ناشطون ومحللون تحدثوا عن انتهاء مهلة المائة يوم للمالكي

حذر ناشطون وإعلاميون ومحللون من تشكيل حكومة أغلبية يروج لها قادة عراقيون حالياً بسبب الصراعات السياسية التي يقولون إنها تعيق عمل الحالية وقدرتها على تقديم الافضل وأشاروا الى أن هذا الإجراء لن يحقق الاصلاح السياسي المنشود وانما سيجدد العنف الطائفي الذي عانت منه البلاد الامرين خلال السنوات الأخيرة.


إنتقد ناشطون وإعلاميون عراقيون في أحاديث مع quot;ايلافquot; العملية السياسية والقائمين عليها مشيرين الى أنها تضم أحزابا وسياسيين يتصارعون في ما بينهم على المواقع والمكاسب بعيدا عن السعي إلى إنقاذ العراق من أوضاعه الصعبة الحالية سياسيا وامنيا واقتصاديا... وفي ما يلي مواقف الناشطين والإعلاميين والمحللين من مرحلة المائة يوم والمطلوب للمرحلة المقبلة التي تعقبها والتي تترافق مع الاستعدادات الجارية حاليا للخروج في تظاهرات احتجاج واسعة الجمعة المقبل تحت شعار quot;جمعة القرار والرحيلquot; بالترافق مع طلب المالكي من المواطنين منح حكومته مائة يوم أخرى:

** الدكتور يحي الكبيسي (باحث في المعهد الفرنسي لدراسات الشرق الادنى):

.. من الصعب الحديث عن إنجازات تحققت خلال المائة يوم المنصرمة لان المشكلة في العراق عميقة ومركبة ولايمكن الحديث عن إمكانية الاصلاح من دون تغيير البنية بالكامل. فالمشكلة ليست في الاشخاص وانما في البنية السياسية للبلاد وهي بنية غير قادرة على انجاز اي شيء لذلك فإن الحال يتطلب تغيير النظام السياسي المعمول به بعد ان وصل الى مرحلة أزمة اصبح معها غير قادر على الاستمرار فلدينا الان عملية سياسية شابها الكثير من القصور والتوترات اضافة الى التشوه الكبير في البنية العامة.

فمثلا ان الموازنة العامة لإعادة الاعمار في العراق تعاني خللا وتشوهات كبيرة بشكل لن تستطيع معها ان تنجز الاعمار الموعود لان حوالى 80 بالمائة منها يذهب الى الموازنة التشغيلية مع الاصرار على زيادة التوظيف الذي ارتفع منذ عام 2003 بنسبة 400 بالمائة وهذا امر لم يحدث في تاريخ اي دولة في العالم.

فهذه الاختلالات تتطلب استراتيجية حقيقية وشجاعة ووحدة في القرار وهذه غير متوفرة لهذا اعتقد ان الحديث عن امكانية تغيير الوضع القائم في العراق دون تغيير بنية النظام السياسي وطبيعة العلاقات داخله غير ممكن. العراق يواجه الان صراعا حقيقيا على السلطة فالسيد المالكي وخلال فترة حكومته السابقة كان مهيمنا على السلطتين التشريعية والتنفيذية في وقت واحد اما الان فإنه قد فقد هذه الهيمنة على السلطة التشريعية ولذلك الان انفصام بين هيمنة كاملة للمالكي على السلطة التنفيذية وعدم قدرة على تمرير هذه الهيمنة في مجلس النواب وهذه الحالة خلقت أزمة في النظام السياسي فلابد من حصول تغيير في هذا الوضع.

لدي شك في نجاح حكومة الاغلبية التي يروجون لها حاليا ولا اعتقد أن المجتمع الدولي سيسمح بذلك ايضا لانها تعني تهميشا لطرف أساسي في المجتمع العراقي (السنة) اجتماعيا وسياسيا وستطرح سؤالا سياسيا عن حقيقة من يحدد التمثيل للطرف الاخر ومن سيختاره اكيد انه سيكون الطرف المهيمن.. لذا فان استحداث حكومة اغلبية ذات لون واحد لن تكون مجدية في اصلاح الاوضاع ان لم تزدها سوءا.

