سودانيون جنوبيون يحتفلون بولادة دولتهم

احتفل السودانيون الجنوبيون رسميا اليوم بولادة دولتهم وسط دموع الفرح، بعد لحظة انتظروا حدوثها كثيرا، فيما أدى سالفا كير اليمين الدستورية كأول رئيس لهذه الدولة الجديدة التي انفصلت بموجب استفتاء عن شمال السودان.


جوبا: اعلن رئيس البرلمان السوداني الجنوبي السبت رسميا استقلال جنوب السودان، لترى بذلك النور أحدث دولة في العالم اثر تقسيم اكبر بلد في افريقيا من حيث المساحة.
وقال جيمس واني ايغا quot;نحن ممثلي الشعب المنتخبين ديمقراطيا وبناء على ارادة شعب جنوب السودان واستنادا الى نتيجة استفتاء تقرير المصير، نعلن جنوب السودان امة مستقلة ذات سيادةquot;.

وقرأ اعلان الاستقلال امام العشرات من رؤساء الدول والشخصيات الدولية البارزة ووسط ابتهاج آلاف الجنوبيين الذين حضروا المراسم.
ومن ثم رفع العلم الوطني لجنوب السودان وسط تصفيق حاد ودموع واناشيد.

السودانيون الجنوبيون انتظروا كثيرا لحظة رفع العلم

وهتفت الحشود quot;لن نستسلم ابدا! ابدا!quot;، وسط انطلاق صفارات ودموع الكثيرين.


وقال احد الرجال وقد بدت الدموع في عينيه quot;انا ابكي لان هذا العلم بات بين اعلام العالمquot;.

واضاف quot;لقد حرمنا من حقوقنا، واليوم لن يحدث ذلك بعد الانquot;.
وجاء اعلان الاستقلال مؤكدا على الطبيعة الديمقراطية والتعددية العرقية والدينية للدولة الجديدة، فضلا عن التزامها بعلاقات ودية مع كافة البلدان، quot;بما فيها جمهورية السودانquot;، بحسب اعلان رئيس البرلمان.

وأصبحت جنوب السودان دولة quot;ملف صورquot;

وقال ايغا ان جنوب السودان سيسعى quot;كأولوية استراتيجيةquot; للانضمام الى الامم المتحدة، والاتحاد الافريقي، ومجموعة (ايغاد) لبلدان شرق افريقيا وغيرها من المنظمات والمحافل الدولية.
وبعد ذلك وقع الزعيم الجنوبي سالفا كير الدستور الانتقالي وادى يمين تولي الرئاسة كأول رئيس للدولة الجديدة، متعهدا quot;دعم التنمية ورفاهية شعب جنوب السودانquot;.

