كشف مجمع العقيد الليبي معمّر القذافي عن ولعهبوزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس، التي وصفها في وقت من الأوقات بـ laquo;عزيزتي الأفريقية السوداءraquo;. وعثر الثوار في المجمع على مسدسات من الذهب وتمثال برونزي مطلي بالذهب وطاردة ذباب مصنوعة من ريش الطاووس يعلو مقبضها فيل ذهبي.
لندن، الوكالات: عثر مقاتلو المعارضة الليبية في مجمع باب العزيزية الذي اقتحموه يوم الثلاثاء على البوم صور عائد للعقيد معمّر القذافي يزخر بصور وزيرة الخارجية الاميركية السابقة كوندوليزا رايس. وتظهر رايس في البوم الصور بلقطات عدةسجلتها العدسة خلال مشاركتها في فعاليات عامة.
وقال مراقبون إن إعجاب القذافي بوزيرة الخارجية الاميركية السابقة ليس مستغربًا لأنه أبدى ولعه بها في السابق. ويذكر المراقبون ان القذافي خلال مقابلة اجرتها معه قناة الجزيرة في عام 2007 سمّاها quot;ليزاquot;، واشار إليها أيضًا بوصفها quot;عزيزتي الأفريقية السوداءquot;. كما اعرب عن اعتزازه الشديد quot;بالطريقة التي تميل بها إلى الوراء، وتصدر أوامرها إلى الزعماء العربquot;.
لكن صور الالبوم توحي بأن إعجاب القذافي يذهب أبعد بكثير من اعتبارات السياسة الخارجية، بحسب مجلة الـ quot;تايمquot;.
كما عثر مقاتلو المعارضة في المجمع على مسدسات من الذهب وتمثال برونزي مطلي بالذهب وطاردة ذباب مصنوعة من ريش الطاووس، يعلو مقبضها فيل ذهبي. ولكن صور رايس كانت الأبلغ بين مقتنيات الدكتاتور في الكشف عن طريقة تفكيره ونوازعه. فهي تستأثر بموقع متميز في البوم الصور، حيت تبدو تارة بطقم اسود أنيق وعقد من الذهب تلقي كلمة في اجتماع ما... وطورًا على منصة، ربما في الأمم المتحدة، وتارة ثالثة تتشاور مع رجل دولة أو دبلوماسي.
لا يُعرف على وجه التحديد أين عثر مقاتلو المعارضة الذين رافقهم مصور وكالة اسوشيتد برس على البوم الصور داخل المجمع، ولكن منزلة رايس في قلب القذافي كانت معروفة، وهو الذي قال فيها quot;ليزا، ليزا، ليزا.... أُحبها كثيرًا، وأنا معجب وفخور بها، لأنها سوداء ذات أصل افريقيquot;.
ما عدا صور كوندي، فإن من يريد ان يدخل عقل القذافي عن طريق القطع والمقتنيات التي نهبت من مقره قد ينتابه احساس بأن لا جديد هنا. والى جانب جنون العظمة وهواية التنكيل والنهاية المخزية التي يشترك بها الحكام الدكتاتوريون عمومًا فإنهم على ما يبدو أصحاب ذوق واحد في حب التملك والديكور الداخلي الباذخ بلا حساب لمعايير الجمال.
صدام حسين كان معروفًا بحنفيات حمّامه المطلية بالذهب، وحتى الفرش الذهبية في مرحاضه الخاص. وعثر الجنود الاميركيون الذين دخلوا قصره في البصرة عام 2003 على سواتر مغربية ضخمة منحوتة من خشب الساج واعمدة عملاقة من المرمر وسقوف مقببة وشبابيك مطرزة بالزجاج الملون في كل مكان من القصر.
ودكتاتور رومانيا نيكولاي تشاوشيسكو هدَّم الكثير من مدينة بوخارست التاريخية القديمة لبناء قصر رئاسي من 1100 غرفة، بحجم يُقال معه اليوم إنه ثاني اكبر مبنى في العالم. ولكنه لم يعش ليراه منجزًا.
