ذكرت وسائل إعلام عربية وغربية منذ قليل أنّ الرئيس علي عبدالله صالح غادر اليمن متوجّهًا إلى الولايات المتحدة الأميركية. وتأتي مغادرته بعد يومين من صدور قرار من مجلس النواب اليمني بعدم مساءلته. كما طالب صالح الشعب اليمني قبل رحيله بأن يسامحه على أخطائه.


إقرا أيضا على إيلاف
باسندوة يجهش بالبكاء عند دعوته النواب اقرار الحصانة لصالح
المعارضة: عائلة صالح سلمت مدينة رادع لتنظيم القاعدة
الأمم المتحدة تعرب عن إهتمامها الملحوظ باليمن
اليمن على وشك الانتهاء من التحضيرات للانتخابات الرئاسية
المبعوث الأممي لليمن ينتقد منح حصانة كاملة لصالح
تظاهرة في صنعاء رفضا لمنح الحصانة لصالح وللمطالبة باعدامه

غمدان اليوسفي من صنعاء، وكالات: غادر الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الأحد صنعاء متوجّهًا إلى سلطنة عُمان، موضحًا أن وجهته هي الولايات المتحدة لتلقي العلاج، طالبًا quot;العفو والمسامحةquot; من مواطنيه.

وقال عبد الحفيظ النهاري المتحدث باسم حزب المؤتمر الشعبي العام بزعامة الرئيس اليمني للصحافيين إن صالح quot;اتجه إلى عُمان لقضاء بضعة أيام، وبعدهاسيقصد الولايات المتحدة الأميركيةquot;، موضحًا quot;هي رحلة علاجية، ليس لها أي طابع رسميquot;.

وفي خطاب متلفز قال صالح quot;إن شاء الله سأذهب للعلاج في الولايات المتحدة الأميركية، وأعود إلى صنعاء رئيسًا لـ(حزب) المؤتمر الشعبي العامquot;.

وتابع quot;أطلب العفو من كل أبناء وطني رجالاً ونساء عن أي تقصير حدث أثناء فترة ولايتي الممتدة لـ33 سنة، وأطلب المسامحة، وأقدم الاعتذار من كل المواطنين اليمنيين واليمنيات، وعلينا الآن أن نهتم بشهدائنا وجرحاناquot;.

وقد صرح مسؤول قريب من الرئاسة لفرانس برس أن الرئيس اليمني غادر صنعاء، وقال دبلوماسيون في صنعاء إن نجله الأكبر أحمد - الذي يرأس الحرس الجمهوري الذي يخشى جانبه - موجود quot;بالفعل في سلطنة عمانquot; للإعداد لزيارة والده.

وقال سلطان البركاني المسؤول البارز في المؤتمر الشعبي العام في الأسبوع الماضي إن الرئيس، الذي بقى في منصبه شرفيًا منذ التوقيع على مبادرة بوساطة خليجية، سيسافر إلى الخارج.

وذكر المسؤول لفرانس برس أن صالح سيزور خلال الأيام المقبلة سلطنة عُمان، ومن ثم أثيوبيا، قبل توجّهه إلى نيويورك للعلاج من الإصابات التي لحقت به جراء الانفجار الذي وقع في قصره الرئاسي في حزيران/يونيو الماضي.

وأضاف المسؤول إن صالح سيعود إلى اليمن، بعد استكمال العلاج لمواصلة قيادة الحزب.

جاءت مغادرة صالح بعد يوم من إقرار مجلس النواب اليمني قانونًا يمنح صالح quot;الحصانة الكاملةquot; لتحول دون مقاضاته مقابل موافقته على ترك السلطة وتزكية نائبه عبد ربه منصور هادي مرشحًا توافقيًا للانتخابات الرئاسية، المقرر أن تجري في 21 شباط/فبراير، وفق اتفاق انتقالي، توسطت فيه بلدان مجلس التعاون الخليجي.

ووافق المجلس أيضًا على منح معاوني الرئيس حصانة جزئية. وتم إقرار قانون الحصانة، بعد تعديل أدخلته الخميس حكومة الوفاق الوطني على نص المشروع، الذي يلقى معارضة شديدة من قبل الشباب المحتجين ومن قبل منظمات غير حكومية.

ومنح صالح، الذي يحكم اليمن منذ 33 عامًا، quot;الحصانة التامة من الملاحقات القانونية والقضائيةquot;، بحسب نص القانون. إلا أن quot;المسؤولين الذين عملوا مع الرئيس في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنيةquot; سيحظون بحصانة من quot;الملاحقة الجنائية في ما يتصل بأعمال ذات دوافع سياسية قاموا بها أثناء أدائهم لمهامهم الرسميةquot;، بحسب نص القانون.

لا تنطبق الحصانة لمساعدي صالح quot;على أعمال الإرهابquot; بحسب النص. وكانت النسخة الأولى من مشروع قانون الحصانة نصت على منح صالح ومساعديه حصانة كاملة.

وقد أثار اتفاق الحصانة إدانة واسعة من جانب المحتجين الشبان، الذين شهدوا مقتل المئات منهم على أيدي قوات أمن صالح والموالين له منذ اندلاع الانتفاضة على حكمه في كانون الثاني/يناير 2011. كما انتقدته بشدة المجموعات الحقوقية الغربية، فضلاً عن الأمم المتحدة.

وخلال خطابه قبل المغادرة، دافع صالح عن القانون، حيث قال إن quot;المستفيد من القانون.. هم كل من عمل مع الرئيس خلال فترة الـ 33 عامًاquot;.

