أعلام جنوب السودان في جوبا

يستعد جنوب السودان ليصبح دولة مستقلة غداًالسبت بعد نزاع استمر خمسة عقود مع الشمال. لكن عدداً من المسائل الأساسية لم يجد حلاً بعد، كترسيم الحدود واقتسام العائدات النفطية ووضع مواطني الجنوب الذين سيقيمون في الشمال.


جوبا: يعلن جنوب السودان استقلاله غداً السبت، كما نص على ذلك اتفاق السلام الموقع في 2005 والذي أنهى المواجهات بين قوات الشمال والحركة الشعبية لتحرير السودان. وبدأت الوفود الأجنبية التوافد على مدينة جوبا عاصمة جنوب السودان قبل إعلان الاستقلال عن الشمال.

وأعلن الرئيس السوداني عمر حسن البشير أنه ينوي المشاركة في تلك المراسم التي ستبدأ السبت، وقال في كلمة ألقاها الخميس في تجمع جماهيري: quot;بعد يومين حنمشي جوبا وباسمكم جميعا سنبارك لإخوتنا في الجنوب ونجدد استعدادنا للوقوف بجانبهم لأننا نريدها دولة آمنة ومستقرة وإن لم تكن آمنة ومستقرة فإن أهل الجنوب سيأتون للشمالquot;.

إلى ذلك، شددت الولايات المتحدة الخميس على quot;أهميةquot; بقاء وجود للامم المتحدة في ولاية جنوب كردفان السودانية بعد استقلال جنوب السودان السبت. وقالت سوزان رايس السفيرة الاميركية في الامم المتحدة ان توزيع المساعدة الانسانية وتطبيق وقف لإطلاق النار وحماية المدنيين هي أمور بالغة الاهمية.

واضافت رايس التي سترأس الوفد الاميركي السبت الى احتفالات استقلال الجنوب في جوبا، ان ادارة اوباما quot;تشعر بقلق بالغquot; جراء قرار حكومة الشمال المطالب بانسحاب بعثة الامم المتحدة من quot;جنوب كردفان وولاية النيل الازرق واماكن اخرى في الشمالquot;.

واوضحت رايس ان الولايات المتحدة تلقي بكامل ثقلها الدبلوماسي quot;في محاولة لإقناع المسؤولين في الخرطوم بان ليس من مصلحتهم إرغام الامم المتحدة على الانسحاب قبل الاوانquot;. ويتعين ان يوافق مجلس الامن الدولي الجمعة على قرار يقضي بان يستمر في الجنوب تفويض مهمة الامم المتحدة في السودان.

ويسعى السودان خصوصا الى سحب اسمه عن اللائحة السوداء الاميركية quot;للدول الداعمة للارهابquot;. واوضح رايس الخميس ان هذا الاجراء لا يمكن ان يطرح الا بعد حل المشاكل العالقة بين الشمال والجنوب: ترسيم الحدود وتقاسم عائدات النفط ووضع المواطنين الجنوبيين في الشمال بعد الاستقلال.

واشارت الى ان جنوب السودان سيتخلص في الوقت الراهن من عدة عقوبات اميركية تطالب السودان والتي يعود بعضها الى العام 1993. وينتشر الاف من قوات الامم المتحدة ايضا في الشمال وخصوصا في جنوب كردفان المتاخمة لحدود السودان ودولة جنوب السودان المقبلة، حيث تتواصل معارك.

أطفال يستعدون لاحتفالات استقلال جنوب السودان في جوبا

من ناحيته، دعا المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني قادة السودان وجنوب السودان الى quot;العمل معا لمنع حصول اعمال عنفquot; بعد استقلال جنوب السودان، والى quot;العمل لتحاشي حصول حوادث معزولة من شأنهاأن تؤدي الى فوضى كبيرة وتهدد مستقبل السكان في هاتين الدولتينquot;.

