في الجزء الثاني من حواره مع (إيلاف)، يرحّب محمد سعد الكتاتني الأمين العام لحزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لإخوان مصر بالحوار مع أميركا، مشيراً إلى أن الحزب فتح حواراً مع دول غربية أخرى، وقال إن سفراء ألمانيا وإيطاليا وروسيا زاروا مقر الحزب وتناقشوا مع قياداته في مختلف القضايا.


الأمين العام لحزب الحرية والعدالة الجناح السياسي للإخوان في حوار مع إيلاف 1/2

سعد الكتاتني: الإخوان قادمون للسلطة في مصر وفقاً للمراقبين

القاهرة: في الحلقة الثانية من مقابلته مع quot;إيلافquot; يؤكد محمد سعد الكتاتني الأمين العام لحزب الحرية والعدالة الذي كان زعيماً للكتلة البرلمانية للإخوان في برلمان 2005، أن الإخوان لا يسعون إلى الإنفراد بالسلطة في مصر.

ووصف الكتاتني حكومة الدكتور عصام شرف بأنها quot;ضعيفةquot;، منوهاً بأن الإنفلات الأمني وسيطرة رموز النظام السابق على quot;مفاصل الدولةquot; أخطر ما يواجه الثورة.

وقال الكتاتني إنه إذا لم يف المجلس العسكري بوعوده ويحدد مواعيد إجراء إنتخابات مجلسي الشعب والشورى ثم الإنتخابات الرئاسية سيكون المصريون قد قاموا بـquot;نصف ثورةquot; أو quot;ربع ثورةquot;، مشدداً على أن الإخوان وحزبهم الحرية والعدالة لا يعقدون صفقات مع المجلس العسكري.

الحزب الأحدث والأقدم في الوقت عينه

رغم أن حزب الحرية والعدالة ولد بعد الثورة، إلا أن خروجه من رحم جماعة الإخوان المسلمين يجعله أطول الأحزاب عمراً لو أضفنا عمر الجماعة إليه، ويتوقع المراقبون أن يكون بديلاً للحزب الوطني المنحل في قيادة مصر الجديدة، كيف ترى مستقبل الحزب؟

رغم أن حزب الحرية والعدالة حديث التأسيس منذ ثلاثة أشهر، إلا أنه يحمل ميراث جماعة الإخوان المسلمين وخبرتها في العمل السياسي والإجتماعي، فالتصنيف القانوني للحزب quot;حديثquot; والتصنيف السياسي quot;قديم قدم جماعة الإخوان المسلمينquot;.

بدأ الحزب جاداً، له شعبية وبرنامج واضح، وهناك إقبال على الإنضمام إليه، ورغم أن الحزب مستقل مالياً وإدارياً عن الجماعة، إلا أن خبرات قيادات وأعضاء الحزب إكتسبوها من العمل السياسي بالجماعة، فمنهم برلمانيون سابقون، وهذه الخبرات السياسية قد لا تحظى بها أحزاب أخرى.

وترجع أسباب تعويل الناس على الحزب، إلى أنه الأكثر تنظيماً، والأكثر إنتشاراً مقارنة بالأحزاب الأخرى، ولكن حزب الحرية والعدالة يرى أنه لا يستطيع بمفرده قيادة المرحلة المقبلة، ولا ينبغي أن يقودها منفرداً، لأنها تحتاج تكاتف المصريين، لذلك سعينا إلى أقامة تحالف ديمقراطي مع حزب الوفد.

سعيتم أم سُعي إليكم؟

بدأت قصة التحالف الديمقراطي، الذي يضم عشرات الأحزاب، عندما زارنا مجموعة من حزب الوفد للتهنئة بإعلان حزب الحرية والعدالة، وبعد انتهاء الزيارة صرح بهاء أبوشقة نائب رئيس الحزب بأن الفترة المقبلة سوف تشهد تعاوناً بين الحزبين، وهذا لم يكن متفقاً عليه، خلال جلسة التهنئة، وكان هذا التصريح محرجًا لنا، وتم عقد جلسات لإقامة التحالف في مقر حزب الوفد.

والآن يضم التحالف نحو 40 حزباً سياسياً. ونحن سعداء به لأن المرحلة الإنتقالية تحتاج أن يكون جميع المصريين يداً بيد من أجل بناء مصر التي نتمناها.

