فيما كثّفت قوات القذافي هجماتها المضادة، بدا أن أعضاء الناتو لا يميلون إلى التصعيد العسكري الداخلي، فالوضع الميداني في ليبيا لم يشهد تغييراً ملفتاً، ولا يصبّ في مصلحة الثوار الذين يقلّ عديدهم نسبة إلى وحدات الجيش الليبي.


القاهرة: نجحت القوات الموالية للزعيم الليبي معمّر القذافي في التكثيف من هجماتها المضادة، في حين بدا أن أعضاء حلف شمال الأطلسي quot;الناتوquot; لا يرغبون في تصعيد تدخلهم العسكري على خط المواجهة المشتعلة هناك بين القذافي والثوار.

في هذا السياق، أكدت اليوم صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأميركية أن الأمور العسكرية وحسابات القتال على أرضية الميدان لم تتغير كثيراً بعد مرور أربعة أسابيع، وشنّ المئات من الهجمات الجوية من جانب الولايات المتحدة وحلفائها في الناتو، وبقي الوضع كما هو عليه بين الثوار وبين قوات العقيد القذافي.

ورغم أن الدبابات والمدفعية التابعة للقذافي لم تعد تهدد عاصمة التمرد الحقيقية، وهي بنغازي في شرق ليبيا، مع إعادة طائراته المقاتلة ومروحياته العسكرية إلى الأرض، إلا أن الثوار غير المنظمين مازالوا منهزمين، ويقلون في العدد مقارنةً بوحدات الجيش الليبي، التي لم تُظهر ndash; مثلها مثل العقيد القذافي ndash; أي علامة على الاستسلام.

بدلاً من ذلك، قام القذافي بتكثيف هجماته المضادة في الأيام الأخيرة. ووجهت جماعات حقوق الإنسان اتهامات إلى جيش القذافي باستخدام قنابل عنقودية وصواريخ غراد لقصف منطقة مصراتة السكنية، وهي المدينة الوحيدة في غرب ليبيا، التي لا تزال تحت تصرف وسيطرة الثوار.

في هذا الصدد، قال دافيد بارنو، جنرال جيش متقاعد، وسبق له قيادة القوات الأميركية وقوات الناتو في أفغانستان: quot; اندفعنا للتدخل في ليبيا من دون أن يكون لدينا خطة. والآن، نحن في منتصف الطريق ونتحرك في دوائرquot;.

ومضت الصحيفة تقول إن فشل الحملة الجوية الدولية في الإطاحة بقوات القذافي، أو حتى منع قواته من ضرب المدنيين وإعادة احتلال المدن التي يسيطر عليها المتمردون يشكل مأزقاً متزايداً بالنسبة إلى الرئيس أوباما وغيره من قادة حلف الناتو.

وخلص مسؤولون أميركيون كذلك إلى أن بعضاً من الافتراضات التي كان يُنظَر إليها قبل اتخاذ خطوة التدخل في الصراع الليبي ربما كانت خاطئة. وكان من بين هذه الافتراضات نظرية أن القوة الجوية وحدها سوف تحدّ من قدرات جيش القذافي إلى الدرجة التي سيضطر فيها إلى وقف هجماته، وأن بمقدور الولايات المتحدة أن تترك مهمة الهجمات الجوية بشكل أساسي لطائرات من بريطانيا وفرنسا ودول أوروبية أخرى.

وتابعت الصحيفة بلفتها إلى حالة الانقسام التي يشهدها حلف الناتو الآن إزاء الخطوة المتعلقة بتصعيد العمليات في ليبيا، في وقت لم يصدر فيه الرئيس الأميركي باراك أوباما أي إشارة على أنه سيرسل طائرات حربية أميركية للقيام بأعمال قتالية مرة أخرى، ناهيك عن إعادة النظر في وعده المتعلق بعدم استخدام قوات برية في ليبيا.

في غضون ذلك، رأت الصحيفة أنه كلما طال أمد القذافي في الحكم تحت وطأة هجمات الناتو، كلما تزايدت الضغوط في واشنطن والعواصم الأوروبية للتعامل معه، إما عن طريق تصعيد الحملة العسكرية، أو تسليح الثوار، أو تصعيد العقوبات وغيرها من التدابير غير المباشرة، على أمل أن يتم إجباره على ترك السلطة والرحيل.

من جانبه، ناشد جيمس ستافريديس، القائد العام لقوات حلف شمال الأطلسي quot;الناتوquot; في أوروبا، أعضاء الحلف بأن يوفروا طائرات هجومية إضافية- وهو الطلب الذي أوضح مسؤولون أميركيون أن باقي أعضاء الحلف لابد وأن يوفوا به.

كما جاء القرار الذي اتخذه أوباما للحد من دور بلاده العسكري في هذا النزاع ليؤثر على قدرة حلف شمال الأطلسي المتعلقة بتنفيذ العمليات. ورغم وضع واشنطن مجموعة من الطائرات رهن التحرك في حالة حدوث أمر طارئ، إلا أن مسؤول في الناتو أكد أن إعادة إشراك تلك الطائرات مرة أخرى في الحرب مسألة ليست قيد النظر.

رغم ذلك، أشارت الصحيفة إلى أن الحملة الجوية قد أضعفت بشكل واضح من قوة القوات التابعة للقذافي، وقالت إن هجمات قوات التحالف نجحت في تدمير ما يقرب من 40% من المعدات العسكرية الليبية ومرافق المقار الرئيسة لقوات العقيد الليبي، وفقاً لما ذكره مسؤول أميركي بارز.

وأكد مسؤولون أميركيون أيضاً أن احتمالات بقاء القذافي على المدى البعيد في السلطة ليست جيدة، ولفتوا هنا إلى انشقاق العديد من كبار مساعديه، بمن فيهم رئيس جهاز مخابراته السابق، وخسارة مليارات الدولارات من عائدات النفط التي كان يستخدمها من قبل للمساعدة في ضمان الحصول على الولاء في مجتمع مبني على التركيبة القبلية. لكن تلك المكاسب لم تفلح في تحويل ميزان القوة العسكرية، طبقاً لما أفادت به الصحيفة.