطرد القوات السعودية من البحرينquot;. وأضاففيروز آبادي quot;إن الشعب البحريني المسلم أراد أن يتخلص من الديكتاتوريين والخروج من السيطرة الأميركية والصهيونية، فقام بانتفاضة سلمية وعارمة، ولكن هذه الانتفاضة واجهت قمعًا قاسيًا من قبل قادة البحرين، وهذا يدل على أحقية هذه الانتفاضة الباسلةquot;، وفق تعبيره.

وأضاف quot;لا بد أن يخضع الحكام في المنطقة إلى مطالب شعوبهمquot;، لكن فيروز آبادي، ورغم شدة تلك التصريحات وما سبقها من خطوات، رأت فيها البحرين تدخلاً سافراً في شؤونها الداخلية، نفى تدخل إيران في الشأن البحريني، وقال إن سياسة إيران quot;ترتكز على عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، وهذه ضمن ثوابت سياسة الجمهورية الإسلامية منذ 33 عامًاquot;.

في غضون ذلك، تتواصل التحقيقات في البحرين مع عدد من الممرضين والأطباء العاملين في مستشفى السليمانية، بعد اتهامهم بالإساءة إلى مقدرات المملكة وأمنها واستقرارها من خلال احتلال المستشفى خلال الفترة من 17 فبراير إلى 16 مارس الماضي، ومحاولتهم بأعمالهم الإرهابية تعطيل الدستور الذي أمر بتقديم الخدمات للمواطنين والمقيمين ومحاولتهم تعطيل مهام المستشفى الذي أنشئ من أجله، حسبما جاء على لسان الدكتورة فاطمة بنت محمد البلوشي وزيرة التنمية الاجتماعية والقائم بأعمال وزير الصحة.

وأكدت البلوشي أن لجان التحقيق التي تشكلت تباشر الآن عملها لاتخاذ كل ما يلزم تجاه ما جرى خلال الفترة الماضية، موضحة أن ما وصفتها بـquot;المجموعة الضالةquot; التي ضمّت مجموعة من الأطباء والممرضين بقيادة الدكتور علي العكري حاولت الإخلال بواجبات المهنة الطبية، وقامت بأعمال إجرامية في المستشفى وصلت إلى تجاوزات خطرة كشفت خلال التحقيقات.

وأشارت الوزيرة إلى أن قرار لجنة التحقيق في التجاوزات جاء بالإجماع، وهو إيقاف ثلاثين موظفاً من الأطباء والممرضين والعاملين الصحيين كأول دفعة عن العمل، بينما تتواصل التحقيقات مع 150 شخصاً آخر، وستعلن نتائج ذلك التحقيق لاحقاًَ.