ومسألة اختيار الطرف المهيمن لممثل الطرف الاخر ظلت مهيمنة على العراق منذ نشوء دولته الحديثة عام 1921 وحتى عام 2003 ودائما كان هناك شيعة في بنية السلطة لكن لا احد من الشيعة يعترف بوصفهم ممثلين لهم.. ولا اعتقد ان المعادلة ستنعكس بحكومة الاغلبية لان البعض سيعتقد ان هؤلاء لايمثلونهم وسيذهب الذين فازوا في الانتخابات الى خارج المعادلة الامر الذي سيقود مرة اخرى الى عنف طائفي ممنوح باسباب اكثر مما كان عليه الحال عامي 2003 و2004 عندما كان هذا العنف يتم بدعاوى ايديولوجية وطائفية وتحت غطاء مواجهة الاحتلال.. والذي سيحدث اذا تشكلت حكومة الاغلبية ان يكون العنف بدعاوى المظلومية والدفاع عن حقوق وهذا سينجح في تحشيد وجمع عدد كبير من الناس خلفه. ولذلك اعتقد اننا في لحظة مفصلية تتطلب من القادة السياسيين ان يتحولوا للمرة الاولى الى بناة دولة وليس محشدين للعنف.

** ناصر الياسري (صحافي الناطق الرسمي باسم حركة 15 شباط):

.. من الواضح بعد انتهاء مهلة اليوم ان السيد المالكي قد ورّط نفسه والاخرين بالوعود التي قال إنها ستتحقق خلالها، الامر الذي دعاه الى تمديدها مائة يوم اخرى ولا ندري الى اين والى متى سيستمر مسلسل التمديدات هذا.. ان كل شيء لم يتغير منذ اطلاق هذا الوعد في 27 شباط الماضي. فالفساد والعجز والمحاصصة تتفشى في quot;العراق الجديدquot; كالسرطان والعملية كلها كانت عبارة عن ترقيع لمسألة تقديم الخدمات المطلب الجماهيري الرئيس وخاصة في مجال توفير الكهرباء المفقود منذ سنوت التي حاولت السلطات مؤخرا علاجها بتوزيع الوقود مجانا على اصحاب مولدات الكهرباء لكن هذا لن يحل المشكلة وانما يؤجلها فقط لبعض الوقت. اما الحل لهذه الاوضاع فيمكن تحقيقه بوجود حكومة جديدة بعيدا عن المحاصصات والولاءات الحزبية الضيقة.

** سرمد خنجر (ناشط في مجال حقوق الانسان):

.. لم يتحقق انجاز مهم خلال الايام المائة الماضية لكن بالمقابل ازدادت الاعتقالات وعمليات ملاحقة ناشطي الحريات العامة.. صحيح انه تم اطلاق سراح بعض المعتقلين لكن هذا تزامن مع اعتقال اعداد اكثر. فالشعب ما زال ينتظر وعد الاصلاح المطلوب لكن الواقع يؤكد عدم وجود ارادة حقيقية لتحقيق هذا الاصلاح بسبب غياب الهدف المحدد للوصول اليه.

لذا فإن المطلوب الان انبثاق حكومة كفاءات يشارك فيها الشباب وأدعو مجلس النواب الى سحب الثقة عن الحكومة الحالية ووضع آليات جديدة وتشريع قانون انتخابات معدل جديد للاعداد لانتخاب حكومة لاتتشكل طائفيا وانما وفق كفاءات وطنية هدفها الاول والاخير هو العراق.. وهو مايتطلب توسيع وتنشيط الاحتجاجات للوصول الى هذا الهدف ودعم المتظاهرين من دون الادعاء بقيادتهم او توجيههم.

