دمشق: قال معارضون وناشطون سوريون ان السلطة غير جادة في التحول الى دولة ديموقراطية مدنية، معتبرين اصدار قانون يجيز التعددية الحزبية وقانون ينظم العملية الانتخابية quot;مناورةquot; من قبل السلطة طالما لم يتم تعديل الدستور.

وقال رئيس المركز السوري للدراسات والابحاث القانونية المحامي انور البني ان quot;السلطة غير جادة بنقل المجتمع من مجتمع الهيمنة الى مجتمع التعددية والديموقراطية وما تفعله هو محاولة أمام الرأي العام داخليا وخارجيا لتجميل وجه الهيمنةquot;.

واكد ان quot;ما تقدمه السلطة من قوانين او مشاريع قوانين على اساس خطوات اصلاحية لا يمت بصلة ابدا لما هو مطلوب من قبل المجتمع بل انه محاولة واضحة للالتفاف على هذه المطالبquot;. واصدر الرئيس السوري بشار الاسد الخميس مرسوما تشريعيا خاصا حول تأسيس الاحزاب وتنظيم عملها ومرسوما تشريعيا اخر حول قانون الانتخابات العامة.

وتأتي هذه المراسيم في اطار برنامج للاصلاح السياسي اعلنت السلطات السورية عنه لتهدئة موجة احتجاجات غير مسبوقة منذ منتصف اذار/مارس، ادى قمعها من جانب السلطة الى مقتل اكثر من 1600 مدني واعتقال اكثر من 12 الفا ونزوح الالاف، وفق منظمات حقوق الانسان.

وانتقد البني احد موقعي اعلان دمشق والذي خرج من السجن اخيرا بعد اعتقاله خمس سنوات القانون بحد ذاته، معتبرا ان قانون الانتخابات quot;يحصر العملية الانتخابية بأعضاء مجلس النواب ومجالس الإدارة المحلية ويهمل انتخاب رئيس الجمهورية وكأنه يكرس ويؤكد أن تعيين الرئيس سيبقى خارج عملية الانتخاباتquot;.

من جهته اعتبر الكاتب والناشط السياسي لؤي حسين ان quot;القوانين لا تهم ابدا فهي جانب من المناورة التي تقوم بها السلطات لازاحة محور الصراع القائم على اساس الحرية والحقوق لتجعله على القوانين وجوانب اجرائيةquot;.

واكد حسين quot;لا معنى لقانون احزاب وانتخاب من دون حياة سياسية وعامة تتيح للسوريين التعبير عن ارائهم وممارسة حقوقهم بنشاطات عامة التي تشكل وحدها اليات التمثيل والسياسات المجتمعية حينها نحتاج الى قانون تصوغه مؤسسات تتبع للدولة وليس للسلطةquot;.

واضاف هذا الناشر والمعارض الذي اعتقل عدة مرات وكان صاحب المبادرة في تنظيم اول لقاء علني في العاصمة للمعارضة ضم معارضين مستقلين، quot;اني لا اريد ان اكون منتميا الى حزب سياسي ولكنني اريد ان اعبر عن راي وممارسة مواقفي بشكل حر بما في ذلك التظاهر دون ان يطلق علي الرصاص والى ان يتم ذلك فاني لا احتاج الى قانون للاحزابquot;.

من جهته، اكد المحامي والناشط الحقوقي حبيب عيسى quot;اننا نحتاج الى ان نتصادق على ان الامور تحتاج الى تغيير جذري في سوريا يبدا من الاعتراف باننا سننتقل الى دولة ديموقراطية مدنية يتم فيها تداول السلطة ديموقراطيا والا فنحن لا نفعل شيئاquot;.

الا ان الناشط دعا الى quot;تشكيل احزاب بغض النظر عن اي قوانين لان الواقع الذي نعيشه اليوم يحتم العمل الجماعي المؤسساتيquot;. واشار الى quot;اننا كافراد لا نستطيع ان ننتقل الى سوريا الجميلة والديموقراطية التي نحلم بها قبل ان نستعيد الحياة السياسية التي افتقدناها خلال 40 عاما من الاستبدادquot;.

وحبيب عيسى الذي اعتقل خمس سنوات على خلفية ربيع دمشق الذي شهدت خلاله سوريا هامشا من الحرية تلت وصول بشار الاسد الى السلطة في 2000، منع من مزاولة المحاماة عدة مرات بسبب آرائه. وقد ساهم في تأسيس جمعية حقوق الانسان في سوريا عام 2001.

وكان الناشط عيسى دعا في وقت سابق الى تشكيل حزب الطليعة العربية في سوريا ونادى بعقد هيئة تاسيسية تنتخب ممثليها ومن يراس الحزب. واضاف عيسى quot;اني ارى ان السلطة تسير عكس اتجاه التشريع القانوني للتغير الديموقراطي في سورياquot;.

واوضح quot;من المعروف ان الدستور هو اب القوانين فلو كان هناك نية صادقة للتغيير لكانت السلطة بدات بتعليق العمل بدستور عام 1973 والاعداد لتشكيل هيئة مهمتها اعداد دستور جديد ينقل البلاد من النظام الشمولي الاستبدادي الى النظام الديموقراطيquot;. واضاف عيسى quot;ان لم يكن هناك نية حقيقية بالانتقال الى حياة ديموقراطية حقيقية تعتمد على دستور ديموقراطي عصري فان جميع القوانين تكون شكليةquot;.

واكد الناشط quot;انه لا يمكن الحديث عن انتقال الى دولة ديموقراطية في ظل هذا الدستورquot; مشيرا الى المادة الثامنة التي تنص على ان حزب البعث هو قائد المجتمع والدولة والى المادة 84 التي تنص على ان القيادة هي التي ترشح الرئيس.

كما اكد البني quot;ان القاعدة الأساسية لبناء أي دولة هو الدستور وإن أي بناء يبنى على أرض غير صالحة هو جهد ضائع لا قيمة لهquot;. ولفت الى انه quot;طالما أن الدستور يعاني من مشاكل بنيوية تحتم تعديلا جوهريا عليه أو تغييره فإن أي بناء يتم عليه هو جهد مهدور وغير منطقي وأية قوانين تصدر على هذه الأرضية غير الصالحة هي ميتة قبل أن تبصر النورquot;.

وكان الرئيس السوري بشار الاسد تحدث في حزيران/يونيو عن امكانية اجراء تعديل يشمل عددا من مواد الدستور او تغييره بالكامل، في اشارة الى امكانية الغاء هذه الفقرة التي تنص على قيادة حزب البعث للبلاد.

الا ان حسين اعتبر ان quot;الدستور ليس محور الصراع الذي يتركز على الحريات والحقوق التي صادرتها السلطات السورية وتنتهكها كل يوم من خلال عدم امتثال السلطة للدستور والقوانينquot;. واضاف quot;ان السلطات تعمل فوق القانون وبالتالي فان اي قوانين تصدر لا يمكنها ان تخضع السلطات لانها سلطة عنفية تجد شرعيتها في القوة المسلحةquot;.