جنود من الجيش السوري الحر المعارض في مكان غير معلوم

تتزايد المؤشرات حول الإنقسام الشديد للمجتمع الدولي عما إذا كان غير قادر أو غير راغب في التدخل لوقف العنف في سوريا، الأمر الذي يتوقع أن يؤدي إلى إشعال التمرد المسلح الذي من شأنه أن يدفع البلاد وربما المنطقة بأكملها نحو حرب أوسع.


تصاعدت الأدلة خلال الأشهر الماضية التي تشير إلى أن المعارضة السورية التي كانت يوما ما سلمية لجأت الى حمل السلاح. وأدّى تلاشي الأمل بالحصول على مساعدة خارجية إلى إصرار النشطاء على أن العنف وحده يمكنه إزاحة الاسد عن السلطة.

وفي هذا السياق، تحدثت صحيفة الـ quot;واشنطن بوستquot; عن المعارضة السورية بأن الحكومة أرغمت على القبول بالتفاوض لوقف إطلاق النار مع الجنود المنشقين في مدينة الزبداني قرب الحدود اللبنانية، الامر الذي سيؤدي إلى تسريع انزلاق البلاد نحو حرب شاملة.

وقال أحد الجنود المنشقين في الزبداني، الذي عرّف عن نفسه بأنه أحد أعضاء الجيش السوري الحر، إن عددا من الجنود الموالين للنظام انسحبوا ظهر الاربعاء بعد قيامهم بشن هجوم استمر لنحو خمسة أيام لقمع وإسكات المعارضة في الزبداني. وتشير المعارضة إلى أن منتجع الجبل الذي يقع شمال العاصمة دمشق، أصبح خارج قبضة النظام السوري خلال الاسابيع الماضية.

من جانبه، قال المعارض كمال اللبواني لوكالة quot;رويترزquot; إن عشرات الدبابات والمدرعات التي كانت تطوّق الزبداني على بعد 30 كيلومترا شمال غربي العاصمة السورية انسحبت ليل الاربعاء الى ثكناتها على بعد ثمانية كيلومترات وان الاغذية والامدادات الاساسية بدأت تصل الى البلدة.

وأضاف اللبواني الموجود في العاصمة الاردنية عمان أن الهجوم على الزبداني يمكن أن يتجدد في أي وقت وانهم ربما يكونون انسحبوا من المنطقة لانهم يريدون ارسال قوات أكثر ولاء بدلا من جنود أبدوا ترددهم في اقتحام البلدة.

وهاجمت القوات التابعة للرئيس السوري بشار الاسد الزبداني يوم الجمعة بعد تظاهرات متكررة ضد حكمه في البلدة الواقعة قرب مسارات تهريب في الجبال التي تفصل بين سوريا ولبنان.

وقال شهود عيان إن الحكومة السورية على ما يبدو تتجه نحو المدن المضطربة الاخرى التي تقع خارج العاصمة السورية دمشق، حيث لوحظ انحسار الهجمات في دمشق عما كانت عليه في الفترة الماضية. ويرى المتمردون أن هذا الانحسار يعود إلى أن قوات الامن السوري تعمل على إعادة تجميع نفسها من أجل تعزيز قدراتها.

وعلى الرغم من ذلك، أشاد نشطاء بنقطة التحول الرمزية هذه معتقدين أنها تبشّر بإمكانية أن يؤدي التمرد المسلح إلى إجبار حكومة الرئيس بشار الاسد على تقديم التنازلات.

ونقلت الصحيفة عن كمال لبواني، الذي أطلق سراحه في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بعد أن قضى نحو عشرة أعوام في السجون السورية، قوله ان quot;فرض التفاوض على النظام مع شعبه وسحب جنوده يعد انتصاراً سياسياًquot;، مضيفاً أن quot;هذا يدل على أنه يمكننا الحصول على حريتنا بأنفسنا من دون مساعدات من قوات خارجية، وهذا يعني أننا لو حملنا السلاح فإنه يمكننا الدفاع عن انفسنا وعن حريتناquot;.

من جهته، يقول الناشط عمر شاكر من حي باب عمرو في مدينة حمص: quot;لا توجد حرب أهلية في سوريا حتى الآن، لكن لو لم يقم المجتمع الدولي بأي تصرف واكتفى بالتفرج، فإن الحرب الاهلية ستصبح حقيقة لا مفر منهاquot;.

ولم تتمكن بعثة المراقبة التي ارسلتها جامعة الدول العربية من إيقاف عمليات القتل، كما أثبتت المعارضة السورية المنقسمة أنها ليست البديل المتماسك لحكومة الاسد. ويدل عدد القتلى المتزايد من الطرفين على تصاعد العنف بشكل مطرد في البلاد التي شهدت أعمالا احتجاجية منذ أكثر من عشرة أشهر.

ووفقاً للناشط السوري رامي جراح الذي يعيش في القاهرة بعد أن أجبر على الفرار من دمشق في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، quot;لن يتوقف هذا العنف الذي تحول إلى نوع من التمرد المسلح الذي سيقود البلاد إلى مزيد من الفوضى ولا اعرف لماذا لا يفهم العالم هذا الامرquot;.

وارتفعت مؤخراً اصوات المتظاهرين لمطالبة الناتو بتطبيق منطقة حظر الطيران كتلك التي ساعدت على سقوط نظام معمر القذافي في ليبيا. وقال وسام طريف، احد نشطاء حقوق الإنسان، إن إدراك الناس ببعد احتمال التدخل الغربي في سوريا جعل العديد من المعارضين يؤيدون الجماعات الإسلامية.

وأضاف طريف أن quot; المجموعات الإسلامية والسلفية هي الوحيدة التي تتمتع بالتنظيم والمصداقية، والشيء الخطير الآن هو أنه لم يعد أحد يؤمن بالنضال السلمي ويريدون اللجوء إلى السلاحquot;.

ويؤكد النشطاء في سوريا أنه لا يوجد لديهم أي اجندات أو أهداف أخرى سوى الإطاحة بنظام الاسد، ويقرّون بأن الطائفة السنية لديها موقع رئيس على أرض المعركة من أجل طرد النظام المهيمن على البلاد الذي تنتمي أغلبية شخصياته إلى الطائفة العلوية الاقلية التي ينتمي لها الأسد، الأمر الذي يزيد احتمالية اندلاع صراعات طائفية في البلاد.

ويقول الناشط عمر شاكر quot;قبل شهر واحد لم يكن أحد يؤيد جماعة الإخوان المسلمين، لكننا اليوم أصبحنا على استعداد لدعم إسرائيل إذا ساعدتنا على طرد نظام الأسد، فنحن اليوم نؤيد اي شخص يريد مساعدتناquot;.