** أحمد عبد الحسين (ناشط وسكرتير تحرير صحيفة الصباح البغدادية اليومية):

خلال هذه المائة يوم لم يتحقق شيء رغم محاولات المسؤولين الايحاء بأنه سيتم خلالها تلبية المطالب الشعبية.. نعم حدث بعض الاجراءات لكن الهدف منها كان ايهام الناس بأن المسؤولين اصبحوا جادين في تنفيذ ما يريده المواطنون.. لكن الأمور ما زالت على حالها والوضع الامني اصبح اسوأ من سابقه وايضا هناك عدم اهتمام بملفات الفساد وتعمد التغطية على الفاسدين وكل هذا منح الشعب يقينا بان هذه الحكومة لا يرتجى منها اي خير. لهذا اعتقد ان الاحتجاجات ستتزايد وتشمل قطاعات واسعة من الشعب الذي كان يأمل تحقيق شيء خلال هذه المائة يوم ولذلك فإن المطلوب الان ان يتناغم السياسيون مع حركة الاحتجاج.

ان المالكي يريد الان حل حكومته وتشكيل حكومة اغلبية ولكن هذا الامر غاية في الصعوبة لان مثل هذه الحكومة لايمكن ان تتشكل في الوضع العراقي الحالي لانها ستكون اغلبية من ؟ في عراق قائم منذ سنوات على مبدأ التوافق.. اذا فالحل في اعادة المعادلة من جديد واختيار اشخاص آخرين كفوئين في حكومة متخصصين مخلصين ساعين بحق الى خدمة بلدهم.

** هادي المهدي (إعلامي ومخرج وناشط):

.. ان مهلة المائة يوم شكلت حبة تخدير أعطاها المالكي الى الشعب فتورط بوعد أكبر من قدرته على تنفيذه ولذلك أرى أن رجلا مثله في موقع كبير وهو بمثابة أب للشعب العراقي وقد أقسم على حماية مصالح الشعب لكنه يحنث بهذا القسم بشكل أساء الى مركزه لان كل جهوده كانت لصالح حزبه وقائمته وليس لصالح الشعب. اعتقد انه لا المائة يوم ولا ألف يوم سيتمكن رئيس الوزراء من خلالها ان ينقذ العراق مما هو فيه لسبب واضح هو ان العملية السياسية مكبلة بناس فاشلين اداريا وسياسيا جاءت بهم المحاصصة.. فقد افرزت الانتخابات الاخيرة نوابا قليلين يستحقون الاختيار بينما الباقون اتوا عن طريق الحيتان الكبيرة للقوائم الانتخابية.. ولذلك فإن حكومة بلا كفاءات او تكنوقراط او اقتصاديين لن تستطيع تحقيق اي اصلاح وقد اعترف عدد من النواب مؤخرا في تصريحات علنية انهم يدفعون اتاوات الى احزابهم لانها تبحث عن الربحية.

لقد طالبنا ولا نزال بالخدمات والامن الغذائي والثقافي والزراعي لكنه اضافة الى انه لم يتحقق انجاز في هذا المجال فإن العراق فقد خلال هذه المائة يوم المنصرمة ميناء الفاو كما اضاع حصته من مياه الرافدين. اعتقد ان المستقبل سيحكم على التجربة السياسية الحالية بأنها سيئة اعتمدت على المحاصصة والطائفية والعنصرية.. واعتقد ان العملية السياسية وبسبب كل ذلك سائرة نحو التفكك والانهيار.

