أقرّ الرئيس العراقي بعلاقات سيئة لبلاده مع دول عربية وإسلامية منعت عقد قمتي الجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي في بغداد، وألقى باللائمة على هذه الدول نتيجة مواقفها السلبية من بلاده، لكنه أعلن تمكنه من التوصل إلى تفاهمات مع تركيا وإيران لوقف قصفهما الأراضي العراقية... فيما اكد رئيس الوزراء نوري المالكي أن العراق لا تبنيه طائفة أو قومية أو حزب، مؤكدا تأييد انتفاضات الشعوب العربية من اجل الحصول على حريتها.


تناول الرئيس العراقي جلال طالباني في تصريحات له الخلافات بين الكتل السياسية، وقال quot;إن الشراكة، ليست فقط في المناصب، وإنما الشراكة يجب أن تكون حقيقية في القرار والعمل المشتركquot; في اشارة الى اتفاق الكتل السياسية على تحقيق الشراكة الوطنية في صنع القرار الداخلي.

واكد ان العالم العربي والإسلامي بحاجة إلى عراق قوي ومتماسك وموحد ومزدهر... وقال ان quot;هذا العراق القوي المزدهر الآن نهض، ويحتاج توثيق العلاقات بين جميع القوى الموجودة في العراق وتعزيز هذه الحكومة الوطنية وتقويتها وإسنادها للعملquot;.

وسلط الرئيس طالباني عقب حفل افطار اقامه لرئيس ووزراء الحكومة العراقية الليلة الماضية الضوء على مسار العملية السياسية في العراق، وكذلك مجريات الأحداث على الساحة العربية والإقليمية والدولية، مشددًا على ضرورة توحيد صفوف القوى السياسية ودعم الحكومة.

واشار الى انه إذا كانت هناك ملاحظات أو انتقادات أو مقترحات فيجب عرضها عليها... وقال quot;نحن نعتقد إنه إذا وجدت خلافات، ومن المعتاد أن توجد خلافات حتى داخل الحزب الواحد، فإن هذه الخلافات يجب حلها بالحوار والنقاش الأخوي في ما بيننا وبالعمل المشترك معاًquot;.

وتدور خلافات حاليًا بين ائتلافي دولة القانون بزعامة المالكي والكتلة العراقية برئاسة أياد علاوي حول تشكيل المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية والوزارات الامنية، حيث تتهم القائمة المالكي بالتجاوز على تنفيذ اتفاقات اربيل وضرب الشراكة الوطنية عرض الحائط مهددة بالانسحاب من العملية السياسية او سحب الثقة من الحكومة.

وحول مكانة العراق الجديد في المنطقة، قال طالباني quot;نعتقد أن العراق يستطيع أن يؤدي دوراً كبيراً في العالمين العربي والإسلامي، على الرغم من الظروف التي عاناها، وما واجه من مشاكل وإرهاب لكننا الآن نستطيع أن نفتخر بهذا الوضع الذي بلغناهquot;.

واوضح quot;نحن نتقدم، ولكننا بحاجة إلى بيان الحقائق والوقائع، وليس التركيز فقط على السلبيات، لأن العراق حقق إنجازات كبيرة نلاحظها من الناحية الاقتصادية ومستوى المعيشة ورواتب الموظفين وكذلك من ناحية توفير الحريات، سواء الحريات السياسية والاقتصادية أو الاجتماعية بشكل لا مثيل له في الشرق، وكما تعلمون فإن بلدنا بلد ديمقراطي والربيع العربي بدأ عندنا.. بدأ عند العراق وإن شاء الله سيكون العراق عاملاً مهماً في هذه الشأنquot;.

عن سوء التفاهم الحاصل على صعيد علاقات العراق مع جواره العربي والإقليمي، أكد طالباني انه يذل quot;جهوداً مع جهات عديدة من أجل تحسين علاقاتنا مع محيطنا، والعراق غير مسؤول عن هذه العلاقات غير الطبيعية مع الدول العربية لكونها لا تتجاوب بشكل إيجابيquot;.

ودعا الوزراء الى أن يكونوا موحدين في تصريحاتهم تجاه مجريات الأحداث، محذرًا من ان تناقض التصريحات يؤدي إلى خلق بلبلة في الرأي العام الخارجي، خاصة في القضايا التي تجري بين العراق وكل من الكويت وإيران وتركيا، لأنه يمكن حلها كلها ومعالجتها بالحوار، وليس بالتشنج على حد قوله.