مشاركة دولية واعترافات متتالية

دولة جنوب السودان
الموقع الجغرافي: يحد جمهورية جنوب السودان من الشرق اثيوبيا ومن الجنوب كينيا واوغندا والى الغرب جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية افريقيا الوسطى والى الشمال السودان.
المساحة: 589 الفا و745 كيلومتر مربع (باستثناء مناطق جبال النوبة وابيي والنيل الازرق المتنازع عليها) ما يمثل 24 بالمائة من المساحة الاجمالية للسودان قبل استقلال الجنوب.
تعداد السكان: بحسب تعداد نيسان/ابريل 2008، اكثر من 8,5 ملايين نسمة اي 20 بالمائة من اجمالي عدد سكان السودان قبل استقلال الجنوب، غير ان الجنوب رفض نتيجة هذا التعداد حيث قال ان الهيئة المركزية للاحصاء بالخرطوم رفضت مشاركة البيانات الاصلية للتعداد الوطني السوداني (نيسان/ابريل 2008) مع هيئة جنوب السودان للتعداد والاحصاء، فيما قال الرئيس الجنوبي سالفا كير ان عدد سكان الجنوب الحقيقي هو ثلث تعداد سكان السودان).
الدين: غالبية مسيحية الى جانب ارواحيين واقلية مسلمة.
اللغات: الانكليزية هي اللغة الرسمية، كما يتم الحديث على نطاق واسع بلغة محورة عن العربية تدعى quot;عربي جوباquot;، فضلا عن لغات عدة تقليدية لاكثر من 200 مجموعة عرقية.
التاريخ: خضع السودان للحكم البريطاني المصري المشترك ما بين عامي 1899 وحتى استقلال جمهورية السودان عام 1956. شهد السودان ما بين عامي 1955 و1972 حربا اهلية بين الحكومات المتعاقبة في الخرطوم والمتمردين الجنوبيين، وانتهى ذلك الصراع بالتوقيع على معاهدة عام 1972 منح الجنوب بمقتضاها حكما ذاتيا جزئيا. وفي عام 1983 خرقت الخرطوم المعاهدة ما اشعل حربا اهلية ثانية بين الشمال والجنوب خلفت مليوني قتيل واربعة ملايين مشرد. شكل جون قرنق الجيش الشعبي لتحرير السودان الذي خاض القتال بمواجهة القوات الشمالية.
في التاسع من كانون الثاني/يناير 2005 انتهت اطول حرب تشهدها القارة الافريقية بتوقيع قرنق اتفاق سلام مع الخرطوم اعفي بمقتضاه الجنوب من الشريعة الاسلامية التي فرضت على سكانه واتيحت له فترة ست سنوات من الحكم الذاتي تمهيدا لاستفتاء يصوت فيه الجنوبيون على حق تقرير المصير بين البقاء ضمن سودان موحد او الانفصال عن الخرطوم.
في كانون الثاني/يناير 2011 صوت جنوب السودان للانفصال عن الشمال باغلبية 98,83 بالمائة لصالح الاستقلال.
المؤسسات السياسية: دخل المتمردون الجنوبيون السابقون من الجيش الشعبي لتحرير السودان في شراكة مع خصوم الامس في الخرطوم لتشكيل حكومة وحدة وطنية عام 2005 لادارة البلاد وفق دستور جديد، ومددت الانتخابات التي جرت في نيسان/ابريل 2010 التفويض الممنوح لسلفا كير الذي خلف قرنق في رئاسة الجنوب بعد مقتل قرنق في حادث مروحية في تموز/يوليو 2005. كما تم انشاء برلمان منفصل للجنوب يرأسه كير.
الاقتصاد: بعد عقود من حرب ضروس مع الشمال مازال جنوب السودان يعاني من تخلف اقتصادي هائل رغم الاحتياطي السوداني الراهن للنفط البالغ 6,7 مليار برميل. ومن اجمالي 470 الف برميل يوميا تم ضخها قبل الاستقلال جاءت ثلاثة ارباع الكمية من الجنوب والمناطق الحدودية، ويتم تصدير النفط، الذي يشكل زهاء 98 بالمائة من مدخولات جنوب السودان، عبر خط انابيب يمر في الشمال وصولا الى البحر الاحمر.
كما يتمتع الجنوب بثروات معدنية من بينها اليورانيوم فضلا عن الطاقات الزراعية الهائلة التي يمكن اطلاقها في بلد مازال غير قادر على استغلالها بسبب الحرب.
القوات المسلحة: لدى الجيش الشعبي لتحرير السودان زهاء 140 الف مقاتل، بحسب تقرير المشروع البحثي للاسلحة الصغيرة الذي يتخذ من جنيف مقرا له.
كما ينتشر قرابة عشرة الاف من جنود حفظ السلام في اطار بعثة الامم المتحدة في السودان شمالا وجنوبا والمقرر ان ينتهي تفويضها في التاسع من تموز/يوليو.