** ناديا عزيز (ناشطة من الموصل):

.. ان الايام المائة قد مضت ومعها الوعود بالاصلاح والانجاز وهو امر بعث على السخط واليأس من امكانية وجود ارادة حقيقية ساعية الى تغيير الاوضاع. ولهذا فإن حركة المطالب والاحتجاجات ستتواصل حتى تحقيق أهدافها المشروعة في مكافحة الفساد واصلاح الاوضاع السياسية والامنية والاقتصادية ومثلما تخلص العراقيون من النظام الدكتاتوري السابق سيتمكنون لاحقا من تحقيق أهدافهم في عراق ديمقراطي قادر على تغيير الاوضاع نحو الافضل خاصة وان العزيمة الان اقوى من قبل.

** سيف الخياط (صحافي):

.. ان المائة يوم التي انتهت امس كشفت عن حقيقة عدم صحية العملية السياسية وان الصراع السياسي يدور بين اربعة رجال في الدولة العراقية يديرون الان هذه العملية ويتصارعون على المناصب والمكاسب. لقد حاول المالكي بهذه المائة يوم الخروج من الضغوط والمنافسة التي يقودها اياد علاوي وبالتالي خرجنا بعملية صراع تنافسية.

ولذلك المطلوب هو الاستمرار في المطالبة بإصلاح الخلل في العملية السياسية والقضاء على الفساد السياسي والمالي والجريمة السياسية اضافة الى تهيئة الظروف لان يكون الشعب مصدر القرار السياسي فبعد 8 سنوات من المعاناة يجب العمل على تحقيق قفزة الى امام من خلال اتساع المشاركة السياسية وعدم حصرها بالأحزاب.

** شاكر الداغستاني (ناشط ومدون وطالب جامعي):

.. لقد شهدت المائة يوم عدة خروقات حيث تم انتخاب ثلاثة نواب لرئيس الجمهورية استخفافا بموقف الرأي العام وكذلك عدم احترام مطالب العراقيين فقد حاول المالكي امتصاص غضب الجماهير من خلال وعود مهلة المائة يوم واعلان حرب ضد المتظاهرين امنيا وإعلاميا.

فالمطلوب اليوم بقاء المواطنين واعين ومصرين على مطاليبنا الدستورية المشروعة سلميا وحضاريا فالوعود لم تنفذ ومن حق الناس التظاهر احتجاجا على ذلك والدعوة إلى حل الحكومة ومجلس النواب واعادة الانتخابات.

ولكل هذا أتوقع ان تعود التظاهرات الى زخمها الاول بسبب استمرار البطالة والفساد وكبت الحريات وانهيار الامن وانعدام الخدمات. المهم في الأمر الان ان ثقافة التظاهر بدأت تتشكل في العراق وداخل بنية مجتمعه الذي كان يفتقد إلى هذه الثقافة بسبب قمع النظام السابق الذي كان يوعز لحزبه ارغام الناس على التظاهر تأييدا له.

** سرمد الطائي (رئيس تحرير صحيفة العالم اليومية البغدادية):

.. ان المائة يوم التي مضت كانت تشبه الالف و830 يوما التي انقضت قبلها من حكم المالكي في حكومتيه السابقة والحالية.. فالمائة يوم لم تكن للوفاء بالوعود لصالح الشعب فالوضع تحول الى مرحلة جديدة من المنازلة السياسية بين الأحزاب والأطراف المشاركين في الحكومة لأن الجميع يسعى الى الاستفادة منها بطريقته الخاصة لكي يعمل على مضاعفة مكاسبه والنيل من الخصم.. المالكي يتربص بخصومه وهؤلاء يتربصون به والشعب مدرك لهذا وهو واثق من العجز عن تحقيق إنجاز لكن الحكومة لا تعترف بالفشل وتصر على مواصلة الاخطاء وكل هذا خلق إحباطا ونقمة لدى الجماهير ستنعكس على حجم وتوسع الاحتجاجات المقبلة والتي من المؤكد انها ستتصاعد. الان هناك تقليد يتشكل في العراق وهو الاحتجاج السلمي من خلال حضور المجتمع المدني في كل تطور يحصل وفي جميع القضايا المصيرية التي تواجه الناس.