لاجئون سوريون يعبرون الحدود إلى تركيا

ترغب تركيا في طرح نفسها quot;مصدر إلهامquot; للعرب في سعيهم إلى الديمقراطيّة لكنها تخشى في الوقت نفسه سقوط القادة الذين نسجت معهم علاقات، واحداً تلو الأخر من الزعيم الليبي معمر القذافي الى الرئيس السوري بشار الأسد، بعدما طوّرت أيضاً معهم علاقات تجارية مهمة.


أنقرة: عقد رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان أمس الاربعاء اجتماع quot;ازمةquot; مع مبعوث للرئيس السوري بشار الاسد، الذي يزور انقرة حاليا للبحث في الازمة التي تواجهها سورية منذ ثلاثة اشهر وما رافقها من قتل للمئات واعتقال الالاف ومحاصرة العديد من المدن من قبل قوات الامن السورية.

واستغرق اجتماع المبعوث، حسن تركماني، مع اردوغان قرابة ثلاث ساعات، عبر فيه الاخير عن نفاد صبر أنقرة من أساليب القمع التي تتبعها الحكومة السورية ضد المحتجين، وبطء وتيرة الاصلاحات، وتفاقم الاوضاع الانسانية. وعلى الرغم من عدم ظهور بيان حول الاجتماع، الا ان إردوغان سبق ان قال انه سيتحدث مع الاسد quot;بلغة صارمة وقويةquot; بعد الانتخابات التركية التي انتهت الاحد الماضي.

وسعت انقرة منذ اندلاع الاحتجاجات الى تشجيع دمشق على المباشرة بإصلاحات سياسية سريعة وواسعة لتجنب تصاعد الاحتجاجات لكن المساعي التركية فشلت وتوترت العلاقات بين الجارين الى حد كبير مع تصعيد الحكومة السورية من اعمال قمع التظاهرات حيث وصفت تركيا تعامل قوات الامن مع التظاهرات بأنه quot;وحشيquot;.

وقام وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو بزيارة الى مخيم اللاجئين السوريين في لواء الاسكندرون قرب الحدود السورية حيث تجمع النساء والاطفال والرجال حوله وهم يهتفون للحرية وباسم اردوغان. وصرح داود اوغلو للصحافيين quot;ساتحدث مع تركماني الخميس بكل صراحة عما شاهدته وسمعته حيث نواجه أزمة انسانية وتطورات مثيرة للقلقquot;.

من جانبه اعلن تركماني قبل لقاء اردوغان ان النازحين السوريين سيبقون لفترة قصيرة في تركيا وسوف يعودون قريبا الى بيوتهم. وجاءت زيارة تركماني بناء على طلب الاسد خلال اتصال الاسد بإردوغان لتهنئته بفوز حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا والذي يتزعمه اردوغان بفترة حكم ثالثة.

وكان رئيس الوزراء التركي صرح عند بدء الثورة في ليبيا في اواخر شباط/فبراير لوكالة الأنباء الفرنسية quot;لا نسعى لنكون نموذجا لأي كان بل مصدر الهام (...) لان تركيا برهنت ان الاسلام والديمقراطية يمكن أن يتعايشا بشكل مثاليquot;.

واضاف اردوغان انذاك quot;ان يكون المرء مؤمنا لا يحول دون العيش في ديمقراطية والديمقراطية لا تمنع المعتقدات الدينية. وفي هذا البلد، نحن نعيش الاثنين معا منذ سنوات عدة ونحن سعداء بذلكquot;. وكان اردوغان قبل ذلك حذر النظام الليبي من quot;مغبةquot; تجاهل مطالب الشعب بإحلال المزيد من الديمقراطية. وكانت تلك الخطوة الاولى على طريق بطيء حمله في نهاية الامر الى المطالبة برحيل معمر القذافي ولو على مضض.

وتركيا خسرت ولو بشكل موقت مصالح اقتصادية كبيرة نتيجة الثورة في ليبيا. فقبل الازمة كان قرابة 25 الف تركي يعملون و200 شركة غالبيتها متخصصة في مجال البناء منتشرة في ليبيا وكان حجم أعمالها يقارب 15 مليار دولار.

وفي اواخر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، توجه اردوغان الى طرابلس لتلقي جائزة القذافي لحقوق الانسان، وهي زيارة تعرضت لانتقادات من قبل المعارضة. ومنذ سنوات عدة، اقام اردوغان والرئيس التركي عبد الله غول علاقات شخصية احيانا مع عدد من القادة العرب من الخليج الى الاردن ومن ليبيا الى سوريا او السودان ما اطلق بالتالي مبادلات تجارية مع هذه الدول.

وبات للخطوط الجوية التركية محطات توقف عدة ورحلات اضافية الى المنطقة، كما افتتحت فروعًا لشركات تركية وازدهرت سياحة العرب نحو تركيا، خصوصا في اسطنبول. وبات اردوغان بمثابة بطل في قطاع غزة بفضل دعمه للقضية الفلسطينية وحركة المقاومة الاسلامية حماس وإثر هجماته الحادة ضد إسرائيل.

وهذه الدبلوماسية النشطة والتجارية هي اليوم في مواجهة quot;الربيع العربيquot;. وفي مواجهة الازمة السورية الخطرة، بات إردوغان مرغما على مطالبة الرئيس بشار الاسد بإصرار باعتماد quot;إصلاحات عاجلةquot; مكررا في الوقت نفسه امس القول انه لا يزال quot;صديقاquot;.

وكان البلدان ألغيا تأشيرات الدخول بينهما قبل فترة. كما ان تركيا اصبحت مضطرة إلى إقامة علاقات بأسرع وقت مع الوجوه الجديدة التي يمكن ان تحل مكان القادة الحاليين في الشرق الاوسط. وعليه فقد بدأت تركيا التفاوض مع المجلس الوطني الانتقالي الهيئة السياسية للثوار الليبيين، كما ان غول كان اول رئيس دولة يتوجه الى مصر بعد انهيار نظام حسني مبارك في 11 شباط/فبراير.

والتقى خلال تلك الزيارة في 4 اذار/مارس مسؤولي ابرز الاحزاب وشبابا من ميدان التحرير اشاد امامهم بـ quot;النموذجquot; التركي. وكان علي العريض المتحدث الرسمي باسم حزب النهضة الاسلامي في تونس صرح لوكالة الأنباء الفرنسية هذا الاسبوع ان quot;النموذج التركي ناجح لانه يجمع بين التقدم واسس الاسلام واحترام هوية المجتمع الاسلاميquot;.