أشرف أبوجلالة من القاهرة: حتى في الوقت الذي تنتشر فيه التظاهرات في أنحاء سوريا كافة، فإن العاصمة، دمشق، لا تزال هادئة على العموم. وقد واجهت التظاهرات المناهضة للحكومة التي اندلعت في أنحاء البلاد كافة على مدار الأسابيع الستة الماضية حملة قمعية عنيفة من جانب السلطات هناك على طول الخط.

لكن حتى مع مراقبة السكان في دمشق الأحداث وتطوراتها بحالة من القلق والحذر، يشكّ معظم الأشخاص في أن المشاهد التي يتم بثها الآن على شاشات التلفزيون من كل أنحاء البلاد سوف يتم تكرارها هنا.

وفي الوقت الذي تظاهر فيه يوم الجمعة الماضي ما يقرب من 500 شخص في منطقة الميدان في العاصمة، مرددين مراراً وتكراراً شعارات مؤيدة للديمقراطية، فإنه وبالنسبة إلى الجزء الأكبر في دمشق، مركز طبقة رجال الأعمال السنّة، يرى السكان إنهم سيخسرون الكثير، حال انضمامهم إلى تلك التظاهرات، وفقاً لصحيفة واشنطن بوست الأميركية.

ومضت الصحيفة تقول في هذا السياق إن دمشق تعتبر أكثر ثراءً من مناطق أخرى في البلاد، حيث تنافس أسعار العقارات في مناطق عديدة هناك أسعار العقارات الموجودة في كبريات المدن الأوروبية والأميركية. وأكدت الصحيفة كذلك أن العائلات الكبيرة التي تعيش في دمشق، وتشكل الجزء الأكبر من اقتصاد المدينة، قد استهترت بالشعب، وهي المشاعر التي سبقت تكوين الدولة، عندما كانت تسود القواعد القبلية.

ونقلت الصحيفة في هذا الشأن عن سيدة من ساحة العباسيين في شمال دمشق، قولها إن متظاهرين من بلدة دوما المضطربة قدموا إلى منازلهم قبل أسبوعين، وطلبوا منهم النزول إلى الشارع. وتابعت بقولها quot;لم يستمع أي منا لكلامهم لأننا نخشى فقدان ما في حوزتنا. فهذه حرب أهليةquot;، وقد رفضت تلك السيدة، شأنها شأن غيرها ممن تحدثت معهم الصحيفة في هذا الشأن، أن تكشف عن هويتها خوفاً من الانتقام.

وقالت فتاة مسيحية في العاصمة إن التظاهرات المناهضة للحكومة هي نتاج مؤامرة أجنبية، وهو الرأي الذي لفتت الصحيفة إلى شيوعه بين المجتمع المسيحي هناك، كما إنها انعكاس لحجم الانقسام بين السوريين في المناطق الحضرية والريفية. وأوضح مواطن يدعى غيث، وهو مصمم بدلات، في إحدى مناطق التسوق في وسط المدينة أن quot;الكل يريد التغيير، لكن المسألة تحتاج وقتًا. فإذا جاء أحد على سبيل المثال إلى محلّي، وطلب مني أن أصمم له بدلة، وحين لا أجهزها له على الفور، يقوم حينها بتحطيم المحل. فهل هذا معقول؟.. أنا أرى أن الأمور تأخذ وقتًا في سورياquot;.

ومضت الصحيفة تشير إلى أن مشاعر الخوف التي هبطت على المدينة منذ أسابيع عدة قد تطورت اليوم إلى حالة من عدم الارتياح. ثم لفتت الصحيفة إلى ممارسة معظم الناس هناك حياتهم اليومية بصورة طبيعية، وكذلك امتلاء المقاهي، ووجود عدد كبير من السيارات في الشوارع. لكن العمل متوقف، مع إعلان المدارس الابتدائية والثانوية أخيراً عن إغلاقها في فترة الظهيرة بسبب حضور عدد قليل من الطلبة.

وقال رجل يمتلك شركة تستورد السيارات وغيرها من البضائع من لبنان والأردن إنه لم يعد يمتلك أموالاً تعينه على سداد رواتب الموظفين، ومع استمرار التظاهرات، وجد سكان دمشق أنفسهم بصورة متزايدة في مرمى حرب إعلامية، غير متأكدين بمن يثقون ومن يصدقون.

وختمت الصحيفة بنقلها عن سيدة تأكيدها أنه لا توجد أرضية مشتركة في تلك الحالة، وأضافت quot;إما أن تكون من المتظاهرين المؤيدين أو المناهضين للحكومة، وبالطبع معظم الناس في دمشق مع الرئيسquot;.