وشارك عشرات القادة والمسؤولين الاجانب بينهم 30 رئيسا افريقيا والامين العام للامم المتحدة بان كي مون في احتفال اعلان الاستقلال.
واعلن الرئيس الكيني مواي كيباكي، اول المتحدثين في الحفل، اعتراف بلاده quot;الكاملquot; بجنوب السودان.

وقال كيباكي متحدثا عن (ايغاد) ان اعلان استقلال جنوب السودان quot; خطوة.. مهمة في طريق السلام الدائم والاستقرار لكافة السودانيينquot;.
كما اعترفت مصر ايضا رسميا بتأسيس جمهورية جنوب السودان مع توجه وزير الخارجية المصري محمد العرابي الى جوبا لحضور مراسم الاستقلال بحسب وكالة انباء الشرق الاوسط الرسمية المصرية.

وفي واشنطن اعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما اعتراف الولايات المتحدة رسميا بجمهورية جنوب السودان الجديدة.
وقال الرئيس الاميركي في بيان quot;اعلن بفخر ان الولايات المتحدة تعترف رسميا بجمهورية جنوب السودان دولة تتمتع بالسيادة ومستقلة ابتداء من هذا اليوم، 9 تموز/يوليو 2011quot;.

كما اعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اعتراف فرنسا بجمهورية جنوب السودان
وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان ان quot;فرنسا تعترف وترحب بجنوب السودان في عداد مجموعة الدولquot;، مؤكدة ان ساركوزي quot;رحب بحصول جنوب السودان على استقلالهquot; وquot;عرض على الرئيس سالفا كير اقامة علاقات دبلوماسية وتبادل للسفراءquot;.

واعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون اعتراف المملكة المتحدة رسميا بجمهورية جنوب السودان.
وقال كاميرون ان quot;المملكة المتحدة فخورة (...) بان تكون بين اول من يعترف باستقلال جنوب السودان. نرحب بجنوب السودان في المجتمع الدولي ونتطلع قدما لبناء علاقات اكثر قوة بين المملكة المتحدة وجنوب السودان في الاشهر والسنوات المقبلةquot;.

اما الخرطوم فقد اعترفت منذ الجمعة بجمهورية جنوب السودان على الرغم من بقاء بعض المسائل الاساسية التي تتطلب حلا بين الدولتين مثل وضع الولايات الحدودية المتنازع عليها.
وكان الرئيس السوداني عمر البشير الذي اصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحقه خصوصا بتهمة الابادة، اكد الخميس انه ذاهب الى جوبا لتهنئة الجنوبيين بدولتهم وتجديد الاستعداد لمساعدتها معربا عن امله في ان يكون البلد الجديد quot;مستقرا وامناquot;. وقال مسؤولون جنوبيون انه سيحل ضيف الشرف.

وجاء في قرار الاعتراف السوداني الجمعة ان الخرطوم تعترف بجمهورية جنوب السودان quot;دولة ذات سيادة وفقا للحدود القائمة في الاول من كانون الثاني/يناير 1956quot; تاريخ الاستقلال، كما اعلنت التزامها quot;بتنفيذ اتفاق السلام الشامل (2005) وحل جميع القضايا العالقة مع الجنوبquot;.
كذلك اعترف الرئيس الالماني كريستيان فولف رسميا الجمعة بجنوب السودان في رسالة الى كير اكد فيها quot;ان المانيا تود الترحيب بجنوب السودان كدولة جديدة عضو في مجموعة الدول الحرة والمستقلة في العالمquot;.

واعترف الاتحاد الاوروبي ودوله الاعضاء السبت بجمهورية جنوب السودان معربا عن دعمه للدولة الجديدة، ورحب بقرار السودان الاعتراف بها ايضا.
وجاء في بيان صدر في بروكسل باسم الاتحاد الاوروبي ودوله الاعضاء ان quot;الاتحاد الاوروبي يرحب بقرار حكومة السودان الاعتراف فورا بجمهورية جنوب السودان الجديدةquot;.

