ملف خاص: سوريا... الثورة

اجتمع مسؤولون إيرانيون مع معارضين لنظام الرئيس بشار الأسد في إحدى العواصم الأوروبية لبحث الأوضاع في سوريا. جاء هذا في وقت قال فيه وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي السبت إن على الحكومة السورية أن تلبّي المطالب المشروعة لشعبها.


عواصم: ذكرت صحيفة quot;لوفيغاروquot; في عددها الصادر أمس الثلاثاء نقلاً عن مصادر بارزة في المعارضة السورية أن مسؤولين إيرانيين اجتمعوا مع معارضين سوريين في إحدى العواصم الغربية وبحثوا الأزمة الراهنة في البلد.

وذكرت الصحيفة الفرنسية أن كبير مراسليها جورج مالبرونو حصل على معلومات من مصادر خاصة أكدت أن quot;مسؤولين إيرانيين رسميين التقوا في عاصمة أوروبية ممثلين عن المعارضة السورية لمعرفة المزيد عن قيادات هذه المعارضة وحجم القوى الإسلامية فيها وموقفهم من حزب الله، وعما إذا كان في الإمكان التوصل إلى حل وسط بينهم وبين القيادة السوريةquot;.

وكتبت: quot;إن حزب الله اللبناني سعى بدوره إلى خوض محادثات مباشرة مع معارضين سوريين، معتبرة أن أمينه العام حسن نصر الله بدا في خطابه الأخير، الجمعة الماضية، أقل حماسة في دعمه الرئيس الأسد عما عبّر عنه في خطاباته السابقةquot;.

ونقلت الصحيفة عن معارض سوري بارز، رفض الإفصاح عن اسمه، أن quot;المعارضة لن تدير ظهرها لإيران، إنما تطالب بإعادة التوازن في العلاقات السورية - الإيرانية، وهي في مطلق الأحوال لن تتبنّى سياسة معادية لإيرانquot;.

وتدعم السلطة الإيرانية الرئيس السوري، الذي تعتبره حليفاً استراتيجياً لها في المنطقة، لكن المعارضة الداخلية والخارجية أعلنت تضامنها مع الشعب السوري الذي يطالب بإسقاط الرئيس وإقامة حكم ديمقراطي.

وشكّل موقف أكبر هاشمي رفسنجاني بشأن تطورات سوريا استثناءً في موقف رجال الحكم في إيران، حيث وصف الشعب السوري بـquot;المقاومquot;، وقال في تعليقه على الأحداث الإقليمية: quot;العالم تغير والأحداث التي تشهدها المنطقة هي نتيجة لتنامي وعي الشعوب، حيث إنهم لن ينصاعوا بعد للاستبدادquot;.

وقال رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام في 28 مايو/أيار الماضي: quot;شعوب المنطقة أصبحت يقظة وذكية ومناضلة. الشعب اليمني يخرج الى الشوارع منذ شهور، ويقدم شهداء، وفي ليبيا يحارب الشعب ويقتل، كما إن الشعب في سوريا يقاومquot;.

وكان وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي قال السبت إن على الحكومة السورية أن تلبّي quot;المطالب المشروعة لشعبهاquot;، محذرًا في الوقت نفسه من أن سقوط الرئيس بشار الاسد سيولّد فراغًا سياسيًا.

وقال صالحي في تصريحات نقلتها وكالة الانباء الطلابية (ايسنا) quot;على الحكومات ان تستجيب للمطالب المشروعة لشعبها، سواء في سوريا او اليمن وغيرها. في هذه البلدان، تعبر الشعوب عن مطالب مشروعة، وعلى حكوماتها أن تستجيب لها بسرعةquot;.

واضاف quot;اتخذنا موقفًا واحدًا من التحركات الشعبية في دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا، ونرى ان هذه الحركات ناجمة من عدم رضا شعوب هذه الدولquot;. وأيّدت إيران الحركات الاحتجاجية في كل الدول العربية ما عدا سوريا. وهي تعلن تأييدها للأسد مع دعوته الى تطبيق اصلاحات.

وحذر صالحي من quot;الفراغ السياسيquot; في حال سقوط الرئيس الاسد. وقال ان quot;فراغ السلطة في سوريا ستكون له عواقب غير متوقعة على الدول المجاورة وعلى المنطقة (..) ويمكن ان تسبب كارثة في المنطقة وابعد منهاquot;.

واضاف ان quot;سوريا حلقة مهمة من حلقات المقاومة في الشرق الاوسط، والبعض يريد التخلص من هذه الحلقةquot;، في اشارة الى الولايات المتحدة وفرنسا والمانيا وبريطانيا التي طالبت الاسد بالتنحّي. وقال ان quot;على حكومات المنطقة ان تكون يقظة بشأن التدخل الاجنبي في شؤونها. هذا التدخل واضح في بعض الدول، وخصوصًا سورياquot;.

هذا، وقتل سبعة اشخاص الثلاثاء خلال تفريق مظاهرات خرجت بعد صلاة عيد الفطر في عدد من المدن السورية غداة توصل الاتحاد الاوروبي الى اتفاق مبدئي بشأن حظر استيراد النفط من سوريا، بسبب حملة القمع التي يشنّها النظام ضد المتظاهرين.