وقال انه بالرغم من أن العراق يستطيع أن يلعب دورًا كبيرًا في المنطقة، فإن هناك من يسعى إلى إبعاده عن دوره في العالمين العربي والإسلامي. وقال ان quot;منع عقد مؤتمر القمة العربية أو مؤتمر القمة الإسلامي في العراق لا يخدم العالم العربي ولا العالم الإسلامي، بالرغم من أن عقد المؤتمرين حق من حقوق العراق، وجرى التجاوز عليه، لذلك سنسعى من أجل تحسين علاقات العراق العربية والإسلامية، ولكن على الآخرين أيضاً أن يؤدوا واجبهم تجاههquot;.

وتدور خلافات حاليًا بين العراق والكويت على ضوء إصرار هذه الأخيرة بناء ميناء مبارك، الذي يحتج العراق على ذلك، مؤكدًا انه يخنق موانئه الجنوبية، ويلحق أضرارًا كبيرة باقتصاده الوطني. كما تشهد العلاقات العراقية مع إيران وتركيا أزمة حادة على ضوء استمرار هذين البلدين بقصف الاراضي العراقية الشمالية بالمدفعية والطائرات، الامر الذي ألحق خسائر بشرية ومادية كبيرة، حيث تتعلل الدولتان بأن قواتهما تلاحق قواعد حزب العمال الكردستاني الانفصالي بشقيه التركي والإيراني الذي ينفذ ضربات ضد أهداف منخبة داخل اراضيهما.

وقد دان وزير الخارجية هوشيار زيباري امس القصف التركي والإيراني لحدود إقليم كردستان في وقت أحرق متظاهرون في السليمانية العلم التركي، مطالبين بطرد القنصل التركي من الاقليم. وقال زيباري في تصريح صحافي أن الحكومة تدين وتشجب كل الاعتداءات والانتهاكات السيادية التي تحصل من دول الجوار بدون استثناء، مشيراً الى القصف التركي والإيراني لمناطق الحدود الذي استمر أسابيع، وأدى إلى تشريد الأهالي وإلحاق أضرار بالمواطنين وبالممتلكات العامة.

وقال quot;نرفع صوتنا عاليًا أمام هذه الاعتداءات والانتهاكات، ولا نعتقد بأن هذه هي الطريقة المثلى للمعالجةquot;.

وأشار الرئيس طالباني قائلا quot;كوني رئيساً للجمهورية فأنا مسؤول دستورياً عن سيادة البلاد والاستقلال الوطني.. وإنني أؤدي واجبي بشكل عملي، حيث اتصلت بالأخوة الإيرانيين والأخوة الأتراك حول القصف الحدودي، محاولاً إقناعهم، وفعلاً توصلت معهم إلى نتائج، غير انه بالكلام والتهويل الإعلامي لا نصل إلى نتائج.. ونحن الآن لسنا في موقف نعادي معه كل العالم.. مصلحة العراق هي في أن يكون في وئام ووفاق مع جيرانه جميعاً.. وأنا أعتقد بالإمكان حل كل المشاكل مع دول الجوارquot;.

وحول تطورات الأوضاع على الساحة العربية والانتفاضات الشعبية التي تشهدها، أوضح طالباني قائلا quot;نحن وكما تعلمون كنا رحّبنا بالتطورات الديمقراطية العربية، ولكننا أيضاً قلقون على المصائر البديلة لأن النتائجحتى الآن غير واضحةquot;.

وحول المسائل العالقة بين حكومة إقليم كردستان في إربيل والحكومة الإتحادية في بغداد فقد أكد الرئيس طالباني قائلاً quot;أعتقد أن الجو في كردستان جيد، وإن شاء الله سوف يأتي وفد أيضاً من أجل تعزيز العلاقات، وكذلك من أجل حل الإشكالات، وسيأتي الوفد بعد عيد الفطر المبارك، وهو مكون من رئيس حكومة الإقليم الدكتور برهم صالح ونائبه آزاد برواريquot;.