لا صفقات مع المجلس العسكري

هناك إتهامات من التيارات الليبرالية والثورية للحزب والجماعة بالطبع، بأنهما يعقدان صفقات مع المجلس العسكري، إنطلاقاً من التأييد الدائم لقرارت المجلس، ما رد الحزب على تلك الإتهامات؟

هذا الكلام quot;ظنيquot;، وليس عليه أي دليل، لأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يتواصل مع جميع القوى السياسية، ونحن لم ننفرد بلقاء واحد معه.
وما مصلحة المجلس في عقد صفقة مع حزب الحرية والعدالة أو جماعة الإخوان المسلمين، وقد يكون هذا الكلام نابعاً من أن لنا مواقف سياسية مختلفة عنبعض القوى، فمثلاً قد يدعو بعضها إلى خروج مليونية، ونرى نحن أنها في غير توقيتها، وقد يتوافق موقفنا مع موقف المجلس العسكري، وهذا لا يعني أننا عقدنا صفقة معه بالضرورة.

الإسلاميون والليبراليون ورموز مبارك الأقوى سياسياً

كيف تقرأ المشهد الثوري في مصر بعد مرور ثمانية أشهر على اندلاع الثورة؟

هناك مشهدان واضحان طوال تلك الأشهر التي تلت يوم 25 يناير، المشهد الأول يمتد من ذلك اليوم وحتى 11 فبراير الماضي، وهو يوم سقوط رمز النظام، وبدا المصريون جميعاً في ذلك المشهد متوحدين حول أهداف قومية نبيلة، دونما أهداف شخصية أو فئوية أو مصلحية سياسية، وكان هذا المشهد مثار إعجاب العالم كله.

أما المشهد الآخر فهو الممتد من 11 فبراير وحتى الآن، حيث بدأت إستحقاقات المرحلة الإنتقالية، وبدأ تكوين الأحزاب الجديدة، وسعى الجميع إلى المشاركة في تلك الإستحقاقات، ومن هنا برزت إلى السطح3 تيارات سياسية رئيسة هي: التيار الإسلامي بتنوعاته سواء الإخوان المسلمين، والسلفيين، الجماعة الإسلامية، والصوفية، الذين دخلوا على الخط وكوّنوا أحزاباً سياسية.

التيار الثاني هو الليبرالي واليساري، التيار الثالث يتمثل في أحزاب فلول الحزب الوطني المنحل، حيث استطاعوا تكوين بعض الأحزاب الجديدة، إضافة إلى بعض الحركات الشبابية الثورية، والأخيرة عددها كبير جداً لا يستطيع أحد أن يحصيها، وتلك الحركات مازالت تعيش في الحالة الثورية، لم تؤطر نفسها في أحزاب جديدة، ولم تنضم إلى أحزاب قائمة، وهؤلاء من يدفعون بإتجاه المليونيات في ميدان التحرير، حتى يجدوا لأنفسهم موضع قدم في الساحة السياسية.

وهذا وضع طبيعي وغير مزعج في أعقاب إسقاط نظام مستبد كان يصادر الحريات ويقمع الداعين إليها، وسوف تفرز التجربة السياسية الأحزاب والتيارات الحقيقية من تلك التي لا شعبية لها، وغير قادرة على خدمة الوطن في المرحلة المقبلة.

وهناكالكثير من الإيجابيات للثورة، منها محاكمة رموز الفساد وأركان النظام السابق، وإن كانت لم تنته حتى الآن، وأرى أن الشعب غير راضتمامًا عنها، ومن الإيجابيات أيضاً صدور بعض القوانين سريعاً، مثل قانون الأحزاب، بعدما كان السماح بتأسيس الأحزاب قاصراً على فئة بعينها من أتباع النظام السابق، وكانت كل الطلبات من الشخصيات المعارضة أو الجادة ترفض، وفي الغالب كان المعارضون لا يتقدمون بطلبات لتأسيس أحزاب جديدة، لعلمهم المسبق بأنها سوف ترفض.

ولعل أعظم إنجاز للثورة هو منح الحرية للمصريين جميعاً.

حكومة شرف ضعيفة

وماذا عن السلبيات التي صاحبت الثورة أو التي مازالت مستمرة من النظام السابق؟

بالتأكيد هناك الكثير من السلبيات أهمها تحكم بعض من رموز النظام السابق في مفاصل الدولة، تغيير الوزراء أكثر من مرة من أجل تنحية بقايا النظام السابق أثر بالسلب على قدرة الحكومة على الوفاء بمهامها، وفي اعتقادي أن حكومة تسيير الأعمال برئاسة الدكتور عصام شرف لم تعد هناك ملاحظات على أعضائها بقدر وجود ملاحظات حول أدائهم، ويمكن القول إنها حكومة ضعيفة.

