المالكي يستعرض حرس الشرف لدى وصوله الى بكين

أكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي للصين ضرورة توقيع اتفاقية ثنائية لضمان وحماية الإستثمارات المتبادلة في خطوة أولى لتحقيق الشراكة الإستراتيجية بين البلدين ودعاها الى توسيع خطواتها تجاه العراق والإستفادة من توقعات النمو المرتفعة لاقتصاده والمساهمة في إعادة إعماره وإقامة علاقات تعاون قوية معه في القطاعات الحيوية مثل الطاقة والإسكان والصناعة والزراعة والبنى التحتية.


وبحث رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مع نظيره الصيني ون جياباو في بكين اليوم توسيع العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين وضرورة العمل على مساهمة الصين في إعادة إعمار العراق مؤكدا له رغبة العراق في تحقيق استراتيجية تعاون مشترك بعيد المدى بين البلدين.

وأكد المالكي خلال الإجتماع حرص الحكومة العراقية على تطوير العلاقات مع الصين في المجالات الإقتصادية والتجارية والصناعية والزراعية والنقل وغيرها من المجالات الأخرى. وقال quot;إن زيارتنا هذه إلى جمهورية الصين الشعبية تشكل محطة إستراتيجية في العلاقة بين البلدين، لأننا لم نبدأ بهذه العلاقة من الصفر، إنما هي قوية وممتدة تأريخيا، ونرى في تجربة الصين إعتبارات كبيرة نريد الإستفادة منها لأنها جعلت الصين قوة عظمى وفاعلة في العالم، وان قيادتكم تمكنت من توحيد بلدكمquot;.

وثمّن جهود الصين الداعمة للعراق في إعادة بنائه وإعماره، والمبادرة في إلغاء الديون، والمواقف المساندة له في المحافل الدولية لتخليصه من طائلة الفصل السابع. وأكد أن العراق يشهد تطورات كبيرة على المستويات السياسية والإقتصادية وغيرها، وبوجود القدرات المالية التي يمتلكها خصوصا في مجالي النفط والغاز، نرى أن وجود الشركات الصينية في العراق أصبح أمرا ضروريا، علما أن الشركات الصينية متواجدة في بلدنا وهي من أكثر شركات الدول تواجداً في جوانب النفط والكهرباء، لكننا نتطلع إلى دور أكبر لها في الجوانب الأخرى.

وأوضح المالكي أن جميع الأبواب مفتوحة أمام الصين للمشاركة في عملية البناء والإعمار والإستثمار، في قطاعات النفط، والكهرباء، والنقل، والصناعة، والتجارة، والزراعة وتطوير الخبرات، متمنيا أن تنتهي هذه الزيارة بتوقيع إتفاقيات ومذكرات تفاهم في هذه المجالات، ولاسيما أن الوفد يضم نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة ووزراء التخطيط والكهرباء والنقل والصناعة والتجارة والزراعة ورئيس الهيئة الوطنية للإستثمار.

وأكد أن البيئة القانونية والضمانات الكاملة في العراق أصبحت متوفرة لعمل الشركات والمستثمرين ورجال الأعمال، وهو ما يسهّل عمل الشركات الصينية في مختلف القطاعات. ودعا السيد رئيس الوزراء الى تفعيل عمل اللجنة المشتركة بين العراق والصين.

مباحثات الجانبين العراقي والصيني

ودعا المالكي الى فتح قنصليات وممثليات دبلوماسية بين البلدين لتسهيل عمل الشركات ورجال الأعمال، مشيرا إلى أن الحكومة العراقية مستعدة للموافقة على أي مكان تجده السفارة الصينية مناسبا في أن يكون مقرا لها في بغداد.

من جانبه اكد رئيس الوزراء الصيني ان الصين حكومة وشعبا تدعم العراق وتطوير إقتصاده وتسانده في عملية البناء والإعمار، والتعاون في مجال النفط، ورفع مستوى التبادل التجاري بما يحقق المنفعة للبلدين، إضافة إلى تطوير الخبرات العراقية، مؤكدا استمرار الصين في جانب إلغاء الديون عن العراق. وفي ختام اللقاء وقع الجانبان مذكرة تفاهم في المجالين الإقتصادي والفني، وأخرى في مجال تدريب الكوادر العراقية، وسيتم في وقت لاحق من الزيارة توقيع مذكرة تفاهم في مجال الكهرباء.

