من زيارة أوباما السابقة للقاهرة

بعد إعلان الرئيس الأميركي، باراك أوباما، الأسبوع الماضي، عن تخصيصه أكثر من 2 مليار دولار، لخفض ديون مصر ومساعدتها على الصعيد الاستثماري، بدأت تثار تساؤلات حول جدوى الإعانات المالية الأميركية، بعد تغير كثير من الأمور في مصر، في أعقاب ثورة الـ 25 من كانون الثاني/ يناير الماضي، التي أطاحت بالنظام السابق.


رأت مجلة فورين بوليسي الأميركية في عددها الصادر اليوم أن واشنطن وسَّعت من نطاق سخائها في مصر اعترافاً باتفاق السلام طويل الأمد المبرم بين القاهرة وإسرائيل وكرمز لدعم هذا الاتجاه الديمقراطي الواسع في العالم العربي، الذي بدأ في مصر مطلع هذا العام.

لكنها أردفت بالقول إنه ومنذ سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك، أطلقت الحكومة المصرية مبادرتين دبلوماسيتين تسببتا في إثارة صناع القرار الأميركيين، يتمثلان في التمهيد والمفاتحة حول إمكانية إعادة العلاقات مع إيران، والتوسط في المفاوضات الخاصة بتشكيل حكومة وحدة فلسطينية جديدة تضم حماس.

وفي الأمم المتحدة، لفتت المجلة إلى أن الحكومة المصرية أظهرت كل إشارة تدل على أنها تعتزم الحفاظ على مسافة إستراتيجية على الساحة العالمية من حليفتها المالية الأساسية.

وخلال الأسابيع الأخيرة، سعت مصر لإضعاف الجهود الأميركية والأوروبية فيما يتعلق بإدانة سوريا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. كما تعتزم مصر استخدام نفوذها في الأمم المتحدة لمواصلة الضغوط على إسرائيل بخصوص كل شيء بدءً من سياساتها الاستيطانية وانتهاءً ببرنامجها غير المعلن المتعلق بتطوير أسلحة نووية.

ونفى سفير مصر في الأمم المتحدة، ماجد عبد العزيز، أن تكون القاهرة معارضة للمصالح الأميركية في المنطقة، وأوضح للمجلة أن حكومة بلاده تعتزم حث حماس على الاعتراف بإسرائيل في نهاية المطاف وأن تقيد استخدامها للعنف. كما تحدث عبد العزيز عن رعاية واشنطن والقاهرة بشكل مشترك لتسوية في مجلس حقوق الإنسان ترمي إلى تعزيز حرية الرأي والتعبير.

وأقر أيضاً بوجود خلافات بين البلدين بشأن طائفة واسعة من القضايا. وفي كلمة ألقاها مؤخراً خلال مأدبة غداء في مقر البعثة المصرية مع مجموعة صغيرة من الصحفيين، قال عبد العزيز :quot; تربطنا علاقة جيدة وإستراتيجية للغاية بالولايات المتحدة .. وهذا شيء لا نخفيه؛ لكن لا ينبغي توقع أن تكون مصر الولاية رقم 51 لأميركا.. وتشكل خلافاتنا جزءً من قوة علاقتناquot;.

وتابعت المجلة بتأكيدها أنه لطالما تناقضت العلاقة الوطيدة التي تربط بين واشنطن والقاهرة مع تفاعل العاصمتين المتواصل في الأمم المتحدة، حيث تدخل مصر في صدامات مع دبلوماسيين أميركيين بشأن رزمة من القضايا، بما في ذلك حقوق الإنسان والتهديد النووي الذي تشكله البرامج النووية في إيران وإسرائيل. ونقلت المجلة هنا عن عبد العزيز، قوله :quot; هم يرون فقط إيران ونحن نرى إيران وإسرائيلquot;.

وألقت برقيات دبلوماسية أميركية لم تنشر في السابق، ونجح موقع ويكيليكس في الحصول عليها، الضوء على طبيعة علاقات واشنطن المتوترة للغاية مع سلك مبارك الدبلوماسي. واتخذ الدبلوماسيون الأميركيون موقفاً معادياً عندما علموا أن السكرتير العام للأمم المتحدة، بان كي مون، اتخذ قراراً بتعيين محمد شعبان، الذي اختاره مبارك، في أحد المناصب البارزة بالأمم المتحدة. وكشفت برقية أميركية تعود للعام 2007 من السفارة الأميركية بالقاهرة عن أن أحد الدبلوماسيين الأميركيين قد قال إن بلاده تنظر عموماً إلى السفير شعبان على أنه غير مفيد وعقائدي.

ورداً من جانبه على ذلك، قال شعبان لفورين بوليسي عبر البريد الإلكتروني quot;أنا لست من اختيار مبارك .. واُختِرت من جانب السكرتير العام على أساس الجدارة؛ فبعد أن عرض وزير الخارجية المصري الاسمين المصريين، كان السكرتير العام، الذي أجرى مقابلات مع ما يقرب من سبعة مسؤولين بارزين من الشرق الأوسط، هو من اختارنيquot;.

وقالت المجلة أيضاً إن وجهة النظر الأميركية بشأن مبعوث مصر السابق لدى الأمم المتحدة في جنيف، سامح شكري، كانت أكثر سلبية كذلك. كما اعترف عبد العزيز بأن الدبلوماسيين الأميركيين سبق لهم أن عبروا عن سخطهم من عمله في الأمم المتحدة.

وسبب أن مصر لا تزال متفائلة بشأن هذه الانتقادات هو أن قدرتها الخاصة بالتأثير على الساحة الدولية يعتمد في كثير من الأحيان بشكل أقل على علاقتها بالولايات المتحدة مقارنةً باعتمادها على قدرتها المتعلقة بالاستفادة من كتل التصويت الكبرى للأمم المتحدة، وهو ما يساعدها على حشد تأييد كبير لمبادراتها الخاصة بالقضية الفلسطينية، وباقي أولويات مصر الإقليمية في الأمم المتحدة.