ويعتبر الانفلات الأمني وانتشار البلطجية بهذا الشكل المتوحش وغير المسبوق من أخطر السلبيات، الأمر الذي سمح للمستفيدين من النظام السابق بقيادة ما يسمّى بـquot;الثورة المضادةquot;، وقد عادوا إلى الظهور بقوة من خلال مجموعات مثل quot;أسفين ياريسquot; وquot;أبناء مباركquot;، ولهم دور واضح أثناء محاكمات للرئيس السابق، وهؤلاء لا أعرف هل يمثلون quot;بلونة إختبار للثورةquot;، أم هم من يقودون الثورة المضادة؟

ولكن لا يجب أن يترك لهم المجال هكذا، لأهم بالفعل خطر على الثورة.

ترحيب بالحوار مع أميركا

تناقلت وسائل الإعلام تصريحات لوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تدعو فيه الإخوان إلى الحوار مع أميركا، وردت الجماعة والحزب بالترحيب. من أين بدأ هذا الحوار؟ وإلى أين أنتهى؟

لم يكن إلا مجرد تصريح إعلامي لوزير الخارجية الأميركية، ولم يترجم على أرض الواقع، وليس لدينا أية مشكلة في التحاور مع أميركا وأي طرف آخر.

على أي أسس ترحبون بالحوار مع أميركا؟

أميركا دولة لها مصالح في المنطقة، وإذا كان المراقبون يرون أن حزب الحرية والعدالة قريبًا من السلطة، فمن الطبيعي أن يبادر الأميركيون بالتحاور معه، لمعرفة توجهاته، وهذا من قبيل الأعراف الدبلوماسية أيضاً، وليس من قبيل المصالحة فقط، وأجندتنا في الحوار قائمة على أسس وطنية، وعربية وقومية، كما إنه ليس الأميركيون فقط هم من طلبوا الحوار معنا، فقد زارنا في مقر الحزب سفراء روسيا وألمانيا وإيطاليا، وتناقشوا مع قيادات الحزب في مختلف القضايا المثيرة للجدل، ولكن تسليط الضوء على دعوة الأميركيين يأتي إنطلاقاً من أن النظام السابق كان حليفاً لأميركا في المنطقة، كما إنها أكبر راع أو حليف لإسرائيل.

لا للطوارئ

تفعيل قانون الطوارئ وتوسيع دائرته، إيقاف تراخيص الفضائيات، وإغلاق الجزيرة مباشر مصر، كيف تقرأ هذا الإجراءات بعد الثورة؟

نحن ضد أية إجراءات تساهم في تآكل مساحات الحريات التي أنتزعتها الثورة، وكان المجلس العسكري قطع على نفسه عهداً بعدم تجديد قانون الطوارئ، لكن يبدو أن بعض الأحداث الأخيرة هي ما دفعته إلى اتخاذ هذا القرار الخاطئ.

هناك إجراءات كثيرة من الممكن إتخاذها من أجل السيطرة على حالة الإنفلات الأمني، هذا القرار خاطئ، لاسيما أن الثورة اندلعت من أجل القضاء على حالة الطوارئ.

ربع ثورة

تلك الإجراءات جعلت البعض يصف ثورة 25 يناير، بأنها quot;نصف ثورة نصف إنقلابquot;، أو إنها quot;ثورة مختطفةquot;، هل تتفق مع تلك التعبيرات؟

يجب أن تتنظر قليلاً قبل إصدار مثل تلك الأحكام، لأنني أتصور أن المرحلة الحاسمة في عمر الثورة، ستكون خلال الأيام القليلة المقبلة، فلو أن المجلس العسكري أعلن عن مواعيد إجراء الإنتخابات لمجلسي الشعب والشورى ثم الإنتخابات الرئاسية، يكون قد وفي ما وعد به، لأن إستحقاق الإنتخابات الذي سوف يأتي ببرلمان منتخب وحكومة منتخبة ورئيس جمهورية منتخب أهم إنجاز للثورة، وإذا لم يتحقق قريباً، أو تم تأخيره، عندها لك أن تقول عن الثورة ما تشاء، نصف ثورة أو حتى ربع ثورة.