ومن بين القصور الفاخرة العديدة للرئيس الكونغولي موبوتو سيسي سيكو طيلة 32 عامًا حتى مماته في عام 1997 قصر ضخم بني على الطراز الصيني في في مدينة بادوليت. وكان لديه قصر quot;خاصquot; وآخر quot;رئاسيquot; في المدينة نفسها، نال عليها كلها لقب قصور فرساي وسط الأدغال. وكان قصره ذو الطراز الصيني محاطًا بسياج قمته من الذهب.
القذافي من جهته كان مولعًا بتماثيله، ويرتدي قلائد ذهبية ثقيلة، ناهيكم عن قبعته العسكرية المضفورة التي آلت ملكيتها الآن الى مقاتل من قوات المعارضة. وعُثر ايضًا على عربة مطلية بالذهب لتقديم الشاي عليها. وفي منزل ابنته عائشة الهاربة معه، اكتشف الثوار في قاعة رخامية كبيرة عند مدخل قصرها المنيف عربة ذهبية في شكل حورية بحر لها وجه عائشة.
المؤلف بيتر يورك، الذي نشر كتابًا بعنوان quot;بيوت الدكتاتورquot; يتناول فيه ذوق الحاكم المستبد يقول انه حتى إذا افترضنا ان الحاكم صاحب ذوق رفيع، فهو لن يكون موضع تقدير من رهط حاشيته الذين غالبيتهم من اشباه الأمّيين. وتنقل صحيفة الغارديان عن يورك أن المهم عند الحاكم المستبد ان يؤثر ويروّع قدر الامكان، أن يقول quot;أنا مهم وقوي الى حد لا يُصدقquot;. ويضيف يورك ان بيت الدكتاتور عالم بلا أي مفارقة.
وذهب يورك الى حد إعداد مجموعة مبادئ اساسية، يقول انها ترشد الى طريقة الدكتاتور في تزيين قصره. ومن هذه المبادئ ضخامة الحجم، ان يكون كل شيء كبيرًا ببشاعة، ومحاكاة طراز معين من حقبة ماضية بنسخ مزيفة تمامًا. ويؤكد يورك ان الحكام الدكتاتوريين quot;يحبّون الطراز القديم لأنه يبدو جادًا، لكنهم لا يحبّون القطع الأثرية الحقيقية، لأنها قديمةquot;.
من المبادئ الأخرى انهم يحبون الحلوى من انتاج فريرو روشيه والرمزية الذكورية متمثلة في النسور والاسود والفيلة، وغيرها من الحيوانات المفترسة التي يحب الحكام الدكتاتوريون استخدامها رموزًا للسطوة الامبراطورية مشوبة بقدر من الهمجية.
وتقول كارين باين استاذة علم النفس في جامعة هرتفوردشاير والمتخصصة بالثقافة الاستهلاكية ان مبدأ القذافي في تصميم الديكور الداخلي القائل quot;كلما كان أكبر كان أفضل، مع تغطيته بمزيد من الذهبquot;، مبدأ لا يمت بصلة الى الذوق أو الجمال، بل غايته الوحيدة هي تأكيد موقعه للآخرين ولنفسه. وتلاحظ ان العيش في فضاء كهذا لا يبعث على الاسترخاء.
ولكن مثلما يصنع الدكتاتور نفسه ويروّّجها على طريقته الخاصة بوصفه quot;ايقونةquot; بالمعنى الحرفي للكلمة، فإن سقوطه أيضًا يكون بالمعنى الحرفي، كما ترى البروفيسورة باين، مضيفة quot;ان سقوط الصنم هو ما نشهده بالمعنى الحرفي. فنحن نتحدث عن اطاحة الحكام الدكتاتوريين مثلما نتحدث عن تطويح تماثيلهم الذهبيةquot;. نُزعت صور القذافي من الجدران، وأُنزلت من اعمدة الكهرباء في طرابلس وقريبًا ستختفي أزياؤه المزركشة وأسلحته المذهبة ايضًا.
|
التعليقات