كما شدد المالكي في كلمة له في مؤتمر التعاون الإقتصادي العراقي الصيني في بكين اليوم على ان الإقتصاد العراقي سيكون من بين الإقتصادات الأكثر نموا في العالم خلال السنتين المقبلتين... وقال ان بلاده قد هيّأت التشريعات التي توفر الحماية القانونية للإستثمارات الأجنبية في العراق من خلال الضمانات التي كلفها إنضمام العراق إلى إتفاقية المؤسسة الدولية لضمان الإستثمار عام 2007 ومن خلال الإتفاقيات الثنائية لضمان وحماية الإستثمارات.

واشار المالكي الى ان الصين تعني الكثير بالنسبة للعراق quot;من حيث مكانتها في العالم ومستقبلها في النظام الدولي الجديد فهي في الماضي حضارة عريقة وهي اليوم ذلك البلد الكبير الذي يساهم بشكل مؤثر في نمو الإقتصاد العالمي، الأمر الذي يدفعنا بقوة إلى تمتين المصالح المشتركة معه من أجل بناء علاقات إستراتيجية ذات اعتماد متبادل في مختلف الجوانب الإقتصادية، ويسرنا أن نعبر عن إعجابنا الكبير بما حققته التجربة الإقتصادية في الصين التي تتزايد أهميتها الإقتصادية والسياسية في وقتنا الحاضر لتفعل من محورية دورها ومسؤولياتها على الصعيد الدولي، وبحكم الأهمية التي يكتسبها موقع ومكانة الصين في الإقتصاد العالمي وأهمية العراق ضمن الدول المنتجة للطاقة في العالم ولتحقيق هذا التعاون تأتي مسؤوليتنا المشتركة في تعزيز خطوات التعاون الإقتصادي بين البلدينquot;.

واضاف ان الإقتصاد العراقي شهد تحولات مهمة على طريق الإنفتاح والحرية وإعتماد قوى العرض والطلب كآليات أساسية في العلاقات الإقتصادية بالشكل الذي يسهل عملية الإندماج في المنظومة الإقتصادية الدولية. وقال إن quot;هذا جزء من فلسفتنا الإقتصادية الجديدة والتي ساهمت بشكل إيجابي في تحقيق نمو ملموس في العديد من المؤشرات الإقتصادية،وتشير التقديرات إلى أن الإقتصاد العراقي سيكون من بين الإقتصادات الأكثر نموا في العالم خلال السنتين المقبلتينquot;.

واوضح أن العراق حقق على الصعيد الإقتصادي جملة من التطورات الإيجابية على مدى السنوات الثماني الماضية في عدد من المؤشرات، فقد تضاعف الناتج المحلي الإجمالي وتضاعف معه نصيب الفرد من هذا الناتج، كما نجحت الحكومة العراقية في وضع سياسة كفوءة لضبط التضحم وضبط الإنفاق الحكومي وهيكلية المصارف الحكومية لتواكب تطورات العمل المصرفي في العالم، كذلك أنجز العراق مجموعة سياسات الترتيبات الإحتياطية مع صندوق النقد الدولي ونادي باريس لتخفيف المديونية.

واشار الى ان العراق يمتاز بموارد بشرية ومادية quot;نعول عليها كثيرا في تحقيق التنمية في العراق، حيث تتوافر فيه العديد من الفرص الإستثمارية موزعة على مختلف القطاعات بأنماط إستثمارية مختلفة، أهمها الإستثمار المباشر والشراكات الإستثمارية مع الشركات العامة المملوكة للدولةquot;.

وقال ان قطاع النفط والغاز هو القطاع الواعد في الإقتصاد العراقي، حيث يمتلك العراق إحتياطات نفطية تبلغ 142مليار برميل، وإحتياطات محتملة تتعدى تقديراتها الإحتياطات المؤكدة، وكذلك إحتياطات كبيرة من الغاز الطبيعي تبلغ بحدود126.7 تريليون قدم مكعب، ونتوقع أن تساهم الإستثمارات في هذا القطاع بتطوير كبير في مجال الصناعة النفطية في العراق، من خلال جولات عقود الترخيص وإنشاء المصافي النفطية وغيرها من الصناعات المرتبطة بقطاع النفط والغاز.