وذكر الاتحاد الاوروبي بدعمه الثابت لتطبيق اتفاق السلام الشامل المبرم في التاسع من كانون الثاني/يناير 2005 بين الحكومة السودانية وحركة التمرد الجنوبية سابقا والذي وضع حدا لنزاع استمر اكثر من 20 عاما واسفر عن مقتل اكثر من مليوني شخص.
واضاف اعلان الاتحاد الاوروبي ان الاتحاد quot;يدرس اتفاق شراكة مع جمهورية جنوب السودان (...) ويشجع مسؤوليها على احترام التعددية والتنوع بهدف اقامة مجتمع ديمقراطي ومنصف قائم على القانون واحترام حقوق الانسانquot;.

من جهته، رحب رئيس الاتحاد الاوروبي هيرمان فان رومبوي شخصيا quot;بولادة دولة جديدة في افريقياquot; وتمنى لسكانها quot;مستقبلا من الازدهار والسلامquot; في رسالة تم بثها عبر موقع تويتر.
كما اعترفت ليبيا رسميا السبت بجمهورية جنوب السودان الجديدة بعيد اعلان استقلالها، كما ذكرت وكالة الانباء الليبية الرسمية (جانا).

وقالت الوكالة ان quot;الجماهيرية العظمى تعترف رسميا بجنوب السودان دولة مستقلة ذات سيادةquot;.

واعترف وزير الخارجية الكندي جون بيرد باستقلال جنوب السودان مرحبا بquot;انضمامه الى المجتمع الدوليquot;، وذلك في بيان السبت بعيد اعلان استقلال احدث بلد في العالم.
وقال الوزير الكندي quot;بعد عقود من النزاع والتخلف، يشكل هذا الحدث التاريخي مناسبة مهمة لمواطني جنوب السودان لاعداد مستقبل افضل لبلادهمquot;.

واوضح بيرد انه سيوجه رسالة الى نظيره في جنوب السودان ما إن يتم تعيينه quot;بهدف اقامة علاقات دبلوماسيةquot;.

واعربت كندا في البيان عن املها بان يتمسك السودان وجنوب السودان بالارادة في quot;ان يصبحا دولتين قابلتين للحياة، تعيشان بسلام الواحدة مع الاخرىquot;، مؤكدة انها ستواصل quot;التركيز على استقرارquot; البلدين.
ومنذ العام 2006، خصصت الحكومة الكندية اكثر من 885 مليون دولار من المساعدات الانسانية وبهدف تحقيق التنمية وحفظ السلام في المنطقة، بحسب البيان.

ووجه الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف برقية تهنئة الى نظيره السوداني الجنوبي سلفا كير وفق ما اعلن الكرملين في بيان.
واورد البيان ان quot;ديمتري مدفيديف وجه برقية تهنئة الى رئيس جمهورية جنوب السودان سلفا كير اثر اعلان استقلال دولةquot; جنوب السودان.

البشير: النجاح في الجنوب نجاح لنا

واكد الرئيس السوداني عمر البشير في حفل اعلان استقلال جنوب السودان في جوبا السبت ان نجاح الدولة الوليدة هو نجاح لبلاده، مجددا مطالبته الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة برفع العقوبات عن الخرطوم.
وقال البشير في كلمته في الحفل quot;نتطلع ان تنجح دولة الجنوب في قيام مجتمع تسوده روح الديمقراطية والشفافية والمساواة ولان نجاح دولة الجنوب نجاح لنا، ونؤكد استعدادنا لان نقدم دعما تاما لمؤسسات الجنوب بما تطلبهquot;.

واضاف البشير quot;نتطلع لاستدامة السلام بين الشمال والجنوب وهذا يتم عبر علاقة جوار ايجابية ومراعاة المصالح المشتركة والتأكيد على مسؤوليتنا المشتركة في تعزيز الثقة لاكمال الاتفاق حول المسائل العالقةquot;.