وتدور خلافات بين الحكومتين حول قانون النفط والغاز وتصدير حكومة اقليم كرسديتان للنفط المستخرج في اراضي الاقليم بمعزل عن الحكومة المركزية، اضافة الى مشكلة المناطق المتنازع عليها في محافظات الموصل وكركوك وديالى، التي يطالب الاكراد بإلحاقها في الاقليم الذي يحكمونه منذ عام 1991 في وقت يعارض عرب وتركمان هذه المناطق ذلك بشدة.

في ما يخص أداء السلطة التنفيذية في الميادين كافة، قال طالباني quot;نحن موجودون في مواقع المسؤولية، وعلينا واجب الإطلاع على مشاكل المواطنين وحلهاquot;، مضيفاً quot;هناك حاجة عالية إلى التنسيق والتعاون بين الجميع، نحن من جانبنا في رئاسة الجمهورية نبذل جهودًا من أجل تفاهم أكبر وتنسيق أحسن بيننا وبين الحكومة برئاسة المالكي، وعن طريقه سنعزز العلاقات بيننا وبين الوزراء جميعاً، ونعمل قدر الإمكان من أجل تطبيق برامج الأمن وتوفير الخدمات للمواطنين والنهوض بالمستوى الاقتصادي بشكل عام قدر الإمكانquot;.

من جهته اكد المالكي في تصريحات مماثلة تأييده رؤية طالباني لما يجري من أحداث على الساحتين الداخلية والخارجية، وقال quot;إن العراق اليوم، وعلى الرغم من التحديات الخارجية، هو في وضع أفضل مما كان عليه في زمن النظام السابق أو حتى في الأيام الأولى أو السنوات الأولى من سقوط النظام وبدء العملية السياسية، ولكن أمامه حاليًا تحديًا داخليًا متمثلاً في عملية ترميم وترتيب وتنظيم وضع الدولة وإيجاد المناخ الذي يمكن أن تتضافر فيه جهود الجميع لبنائه، مؤكداً أن: quot;العراق لا تبنيه طائفة أو قومية أو حزبquot;.

وأشار إلى quot;أن الفشل في الأداء الرسمي العام يقع على الجميع، ولا نستطيع القول إن الفشل على المتصدي فقط (اي الحكومة)، وإنما الجميع يتحمل المسؤولية والنجاح أيضاً للجميع، لأن المسيرة هي مسيرة تضافرية تكاملية، والكل يتحمل نتائجهاquot;.

وأكد المالكي أن quot;العراق نهض على كل المستويات السياسية والاقتصادية والمؤسساتية ومستوى الوضع الداخلي بشكل عام ومستوى وجود القوات الدولية على أرضه، وهناك تطور فعلي، ولكن يبقى هناك تحدٍ إذا اختلفنا في شيء، وأنا أقول بصراحة إذا اختلفنا لا ينفعنا ما حققناه، وسنأتي على ما بنيناه ونهدمه من جديدquot;. واضاف ان التحدي الخارجي يجب أن لا يستهان به quot;لكن إذا رتبنا صفوفنا وبيتنا فإن أخطار هذا التحدي الخارجي ستكون اقل عليناquot;.

وحول المتغيرات على الساحة العربية، اكد المالكي الوقوف الى جانب الشعوب العربية، وقال quot;نحن معهم، لأننا شعب مظلوم، وعانينا فقدان الحرية، والحمد لله الآن نحصل عليه،ا وعلى هذه الأجواء الأخوية الإيجابية لكل المكوناتquot;.

وعبّر عن الامل في ان quot;أن تحصل كل الشعوب على حرياتها وأمنها وعلى دورها ومشاركتها، وتنتهي هذه الصور الدكتاتورية التي تصادر إرادة الشعوبquot; كما قال. وكانت الحكومة العراقية اعلنت أمس اعترافها بالمجلس الانتقالي الليبي، وقالت في بيان قصير انها قررت الاعتراف بالمجلس الانتقالي الليبي ممثلاً شرعيًا للشعب الليبي.

وفي نداء الى الليبيين، تسلمت نصه quot;إيلافquot;، دعا رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي الليبيين الى رعاية وطنهم والولاء له والحرص عليه ونبذ البغضاء والغل والنيات السوء وثقافة الانتقام وإراقة الدماء البريئة، وان يشيعوا الحب والسلام والمسرة والرحمة والامان.