القاهرة: في الوقت الذي كانت تهيمن إحباطات على الديمقراطيين من خطط الرئيس الأميركي جورج بوش لغزو العراق، حاولوا عام 2003 أن يستقطبوا الرئيس الفرنسي جاك شيراك، الذي كان يعارض فكرة خوض هذه الحرب، لكي يلقي خطاباً أمام اجتماع مشترك للكونغرس، لكن المحاولة من جانبهم لم تكلل بالنجاح، وبدت فكرة وقوف الكونغرس إلى جانب زعيم أجنبي ضد رئيس الولايات المتحدة فكرة من الصعب تصديقها.

وفي هذا السياق، قالت اليوم مجلة quot;فورين بوليسيquot; الأميركية إن تلك المحاولة كانت لعبة سياسية صارخة من جانب المعارضة للعمل مع زعيم أجنبي، بغية تقديم حجة مضادة لخطط الرئيس الخاصة بالغزو، والحد من قدرته على المضي قدماً في قراره المتعلق بشن حرب في منطقة الشرق الأوسط.

ولفتت المجلة إلى حدوث شيء مماثل لهذا في واشنطن يوم أمس الثلاثاء، 24 من أيار / مايو الجاري، حين تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمام اجتماع مشترك للكونغرس (وهو الخطاب الذي تمت مقاطعته أكثر من 25 مرة بالتصفيق والترحيب الحماسي).

وفي الوقت الذي تعتبر فيه مثل الخطابات التي يتم إلقائها أمام الكونغرس خطابات نادرة، فإن هذا الحدث على وجه الخصوص كان استثنائياً نوعاً ما: حيث كان يرمي الخطاب إلى منح نيتنياهو الفرصة لكي يتقدم بطعن في المقترحات التي تحدث عنها مؤخراً الرئيس، باراك أوباما، بشأن المضي قدماً في اتفاقية السلام بين العرب وإسرائيل.

وكما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأسبوع الماضي، فإن نتنياهو هو من طلب تلك الدعوة أولاً من قيادة الحزب الجمهوري قبل أن يتم حتى إضفاء الطابع الرسمي على الخطط الخاصة بخطاب أوباما المتعلق بمنطقة الشرق الأوسط: وهو الطلب الذي تم تفسيره على نطاق واسع بأنه محاولة للخروج والوقوف أمام الرئيس أوباما، بتقديمه مقترح سلام إسرائيلي، يفتقر لما يريده الفلسطينيون، لكنه يرمي لوضع أوباما داخل الصندوق. في حين كان هناك تعمداً ليدلي أوباما بخطابه في التاسع عشر من شهر أيار / مايو الجاري، كي يخرج ويبادر بمقترحاته قبل تصريحات نيتنياهو.

وقد اعترض الجمهوريون على خطاب أوباما بعد ساعات من إلقائه، بعد أن قال البعض من أمثال تيم باولينتي وميت رومني، إن الرئيس ألقى إسرائيل بصورة تقليدية تحت الحافلة. وهو نفس الموقف الذي اتخذه أعضاء بارزون في الحزب الديمقراطي من أمثال هاري ريد، زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ.

وتابعت المجلة بتأكيدها أنه يحق لأعضاء الكونغرس أن يعترضوا على أجندة السياسة الخارجية للرئيس. وإن أوضحت أن هناك فرقاً بين أمر كهذا وبين العمل بتنسيق مع زعيم بلد آخر في محاولة لوضع الرئيس في موقف دفاعي والسعي لتحقيق مكسب حزبي سياسي في العملية.

ورأت المجلة أنه وبالوقوف علناً مع نيتنياهو ضد أوباما وتحويل السلام العربي الإسرائيلي إلى قضية حزبية، فإن الجمهوريين في الكونغرس في خطر شديد يتعلق بعبور خط خطير ويتخذون الآن خطوات تهدف إلى تقويض المصالح الأميركية في الشرق الأوسط.

وسبق لزعيم الأغلبية في مجلس النواب، إريك كانتور، أن أشار في أعقاب مقابلته نتنياهو خلال شهر تشرين الثاني / نوفمبر الماضي، إلى أن الكونغرس الجمهوري سيقوم بدور الفاحص والمراجع للسياسات الخاصة بإدارة أوباما عندما يتعلق الأمر بسياسة إسرائيل.

وفي خريف عام 2009، انتقد كانتور إدارة أوباما لتوبيخهها الحكومة الإسرائيلية بسبب طردها عائلات فلسطينية في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية. واتخذ حاكم اركنساس السابق، مايك هاكابي، موقفاً مماثلاً في شباط / فبراير الماضي، أثناء سفره إلى إسرائيل، حيث وصف اعتراض إدارة أوباما على المستوطنات الإسرائيلية بأنه معادل لـ quot; العنصريةquot; و quot;الفصل العنصريquot;.