وهنأ البشير نظيره الجنوبي سالفا كير وشعب الجنوب بدولتهم الجديدة.
وما زال هناك عدد من القضايا العالقة بين الشمال والجنوب على الرغم من انتهاء أجل تنفيذ اتفاق السلام الشامل 2005، وعلى رأسها النزاع حول منطقة ابيي والخلاف حول القضايا الاقتصادية في قسمة عائدات النفط ومياه النيل والديون الخارجية السودانية اضافة لخلافات حول الحدود.
وجدد البشير مناشدته الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة رفع العقوبات عن بلاده.

وقال quot;من حق الشعب السوداني ان يدعو المجتمع الدولي والاتحاد الاوروبي للوفاء بالتزاماته التي قطعها عندما وقعنا اتفاق السلام الشاملquot;.
واضاف quot;ندعو الرئيس (الاميركي) باراك اوباما ليفي بالتزامه برفع العقوبات الاحادية عن السودانquot;.

وعمت عاصمة الدولة الجديدة جوبا مظاهر الفرح والابتهاج منذ مساء الجمعة حيث سار جنود ومدنيون بينهم مجموعات من النساء في وسط المدينة تحت وهج شمس حارقة وقد ارتدى بعضهم ملابس تقليدية فيما عبر البعض الاخر عن فرحته بالرقص على وقع الطبول.

واضاءت العاب نارية سماء المكان فيما جاب السائقون شوارع جوبا رافعين اعلام جنوب السودان ومطلقين العنان لابواق سياراتهم، على ما افاد صحافي من وكالة فرانس برس.
ويأتي اعلان الاستقلال بعد اكثر من خمسين عاما من الحرب - تخللتها فترة هدوء لبضعة اعوام - بين المتمردين الجنوبيين وحكومات الخرطوم المتعاقبة والتي جعلت الجنوب في حالة دمار وقتلت وشردت الملايين وادت الى فقدان الثقة بين الجانبين.

وقد مهد اتفاق السلام الموقع في 2005 تحت ضغط الولايات المتحدة وبريطانيا خصوصا، الطريق لاجراء الاستفتاء على استقلال جنوب السودان الذي نظم في كانون الثاني/يناير الماضي. وقد اختار 99% من الجنوبيين الانفصال عن الشمال في ذلك التصويت الذي جرى بدون تسجيل حوادث كبيرة.
وتبنى مجلس الامن الدولي الجمعة بالاجماع قرارا يقضي بإرسال قوة حفظ سلام الى جنوب السودان تضم سبعة الاف جندي و900 مدني وخبير للاسهام في اعمار البلاد وارساء الامن. وستحل القوات الجديدة مكان قوات الامم المتحدة في كامل السودان، لكن معظم هذه القوات تتواجد في الجنوب.

واعرب مجلس الامن الدولي ايضا عن quot;قلقه الشديد ازاء الوضع الراهن في منطقة ابيي وازاء كل اعمال العنف التي ترتكب بحق المدنيين في انتهاك للقانون الانساني الدولي والقانون المتعلق بحقوق الانسان، بما في ذلك عمليات القتل وتهجير عدد كبير من المدنيينquot;.
ويعتبر الوضع النهائي لابيي احد المواضيع الخلافية التي تتطلب حلا بين الجانبين.

السودان يخسر ربع مساحتها
واعتبارا من السبت خسر السودان 25% من مساحته اثر انفصال الجنوب عنه وقيام quot;جمهورية جنوب السودانquot; المستقلة، وبذلك لم يعد هذا البلد اكبر اقطار القارة الافريقية كما تراجع الى المرتبة الثالثة من حيث المساحة بين البلاد العربية.
وبحسب مدير مصلحة المساحة السودانية عبد الله الصادق فانه quot;بانفصال الجنوب فقد السودان 25% من مساحته حيث كانت مساحته سابقا 2,5 مليون كلم مربع وبعد الانفصال اصبحت 1,881 مليون كلم مربع. كما ان ثلاث دول كانت لدينا معها حدود لن يكون لنا معها حدود بعد التاسع من يوليو (تموز) وهي اوغندا وكينيا والكونغو الديمقراطيةquot;.

