المجلس الوطني السوري |
في إطار تطور الأحداث التقت إيلاف المسؤول عن العلاقات الخارجية في أوروبا الغربية في المجلس الوطني السوري، الدكتور منذر ماخوس، الذي أجاب عن الأسئلة المطروحة على المعارضة السورية ككل، وخيار الحماية الدولية المطروح، إضافة إلى تحالف المجلس مع هيئة التنسيق الوطني.
باريس: يعتبر الدكتور منذر ماخوس quot;الاعتداء الذي تعرّض له المعارض السوري فرهاد أهمي في ألمانيا، محاولة من ضمن محاولات النظام السوري لترهيب المعارضة في الخارجquot;، مضيفًا إنه quot;من المعروف أن هذا النظام لا يملك أي رادع أخلاقي أو سياسي لما يمكن أن يذهب إليه في قمع المعارضة، سواء في الداخل أو الخارجquot;.
ويضيف المسؤول عن العلاقات الخارجية في أوروبا الغربية في المجلس الوطني السوري: quot;قد تكون اليوم الظروف غير مناسبة للنظام السوري لتصفية معارضيه. واستهدافه الانتقائي لناشطين مهمين هو تأديب لكل من يقف بوجههquot;.
كما أشار في السياق نفسهإلى تعرّض quot;قيادات في المجلس الوطني للتهديد في باريس عبر الهاتف، ولكن السلطات المحلية اتخذت إجراءات لحمايتهمquot;.
المبادرة العربية أو الرهان الخاسر
في تعليق على الدعوة السابقة للمجلس إلى تبني الأمم المتحدة للمبادرة العربية، يقول ماخوس: quot;المجلس كان يراهن على الجامعة العربية لوقف عمليات القتل الوحشي، التي يمارسها النظام ضد الشعب السوري. لكن الإطار الأشمل، الذي كان المجلس يطمح إليه، هو حلحلة الوضع لتجنيب إحالة الملف السوري إلى مجلس الأمنquot;.
وأضاف: quot;المعارضة السورية كانت تبحث تطوير الموقف الدولي بخصوص لجم القمع الوحشي للنظام السوري، لأن هذا الموقف ظل مرهونًا بالدعم، الذي يمكن أن تقدمه الدول العربية إلى الثورة السوريةquot;.
وفُسّر ترحيب المعارضة بالمبادرة العربية في بادئ الأمر بكون quot;الدول الغربية، وفي مقدمتها فرنسا، تشترط وجود موقف عربي يدين جرائم هذا النظام، للذهاب بعيدًا في اتخاذ إجراءات رادعة ضد النظام السوريquot;، إذ لا يعقل، يقول محدثنا، quot;أن تتقدم البلدان الغربية حملة ضد النظام السوري، في الوقت الذي تلعب فيه الدول العربية موقف المتفرجquot;.
المعارضة السورية والمأزق
يشخِّص ماخوس بالكثير من الصراحة وضع المعارضة السورية قائلاً إنها quot;تعيش في مأزق كبير منذ عقود، بسبب ما تعرّضت له على يد النظام، ما أدى إلىالقضاء على الحياة السياسية والديمقراطية وعلى الفضاء السياسي في سوريا بشكل عامquot;.
هذا الوضع، إضافة إلى اعتبارات تاريخية وهيكلية في قطاع البترول، quot;أوصل المعارضة إلى مأزق وحالة انسداد شبه كاملة نجني حصيلته اليومquot;.
ويوضح أكثر أنه quot;للإجابة عن المأزق الحاصل من تناقض في الرؤية السياسية لفصيلين مهمين من معارضة اليوم، التي تبلورت إبان قيام الثورة، يجب الإقرار بأن هذين الفصيلين، أي المجلس الوطني السوري وهيئة التنسيق الوطني، قد ولدا بعد شهور عديدة من اندلاع الثورة السورية العظيمة، وكلاهما كانا نتاجها، ولولاها لما سمعنا بهماquot;.
يقرّ المسؤول عن العلاقات الخارجية في أوروبا الغربية في المجلس الوطني السوري أنه quot;بالفعل هناك نوع من الاختلاف في الرؤية بخصوص ما يسمّى بالتدخل الخارجي أو الحماية الدوليةquot;، ويفسّرها بكونها quot;مناطق تسمح بتجميع اللاجئين والمنشقين ونشطاء المعارضة، وهذا رأي الغالبية الساحقة، وعلى رأسها المجلس الوطني السوريquot;.
يتابع قائلاً إن quot;هيئة التنسيق الوطني مثلاً لها رأي مخالف، وهي ضد أي تدخل عسكري أجنبي في سوريا. لكن ما هو الحل؟. موازين القوة اليوم مختلة بشكل مرعب لمصلحة النظام، ومن المستحيل التصور أن المعارضة السلمية يمكن لها أن تواجه هذا الجيش العرمرمquot;.
في السياق نفسهيواصل: quot;الاستمرار على هذا الوضع يعني أن النظام السوري بإمكانه أن يبيد العشرات، بل مئات الآلاف من السوريين. وهذا غير معقول، فبسبب ذلك، بدأنا نلاحظ بوادر حرب أهلية، وهي تمثل أكبر خطر على الشعب السوري. وبالتالي فإن الحماية الدولية ستوفر الحماية للشعب السوري، وتجنبه الوقوع في حرب أهليةquot;.
