فيما رفضت الحكومة العراقية رسمياً تصريحات قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، بأن العراق تابع الآن لإيران، فقد أكدت أن العراق لن يكون بيدقًا في لعبة الآخرين أو ساحة لتصفية الحسابات، بينما دانت القوى السياسية العراقية التصريحات. معتبرة أنها دليل ضعف حكومتها وتدخل مرفوض في الشؤون الداخلية العراقية، في وقت يلتقي زعيم الكتلة العراقية أياد علاوي اليوم الأحد السفير الإيراني حسن داناتي در لبدء صفحة جديدة في علاقات الطرفين.


قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني

العراق يرفض تصريحات سليماني ويؤكد أنه غير تابع لأحد

أكدت الحكومة العراقية رفضها تصريحات سليماني، مشددة على أن العراق quot;لم ولن يكون تابعا لأحد، ولن يكون بيدقًا في لعبة الآخرين أو ساحة لتصفية الحسابات بين الأطراف الأخرىquot;، والشعب العراقي هو سيد نفسه، وهو الذي يقرر مصيره وخياراته الوطنية.

وقالت وزارة الخارجية في بيان صحافي تلقته quot;إيلافquot; quot;نرفضكل التصريحات المؤذية بحق وحدة وسلامة وسيادة العراق ونظامه الديمقراطي الاتحاديquot;.

وأشارت في بيان إلى أنه quot;بعد إنجاز الحكومة لعملية سحب القوات الأميركية من البلاد قبل نهاية العام 2011 وفق الاتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدينونهوض العراق للقيام بممارسة دوره في المنطقة والعالم، وسعيه إلى التحرر كلية من أحكام الفصل السابع وبناء قدراته الأمنية لمواجهة الإرهاب، تطالعنا، ومنذ بداية العام الجديد، تصريحات ومواقف من مسؤولين كبار في دول الجوار، تعكس محاولاتهم للتدخل في الشؤون الداخلية العراقية، وعدم احترام السيادة العراقية والحكومة المنتخبة من قبل الشعب العراقيquot;.

ودعت الخارجية quot;الدول الصديقة والجارة، ولاسيما تركيا وإيران وبعض الدول العربية الشقيقة، إلى احترام سيادة واستقلال العراق، ومساعدة حكومته الوطنية المنتخبة وشعبه على تجاوز التحديات الأمنية والسياسية والتنموية التي تواجهها، وأن تكون عونًا، لا وصيًا على بلادناquot;.

وكان سليماني قال خلال ندوة في طهران الخميس الماضي quot;إن العراق وجنوب لبنان يخضعان لإرادة طهران وأفكارها، ويمكن تنظيم حركة تهدف إلى تشكيل حكومات إسلامية في البلدينquot;.

قوى سياسية تعتبر تصريحات سليماني غير مقبولة

وقد واجهت تصريحات سليماني بعاصفة رفض من قبل القوى السياسية العراقية، التي دانتها، معتبرة أنها quot;تدخل سافر في شؤون العراق، داعية الحكومة العراقية إلى اتخاذ موقف حازم منهاquot;.

فقد اعتبرت الكتلة العراقية بزعامة رئيس الوزراء السابق أياد علاوي التصريحات تصعيدًا للاحتقان الطائفي في المنطقة.

وقالت النائبة، ميسون الدملوجي، الناطق الرسمي باسم العراقية في تصريح لـquot;إيلافquot; إن كتلتها تأسف لصدور تصريحات سليماني عن خضوع العراق لإرادة طهران.

وأشارت إلى أن العراقية تسعى إلى بناء علاقات متوازنة مع كل دول الجوار وغيرها بما يضمن سلامة العراق ومصالحه، وبناء الاستقرار والأمن والسلام في المنطقة، التي تقوم على أساس المصالح المشتركة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. وأضافت أن مثل هذه التصريحات تزيد إحتقان الأوضاع وخطورتها في العراق والمنطقة. وأوضحت أن كتلتها تنظر ردًا رسميًا من الحكومة العراقية ردًا على سليماني.

أما التيار الصدري، بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، فقد أكد أن هذه التصريحات غير مقبولة.وشدد على أن العراق دولة مستقلة، ولا يقبل أي تدخل في شؤونه، سواء كان من إيران أو تركيا أو السعودية أو غيرها من دول الجوار، كما إنه يرفض أن يكون بدوره منطلقاً للتدخل في شؤون تلك الدول الجوار. وأوضح أن العراق مُصرّ على إقامة علاقات خارجية معكل دول العالم، تكون مبنية على أساس الاحترام المتبادل.