وكانت وزارة الاعلام السودانية كشفت عن الخريطة الرسمية لدولة السودان بعد التاسع من تموز/يوليو وحددت حدوده بانها تمتد من خط العرض 8,45 ش، وحتى خط العرض 23,8 ش، وبين خطي الطول 21,49 ق الى خط الطول 38,34 ق.
واصبحت حدود السودان مع ست دول بدلا من تسع قبل انفصال الجنوب. والدول الحدودية معه الان هي اريتريا، واثيوبيا وافريقيا الوسطى وتشاد وليبيا ومصر.

كما ان حدود السودان مع اثيوبيا تقلصت من 1605 كلم الى 727 كلم اما حدوده مع افريقيا الوسطى فتراجعت من 1080 كلم الى 448 كلم.

وبحسب الكتاب الصادر من وزارة الاعلام فان السودان صار ترتيبه السادس عشر من حيث المساحة بين دول العالم والثاني في افريقيا خلف الجزائر والثالث عربيا خلف المملكة العربية السعودية والجزائر.
وباتت اطول حدود للسودان مع دولة الجنوب وتبلغ 1973 كلم وتليها حدود السودان مع مصر 1273 كلم، ومع تشاد 1340 كلم ومع اثيوبيا 727 كلم، واريتريا 636 كلم، ومع افريقيا الوسطى 448 كلم و383 كلم مع ليبيا.
كما ان للسودان ساحلا على البحر الاحمر طوله 875 كلم.

من هو سالفا كير

سالفا كير الذي يعتبر من كبار شخصيات قبيلة الدنكا نقوق الجنوبية والذي يتميز بقبعته السوداء التي تشبه قبعة رعاة البقر وبلحيته السوداء الداكنة، اصبح السبت اول رئيس لدولة جنوب السودان المستقلة.
وكير الزعيم الجنوبي البالغ الستين من العمر والقائد المتمرد السابق صاحب القامة الطويلة، يحظى بالاحترام ويعد مسيحيا ملتزما شأنه في ذلك شأن الكثير من شعب جنوب السودان. وقد سنينا في حرب العصابات بين الادغال خلال الحرب الاهلية الطاحنة ما بين عامي 1983 و2005 بين الشمال والجنوب، وتحدث مرارا عن السلام حتى خلال النزاعات الدامية التي سبقت اعلان استقلال الدولة الوليدة اليوم السبت.

وخلال عظات الاحاد بالكاتدرائية الكاثوليكية في العاصمة جوبا التي دمرتها الحرب وكذلك في البيانات الصادرة عن مكتبه يوجه كير دوما رسالة سلام ومصالحة، وقد جعل خصمه ابان الحرب الرئيس عمر البشير ضيف شرف خلال احتفالات استقلال الجنوب.
واصر كير في ايار/مايو بالقول quot;لن نرجع ادراجنا الى الحرب، هذا لن يحدثquot; بينما اجتاحت القوات الشمالية منطقة ابيي الحدودية المتنازع عليها والتي تصر القيادة الجنوبية على كونها ضمن الامة الجنوبية الجديدة.

وقال كير quot;نحن ملتزمون بالسلام. قاتلنا ما يكفي، وقد صنعنا السلامquot;.
ولم يخف سالفا، كما يحب الجنوبيون ان يلقبوه، يوما رغبته في قيادة البلد الشاسع المفتقر للتنمية والذي يضم اكثر من 8,5 ملايين نسمة على درب الاستقلال، بينما كان سابقه الزعيم المخضرم جون قرنق حتى عهد قريب قبل مصرعه في 2005 يطالب بسودان واحد فدرالي ديمقراطي.

