منذ إعلان النبأ، تحاول وسائل الإعلام الأميركية الإجابة عن التساؤلات المتعلقة باللحظات الأخيرة في حياة زعيم تنظيم القاعدة وتقييم رواية إدارة أوباما حول صحة مقتله ومدى مقاومته لمهاجميه واذا ما اذا كانت القوات الأميركية قد قتلته عن عمد.

تدور تساؤلات حول ما إن كانت القوات الأميركية قد اغتالت بن لادن أم لا

القاهرة: مازال مسلسل النقاش الدائر حول اللحظات الأخيرة في حياة زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، محوراً لاهتمام وسائل الإعلام الأميركية، التي تركز الآن على ما يدور في أذهان البعض من تساؤلات حول ما إن كانت القوات الأميركية قد اغتالت بن لادن أم لا.

وهي نفس التساؤلات التي تدور عما إن كان بن لادن قد quot;قاومquot; مهاجميه، وما إن كانت وحدة القوات الخاصة الأميركية التي نفذت العملية قد قتلته عن عمد.

ورأت في هذا الشأن مجلة quot;فورين بوليسيquot; الأميركية أن إدارة أوباما لم تكن دقيقة في ما أعلنته في البداية من تفاصيل حول العملية، وأن بعض التفاصيل التي تضمنتها الرواية الأولى للعملية كانت خاطئة، وأكدت أن الإدارة مطالبة الآن بتصحيح تلك المعلومات.

وحول التعليمات التي منحتها إدارة أوباما للقوات الخاصة التي قامت بتصفية بن لادن، أوضحت المجلة أن تلك القوات تلقت quot;قواعد اشتباكquot; فضفاضة للغاية، وأن هناك اشتباه في أن أوباما كان يرغب في استخدام قوة مميزة، والتقليل من الأخطار التي كان من الممكن أن تحدق بالمارة قرب هذا المجمع السكني الذي كان يقيم به بن لادن.

كما تحدثت المجلة عن الفارق الكبير بين الإقدام على قتل بن لادن وحده في تلك الغارة وبين استهداف زوجاته والأطفال الذين كانوا متواجدين هناك، إذ أن ذلك كان سيضر بسمعة الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم.

ثم لفتت فورين بوليسي إلى أن هناك سببين وراء الاشتباه في أن واشنطن كانت مهتمة بقتله أكثر من اعتقاله. أولها أن إيداعه في السجن سيشكل تحدياً سياسياً كبيراً. وثانيهما أن الاغتيالات المستهدفة قد أصبحت أداة مفضلة على نحو متزايد بالنسبة للسياسة الأمنية الأميركية.

وأوضحت المجلة هنا أن عمليات الاغتيال لا تقتصر على الهجمات التي تتم عبر طائرات آلية (بدون طيار) على الإرهابيين المشتبه بهم في باكستان أو اليمن، وقالت إن عمليات القتل المستهدفة التي تتم على يد القوات الخاصة تعد واحدة من الطرق الأساسية التي يتم الارتكاز عليها لمقاضاة القائمين على الحرب في أفغانستان. وهناك بالتأكيد سبباً للاعتقاد أن تلك هي الطريقة التي يحاول من خلالها الناتو أن يصل إلى حل بشأن الحرب الأهلية الدائرة في ليبيا، رغم عدم التحدث بذلك صراحةً.

وخلصت المجلة من هذا السياق إلى أنه سيكون من الصعب تصور أن أوباما أرسل القوات الخاصة بلا أوامر مدروسة لقتل بن لادن، وإنما بتعليمات تجعل من وفاته أمراً وشيك الحدوث للغاية. وفيما يتعلق بإلقاء جثمان زعيم تنظيم القاعدة في البحر، رأت المجلة أن تلك الخطوة قد تمت لعدة أسباب:

1- عدم وجود دول يمكنها قبول رفاته.
2- لا يوجد مصلحة للولايات المتحدة في الاحتفاظ بهذا الرفات.
3- تخوف المسؤولين الأميركيين من أن يتحول قبره إلى نوع من أنواع المزارات الملهمة لأمثاله من المتطرفين.

ولفتت المجلة كذلك إلى مشاعر الضيق التي انتابت بعض المسلمين نتيجة لدفن الجثمان بهذا الشكل، على اعتبار أن أمر كهذا يتسم بالقسوة وعدم الاحترام، ويكاد يكون هناك انقساماً بين خبراء الدين الإسلامي إزاء تلك المسألة.

وفي تقرير آخر لها، تحدثت المجلة باستفاضة عما وصفتهما بـ quot;الارتباك المعنوي والبهلوانية الأخلاقيةquot; الذين أحاطا بعملية قتل زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن. ولفتت المجلة إلى الكيفية التي ارتكزت من خلالها عملية تصفية بن لادن الناجحة على معلومات تم التحصل عليها عبر أساليب استجواب عدوانية. ولم تقف المجلة عند ذلك فحسب، بل وصفت السياسة الخارجية للولايات المتحدة بالمفلسة أخلاقياً والغبية.

ثم انتقدت المجلة محاولة واشنطن الظهور بصورة دينية متسامحة، من خلال تأكيدها على احترام الطقوس والشعائر الإسلامية عند دفنها جثمان بن لادن، حيث قالت إن العالم الإسلامي ذكي لدرجة تمكنه من فهم وتدارك مثل هذا المحاولة التي تقوم بها أميركا في أعقاب الحرب والتعذيب وسقوط الآلاف من الضحايا جراء عملياتها العسكرية.

وأشارت المجلة في السياق عينه أيضاً إلى مثال آخر على ما وصفتها بـ quot;الأخلاقية الملتويةquot;، وهو ما يبدو من خلال التناقض الواضح في المساعي التي بذلتها أميركا لاصطياد بن لادن بطريقة تقل معها الخسائر في صفوف المدنيين، وفي نفس الوقت تسبب إحدى غارات الناتو في قتل بعض من أحفاد الزعيم الليبي، معمر القذافي، في هجوم يقع خارج المبادئ التوجيهية لقرار الأمم المتحدة الذي يجيز التدخل في ليبيا ويبدو بوضوح أنه محاولة متعمدة من جانب قادة حلف الناتو للإيقاع بالقذافي.