أجمع خبراء على أن الحاجة فرضت على القادة العراقيين تمديد بقاء مدربين أميركيين في البلاد، وقالوا إن العراقيين لم يملكوا أي خيار آخر، نظرًا إلى الوضع الأمني المتوتر، فيما دعا متحدث باسم مقتدى الصدر الحكومة إلى الموافقة على إبقاء الحد الأدنى فقط من المدربين إلى ما بعد موعد الانسحاب وعدم منحهم أية حصانة.


جدل في العراق حول تحديد عدد المدربين الاميركيين

بغداد: يرى محللون أن قادة العراق اتخذوا بتكليفهم الحكومة التفاوض مع الولايات المتحدة حول ابقاء مدربين اميركيين الى ما بعد موعد الانسحاب نهاية 2011، قرارًا لا يحظى بإجماع شعبي، انما تفرضه الحاجة على الارض.

ويرى علي الصفار، الخبير الاقتصادي في الشؤون العراقية في مؤسسة البحوث الاقتصادية quot;ايكونوميست انتليجنس يونيتquot; المقيم في لندن، ان المسؤولين العراقيين يشعرون بالحرج، ويبدو ذلك جليًا في رميهم مسؤولية اتخاذ قرار مماثل على بعضهم البعض.

ويقول ان quot;العديد من الاحزاب الكبيرة تفضل تمديد بقاء القوات الاميركية لانها تعتبرها بمثابة رادع امني. لكن احدًا من السياسيين العراقيين لن يقول هذا الامر في العلن، لان الكثير من العراقيين سيتعبرونه موقفًا غير وطنيquot;.

لا يستبعد الصفار ان يواجه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي تحديات سياسية جديدة quot;تعرض حكومة الشراكة الوطنية للخطرquot;، إذ بدا وكأنه عرّاب الاتفاق مع الاميركيين.

من جهته يعتبر الخبير الدنماركي المتخصص في الشأن العراقي ريدر فيسر ان المسألة لا تتجاوز كونها عبارة عن quot;ولاية رسمية جديدة محدودة جدا بالنسبة الى الجيش الاميركي في العراقquot;. ويرى في هذا السياق ان quot;كل استعانة بالقوات الاميركية خارج ما يسمى بالتدريب ستعرض السلطات الى انتقادات وحتى الى هجمات من قبل الصدريين وغيرهمquot;.

الا ان الخبراء يجمعون على ان القادة العراقيين لم يملكوا اي خيار آخر، نظرًا الى الوضع الامني المتوتر، حيث يقتل العشرات كل اسبوع في اعمال عنف في انحاء البلاد.

ويقدر الاميركيون ان القوات العراقية تستطيع الامساك بالامن في الداخل، الا انها عاجزة عن حماية الاجواء والمياه والحدود.

ويقول المستشار الاعلامي لرئيس الوزراء العراقي، علي الموسوي quot;بالتاكيد ان قواتنا ستحتاج وحدات تدريب (...) وفي كل مرة يستورد فيها السلاح يجب ان تكون ضمن العقد فقرة خاصة بالمدربينquot;. وتابع quot;باعتبار اننا نبني جيشًا، فاننا نحتاج مدربين في كل الصفوف البحرية والجوية والبرية، وكذلك (الى اختصاصيين) في المنظومات والمراقبة وكل الامور المتعلقةquot;.

بالنسبة الى الصفار، فان التوصل الى اتفاق سيكون له بلا شك في المقام الاول اثر في زيادة الهجمات التي تستهدف الجنود الاجانب.

لكنه يقول انه quot;على المدى البعيد، ستساهم مهمات التدريب في خلق قوة اكثر كفاءة، تملك قدرة السيطرة على الوضع الامني في انحاء البلاد كافةquot;.

على صعيد متصل، دعا متحدث باسم الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر الحكومة الى الموافقة على ابقاء quot;الحد الادنىquot; فقط من المدربين الاميركيين الى ما بعد موعد الانسحاب، وعدم منحهم اية حصانة.