واوضح المسؤول العراقي ان قطاع الكهرباء يحتاج إلى إستثمارات كبيرة لمضاعفة القدرات التوليدية لسد الطلب المحلي من خلال إنشاء محطات توليد جديدة في عموم العراق، حيث تبلغ القدرة التوليدية للعراق في الوقت الحاضر بحدود 7500ميغا واط وهي تقريبا نصف الطلب المحلي على الطاقة الكهربائية، الأمر الذي يدلل على مدى الحاجة إلى إستثمارات كبيرة في هذا المجال لتلبية الطلب المتزايد الذي يتوقع أن يصل بحلول عام2015 إلى20000 ميغا واط. وقال إن قطاع الإسكان يعاني نقصا حيث تشير الخطة التنموية الخمسية 2010-2014 إلى وجود حاجة لبناء مليوني وحدة سكنية وبنى تحتية، وقد طرحت الحكومة العراقية من خلال الهيئة الوطنية للإستثمار مشروعا وطنيا لبناء مليون وحدة سكنية في عموم العراق.

واضاف انه في ما يخص قطاع النقل فتتوافر فرص كبيرة للإستثمار في إنشاء الطرق والجسور والمطارات والموانئ، وقد تم طرح مشروع ميناء الفاو الكبير وبناء شبكة حديثة من السكك الحديد والطرق السريعة وإعادة تأهيل عدد من المطارات وخاصة بغداد والموصل والبصرة وبناء مطار الفرات الأوسط للإستثمار.

وفي مجال الاتصالات، اشار المالكي الى أن السوق العراقية هي الأسرع نموا على مستوى المنطقة في مجال الإتصالات الخليوية رغم أن كثيرا من البنى التحتية في هذا القطاع ما زالت بحاجة إلى ضخ إستثمارات كبيرة، كما تتوفر فرص للإستثمار في مشاريع الإتصالات اللاسلكية وخدمات شبكة الإنترنت والهاتف الأرضي (الألياف الضوئية) بالإضافة إلى الرخصة الرابعة في شبكة الهاتف الخليوي والتي ستقدمها وزارة الإتصالات لتحسين أداء خدمات الهاتف النقال في العراق.

وفي قطاع الصناعة اوضح انه يعول عليه كثيرا كقطاع مساند للقطاع النفطي في العراق توجد حاليا 76 شركة عامة مكونة من أكثر من 250مصنعا وخطا إنتاجيا في مختلف الصناعات والفرصة متاحة للتأهيل والإستثمار في مشاريع جديدة أو من خلال الشراكات الإستثمارية بين القطاع العام والخاص.

أما في قطاع الزراعة فإن العراق يزخر بإمكانيات زراعية ضخمة تؤهله لتحقيق الأمن الغذائي خاصة في منتجات الحبوب الإستراتيجية والخضراوات، فيما لو تم استثمار أراضيه بتقنيات الزراعة والري الحديثة، حيث تتوافر أراضٍ زراعية شاسعة غير مستغلة نتطلع بشكل كبير إلى استغلالها من خلال الخبرات الدولية التي تعتمد التكنولوجيا الحديثة. وفي قطاع السياحة فإن العراق يمتلك السياحة الدينية والاثارية والترفيهية ويخطط خلال العشر سنوات المقبلة لجذب خمسة عشر مليون سائح أجنبي.

واوضح المالكي توفر فرص للإستثمار في قطاعات التربية والتعليم والصحة لبناء وتأهيل عشرة الاف مدرسة إبتدائية وثانوية و1200مركز صحي وأكثر من ثلاثين مستشفى عاما وتخصصيا بالإضافة إلى تأهيل عديد الكليات والجامعات ومراكز الشباب والرياضة وبيوت الثقافة بالشكل الذي يواكب التطورات العالمية في مناهج التربية والتعليم وخدمات الصحة والرياضة والشباب والثقافة لتحقيق أهداف التنمية المنشودة.