واوضح ان الولايات المتحدة quot;تعلق امالا كبيرةquot; على استقلال جنوب السودان. واضاف في لقائه اليومي مع الصحافيين quot;نعتقد ان العملية الانتقالية نحو استقلال جنوب السودان تشكل مرحلة حاسمة لمستقبل اكثر أمنا وازدهارا سواء بالنسبة إلى السودان ام لجنوب السودانquot;.

من جانبه، أعلن ممثل للاتحاد الافريقي الخميس ان المحادثات حول المسائل التي لا تزال عالقة بين شمال السودان وجنوبه ستستأنف بعد اعلان استقلال الجنوب. وقال مندوب الاتحاد الافريقي الذي طلب عدم الكشف عن هويته، ان المفاوضات في اطار الاتحاد الافريقي التي بدأت في اديس ابابا، ستستأنف في 13 تموز/يوليو.

وقد بدأت الخرطوم ومندوبو الحركة الشعبية لتحرير السودان محادثات في العاصمة الاثيوبية لمعالجة المواضيع الخلافية قبل اعلان استقلال جنوب السودان في التاسع من تموز/يوليو. وتتعلق ابرز نقاط الخلاف بمنطقتي ابيي وجنوب كردفان المتنازع عليهما وحيث اندلعت اعمال عنف في الفترة الاخيرة.

وصادق برلمان جنوب السودان أمس على الدستور الانتقالي لهذه الدولة المستقلة الجديدة، كما اعلن وزير الاعلام مؤكدا ان الدستور لا يركز السلطة في ايدي الرئيس. وقال برنابا ماريال بنجامين لوكالة الأنباء الفرنسية quot;ان الدستور الجديد بات موجوداquot;.

واكد انه جرت استشارة سكان جنوب السودان بشأن هذا الدستور الموقت وقال quot;انه خيار شعب جنوب السودان. لقد ناقشوه (النواب) ديمقراطيا في البرلمان واقروهquot;. وكان ممثلو المجتمع المدني قد انتقدوا مشروع الدستور الانتقالي مؤكدين انهم لم يشاركوا في العملية التشاورية التي جرت بشأنه.

وحذرت منظمات غير حكومية من بعض مواد هذا الدستور التي قد تؤدي برأيها الى هيمنة الحركة الشعبية لتحرير السودان (متمردون جنوبيون سابقون) على حكم هذه الدولة الوليدة. وكان مركز أبحاث كارتر، وهو مركز رصد أنشأه الرئيس الاميركي الاسبق جيمي كارتر، اعتبر الاسبوع الماضي في بيان ان quot;المشروع الحالي للدستور الانتقالي يتضمن عددا من المواد التي تركز السلطة في أيدي الحكومةquot;.

واضاف البيان quot;ان المحادثات التي أجراها المركز مع مسؤولين في الحكومة واعضاء في احزاب سياسية وممثلون عن المجتمع المدني عبر جنوب السودان تؤكد انهم يولون أهمية قصوى لنظام حكم لا مركزيquot;.
وسيوقع رئيس جنوب السودان سالفا كير على الدستور السبت اثناء الاحتفال الرسمي بالاستقلال.

وبشأن مشكلة منطقة ابيي المتنازع عليها والواقعة على الحدود بين شمال وجنوب السودان اكد بنجامين ان السلطات الجنوبية لا تنوي اعلان ضمها من جانب واحد. وقال ان quot;ابيي لن تضم الى جنوب السودان الا اذا صوت سكان هذه المنطقة في استفتاء على إلحاقهم بالجنوبquot; دون تقديم المزيد من التفاصيل عن مضمون النص الدستوري. وكان الرئيس السوداني عمر البشير اكد ان الخرطوم لن تعترف بدولة جنوب السودان الجديدة اذا اشارت الى ابيي في دستورها.

وفي نهاية حزيران/يونيو الماضي، اعتمد مجلس الامن الدولي قرارا بشأن ارسال 4200 من جنود حفظ السلام الاثيوبيين الى ابيي في اطار عملية سلام للاشراف على انسحاب قوات الخرطوم والتحقق من مغادرتها هذه المنطقة التي دخلتها في 21 ايار/مايو الماضي.