حذر رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي وزراءه من الإقالة الفورية إذا لم يثبتوا كفاءة في تنفيذ البرامج الإصلاحية لوزاراتهم، وأكد ان العمل جار لتنفيذ مطالب المتظاهرين التي قال إنها دستورية ومشروعة. بينما طالب رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي بسقف زمني لتنفيذ هذه الإصلاحات، في وقت أكد رئيسا القائمة العراقية والمؤتمر الوطني اياد علاوي واحمد الجلبي ضرورة الإستجابة لمطالب المحتجين الذين يستعدون لتنظيم تظاهرات جديدة يوم غد الجمعة.



في جلسة برلمانية حضرها 280 نائباً من مجموع الأعضاء البالغ عددهم 325 نائباً أكد رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي انه ستتم إقالة أي وزير لم تثبت كفاءته خلال المرحلة الاولى من توليه مسؤولية وزارته. ثم استعرض أهم فقرات برنامج حكومته الذي قدّمه إثر تشكيلها أواخر العام الماضي، وكذلك آخر التطورات والمستجدات التي شهدتها الساحة العراقية مؤخراً، خصوصاً ما يتعلق منها بتظاهرات الاحتجاج التي تشهدها البلاد وانعكاساتها وما حملت من مطالب واللجان التي شكلت لمتابعتها.


وقبل ذلك، قال رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي في كلمة له إن الخدمات المقدمة الى المواطنين قد ساءت بشكل كبير بعد عام 2003 بسبب الإرهاب والتناحر السياسي، لكنه اشار الى ان البلاد الآن تتمتع بحكومة وبرلمان جديدين عليهما تنفيذ الاصلاحات المطلوبة. واشار الى انه لابد من منح الحكومة فرصة لتنفيذ الاصلاحات التي عبر عنها المواطنون من خلال تظاهرات احتجاج مشروعة.

وشدد النجيفي على ضرورة تقديم الوزراء لبرامج عمل لوزاراتهم ليتم بعد ذلك محاسبتهم على قدرتهم في تنفيذ هذه البرامج من عدمها ومكافأة المنجزين واقالة المقصرين. ودعا الحكومة الى تحديد سقف زمني ملتزم به لتحقيق الاصلاحات المطلوبة في مرافق الدولة ومكافحة الفساد والبطالة وضمان حقوق الانسان وتقديم الخدمات.

لكن المالكي لم يقدم في جلسة اليوم كما كان منتظرا مرشحي الوزارات الامنية الثلاث للدفاع والداخلية والامن الوطني بسبب خلافات بين الكتل السياسية حولهم. وأوضح مصدر سياسي ان هناك مداولات تجري حاليا لكي يتولى معاون رئيس أركان الجيش عبود قنبر حقيبة الداخلية وان يحتفظ شيروان الوائلي بوزارة الأمن الوطني على ان يتولى رئيس جهاز الاستخبارات وكيل وزير الداخلية لشؤون الاستخبارات حسين كمال. ولم يتم بعد حسم المرشح لوزارة الدفاع لوجود خمسة مرشحين من قبل القائمة العراقية لم يحظ أي منهم بموافقة المالكي.

ويشغل المالكي حقائب الوزارات الامنية الثلاث وكالة منذ الإعلان عن تشكيل حكومته الجديدة غير المكتملة في 21 كانون الأول (ديسمبر) الماضي.

علاوي والجلبي: تنفيذ مطالب المتظاهرين

في وقت سابق اليوم قال مصدر في المؤتمر الوطني العراقي إن رئيسه أحمد الجلبي ورئيس القائمة العراقية أياد علاوي أكدا في اجتماع لهما أهمية احترام التظاهر السلمي وإنجاز مطالب المتظاهرين المشروعة وضرورة تفعيل الدور الرقابي لمجلس النواب بما ينسجم وواجباته ومهامه المنصوص عليها في دستور البلاد.
وبحث السياسيان خلال الاجتماع آخر المستجدات على الساحة العراقية وتظاهرات الاحتجاج التي تشهدها المحافظات العراقية مطالبة بمكافحة الفساد والبطالة وتوفير الخدمات الأساسية. وشدد الجانبان على احترام حرية التعبير والتظاهر السلمي اللذين كفلهما الدستور وضرورة العمل على إنجاز المطالب المشروعة التي رفعها المتظاهرون.

ودعا علاوي والجلبي إلى متابعة التطورات الإقليمية الأخيرة على ضوء الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها دول عربية عدة وأثرها على العراق ومراقبة تطوراتها واتفقا على ضرورة إقامة علاقات طيبة مع جميع دول الجوار العراقي انطلاقاً من المصلحة الوطنية العراقية العليا.

وكان علاوي الذي التقى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في الثالث من الشهر الحالي في مدينة النجف بعد يوم واحد على إعلانه التخلي عن رئاسة المجلس الوطني للسياسات العليا معلناً أن القائمة العراقية تسعى إلى إقامة علاقات إيجابية مع سائر الكتل والتيارات السياسية في البلاد.

وشهدت المحافظات العراقية في الرابع من الشهر الحالي و25 من الشهر الماضي تظاهرات احتجاج تطالب بإصلاح النظام والقضاء على الفساد المستشري في مفاصل الدولة نظمها شباب من طلبة الجامعات ومثقفون مستقلون عبر مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت.

وتعهد المالكي عقب ذلك تنفيذ جميع مطالب المتظاهرين وأعلن عن خارطة طريق لإصلاحات سياسية واقتصادية وخدمية ومعيشية اخرى. وقد قتل خلال هذه الاحتجاجات 9 اشخاص وأصيب حوالى مئة آخرين.

