طالب المتحدث السابق باسم الخارجية الأميركية بي جي كراولي بتحرّك أوباما لإسقاط نظام الأسد، بينما بعثت روسيا برسائل تحذيرية للنظام السوري تفيد باعتزام الناتو استخدام القوة لإسقاطه، في وقت تتزايد حالة الغليان داخل الجيش السوري.



الرئيس السوري مجتمعًا مع وزير الخارجية التركي

فرضت تطورات المشهد السياسي في سوريا العديد من علامات الاستفهام حول موقف العديد من القوى الدولية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلنطي الـ quot;ناتوquot;.

ففي وقت يرفض الرئيس السوري بشار الاسد التعاطي مع مطالب الثوار، ويألو على نفسه الدفاع عن نظامه بلغة السلاح والقمع، تتجه الانظار الى الادارة الاميركية لاستيضاح موقفها الذي يبدو متراخياً حيال الممارسات غير المشروعة في مختلف المدن السورية.

وفي مقال مطول نشرته صحيفة quot;واشنطن بوستquot;، رأى المتحدث السابق باسم الخارجية الاميركية بي جي كراولي، انه آن الاوان لتخلي الولايات المتحدة عن تراخي موقفها حيال النظام السوري.

واضاف: quot;انه في وقت لا تستطيع الولايات المتحدة النجاح في التحديات التي تجابهها في سوريا بين يوم وليلة، يجب ان توضح ادارة اوباما موقفها الحاسم حيال ما يجري في مختلف المدن السورية، وانها اذا لم تفعل فلن يغفر لها التاريخ هذا التخاذلquot;.

خياران أمام الأسد

المتحدث الاميركي اوضح في مقاله ان اوباما اكتفى بفرض خيارين امام الرئيس السوري، مشيراً في بيان للبيت الابيض الى انه لم يعد امام الاسد سوى إجراء اصلاحات فورية او الرحيل، غير ان هذا الموقف اثار امتعاض الدوائر السياسية، وربما الشعبية في واشنطن، بحسب نتائج استطلاعات الرأي الاخيرة، سيما ان اوباما يعي جيداً ان الاسد لن يعترف بلغة الاصلاحات السياسية والحقوقية، تماماً كموقفه من التدخل في شؤون لبنان الداخلية، وتعمدهتحمية الجبهة اللبنانية ndash; الاسرائيلية.

على الرغم من ذلك يرفض اوباما تحديد موقفه بشكل حاسم، وربما يعود ذلك وفقاً للمسؤول الاميركي السابق الى خوف اوباما من المصير المجهول الذي يواجه سوريا ومنطقة الشرق الاوسط، او تحسبه من المستقبل بعيد المدى للمنطقة الاكثر سخونة على مستوى العالم، فضلاً عن مخاوف لا تقل عن سابقتها على المصالح الاميركية.

يبدي بي جي كراولي دهشة بالغة حيال الصمت الاميركي مما يجري في سوريا، مشيراً الى انه بات على النظام السوري الرحيل، فالرئيس الاسد ndash; على حد قول كراولي ndash; لا ينتهك حقوق الانسان في بلاده فقط، وانما يفرض قيوداً غير مسبوقة على مصالح حيوية للولايات المتحدة في منطقة الشرق الاوسط.

واضاف: quot;تحت نظام الاس،د وربما باشرافه، تتمتع ايران بنفوذ كبير على مجريات الاحداث المتواترة في المنطقة، كما يصرّ الاسد على المساس بالسيادة اللبنانية ومصالحه بعيدة المدى، وتعرقل دمشق مساعي الادارة الاميركية الرامية الى التوصل إلى سلام شاملquot;.

وخلص المسؤول الاميركي السابق الى ان دولاً عدة في منطقة الشرق الاوسط والخليج وشمال افريقيا، خاصة تونس وليبيا ومصر واليمن وحتى سوريا، لن تعود الى ما كانت عليه قبل الاحتجاجات الشعبية ورياح ربيع الشعوب العربية.

وفي وقت تنتظر الادارة الاميركية ترسيم خارطة جديدة للمنطقة، يفرض هذا التردد هبوطاً في الثقة حيال واشنطن، ومن غير المستبعد ان يؤدي فقدان الثقة الى تردي نفوذ الولايات المتحدة وتأثيرها على المنطقة عينها، فرغم ان البيت الابيض لم يدع مبارك صراحة إلى التنحّي عن منصبه، الا ان اوباما سعى من خلف الكواليس إلى تحقيق هذا الهدف بحسب كراولي.

رسائل تحذير لدمشق

على صعيد ذي صلة، افادت تسريبات نشرتها صحيفة معاريف العبرية، ان روسيا حليف بشار الاسد بعثت برسائل تحذير ضمنية لدمشق، اكدت فيها ان حلف شمال الاطلسي الـ quot;ناتوquot; عاقد العزم على استخدام القوة ضد النظام السوري بشكل لا يختلف كثيراً عن تعامله الحالي مع النظام الليبي.

اعتمدت التسريبات على تصريحات ادلى بها الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف الذي اعلن: quot;اننا نتعقب ما آل اليه الوضع في سوريا، وكيفية تعاطي الاسد مع الاحتجاجات الشعبية في بلاده، ونلاحظ ان الوضع في هذا البلد يتطور ويتغير، وسيتغير معه موقفنا بالتأكيدquot;.

ولم يقتصر الموقف الروسي شديد اللهجة، بحسب تسريبات الصحيفة العبرية، على ذلك، وانما وصل الى تأكيد quot;ديمتري روغوزينquot; Dmitry Rogozin، سفير روسيا لدى الـ quot;ناتوquot; ان الحلف عاقد العزم على اسقاط النظام الروسي اعتماداً على العمل المسلح، وهو العمل الذي ينطوي على اهداف بعيدة المدى، يأتي في طليعتها بناء رأس جسر للقيام بعملية عسكرية منظورة ضد ايران.

وفي تعليقها على تلك التسريبات، اشارت الصحيفة العبرية الى ان ديمتري روغوزين، الذي تملي عليه طبيعة منصبه الدراية الكاملة بما يجري داخل حلف الـ quot;ناتوquot;، لم يكتف بهذه التصريحات، وانما اضاف اليها قوله: quot;ما اعنيه هو ان العمل المسلح ضد النظام السوري بات في مرحلة متقدمة للغايةquot;، الامر الذي يعكس حقيقة اعتزام الـ quot;ناتوquot; غسل يديه من ازاحة النظام الليبي والالتفات إلى نظيره السوري، بحسب تقدير صحيفة معاريف.

تسريبات الصحيفة العبرية لم تكتف بذلك، وانما اشارت الى ان وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو عاد الى بلاده بعد لقاء الرئيس السوري وهو خالي الوفاض، وبعدما فشل في اقناع بشار الاسد بفتح قنوات من الحوار مع المعارضة، الا انه خلال لقائه الثنائي بالرئيس السوري المح الاخير الى انه يعتزم انهاء عمله المسلح ضد من وصفهم بالارهابيين في بلاده.

وفي الوقت عينه رفض بشدة تحديد جدول زمني لانهاء عملياته العسكرية في مختلف المدن السورية، واعتبرت الصحيفة العبرية ان موقف الرئيس السوري كان سبباً مباشراً في تأكيد وزير الخارجية التركي فور عودته إلى أنقرة، ان بلاده ستراقب عن كثب ما يجري في سوريا خلال الايام القليلة المقبلة.