وينحدر كير من منطقة quot;بحر الغزالquot; قرب ابيي وينتمي الى قبيلة الدينكا اكبر قبائل جنوب السودان، وهو يلقي كلمة خلال القداس كل احد في كاتدرائية جوبا.
ويمتهن الدينكا تقليديا تربية الابقار ومن ثم يندر ان تشاهده دون قبعة رعاة البقر، وحينما زار السناتور الاميركي البارز جون كيري جوبا خلال استفتاء تقرير المصير في كانون الثاني/يناير والذي صوت خلاله الجنوبيون باغلبية ساحقة لصالح الاستقلال، اهدى الرئيس كير قبعة جديدة.

وسالفا كير فاز رغم افتقاده للكاريسما باغلبية ساحقة من 92,99% من اصوات ناخبي جنوب السودان في انتخابات الرئاسة التي جرت قبل الاستقلال.
اسس كير في 1983 مع جون قرنق جيش/الحركة الشعبية لتحرير السودان التي قادت التمرد في وجه النظام الاسلامي في الخرطوم وسياساته في الجنوب.

وبعد بضعة اشهر بالكاد على نهاية الحرب، قضى جون قرنق نحبه في 31 تموز/يوليو 2005 في حادث سقوط مروحيته لدى عودته من اوغندا. وهكذا بات سالفا كير زعيم الجناحين السياسي والعسكري للحركة الشعبية ورئيس حكومة الجنوب ونائب الرئيس السوداني.
ولكن هذا العسكري المحترف الذي يفضل التحدث بلغة quot;عربي جوباquot; والتي يتحدثها اهل جنوب السودان، على التحدث بالانكليزية، يقع ضحية المقارنة بينه وبين الراحل د. جون قرنق، الزعيم المثقف صاحب الكاريسما الذي انطبعت صورته في ذاكرة السودانيين جنوبيين وشماليين.

وقد عمل كير لست سنوات الى جانب خصم الحرب الاهلية البشير في حكومة وحدة وطنية قبل الاستقلال.
وفي الفترة التي سبقت استفتاء كانون الثاني/يناير تصالح كير مع اغلب الخصوم المتمردين في الداخل.
ولكن زعيم احدث دولة في العالم يواجه تحديات ضخمة اذ يرأس بلدا منقسما عرقيا ويفتقر الى البنية التحتية وعليه استيعاب مئات الالاف من العائدين واعادة دمجهم في المجتمع بعد حركات تنقل سكانية ضخمة اسفرت عنها السنين الطويلة للحرب الاهلية.

كذلك، قررت الحكومة الاردنية السبت الاعتراف باستقلال دولة جنوب السودان واقامة علاقات دبلوماسية معها. واعلن مجلس الوزراء في بيان رسمي quot;اعتراف المملكة باستقلال جمهورية جنوب السودان واقامة علاقات دبلوماسية معهاquot;. واضاف البيان ان القرار يأتي quot;تاكيدًا لاحترام الاردن الكامل لمخرجات الاستفتاء الذي تم حول مصير جنوب السودانquot;.

واعرب عن تطلع المملكة quot;لقيام علاقات مستقرة وودية بين جمهورية السودان وجمهورية جنوب السودان ترتكز على مبادئ حسن الجوار والتعاون واستكمال حل المسائل العالقة بينهما استنادا الى مبدأ التوافق والالتزام بالوسائل التفاوضية السلمية لحل الخلافات والقبول بمخرجاتهاquot;.

وكان رئيس برلمان جنوب السودان اعلن في وقت سابق السبت استقلال الدولة الوليدة، بحيث اصبحت الاحدث في العالم بعد انبثاقها من السودان الذي كان اكبر بلد في افريقيا من حيث المساحة قبل استقلال الجنوب عنه.

وسارع المجتمع الدولي بما فيه الولايات المتحدة وروسيا والصين والاتحاد الاوروبي ودول كبرى اخرى، الى الاعتراف بدولة جنوب السودان.