في محاولة للتوفيق بين روح العصر والحفاظ على الحشمة، تتجه فتيات العراق لاعتماد الحجاب التركي، باعتباره عملياً في أوقات الدراسة العمل، كما يضفي على شكلهن الكثير من الجمال والوقار في آن واحد. فيما يشهد المجتمع العراقي حضور أنواع جديدة ومبتكرة من quot;الحجابquot; تختلف حسب الأذواق والمناطق والمذاهب.

جامعيات عراقيات بالحجاب

بغداد: تفضل النساء المتعلمات في العراق ارتداء الحجاب التركي، لأنه كما يصرحن، ملائم لروح العصر، ويمتاز بالبساطة والحشمة، إضافة إلى انه quot;عمليquot; في أوقات الدراسة والعمل.

وأكثر ما يميز الفتاة العراقية هو حرصها على أناقتها وحشمتها في آن واحد، مما يدل على وعي في الاستجابة لمتطلبات التغيير العصرية من دون الإنجرار بشكل أعمى نحو تقليد المظاهر الغربية.

وفي الوقت الذي تنتشر فيه مظاهر quot;التدينquot; والاهتمام بتطبيق التعاليم الإسلامية في المجتمع العراقي، حيث يعتبر كثيرون الظاهرة حالة ايجابية، تساهم في استقرار المجتمع أمنيًا وسياسيًا، فان المرأة العراقية بدأت تتجه إلى حجاب يلائم روح العصر، لينتج من هذا المزيج المتناغم من تعاليم الدين الإسلامي، ومواكبة روح العصر، زيًا يجمع بين صفات الجمال والحسن، الذي تحرص عليه المرأة العراقية العصرية، وبين مظاهر الحشمة التي تسعى إلى تأكيدها.

وبحسب فتيات عراقيات حاورن إيلاف، فإن الحجاب بالأسلوب التركي، أصبح الموضة المفضلة، ليس تقليدًا للدراما التركية، بل لان هذا الحجاب يلائم روح العصر من ناحية سهولة ارتدائه، ومظهرة الأنيق، إضافة إلى انه لا يعوق متطلبات العمل في المدارس والمعامل وساحات العمل الأخرى.

تقول صباح السعدي الطالبة في كلية الطب، وتسكن مدينة الحلة (100 كم جنوب بغداد) ان معظم زميلاتها في الدراسة يفضلن الحجاب التركي لأنه أنيق ويناسبكل الأوقات. وتتابع .. يمتاز هذا الحجاب بالأقمشة الملونة الزاهية والبساطة.

اختارت السعدي الشال مع قبعة كغطاء للشعر و(طرحة) للظهور بحجاب عصري. وتتابع السعدي التي لها اهتمامات بطرق تجميل المرأة: quot;الطريقة التركية تدخل الإكسسوارات والحلي في تصميمها مثل إضافة (بروش) أو عقد في تزيين الحجاب، وتلائم هذه الطريقة ذوق المرأة العراقيةquot;.

متطلبات الاندماج

لكي توازن المرأة بين قيمها الاجتماعية والدينية وبين متطلبات الاندماج مع العصر، فإن المجتمع العراقي يشهد حضور أنواع جديدة ومبتكرة من quot;الحجابquot; لم يعرفها العراقيون من قبل.

ومن المعروف ان المرأة في الوسط والجنوب تردي العباءة وquot;الشيلة quot; منذ أزمان بعيدة، وفي الموصل وأجزاء من شمال العراق ووسطه تختفي العباءة ليحل محلها حجاب بسيط هو عبارة عن قطعة قماش تغطي الرأس وتشد من أطرافها تحت الذقن أمام الرقبة، لكن الملاحظ اليوم ان أنواعا جديدة من الحجاب تنتشر في الساحة، وهي إما نماذج لحجاب إيراني أو لبناني أو خليجي أو تركي.

وتختلف طريفة ارتداء الحجاب اليوم بتباين الأذواق والمناطق وحتى الطائفة والمذهب، وحتى نساء الطائفة المسيحية، لاسيما النساء الكبيرات في السنّ، يرتدين حجابًا خاصًا بهم، ويمكن تسميته حجابًا ويكون بشكل طاقية صغيرة تغطي فروة الرأس.

الجمال والحشمة

تلمح اليوم الكثير من سمات الحداثة على الأزياء الإسلامية في العراق، لتضفي على شكل المرأة الكثير من الجمال والوقار والحشمة في آن واحد.

هناك محجبات يجمعن بين الحجاب والمكياج. وتشير سهيلة احمد، وهي جامعية، الى ان حجابها ليس لواجبات دينية، بل لاعتبارات اجتماعية. وغالبًا ما تستخدم سهيلة مكياجًا خفيفًا مع لون الحجاب، الذي ترتديه وأيضا نوعيته.

في جامعة بابل في وسط العراق، ترتدي الغالبية من الطالبات (الحجاب المودرن) كما تسميه سهيلة.

وفي حديثها لإيلاف، قالت سرى إن الحجاب التزام ديني، كما انه التزام أخلاقي أيضًا، فنحن وجدنا أمهاتنا قد التزمت بهذه التقاليد، ونحن مثلهن أيضًا. وتتابع سرى: ان الحجاب ليس موضة، بل هو معيار أساسي لمعرفة مدى التزامنا بتعاليم الدين، كما انه جزء من الحشمة، التي تميز المرأة المسلمة عن غيرها.

