مسلحون من حركة طالبان

خطت حركة طالبان أولى خطواتها الثلاثاء نحو المشاركة في مفاوضات سلام بهدف إنهاء النزاع مع حكومة كابول، وأعلنت أمسعن quot;استعدادهاquot; لفتح مكتب سياسي يمثلها خارج أفغانستان، وهو ما اعتبر تغييرًا في نهج الحركة.


كابول: أعلنت حركة طالبان في بيان الثلاثاء quot;استعدادهاquot; لفتح مكتب سياسي يمثلها خارج أفغانستان، من أجل المشاركة في مفاوضات سلام، في أول خطوة من جانبها في هذا الاتجاه، بعد عشر سنوات من النزاع مع حكومة كابول وحليفها الأطلسي.

وقد تم التوصل إلى اتفاق مبدئي حول هذا الموضوع مع محاورين عدة،منهم قطر، كما أعلنت طالبان في هذا البيان، الذي نشر على موقع quot;صوت الجهادquot;، وهو إحدى القنوات التي يستخدمونها.

وقالت الحركة quot;رغم وجودنا القوي في الداخل (في أفغانستان) فإننا مستعدون لأن يكون لنا مكتب في الخارج من أجل (المشاركة في) المفاوضاتquot;، والشرط المسبق لذلك هو quot;إطلاق سراح معتقلي طالبان في قاعدة غوانتاناموquot; في كوبا.

وفي إشارة مشجّعة ثانية على طريق محادثات سلام، أعلن مسؤولون أفغان الثلاثاء أن بعثة من الحزب الإسلامي، ثاني مكونات التمرد الأفغاني بعد طالبان، التقوا الأحد في كابول الرئيس حميد كرزاي ودبلوماسيين أميركيين، وجرت محادثات تتعلق بعملية السلام.

وهذا الحزب، الذي يتزعمه القائد الحربي ورئيس الوزراء السابق قلب الدين حكمتيار، يحارب أيضًا منذ عشر سنوات حكومة كابول والحلف الأطلسي. وأظهر هذا الحزب النافذ سياسيًا مواقف أكثر تصالحية من طالبان، خصوصًا في ما يتعلق بمفاوضات السلام، إلا أنه سمح لطالبان بالتقدم ميدانيًا خلال السنوات الأخيرة، رغم أنه لا يزال يسيطر على بعض المعاقل في الشرق.

لم يكشف البيان مكان فتح المكتب التمثيلي. وكانت فكرة فتح مكتب ارتباط لطالبان في بلد محايد لتسهيل إجراء محادثات سلام، طرحت مرات عدة في 2011. وقد اقترحت تركيا أو السعودية لاستقباله، ثم قطر.

حتى الآن كانت طالبان رفضت رسميًا التفاوض، طالما لم يغادر جنود إيساف أفغانستان. وقال مصدر قريب من طالبان إن اتصالات جرت quot;في الخريف الماضي في الدوحة بين دبلوماسيين أميركيين ووفد صغير من طالبان، يقوده طيب آغاquot; السكرتير السابق لزعيم طالبان الملا عمر، الذي لا يزال على اتصال معه.إلا أن طالبان نفت في بيانها الثلاثاء أي مفاوضات مع الأميركيين.

من جهته، أكد البيت الأبيض الثلاثاء أن على حركة طالبان أن تنبذ أولاً العنف قبل الانضمام إلى مفاوضات سلام في أفغانستان، مشددًا على أن هذا الشرط quot;لم يتغيرquot;، وذلك في أول رد فعل أميركي على قيام الحركة المتمردة بخطوة أولى نحو المشاركة في مفاوضات سلام.

وبعد طرد حركة طالبان من السلطة في نهاية 2001، لم ينجح الغربيون لاحقًا في لجم تصاعد أنشطتها تدريجيًا في قسم كبير من أفغانستان، مستفيدين من ضعف الحكومة المركزية.

ويبدو أن الحلف الأطلسي عاجز عن التغلّب على المتمردين بشكل نهائي، رغم رفع عديد قواته في 2010 إلى 130 ألف رجل، كما تراجع عدد الجنود الغربيين، الذين قتلوا في أفغانستان في 2011، للمرة الأولى منذ8 سنوات، لكنه يبقى مرتفعًا مع مقتل أكثر من 560 جنديًا من أصل 2847 منذ بدء النزاع.

وتحصد الاعتداءات، التي ازدادت وتيرتها، وتستخدم فيها الألغام أو القنابل اليدوية الصنع، المزيد من الضحايا المدنيين. وبحسب الأمم المتحدة، فإن أعمال العنف ازدادت في البلاد في 2011، في حين كان العام 2010 الأكثر دموية على المدنيين منذ 2001 مع سقوط 2777 قتيلاً.

وكان التحالف الدولي بدأ في العام الماضي بسحب أولى قواته القتالية، بهدف إنجاز الانسحاب الكامل في نهاية 2014. ولاحترام هذا الاستحقاق، وتفاديًا لاندلاع حرب أهلية بعد انسحابهم، دعا مسؤولون غربيون في العامين الماضيين إلى مفاوضات سلام مع طالبان.

وفي منتصف كانون الأول/ديسمبر، قال نائب الرئيس الأميركي جو بايدن في حديث لمجلة quot;نيوزويكquot; إن quot;حركة طالبان ليست عدوناquot; في تصريحات أيّدها الرئيس الأفغاني حميد كرزاي. وكان كرزاي، الذي رفض بداية فتح مكتب أفغاني في الخارج، دعم فكرة الائتلاف.

وبحسب مصدر قريب من طالبان، طلب مسؤولون في حركة التمرد أخيرًا من الملا عمر إظهار مرونة بالسماح بفتح مكتب تمثيلي في بلد مسلم غير باكستان. وهم يأملون بذلك في أن تتحرر طالبان من نفوذ هذا البلد، الذي لجأ إليه عدد من قادة طالبان.

وفي انتظار مفاوضات سلام محتملة، لا يزال النزاع الأفغاني مستمرًا. وكانت عملية انتحارية الثلاثاء استهدفت الشرطة، وأسفرت عن مقتل خمسة أشخاص، بينهم أربعة أطفال، وإصابة 16 آخرين في قندهار (جنوب) أحد معاقل طالبان.

وأعلنت الشرطة الأفغانية أن عملية انتحارية ثانية هزّت الثلاثاء مدينة قندهار، ما أدى إلى مقتل سبعة أشخاص، بينهم ثلاثة من عناصر الشرطة، وإصابة 12 شخصًا آخرين.