أما عزة الشابند النائب عن ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي فقد وصف تصريحات سليماني بأنها quot;تطاول غير مقبولquot; على سيادة العراق، وأكد أن quot;تصريحات سليماني غير مقبولة، وتعتبر إساءة إلى إيران قبل العراق، وعليه فإنه مجبر على تقديم تفسير لتلك التصريحاتquot;، عازياً سبب quot;التطاول التركي والإيراني، وقبله السوري والسعودي، إلى البناء غير الصحيح لحكومة الشراكة، التي سمحت بالتدخل الأجنبي في شؤون العراق على نطاق واسعquot;.

وأضاف الشابندر أن quot;الدول التي لا تعتبر أن هناك مركزية قوية في العراق تسمح لنفسها بالتدخل في شؤونهquot;، كما قال في تصريح لوكالة السومرية نيوز.

من جهته، اعتبر محمود عثمان القيادي في التحالف الكردستاني تصريحات سليماني تدخلاً سافرًا في شؤون العراق، داعيًا الحكومة العراقية إلى اتخاذ موقف حازم شبيه بموقفها من تصريحات رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، الذي انتقد الحكومة العراقية، على ما قال إنه سياسة تطهير ضد السنة. وشدد على أن الكتل السياسية مطالبة بتوحيد مواقفها من السياسية الخارجية والتحديات الداخلية لمنع التدخلات الخارجية من أية دولة كانت.

على الصعيد نفسه، اعتبر حامد المطلك القيادي في جبهة الحوار الوطني ضمن القائمة العراقية تصريحات سليماني بأنها quot;ممهدة لمشروع طائفي، هدفه ذبح العراقquot;. وأشار في مؤتمر صحافي في بغداد إلى أن quot;العراقيين لن يقبلوا بفرض إرادة أجنبية عليهمquot;. وقال إن خلافات السياسيين هي التي دفعت بقائد فيلق القدس الإيراني إلى التطاول على العراق.

يذكر أن سليماني كان من كبار قادة الحرس الثوري الإيراني خلال الحرب العراقية الإيرانية، التي استمرت ثمانية أعوام، بصفته قائدًا للفرقة 41 quot;ثاراللهquot;، وبعدما وضعت الحرب أوزارها، تسلم مهام بالغة الأهمية والسرية في الحرس الثوري، إلى أن عيّنه المرشد الإيراني الأعلى بعد عام 2000 قائدًا لفيلق القدس، وقام في عام 2011 بترقيته من عقيد إلى فريق، نتيجة للخدمات التي قدمها لمصلحة بلاده في كل من العراق وأفغانستان ولبنان. ويتواجد سليماني حاليًا في دمشق لدعم النظام السوري ضد المحتجين، الذين تتهمهم طهران بالعمالة للغرب والولايات المتحدة.

.. وعلاوي يلتقي السفير الإيراني اليوم

على الصعيد نفسه، من المنتظر أن يجتمع علاوي في بغداد اليوم الأحد مع السفير الإيراني حسن داناتي مر لبحث العلاقات الإيرانية العراقية وتطوراتها، إضافة إلى تصريحات سليماني.

يأتي الاجتماع بعد أيام من إرسال الكتلة العراقية للقيادي فيها وزير الاتصالات محمد علاوي إلى طهران، حيث أجرى مباحثات مع المسؤولين الإيرانيين، وبحث العلاقات المستقبلية بين الطرفين في مرحلة ما بعد الانسحاب الأميركي من العراق.

من جهتها الناطقة باسم العراقية ميسون الدملوجي نفت تطرق اللقاء إلى رغبة كتلتها في تغيير رئيس الوزراء نوري المالكي. وأضافت الدملوجي أن التقارب بين علاوي وطهران جاء نتيجة للمتغيرات التي تشهدها المنطقة العربية، وعبّرت عن الأمل في أن يدشّن اجتماع علاوي ومر صفحة جديدة من العلاقات الثنائية.

وعادة ما يتهم علاوي إيران بالتدخل في الشؤون الداخلية العراقية وفرضها هيمنة على حكومته.

وقال وقت سابق إن إيران تقف وراء استبعاده من تشكيل الحكومة العراقية الحالية، برغم فوز قائمته العراقية في الانتخابات العامة، التي جرت في مطلع عام 2010، مشددًا على رفضه التام الذهاب إلى طهران من أجل الحصول على منصب رئاسي.