سلفاتوري وأنتونيا

أجبر العسر الذي يحلّ بعد اليسر رجلاً وزوجته في جنوب إيطاليا على الانتحار سويًا، وذلك بعد يأسهما من أي إغاثة يمكن أن تقدمها إليهما حكومة سيلفيو بيرلسكوني الأخيرة. لكنهما رحلا بعدما تركا بصمة واضحة على سجل رئيس وزرائها وربما أرّقت ضميره إلى الأبد.


من نتائج الزمن الاقتصادي العسير، الذي تمر به إيطاليا ومعظم بقية دول القارة الأوروبية، مآس إنسانيةانعكست في العديد من المظاهر.

لكن من بين أبرز هذه، خطاب مفتوح من إيطالي وزوجته قبل إنهاء حياتهما معًا في غرفة أحد الفنادق إلى رئيس الوزراء السابق، وجاء فيه: laquo;نهدي هذا الانتحار المزدوج إلى سيلفيو بيرلكسونيraquo;.

نقلت الصحافة البريطانية عن الإيطالية أن الرجل، واسمه سالفاتوري دا سالفو (64 عامًا) وزوجته أنتونيا أزوليني (69 عامًا) ركنا إلى هذه الخطوة الفريدة، بعدما بعثا بعدد من الخطابات إلى بيرلسكوني وعدد من المسؤولين الحكوميين في إقليم بوغليا في جنوب إيطاليا.

وكانت هذه خطابات صرخة استغاثة من ضيق العيش في ظل أحد أسوأ الأوضاع المالية في البلاد. لكن هذه الاستغاثة ظلت بدون استجابة، وإن كان الزوجان يعلقان آمالاً كبيرة على بيرلسكوني نفسه. فشرحا أنهما فقدا منزلهما بسبب البطالة والفقر، وصارا يعيشان في غرفتين منفصلتين في نزل رخيص.

تنبهّت الصحافة الإيطالية إلى أن الزوجين - لخمس وأربعين سنة - بدآ يعربان عن هذا الوضع، ويحذران من عاقبة سيئة منذ العام 2010 أثناء لقاء لهما مع محطة تلفزيون محلية. وقالا فيه إن الموت أفضل بالنسبة إليهما من العيش منفصلين في نزل رخيص، لا يجدان فيه أي قدر من الخصوصية وسط القاصي والداني.

وقال كل منهما عن غرفته إنها laquo;مثل جحر الفأر، ساخنة ورطبة وعطنة إلى درجة الجنونraquo;. وقالت أنتونيا: laquo;حلم حياتي الأكبر هو أن تتاح لي الفرصة للهروب من هذا الجحيم. لا أريد المال والراحة والحياة الرخية، ولكن مجرد شيء أفضل من هذا الحالraquo;.

قبل ستة أشهر، نشرت صحيفة محلية رسالة مفتوحة من الزوجين جاء فيها: laquo;يا سيلفيو العظيم والنبيل الرفيع: إليك نهدي تحايا وداعنا الأخيرةraquo;. وقبل أسبوع من انتحارهما نشرت لهما مجلة laquo;أوجّيraquo; الأسبوعبة الأوسع انتشارًا في إيطاليا خطابهما الأخير، الذي قالا فيه: laquo;لا شك في أنك ستعلم من الصحف الكيفية التي يموت بها أولئك الذين لا يقبلون بغير العيش بكرامة إنسانية، يجب أن تتوافر للجميع، وبعيدًا عن النفاق والقسوة اللتين تتمتع بهما، أيها النبيل العظيم، مع أمثالك من الساسةraquo;.

وكان سلفاتوري وأنتونيا قد فقدا منزلهما، الذي ظلا يعيشان فيه منذ العام 1966 بعدما انهارت أعمالهما التجارية المتواضعة، ولكن الكافية لستر الحال. وبعد معاناتهما من البطالة والفقر لسبع سنوات، كتبا سلسلة من الخطابات إلى عدد من الصحف والمجلات يضيئان بها حالة الضيق، التي ألمّت بالعديد من الإيطاليين، بسبب سوء الإدارة السياسية والاقتصادية.

وفي قمة يأسهما كتبا مرارًا إلى بيرلسكوني، وإلى الرئيس أبوليا نيتشي فيندولا، على أن رسائلهما ظلت بدون جواب.

في آخر المطاف قررا وضع حدّ لكل معاناتهما، فاستأجرا غرفة مواجهة للبحر في فندق سيتي ماري في باري، وتناولا فيها عبوتين من الحبوب المنوّمة. وماتت أنتونيا بعيد ذلك داخل الغرفة، بينما تمكن زوجها من الخروج إلى البحر، ولفظ في مياهه أنفاسه الأخيرة، ولم تُسترد جثته إلا بعدما عثر عليها صيادو السمك لاحقًا.