علم الثورة الليبية قرب بني وليد

مع عبور قافلة من عشرات العربات العسكرية تردد أن بعضها محمّل بالنقود والذهب مع عدد من أركان نظام القذافي إلى أراضي النيجر من جنوب ليبيا، انطلقت تحركات دبلوماسية مكثفة لحسم مصير العقيد الفار.


لندن: تجري محادثات لتأمين صفقة تتيح فرار العقيد الليبي الهارب معمر القذافي الى بلد مستعد لاستقباله وبذلك الإفلات من مواجهة أخيرة مع الثوار وتفادي مزيد من سفك الدماء. ولكن يبدو أن المفاوضات ما زالت جارية بشأن وجهة العقيد الأخيرة. ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن مصدر قريب من المفاوضات quot;ان الصفقة لم تُطبخ بعدquot;.

وفي حين ان جنوب افريقيا نفت توسطها في تجهيز الطبخة فان بوركينا فاسو نأت بنفسها على ما يبدو من الأنباء التي تحدثت عن استضافة القذافي في عاصمتها. وقال مسؤولوها لدبلوماسيين غربيين ان بوركينا فاسو بوصفها دولة موقعة على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لا تستطيع ان تقدم ضمانات الى القذافي بشأن وضعه.

وقال الن تراوري الناطق باسم حكومة بوركينا فاسو ان حكومته لا تستطيع ان تمنح القذافي حق اللجوء لأن علاقاتها معه لم تكن جيدة خلال السنوات الثلاث الماضية. واضاف ان بوركينا فاسو لا ترى سببا لمساعدته وخلق مشاكل لنفسها.

وأكد مسؤولون غربيون ان القذافي ما زال يرفض العرض الذي قدمه الثوار بتمكينه من الرحيل، وانه لم يكن في القافلة التي عبرت الى النيجر ليل الاثنين. ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن مسؤول غربي ان احدا من افراد أسرة القذافي لم يكن في تلك القافلة. quot;وان كل شيء يشير الى ان القذافي لن يختار الرحيل من الباب الخلفي مهما اشتد الإلحاح عليه للقيام بذلكquot;.

واشنطن تنفي التكهنات بعقد أي صفقة

في غضون ذلك نفت واشنطن ايضا التكهنات بعقد صفقة من نوع ما واعادت تذكير دول مجاورة لليبيا بأن السفر ما زال ممنوعا على اركان النظام السابق. وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الاميركية فكتوريا نيولاند ان مسؤولين كبارا في النظام السابق كانوا في القافلة ولكن القذافي ليس واحدا منهم.

وتعرض مخططو حلف شمالي الأطلسي لضغوط قادتها فرنسا للامتناع عن استهداف القافلة. وقال مسؤول ان الفرنسيين تحركوا بنشاط في حلف الأطلسي لضمان عدم تعرض القافلة لضربات جوية أو أي عمل آخر يمنع مغادرتها مع مواصلة رصدها وتعقبها. ولمح قادة عسكريون فرنسيون الى ان القذافي ونجله سيف الاسلام أبقوا خيار الانضمام الى القافلة مفتوحا حتى اللحظة الأخيرة.

واعلن ناطق باسم حلف الأطلسي بصراحة ان الحلف لن يهاجم اعوان القذافي الهاربين من ليبيا وارض المعركة. وقال ان مهمة الحلف هي حماية المدنيين وليس تعقب واستهداف مئات من مسؤولي النظام والمرتزقة والقادة العسكريين الهاربين والأشخاص النازحين.

ولكن الجهود التي بذلها حلفاء سابقون للعقيد بهدف تجنيبه خوض المعركة الأخيرة لم تنته بانتهاء نظامه. واشار مراقبون الى ان طائرتين من جنوب افريقيا كانتا في تونس على أهبة الاستعداد لنقل القذافي الى زمبابوي أو انغولا في اطار خطة أعدها الاتحاد الأفريقي لحل الأزمة. ولكن هجوم الثوار على طرابلس قطع طريق الهروب غربا الى تونس وأرغم افراد أسرة القذافي على الفرار جنوبا.

