في وقت ذكرت تقارير جديدة أن الإدارة الأميركية استخدمت قناة سرّية لإيصال رسائل إلى طهران، تثار تساؤلات حول قدرة واشنطن على إعادة فتح مضيق هرمز، في حال أقدمت إيران على تنفيذ تهديداتها بإغلاقه.


عناصر من البحرية الإيرانية يتدربون على أحد شواطئ هرمز

تستخدم إدارة الرئيس أوباما قناة سرّية لتحذير المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي من أن إغلاق مضيق هرمز quot;خط أحمرquot; وسيؤديتجاوزه إلى رد أميركي، كما كشف مسؤولون في إدارة باراك أوباما.

وامتنع المسؤولون عن الخوض في تفاصيل هذه الوسيلة غير المعهودة في الاتصال بين الحكومتين، وما إذا كان هناك رد إيراني على التحذير الأميركي، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.

وكان مسؤولون كبار في إدارة أوباما أعلنوا أن إيران ستخترق خطًا أحمر إذا نفّذت تهديداتها الأخيرة بغلق مضيق هرمز، الذي يمر عبره 16 مليون برميل من النفط يوميًا إلى الأسواق، أو نحو 20 % من تجارة النفط العالمية.

اختارت إدارة أوباما قناة الاتصالات السرّية هذه، كي تؤكد لإيران، بعيدًا عن الأضواء، موقفها الحازم، في وقت تتصاعد حدّة التوتر بشأن المضيق، حيث قال مسؤولون في البحرية الأميركية إن مبعث القلق هو أن يقوم قبطان متحمّس في الحرس الثوري بعمل استفزازي منفرد، ليفجّر أزمة أكبر.

وكان قائد العمليات البحرية الأدميرال جونثان غرينرت أعلن في واشنطن قبل أيام أن ما يقضّ مضجعه في الليل quot;هو مضيق هرمز، وما يجري في الخليج العربيquot;.

وقال مسؤولون أميركيون وخبراء في شؤون إيران إنهم ما زالوا يعتقدون أن تهديدات إيران بغلق مضيق هرمز في غمرة التوتر المستمر بشأن برنامجها النووي والعقوبات الجديدة، التي يمكن أن تُفرض عليها، جعجعة بلا طحين، ومحاولة لرفع سعر النفط، وأن إغلاق هذا الممر بوجه القسم الأعظم من صادرات إيران النفطية نفسها وواردتها من المواد الغذائية والاستهلاكية، سيكون بمثابة انتحار اقتصادي.

لكن مسؤولي البنتاغون، الذين يخططون لكل الاحتمالات، قالوا إن لدى إيران القدرة العسكرية على غلق المضيق، مهما كانت مثل هذه الخطوة مستبعدة.

ورغم أن قوات إيران البحرية لا تشكل تحديًا يُعتد به للقوات الأميركية، فإنطهران تنفق المال منذ عقود على أسلحة مناسبة لخوض ما يُسمّى quot;حرباً لا متناظرةquot;، تعتمد على الألغام وأسطول من الزوارق السريعة، وصواريخ مضادة للسفن، مخفية على ساحل إيران، الذي يمتد 1600 كيلومتر على ضفاف الخليج.

وأقرّ رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، الجنرال مارتن ديمبسي، بأن إيران قادرة على غلق مضيق هرمز. وتتراوح تقديرات المحللين للفترة التي تحتاجها القوات الأميركية لإعادة فتحه ما بين يوم واحد وبضعة أشهر، لكن الجميع يتفق على أن القوات البحرية الإيرانية، إذ تستطيع أن تُلحق قدرًا من الأضرار... فإنها ستُدمّر في نهاية المطاف.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مايكل كونيل مدير برنامج الدراسات الإيرانية في مركز التحليلات البحرية، التابع لقوات البحرية ومشاة البحرية الأميركية، إن الأسطول الإيراني quot;سيكون في قاع المحيط، ولكنهم يستطيعون أن يحققوا إصابة محظوظةquot;. مشيرًا إلى أن صاروخًا إيرانيًا مضادًا للسفن يمكن أن يعطب حاملة طائرات أميركية.

ولدى إيران بحريتان، بحرية نظامية تتألف من سفن كبيرة عتيقة موروثة من زمن الشاه، وبحرية مفضلة سياسيًا، هي بحرية الحرس الثوري، المؤلفة من زوارق سريعة، تستخدم أساليب حرب العصابات على طريقة quot;إضرب واهربquot;.

ويقول ضباط كبار في البحرية الأميركية إن البحرية الإيرانية النظامية قوة محترفة في الغالب، ويمكن التنبؤ بما ستفعله، ولكن بحرية الحرس الثوري المسؤولة عن العمليات في مياه الخليج ليست قوة معروفة بالاحتراف. وقال كونيل إن فيها عناصر قد تتصرف بشكل فردي.ولاحظ ضابط متمرّس في مقر الأسطول الخامس الأميركي في البحرين أن لدى بحرية الحرس الثوري نزعة quot;تهريجيةquot;.

ورغم أن الولايات المتحدة تستطيع أن تردّ على الألغام، التي يمكن أن تزرعها إيران في مياه الخليج بكاسحات الألغام، فإن محللين يرون أن القوات الأميركية قد تواجه هجمات متعددة الأشكال في وقت واحد. إذ يستطيع الإيرانيون أن يطلقوا صواريخ مضادة للسفن من شواطئهم أو جزرهم أو منصاتهم النفطية، وفي الوقت نفسه تطويق أي سفينة أميركية بزوارق سريعة مسلحة بالصواريخ.

وقال كونيل إن المهمّة الآنية ستكون إبطال الألغام، ولكن سيتعين التعامل مع الصواريخ المضادة للسفن ومع أسراب من الزوارق السريعة في الوقت نفسه.

وتؤكد طبيعة مضيق هرمز أنه اسم على مسمى.فإن عرضه يبلغ نحو 50 كلم في أضيق نقطة منه، بحيث لا يترك مجالاً يُذكر لحركة السفن الحربية.وقال ضابط في البحرية الأميركية إن أي مواجهة ستكون أشبه بمعركة بالسكاكين داخل كابينة تلفون عمومي. وأضيق من ذلك ممرات السفن التجارية، حيث تفصل 3.2 كلم فقط بين ممر السفن الآتية وممر السفن المغادرة.

وأشار مسؤولون أميركيون إلى أن الرسائل الأخيرة والدقيقة، التي تعبّر عن قلق الولايات المتحدة على سلامة الملاحة في الخليج، نُقلت عبر قناة غير الحكومة السويسرية، التي كثيرًا ما تستخدمها واشنطن، بوصفها طرفًا محايدًا لنقل رسائل دبلوماسية إلى طهران.

وهناك تاريخ من النزاعات بين الولايات المتحدة وإيران في مضيق هرمز، أحدثها عهدًا كان في مطلع 2008 عندما اتهمت إدارة بوش إيران بارتكاب عمل استفزازي بعدما اقتربت خمسة زوارق إيرانية سريعة من ثلاث سفن حربية أميركية في المياه الدولية، ثم قامت بحركات خطرة تجاهها، فيما أطلقت أجهزة لاسلكية إيرانية تهديدات بأن السفن الأميركية ستنفجر. وانتهت المواجهة من دون إطلاق نار أو إصابات.