مع بدء السنة الدراسية في ليبيا تبذل الجامعة في طرابلس الكثير من الجهود لتتحول من معقل لنظام القذافي وتعاليمه إلى جامعة أكاديمية تسعى إلى أن تكون quot;طبيعيةquot;.
بيروت: للمرة الأولى منذ 42 عاماً، بات لجامعة طرابلس الفرصة لتكون مؤسسة تعليمية وأكاديمية، ففي الماضي كانت هذه الجامعة عبارة عن مبنى من غير وظيفة أو عمل.
في هذا السياق، نقلت صحيفة quot;الغاردينquot; عن استاذ في علم السياسة، سامي كشكوشة قوله: quot;لقد استخدم القذافي هذه الجامعة لتعزيز مكانته وشعبيته، وكانت حرماً للنظام القديم من دون أن يكون لها أي دور في تنمية أو تثقيف المجتمع الليبيquot;.
وبعد سقوط نظام القذافي وتنحية رجاله من المؤسسات والمناصب، تم تعيين فيصل كريكشي، طبيب نسائي، مديراً بالوكالة في جامعة طرابلس بدلاً من المدير القديم الذي كان تابعاً للقذافي، والذي أحيل للتحقيق بسبب ممارساته وسلوكياته.
وقال كريكشي: quot;هناك روح جديدة في الجامعة وفي المجتمع الليبيquot;، لكنه أردف قائلاً: quot;أخشى أن تكون التوقعات مرتفعة جداًquot;.
وحرصاً منه على تحقيق بعض المنافع الملموسة بسرعة، يخطط كريكشي لتوفير النقل المجاني من وإلى الحرم الجامعي، وعمل على تأمين أجهزة كنمبيوتر لاتحاد الطلبة المستقلين، وغيرها من المعدات التي صودرت من اللجان الثورية، التي توارى أفرادها عن الأنظار أو وضعوا قيد الاحتجاز.
وأشارت quot;الغارديانquot; إلى أنه على الرغم من الإصلاحات والمحاولات التي تبذل لتحسين الجامعة، إلا أن الذكريات المؤلمة التي شهدتها لم تتلاش. فبين العام 1970 و1980، أجبر الطلاب على مشاهدة الشنق العلني، إلى جانب كلية الطب لمعاقبة المعارضين وتهويل الناس.
وكانت أعمال الترهيب ومنع الكتب شائعة بين الناس، وعلى الرغم من أن عمليات الإعدام توقفت منذ سنوات، إلا أن الإنتهاكات الأخرى استمرت. قبل أسبوعين تم اكتشاف غرفة سرية تحت قاعة المحاضرات، وضمت القاعة غرفة نوم، وجاكوزي، وكانت مجهزة بالكامل لتصلح كغرفة عمليات نسائية كانت تستخدم لعمليات الإجهاض غير المشروعة.
وكان القمع روتينياً في عهد القذافي، حيث طغت الحسوبية والفساد على كل المؤسسات وطريقة عملها، فكريشكي حصل على وظيفته في التعليم داخل حرم جامعة طرابلس، فقط لأنه عالج زوجة أحد أعضاء اللجان الثورية، على الرغم من مؤهلاته العالية وخبرته الواسعة في مجال الطب النسائي.
ونقلت الصحيفة عن هدى شادي، طالبة في جامعة طرابلس تعدّ أطروحة في علم اللغة، قولها إنه لم يسمح لها بدراسة اللغة الإنجليزية لأن نتائجها كانت مرتفعة في مجال العلوم، وتمكنت من الالتفاف على هذا القرار من خلال تدخل أحد الأصدقاء في إدارة الجامعة.
وأضافت: quot;النظام برمّته كان فاسداً، وكان الطلاب يتصرفون وفقاً لإملاءات المسؤولين، وليس وفقاً لقناعاتهم وشغفهم في مجالات الدراسة. كان نظام التعليم في ليبيا ديكتاتورياً، تماماً كأي شيء آخر في البلادquot;.
وعلى الرغم من أن الحرم الجامعي الواسع والمحاط بالمناظر الطبيعية كان لطيفاً، إلا أنه يعاني تدهورًا حادًا في مستوى التعليم والمعدات. ويقول الموظفون إن المرافق والمعايير الأكاديمية بحاجة ماسة إلى التحسين والتطوير.
ويبدو أن عملية إصلاح المناهج الدراسية مسألة كبيرة، على الرغم من أن الحكومة المؤقتة - المجلس الوطني الانتقالي - ألغت المواد الإلزامية التي كانت تدرس في السابق مثل quot;النظرية العالميةquot; للقذافي وquot;دراسات الكتاب الأخضرquot;.
وأشارت الصحيفة إلى أن العمل على تحسين مجال تدريس اللغات، أمر متوقع ان يتم التركيز عليه، فالعدد الأكبر من الليبيين من الشباب ومتوسطي العمر لا يتكلمون سوى العربية، بسبب فرض حظر رسمي على ألسنة quot;الامبرياليةquot; في واحدة من فترات حكم القذافي في العام 1980.
أما اليوم، في عالم متحرر من القذافي، تلوح إمكانيات وآفاق مثيرة. والجامعات هي المكان المناسب لتنشئة جيل جديد على مبادئ الحرية ولبناء مجتمع ليبي مدني متحرر من الديكتاتورية والقمع.
التعليقات