جاء ذلك بعدما وصف النائب جواد الحسناوي المنتمي الى كتلة التيار الصدري تفويض الحكومة بدء محادثات مع واشنطن لبحث مسالة تدريب القوات العراقية بعد موعد الانسحاب نهاية 2011، بـquot;الخيانةquot; التي تفتح الباب امام quot;احتلال جديدquot;.

وقال صلاح العبيدي quot;ننتظر ما ستقرره الحكومة، وقد يفرز هذا التفويض قناعة ايجابية تجاه الحكومة اذا تصرفت بشكل ايجابي من خلال العمل على اعطاء الموافقة على الحد الادنى من المدربين وعدم منحهم حصانةquot;.

ورأى ان quot;مسالة تحديد اعداد المدربين تركت وبشكل مطاطي للحكومة، ومع ثقتنا بان هناك قناعات سياسية جيدة لانهاء الاحتلال، لدينا قناعات بان هناك قادة عسكريين يملكون قناعات تابعة للاحتلالquot;. وتابع quot;نحن ما زلنا على موقفنا الرافض للاحتلال ولن نغير هذا الموقفquot;.

وبعد اجتماع دام اربع ساعات في منزل الرئيس العراقي جلال طالباني، فوض قادة الكتل السياسية العراقية الحكومة ليل الثلاثاء الاربعاء بدء محادثات مع واشنطن لبحث مسالة تدريب القوات العراقية حتى ما بعد موعد الانسحاب.

واعلن طالباني انه تم quot;التوصل الى اتفاق بالاجماع ما عدا تحفظ الاخوة الصدريين على موضوع التدريب الاميركيquot;.

جاء ذلك بعد ساعات قليلة من دعوة رئيس هيئة الاركان الاميركية مايكل مولن في بغداد الى الاسراع في اتخاذ قرار من مسالة الانسحاب، معتبرًا ان هذا القرار يجب ان يشمل موافقة برلمانية على منح الجنود الاميركيين حصانة ضد المحاكمات، وهو امر يتمتع به الجنود فقط في اطار اتفاقية امنية موقعة بين واشنطن وبغداد.

في اول تعليق من جانب تيار مقتدى الصدر على مسالة التفويض، قال الحسناوي قبيل تصريح العبيدي ان quot;هذه الخطوة التي اتخذتها الكتل خيانة للشعب وامر مستهجن ومرفوضquot;.

واضاف quot;اذا كانت الخطوة تتعلق بالتدريب، فلن يحدد عدد الجنود الاميركيين، واتحدى اي مسؤول عراقي ان يدخل الى القواعد الاميركية لتحديد عدد الجنود فيهاquot;، معتبرا ان quot;هذه الخطوة احتلال جديد بلباس جديدquot;.

وكان التيار الصدري بقيادة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر هدد في نيسان/ابريل الماضي بمقاتلة الاميركيين اذا لم يتم الانسحاب في الموعد المحدد.

وشكل الصدر عام 2008 لواء quot;اليوم الموعودquot; كقوة سرية منتخبة من عناصر جيش المهدي لمقاتلة القوات الاميركية.

ولا يزال الجيش الاميركي ينشر حوالي 47 الفًا من جنوده في العراق، علما انه يتوجب ان ينسحب هؤلاء بالكامل من البلاد نهاية العام الحالي وفقا لاتفاقية امنية موقعة بين بغداد وواشنطن.

وقد ضغط المسؤولون الاميركيون على نظرائهم العراقيين لأشهر بهدف دفعهم نحو تحديد موقف من امكانية الطلب من القوات الاميركية ابقاء عدد من جنودها الى ما بعد نهاية العام.

ورغم مرور ثمان سنوات على اجتياح العراق واسقاط نظام صدام حسين، لا تزال البلاد تشهد اعمال عنف شبه يومية.