وتتركز مطالب المواطنين حول مكافحة الفساد وتحسين الخدمات وزيادة ساعات تجهيز الكهرباء وإيصال مواد البطاقة التموينية بصورة منتظمة دون انقطاع وتحسين مفرداتها وإيجاد حلول ناجحة للقضاء على البطالة وإقالة بعض المحافظين وحل مجالس المحافظات والاقضية والنواحي واجراء انتخابات محلية مبكرة. وقد امهل المالكي وزراء حكومته فترة 100 يوم لتحسين أداء وزاراتهم يجري بعدها تقويم عملها اضافة الى مكافحة الفساد واطلاق 280 الف وظيفة حكومية.

وأكد المالكي مشروعية تظاهرات الاحتجاج وقال إنها حق دستوري لا تشكل تهديدا للنظام الديمقراطي الحالي. وقال quot;جئنا عن طريق صناديق الإقتراع ونذهب عن طريقها أيضاًquot;، استنادا الى مبدأ التداول السلمي للسلطة. واضاف انه لم يتم رفض أي طلب إجازة للتظاهر موضحا ان الاجراءات الامنية التي رافقت التظاهرات اتخذت لحماية المتظاهرين والممتلكات العامة بعد ورود معلومات عن مخطط لتفجير سيارات مفخخة.

وشدد المالكي على ان مطالب المحتجين مشروعة وهي من صميم عمل الحكومة لتنفيذها مع رفض التجاوز بحق المتظاهرين والاعلاميين، لكنه اشار الى أن رجال الامن تعرضوا لإعتداءات أدت الى مصرع واصابة 246 منهم. لكنه أكد رفض مطالب المحتجين بإسقاط الدستور والعملية السياسية وقال إن هذا مخالف لتطلعات الشعب، معربا عن الأسف لأي ضرر لحق بالمتظاهرين او الاعلاميين ومشيرا الى ان معظم مطالب المحتجين في الدول العربية هي قضايا متحققة في العراق.

ودعا المالكي مجلس النواب الى تحديد سقف زمني لإنجاز المصادقة على مشاريع القوانين المتوقفة والتي يبلغ عددها حوالى 200 قانون وإلغاء القوانين التي تعمل بها الدولة حاليا وهي من مخلفات النظام السابق وسلطة الاحتلال السابقة. وشدد على ضرورة تفعيل الدور الرقابي والتشريعي للبرلمان محذرا أنه من دون ذلك ستلحق أضراراً كبيرة بالدولة وأمنها وإستقرارها وإنجاز إعادة بناء بنيتها التحتية. ورفض جعل المحاصصة غطاء لعدم محاسبة المسؤولين المقصرين وحذر من ازدواجية مواقف بعض الكتل السياسية التي لم يسمها بحيث تكون في الحكومة وفي المعارضة في وقت واحد.

واشار الى أنه سيتم البدء بإطلاق التعيينات من خلال 280 الف درجة وظيفية مشددا على ضرورة أن يكون التعيين بشفافية ومن دون تلاعب، إضافة الى إجراء تغييرات بين المدراء والمفتشين العامين ورؤساء المؤسسات الخدمية وإعفاء أي مقصر منهم. وقدم خارطة طريق للقضاء على البطالة من خلال تفعيل الاستثمار وإنجاز المشاريع الاستراتيجية وشمول منتسبي القطاع الخاص بالضمان الاجتماعي. وحول الإصلاحات السياسية، اكد المالكي ضرورة إجراء انتخابات مبكرة لمجالس المحافظات وحل المجالس البلدية وإنجاز قانون الاحزاب.

وقد قرر مجلس النواب خلال الجلسة استجابة لطلب قدمه المالكي تشكيل لجنة لتوحيد طلبات المتظاهرين وأهمها المطالبة بتوفير الكهرباء ومفردات البطاقة التموينية والقضاء على البطالة والفساد، من أجل العمل على تلبيتها وتقديم الحلول العاجلة لها. واكد المالكي انه يتم العمل حاليا على توفير فرص العمل بحسب النسب السكانية لكل محافظة وبما يضمن عدالة التوزيع، وأكد ضرورة اعتماد مبدأ الدفع بالآجل في تنفيذ المشاريع الخدمية كبناء المدارس والمستشفيات.

ودعا المالكي مجلس النواب الى إقرار التشريعات والقوانين المعطلة لتسريع الأداء الحكومي في المؤسسات المختلفة بدءا من قانون الأحزاب وإجراء التعديلات المناسبة على قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم ودراسة إمكانية تقديم موعد إنتخابات مجالس المحافظات وإسراع المجلس بالمصادقة على مشروع الحكومة الذي تضمّن تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث والدرجات الخاصة، وإعادة النظر بالامتيازات الأخرى ودعوة الكتل السياسية كافة المشتركة فـي العمليـة السياسيـة إلـى عقـد اجتماع لدعم وتنفيذ مـا ورد فـي ورقة الإصلاحات التي أقرتها الحكومة.

كما طرح المالكي جملة من الإصلاحات التي اعتمدتها الحكومة في مجال الخدمات العامة، منها الطلـب مـن مجلـس النـواب الإسـراع بالنظـر فـي مشاريـع القوانيـن ذات العلاقـة بالجوانـب الإقتصاديـة والخدميـة والإداريـة، وتقديـم مشـروع قانـون لتعديـل قانـون التقاعـد الذي مـن شأنـه تشجيـع ذوي الخدمـة الطويلـة، والأعمـار المُتقدمـة للإحالـة علـى التقاعـد والاسراع بتنفيـذ المشاريـع الإستراتيجيـة والكبـرى إضافة الى تقديـم مشـروع لتوسيـع شمـول العامليـن كافـة فـي القطـاع الخـاص والعامليـن لحسابهـم الخـاص وأصحـاب المهـن والحـرف بقانـون الضمـان الاجتماعـي.