الحماية الدولية
لا يؤمن ماخوس بإمكانية إصلاح النظام من الداخل، إذ quot;يعتبر أن المراهنة على النظام ليصلح نفسه بهذه الطريقة هو رهان خاطئ ويضرّ بالمعارضة والثورة السورية عمومًا، لأن النظام لا يقوم بأي إصلاح، بل يُمنح المزيد من الوقت لقتل الشعب، وكما نعلم أن المهل، التي أعطيت له من الجامعة العربية، زادت فقط في عدد قتلى الشعب السوريquot;.
ووصف الوثيقة المشتركة الموقعة من طرف المجلس وهيئة التنسيق الوطني بـquot;الميتةquot;، إذ حصلت خلافات بشأن نقطتين فيها، قال عنهما quot;إنهما ضد الثورة السوريةquot;. الأولى، يشرح ضيفنا: quot;تتعلق برفضها للتدخل العسكري بمعنى الحماية الدولية، والثانية تتمثل في موقف شبه حيادي تجاه الجيش السوري الحر، وبالتالي فهذا الاتفاق يعتبر ميتًا جملة وتفصيلاًquot; بحسب تعبيره.
يعتبر ماخوس quot;المجلس الوطني السوري وهيئة التنسيق الوطني وليدين صغيرين للثورة السورية، بغضّ النظر إن كانا يحملان عاهات جنينية أو مكتسبة. وليس لديهما سوى مهمة واحدة، وهي الدعم المطلق للثورة، التي ولدتهما حصرًا، وليسبإمكانهما أن يفرضا أية إملاءات على الثورة العملاقة الأمquot;.
يقول عن هذه الثورة quot;إنها حسمت خياراتها على أرضية ظروفها الموضوعية، ولم يكن أمامها أي خيار آخر سوى الحماية الدولية، بما يعني ذلك من آليات وأطر لحماية المدنيين والنشطاء المنشقين البواسل، الذين يحاول النظام تصفيتهم بدون أي رادع أخلاقي أو سياسي أو إنسانيquot;.
عن العناصر المنشقة عن الجيش السوري، أو ما يعرف بالجيش السوري الحر، يفيد ماخوس أن quot;فصيل المعارضة الأقرب منه هو المجلس الوطني، وينسّق معه بشكل كبير، لكنه غير كافquot;.
في الإطار نفسه، يستطرد quot;المطلوب اليوم أن يصبح الجيش الحر جزءاً لا يتجزأ من المجلس، ويتم التنسيق معه بما يتوافق مع خصوصيات العمل العسكري. لكن القيادة لا تولي الاهتمام الكافي تجاه هذا الجيش، وهو ما تعيبه عليه الهيئة العامةquot;.
نقد الذات
منذر ماخوس |
يدعو المسؤول في المجلس الوطني السوري إلى تجديد المقاربة التي ينحوها الأخير في اتخاذ القرارات، وذلك بالانتقال إلى مرحلة ديمقراطية ومؤسساتية، معتبرًا أن مرحلة التأسيس، التي مرت بـquot;ظروف موضوعية معقدة، فرضت صيغة توافقية وتحاصصية مشروعة بسبب عدم وجود خيارات أخرىquot;.
ويضيف قائلاً quot;اليوم، وبعد مرور حوالى ثلاثة أشهر على تشكيل المجلس، حان الوقت لصهر مجمل أعضائه في بوتقة واحدة، وإزالة حواجز المرحلة التأسيسية الموروثة بين المكونات، التي شكلت المجلس في بداياته الجنينيةquot;.
ويؤكد ماخوس quot;أن مثل هذا الاندماج، بغضّ النظر عن المكونات الأولية المتمايزة للمجلس، يعطيه فعالية أكبر، ويمنحه أداء أفضل، ويتيح حياة ديمقراطية داخلية في إطار آلية مؤسساتية على المستويات كافةمن القاعدة وحتى الهرمquot;.
هذه الآلية، يوضح محدثنا، quot;هي النهج الذي اعتمد في آخر اجتماعات المجلس في تونس، وهي آلية لم يتم العمل بها عند التوقيع على اتفاقيته مع هيئة التنسيق، بمعنى أنه تم التوقيع عليها من دون الرجوع إلى المؤسسات القيادية، وعلى وجه الخصوص الأمانة العامة والمكتب التنفيذيquot;.
ويرى أن quot;هناك أطرافاً فيه تريد أن تختزله في إطار ضيق، يتيح لها الهيمنة وتفعيل أطروحاتها الخاصةquot;، وهي أطروحات ينعتهابـquot;الكارثيةquot;، معتبراً ذلك quot;جوهر العقبة الشاقة التي يعيشها المجلس اليومquot;.
يرفض ماخوس أن يحصر مشكل المعارضة السورية في شخص برهان غليون أو أي شخص آخر، موضحًا أن quot;المجلس الوطني السوري قادر على تجاوز الأزمة، إن اعتمد على النهج الديمقراطي المؤسساتيquot;.
سوريا الغد
يفصل ماخوس تصوّر المجلس الوطني لسوريا الغد بقوله إنه quot;محل إجماع من قبل معظم القوى داخله وخارجه، وهناك خطة عمل في مسودة البرنامج الأولي والتقرير السياسي للمجلس الوطني، والذي، لسوء الحظ، لم يناقش في اجتماعه الأخيرquot;.
هذا التصور، بحسب ضيفنا، quot;يقرّ بدولة ديمقراطية تعددية مؤسساتية مدنية، مع فصل السلطات والحرية الكاملة للإعلام، واحترام المعاهدات الدولية، واحترام الأقليات، وحرية التدين وتساوي جميع السوريين في الحقوق والواجبات أمام القانون في مجتمع المواطنة بغضّ النظر عن أي انتماءات سياسية أو مذهبيةquot;.
التعليقات