وبينما ترفض سرى ان يكون حجاب المرأة جزءًا من موضة سائدة، فإنها ترى ان الحجاب يجب ان يفي بمظهر العصر من دون ان يفقد خواصه، والغرض الذي وضع من اجله وهو الحشمة، التي هي من سمات المرأة المسلمة.

موضة أم تقوى

على عكس فكرة سرى، فان زميلتها حنان ترتدي الحجاب، ليس بدوافع دينية، بل لأغراض اجتماعية فحسب، فهي تساير زميلاتها المحجبات، وتخضع نفسها للجو العام، اذ انمعظم زميلاتها يرتدين الحجاب.وترفض سرى فكرة ان الحجاب (موضة)، بل هو quot;تقوىquot; يستجيب لشروط الإسلام الصحيح.

الحجاب التركي

ترغبغالبية النساء المتعلمات في العراق ارتداء الحجاب التركي، حيث تراه سرى ملائمًا لروح العصر، لانه يمتاز بالبساطة والحشمة، اضافة الى انه quot;عمليquot; في أوقات الدراسة والعمل.

لكن زميلتها ايمان ظاهر ترجع سبب ذلك الى تأثر المجتمع العراقي بالمسلسلات التركية، فتحاول الفتاة العراقية تقليد الملبس وأسلوب المظهر في الدراما.

وفي منتصف السبعينات والثمانينات وحتى بداية التسعينات، كانت مظاهر الحجاب في المدارس والجامعات واماكن العمل ودوائر الدولة الرسمية قليلة جدًا، لاسيما بين الفتيات المراهقات. أما اليوم فان المرأة السافرة تمثل استثناءا.

معظمما يميز الفتاة العراقية في أجواء الدراسة والعمل هو حرصها على أناقتها وحشمتها في آن واحد، مما يدل على وعي في الاستجابة لمتطلبات التغيير العصرية من دون الانجرار بشكل أعمى نحو تقليد المظاهر الغربية بحسب الدكتور سعد الحيدري استاذ علم الاجتماع في جامعة بابل.

لكن النساء العراقيات غير المتعلمات والكبيرات في السن مازلن يحافظن على الطرق التقليدية في التحجب من مثل (الشيلة) و(الشال) و(العصبة) و(الربطة) و(البوشية) و(النقاب)، وينتشر ذلك بصورة خاصة في وسط وجنوب العراق وفي القرى والأرياف.

والمهندسة سمية (30 سنة) تردي زيًا إسلاميًا، استمدت مقوماته من الدراما التركية، حيث قالت إنه الأقرب الى نفسي، كما إنه ملائم لعملي كمهندسة مدنية، حيث يتطلب مني عملي العمل في الفضاءات المفتوحة وتحت الشمس.

حجاب لميس وزليخة

وتقول سمية انه ليس تقليدًا للمسلسل التركي، بل هو استجابة للحاجة، حيث وجدت حجاب الممثلة التركية (لميس) ملائما لشخصيتها.

وتتابع سمية... حجاب (لميس) أثر في داخلي كثيرًا لأنه يمتاز بالأناقة والبساطة. وتضيف.. البعض يفضل حجاب quot;زليخةquot;، وهي تسمية اشتقت من شخصية quot;زليخةquot; في مسلسل ايراني اسمه quot;يوسف الصديقquot;، وهو ينتشر بين ربات البيوت والنساء المتقدمات في العمر في الغالب.

وتؤمن أكثر فتيات العراق بضرورة التحجب، حيث تؤكد سمية ان هذا تحقيق للذات، ومحاولة متقدمة وناجحة لترسيخ الوجود الإسلامي في العراق بطريقة عصرية على حسب تعبير سمية.

لا تتفق عذراء الجبوري، وهي موظفة بنك، مع الرأي القائل إن دافعًا اجتماعيًا وراء الحجاب فحسب، فغالبية الفتيات يرغبن في الحشمة استجابة لتعاليم الدين.

وتضيف .. في الماضي كان البعض يصور الحجاب على انه يقف حائلاً أمام عمل المرأة ويربطه بالأفكار الرجعية، لكن المراة العراقية دحضت ذلك، فمعظم المهندسات والطبيبات والمدرسات هن من المحجبات، بينما تجد الكثير من السافرات لم يرتقين بمستواهن العلمي.

وتتابع .. لست ضد المرأة السافرة فهذه حرية شخصية، لكني سعيدة لان المجتمع لم يعد يربط بين السفور والتطور المجتمعي أو بين السفور وتقدم الشعوب، وهي لازمة ظلت تحكمنا لفترة طويلة.

توجّه نحوالحجاب

تؤكد عذراء انمعظم النساء السافرات تحولن الى الحجاب في العقدين الأخيرين، في دلالة على ان التطور المجتمعي هو لمصلحة التحجب ومظاهر الحشمة.

ليس صحيحًا، بحسب لمياء حسين الطالبة في الجامعة التكنولوجية في بغداد، ان هناك من يجبر الفتيات على ارتداء الحجاب، فالفتاة العراقية تحرص على التحجب، وليس الامر استجابة لأمر أو قوة، بل هو إرادة داخلية لدى الفتاة.

وبينما تنتشر في العراق بشكل بارز دكاكين بيع لوازم الحجاب، فإن أصحابها يبدون حرصًا اليوم على توفير الحجاب وفق الأسلوب التركي، لأنه فرض نفسه، بحسب أبو تحسين صاحب صالون أزياء quot; النورquot; في بغداد.

ويزين أبو تحسين دكانه بصور ممثلات تركيات مشهورات، وهن يرتدين الحجاب في أسلوب جذاب لجلب الزبائن الى محله، وإظهار جمالية الحجاب.