واشار الى انه كان لقانون الإستثمار(13) لسنة 2006 المعدل دور كبير في جذب الإستثمارات الأجنبية إلى العراق بما يوفره من مزايا وضمانات وإعفاءات مشجعة كثيرا للمستثمرين الأجانب فمن بين ما تضمنه هذا القانون من حوافز هو الإعفاء من الضرائب والرسوم لمدة عشر سنوات وتصل إلى خمسة عشر عاما في حال الشراكة مع المستثمر العراقي كما يوفر القانون حرية انتقال رؤوس الأموال والأرباح من وإلى العراق والحق في توظيف العمالة الأجنبية عند الحاجة، وكذلك ضمان عدم مصادرة أو تأميم المشروع الإستثماري، كما أن الهيئة الوطنية للإستثمار وهيئات الإستثمار في المحافظات تعمل بنظام النافذة الواحدة الذي اعتمدناه في سبيل تقليل الحلقات الروتينية.

وقال ان العراق قد هيأ التشريعات لتعزيز الثقة بالإقتصاد العراقي من خلال توفير الحماية القانونية للإستثمارات الأجنبية في العراق من خلال الضمانات التي نص عليها قانون الإستثمار نفسه في مواد الضمانات والتحكيم، وكذلك من خلال الضمانات التي كلفها إنضمام العراق إلى إتفاقية المؤسسة الدولية لضمان الإستثمار عام 2007، وأخيرا من خلال الإتفاقيات الثنائية لضمان وحماية الإستثمارات.

وأكد المالكي سعي بلاده لزيادة التعاون الإقتصادي والإستثماري مع الصين من خلال السعي المستمر لتنشيط وجذب الإستثمارات الصينية، للعمل في المجالات الإنتاجية ذات القيمة المضافة وإلى الإستفادة من التجربة الصينية في إستثمار وإدارة المناطق الإقتصادية الخاصة لبناء نموذج عراقي يحاكي التجربة الصينية في هذا المجال.

ودعا الشركات والمؤسسات الصينية إلى توسيع خطواتها تجاه العراق والإستفادة من توقعات النمو المرتفعة لإقتصاده والمساهمة في إعادة إعماره وإقامة علاقات تعاون قوية معه في القطاعات الحيوية للإقتصاد العراقي، ومن أبرزها قطاعات الطاقة والإسكان والصناعة والزراعة والبنى التحتية، كما نوجه دعوتنا إلى أصدقائنا في الصين إلى توقيع إتفاقية ثنائية لضمان وحماية الإستثمارات المتبادلة في خطوة أولى لتحقيق الشراكة الإستراتيجية بين بلدينا الصديقين.

وشدد المالكي في ختام كلمته على ان أبواب الإقتصاد العراقي مفتوحة أمام الصينيين لإعادة إعماره والإستثمار فيه وقال ان بلاده تتمنى أن تلمس حضورا لهم في العراق في المستقبل القريب. وكان المالكي بدأ أمس زيارة الى الصين على رأس وفد وزاري لاجراء محادثات تهدف الى تعزيز العلاقات بين البلدين في المجالات السياسية إضافة الى توسيع التعاون في مجالات الطاقة والاستثمار والنقل والسلع والزراعة والخدمات.

وقال المالكي في تصريحات قبيل مغادرته الى الصين في زيارة تستغرق ثلاثة أيام ان حكومته تعول على الصين التي تعتبر أسرع الاقتصاديات نموا في العالم في تنفيذ مشاريع تنموية في العراق على اساس الدفع الاجل وخاصة في مجال الطاقة الذي سيحتل اولوية في محادثاته مع نظيره الصيني ون جياباو والرئيس هو جنتاو التي ستتناول ايضا مسألة خروج العراق من تبعات الفصل السابع لميثاق الامم المتحدة الذي يفرض عليه قيودا صارمة منذ احتلال قواته للكويت صيف عام 1990. والصين هي احدى الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي الذي يملك قرار اخراج العراق من هذا الفصل ويمكن ان تساعد في تحقيق هذا الهدف الذي تسعى اليه الحكومة العراقية منذ سنوات.

وفي مجال الطاقة تحتاج الصين الى امدادات متزايدة من النفط لدفع عجلة نموها الاقتصادي وهو ما يمكن ان يوفره لها العراق الذي يعتبر في مقدمة الدول المصدرة للنفط. وكانت شركة النفط الوطنية الصينية ضمن ائتلاف يضم شركة بريتش بتروليوم البريطانية قد وقعت في عام 2009 عقدا مع العراق لتطوير حقل الرميلة الجنوبي الذي تُقدر احتياطاته بنحو ثمانية عشر مليار برميل... فيما يعتبر العراق سوقا مهما للسلع الصينية.