نظام القذافي منح امتيازات نفطية ضخمة لـ quot;بي بيquot; البريطانية

من جهة أخرى كشف وزير الخارجية الليبي السابق عبد العاطي العبيدي ان نظام القذافي منح امتيازات نفطية ضخمة لشركة بريتش بتروليوم بي بي مقابل اعادة عبد الباسط المقرحي المدان في تفجير طائرة ركاب اميركية الى ليبيا.

وقال العبيدي في مقابلة مع بي بي سي ان بريطانيا قبلت الاشارات الليبية الى ان الافراج عن المقرحي سيكون ثمنا غير مكتوب مقابل منح بي بي عقدا قيمته مليارات الجنيهات الاسترلينية. وقال العبيدي انه quot;كان هناك تلميح الى ان الافراج عنه سيساعد ولكنه ليس شرطاquot;. واضاف ان البريطانيين فهموا الاشارة. وحول ما إذا كانت مقايضة المقرحي جزءا من المحادثات قال العبيدي quot;هذا ما اعتقدهquot;.

وكانت شركة بي بي ضمنت واحدا من اكبر العقود لاستثمار احتياطات ليبيا النفطية بعد فتح ابواب التعامل مع نظام القذافي من جديد. وجرى الاحتفاء بالعقد بوصفه جزءا من الصفقة سيئة الصيت التي عقدها رئيس الوزراء البريطاني الاسبق توني بلير مع القذافي خلال لقائهما في الصحراء، على حد وصف الديلي تلغراف.

واعترفت بي بي بأنها مارست ضغوطا من اجل التوصل الى اتفاق بشأن نقل المقرحي خشية ان يتسبب أي تأخير في الإضرار بمصالحها التجارية لكنها نفت المشاركة في المفاوضات حول الافراج عنه. وجاءت تصريحات العبيدي في وقت حصلت البي بي سي على صور جديدة يظهر فيها المقرحي المصاب بسرطان البروستاتة وهو طريح الفراش يلاقي صعوبة في التنفس.

وقال نجله خالد المقرحي ان والده توقف عن الأكل ويمضي معظم الوقت نائما. وقال quot;أُريد ان يرى الجميع والدي وشدة مرضه وخاصة في بريطانيا، بل في اسكتلندا على الأخصquot;. واضاف انه يرى في الأخبار ان البعض يقول ان والده ليس مريضا وانه ليس في البيت ويقول البعض انه هارب quot;لكني أُريدكم ان تأتوا وتروا والدي فهو لا يستطيع ان يبارح غرفتهquot;.

كما ذهب خالد الى ان والده ليس مذنبا في عملية تفجير طائرة بان أم فوق قرية لوكربي التي اسفرت عن مقتل 270 شخصا عام 1988. وكانت السلطات الاسكتلندية افرجت عن المقرحي عام 2009 لأسباب انسانية بعدما قرر الأطباء انه لن يعيش اكثر من ثلاثة اشهر.

واشارت وثائق ليبية عُثر عليها في السفارة البريطانية المهجورة في طرابلس الى ان نظام القذافي حذر المسؤولين البريطانيين من ان بريطانيا ستعاقب باعلان الجهاد عليها إذا توفي المقرحي في السجن.

وبسبب بقاء المقرحي على قيد الحياة طيلة هذه الفترة انطلقت دعوات في الولايات المتحدة مطالبة باعادته الى السجن. وطلب شقيقه عبد الناصر المقرحي في آب/اغسطس مساعدة طبية من اسكتلندا لأن العائلة لم تعد تثق بالأطباء المحليين. ولكن السلطات الاسكتلندية اعلنت انها لن ترسل اطباء الى طرابلس.