وذكر اتحاد تنسيقيات الثورة السورية في بيان ان quot;سبعة اشخاص قتلوا في اول ايام العيد في سوريا، منهم اربعة اشخاص، بينهم طفل في مدينة الحارة واثنان في انخل الواقعتين في ريف درعا (جنوب) إضافة الى شخص في مدينة حمص (وسط)quot;.

ونددت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون بالقمع quot;الوحشيquot; للتظاهرات في سوريا، وعبّرت عن quot;قلقها العميقquot;. يأتي ذلك غداة توصل الاتحاد الاوروبي الى اتفاق مبدئي بشأن حظر استيراد النفط من سوريا بسبب حملة القمع التي يشنها النظام ضد المتظاهرين، حسب ما افاد دبلوماسيون.

تأتي الادانة الجديدة فيما قررت دول الاتحاد الاوروبي الاثنين مبدأ فرض حظر على صادرات النفط السورية. وينتظر ان يصدر قرار رسمي بحلول نهاية الاسبوع. من جهتها، اكدت الولايات المتحدة الاثنين على لسان فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم الخارجية الاميركية ان quot;عزلة الاسد تزداد اكثر، والمجتمع الدولي يكثف مطالبته بصوت واحد بوضع حد فوري للعنفquot;.

واشارت نولاند ايضًا الى quot;القلق الذي عبّر عنه الرئيس الروسي (ديمتري) مدفيديفquot;. لكن موفدًا روسيًا اكد الاثنين في دمشق ان الموقف الروسي لم يتبدل لجهة الاكتفاء بدعوة نظام الاسد الى اجراء اصلاحات.

وترفض موسكو مشروع قرار اوروبي في الامم المتحدة ينص على تجميد أرصدة الرئيس السوري وقريبين منه، اضافة الى فرض حظر على الاسلحة. حتى ان روسيا تقدمت بمشروع قرار مضاد لا يتضمن عقوبات. واوضحت نولاند ان واشنطن quot;تكثف عملهاquot; في الامم المتحدة املا بالتوصل الى فرض عقوبات، وقالت quot;هذا الامر سيكون اولوية دبلوماسية في الايام والاسابيع المقبلةquot;.

واعلن الرئيس التركي عبد الله غول الاحد ان بلاده لم تعد تثق بنظام الاسد. وتحفظت دمشق رسميًا الاحد على بيان الجامعة العربية المطالب بـquot;وضع حد لإراقة الدماء (في سوريا) وتحكيم العقل قبل فوات الأوانquot; واكدت انها تعتبره quot;كأن لم يصدرquot;.

الا ان الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي اعلن انه quot;على استعداد لزيارة سوريا اليوم قبل الغد من اجل حمل المبادرة العربية لحل الازمة السوريةquot;، مضيفًا انه quot;في انتظار رد الحكومة السوريةquot; على طلب الزيارة.

واشار اتحاد تنسيقيات الثورة السورية في بيان الى ان العديد من التظاهرات خرجت الثلاثاء بعد صلاة عيد الفطر، حيث quot;شهدت درعا البلد (جنوب) تظاهرة حاشدة بعد صلاة العيدquot;.

وفي ريف درعا، خرج quot;اطفال مدينة داعل، وهم يرتدون الاكفان عوضًا منملابس العيد، متقدمين تظاهرة، شارك فيها اكثر من عشرة الاف شخص، خرجت منكل مساجد داعلquot;، مضيفا انه quot;رغم اغلاق مسجد الامام النووي الكبير في مدينة نوى، قام الأهالي بالصلاة امامه، وخرجت تظاهرة حاشدة قام الجيش بتطويقها، واطلق الرصاص على المتظاهرينquot;.

وفي وسط البلاد، اضاف الاتحاد شهدت حمص quot;انتشارًا امنيًا كثيفًا فيكل الاحياء لمنع الخروج الى صلاة العيدquot;، مشيرا الى quot;سماع رشقات متفرقة من اسلحة رشاشة في محيط قلعة حمص، في ظل انقطاع كامل للاتصالات عن معظم احياء حمصquot;.

ولفت الى ان quot;سيارات الامن تطوّق المقبرة عند مدخل تلكلخ (ريف حمص) التي انقطع الهاتف الأرضي عنهاquot;. واضاف البيان ان quot;مظاهرة بالآلاف في مدينة تدمر تتجه إلى مقبرة المدينة بعد صلاة العيد لزيارة قبور الشهداء، والهتافات تنادي بإعدام الرئيس، كما توجّه اكثر من عشرة الاف شخص إلى مقبرة مدينة القصير ليحيّوا شهداء الحريةquot;.

وتشهد سوريا حركة احتجاجات واسعة منذ منتصف اذار/مارس، ادى قمعها من جانب السلطة الى مقتل اكثر من 2200 شخص، بحسب حصيلة لمنظمة الامم المتحدة، فيما تشير منظمات حقوقية الى مقتل 389 جنديًا وعنصر امن، في غياب احصاء رسمي لعدد الضحايا.

وتتهم السلطات quot;جماعات ارهابية مسلحةquot; بقتل المتظاهرين ورجال الامن والقيام بعمليات تخريبية واعمال عنف اخرى لتبرير ارسال الجيش الى مختلف المدن السورية لقمع التظاهرات.