بيروت: على الرغم من سياسات العزل والإقصاء التي مارستها الحكومات التركية والإيرانية على مدى عقود بحق الأكراد، يعود هؤلاء إلى الخارطة السياسية عبر جهود تهدف إلى توحيد صفوفهم. لكن التردد لا يزال يسيطر على الأكراد السوريين، الذين لم يتحركوا باتجاه تأسيس حكم ذاتي إسوة بإخوانهم في العراق.

في هذا السياق، تناولت صحيفة الـ quot;جيروساليم بوستquot; الخطوات التي بدأها أكراد سوريا من أجل توحيد صفوفهم، مشيرة إلى المؤتمر الذي عقد في ستوكهولم لوضع خارطة طريق تهدف إلى إسقاط النظام السوري للرئيس بشار الأسد.

وشارك في المؤتمر نحو 50 شخصية كردية سورية في المهجر، تسعى إلى جمع الأكراد وتنظيمهم، في خطوة تهدف إلى تحدي نظام الأسد.

ونقلت الصحيفة عن منظّم المؤتمر مسعود عكا، وهو ناشط كردي في منظمة حقوق الانسان في النرويج، قوله: quot;نريد توفير رؤية واضحة ومشاريع عملية لتفعيل دور الاكراد داخل سوريا وخارجها من أجل إسقاط نظام بشار الاسد وتحقيق انتقال السلطة إلى الشعب بطريقة سلميةquot;.

وحتى الآن، لم يعلن أكراد سوريا - الذين يبلغ عددهم نحو 1.7 مليون نسمة - عن رفضهم الصريح لنظام الأسد الذي يسعى جاهداً لقمع احتجاجات مناهضة للحكومة خلال الأشهر الستة الماضية.

واشارت الـ quot;جيروساليم بوستquot; إلى ان الاكراد، وعلى الرغم من انهم أقلية في المجتمع السوري، إلا أنهم الأكثر تنظيماً في مجموعات المعارضة الأخرى، لكنهم يشعرون بالتردد في اتخاذ الإجراءات اللازمة. واعتبرت الصحيفة إلى أن سبب هذا التردد لا يعود فقط إلى الخوف من قبضة النظام السوري وممارساته الشعواء، بل أيضاً من شكوكهم بأن النظام الجديد لن يكون أفضل.

يذكر أن نظام الأسد مارس سياسة قمعية بحق الأكراد وثقافتهم ولغتهم، فصادر أراضيهم، وحرم العديد منهم من حقوق الجنسية والمواطنة الكاملة. ولكن في اوائل نيسان/ابريل انتقل حاول النظام استرضاء الأكراد الذين يشكلون نحو 10 ٪ من سكان سوريا، بالاعتراف بحقوق مئات الآلاف منهم باكتساب الجنسية السورية، وهي خطوة لم تنفذ بعد.

واشارت الصحيفة إلى أن الأكراد يبلغون نحو 38 مليون نسمة تتوزع بين أربعة بلدان رئيسية، ويتحدث هؤلاء لغة خاصة، ومعظمهم من المسلمين السنة. وبعد تقسيم منطقة الشرق الأوسط إلى دويلات بعد الحرب العالمية الأولى، لم يحصل الأكراد على دولة خاصة بهم، ووجهت كل المحاولات الكردية للحصول على حكم ذاتي بالقمع والإقصاء من قبل تركيا والعراق وإيران.

ويقول جواد عبد القادر، رئيس التحرير في صحيفة quot;غلوب الكرديةquot; quot;حتى الآن، كان النظام السوري حذرا تجاه استفزاز الأقلية الكردية، لكن عدم المشاركة في الاحتجاجات لا يعني أن الأكراد راضون عن سياسة دمشقquot;.

واضاف عبد القادر أن quot;أكراد سوريا لم يدفعوا بعد باتجاه تأمين مطالبهم، لكن في حال اختاروا المواجهة، سيكونون خصماً صعباً في مواجهة الجيش السوري، فلديهم صلات وثيقة مع حزب العمال الكردستاني الذي سيدعمهم ليصبحوا فريقاً مدججاً بالسلاح، الأمر الذي سيكون له تداعيات اقليميةquot;.

وتخشى تركيا أن المشاركة السورية الكردية في الاحتجاجات ستؤثر فورا على الأكراد في تركيا، وستحدث انتفاضات كردية في بلدين.

في هذا الإطار، اشارت الـ quot;جيروساليم بوستquot; إلى أنه quot;في حال أعلن الأكراد السوريين استقلالهم، لن يكون الرئيس الأسد أول من يشن حرباً ضدهم، بل تركيا التي تخشى أن يؤدي ذلك إلى تمرد 17 مليون كردياً على أراضيهاquot;.