وقال صالح quot;إن حدثت أخطاء، فهي أخطاء غير مقصودة، لأن الرئيس عنده حصانة من شعبه، الذي أفنى حياته خدمة لهذا الوطنquot;، داعيًا إلى quot;المصالحةquot; في البلاد.

وأضاف quot;أدعو كل أبناء الوطن إلى الالتفاف.. لإعادة ترميم وإصلاح ما دمّر خلال (الاعتصامات خلال) 11 شهرًا .. لأنه في 11 شهرًا قطعت الطرقات والشوارع وانقطع التيار الكهربائي وفجّر أنبوب النفط، هذه ثورة الشباب التي سرقها من سرقها.. سندع هذا جانبًا، ونرمي هذا التاريخ وراء ظهورنا، وأدعو إلى المصالحة والمصارحةquot;.

وتابع quot;مساكين الشباب 11 شهرًا في الاعتصامات، فيا شباب أرجعوا إلى مساكنكم، عودوا إلى بيوتكم، عودوا إلى أسركم، أنا أشفق عليكم، وأدعوكم إلى العودة إلى مساكنكم، وأن تبدأوا صفحة جديدة مع القيادة الجديدةquot;.

يشكل إقرار قانون الحصانة خطوة مهمة في إطار تطبيق الآلية التنفيذية لهذه المبادرة بعد تشكيل حكومة الوحدة وتشكيل اللجنة العسكرية لرفع quot;المظاهر المسلحةquot; والدعوة إلى انتخابات مبكرة في 21 شباط/فبراير.

وبموجب هذه المبادرة، بات نائب الرئيس يمسك بالسلطات التنفيذية الأساسية لرئيس الجمهورية إلى أن يتم انتخابه في انتخابات مبكرة رئيسًا خلفًا لصالح.

وقال صالح، البالغ من العمر 69 عامًا، quot;أوكلت كل صلاحياتي إلى نائب الرئيس الدستوري (عبد ربه هادي).. وأدعو كل أبناء الوطن إلى الالتفاف معه والتعاون.. مع حكومة الوفاقquot;.

وأضاف quot;أشكر شعبنا رجالاً ونساء على المواقف الصادقة وعلى ما تحمّله خلال 11 شهرًا من جوع وانقطاع للكهرباء ونقص في الخدمات ومن أشياء كثيرة، وأحيي هذا الشعب الصامد.. الشعب البطل... الشعب المناضلquot;.

لم يعلق لا البيت الأبيض ولا الخارجية الأميركية على ما ورد على لسان صالح الأحد. وكان المسؤولون الأميركيون قد قالوا إن السبب الوحيد الذي سيسمح بمقتضاه لصالح بالدخول إلى الولايات المتحدة هو لتلقي العلاج الطبي quot;المشروعquot; للإصابات التي لحقت به خلال هجوم حزيران/يونيو.

غير أن توجّه صالح إلى الولايات المتحدة حال تأكد سيجعل واشنطن تواجه اتهامات بإيواء حاكم مسؤول عن قتل المئات من المتظاهرين، ما يبدو تناقضًا مباشرًا مع سعيها إلى تعزيز حقوق الإنسان في المنطقة.

ويعتقد المسؤولون أن السماح لصالح بدخول الولايات المتحدة يمكن أن ييسر خروجه من اليمن، ما يتيح الفرصة للمرحلة الانتقالية نحو الانتخابات، المفترض أن تجري في شباط/فبراير.

ويتوقع محللون أن يواجه صالح شروطًا مشددة مقابل السماح بدخوله مستشفى في نيويورك، ربما منها حظر اتصاله بوسائل الإعلام، لعدم إتاحة منبر إعلامي له من هناك.

من هو علي عبدالله صالح؟

سياسي وعسكري وهو أول رئيس لليمن ينتخبه الشعب مباشرة وذلك في انتخابات 1999، تعرّض لمحاولة اغتيال في 2011 خلال الثورة التي اندلعت في اليمن مطالبة بإنهاء حكمه في خضم ماعرف بربيع الثورات العربية.

المولد والنشأة: ولد علي عبد الله صالح يوم 21 مارس/آذار 1942 في قرية بيت الأحمر في منطقة سنحان في محافظة صنعاء لأسرة فقيرة، وعانى شظف العيش بعد طلاق والديه في سن مبكرة.

الدراسة والتعليم: عمل صالح راعيًا للأغنام، وتلقى تعليمه الأولي في quot;معلامةquot; (كتاب) القرية، ثم ترك القرية عام 1958 ليلتحق بالجيش في سن السادسة عشرة.

التجربة العسكرية: التحق صالح بمدرسة صف ضباط القوات المسلحة عام 1960 وشارك في أحداث ثورة 26 سبتمبر/أيلول 1963 ورقِّي لرتبة ملازم ثان، وشارك مع الثوار في الدفاع عن الثورة أثناء quot;حصار السبعينquot; عندما حاصر الملكيون صنعاء مدة 70 يومًا، ولكن الجمهوريين انتصروا في الأخير.

بعدها التحق بمدرسة المدرعات عام 1964 ليتخصص في حرب المدرعات، ويتولى بعدها مهمات قيادية في مجال القتال في التخصص نفسه، وفي عام 1975 أصبح القائد العسكري للواء تعز وقائد معسكر خالد بن الوليد، ما أكسبه نفوذًا كبيرًا، ومثل الجمهورية العربية اليمنية في محافل عدة خارج البلاد.

الوصول إلى الرئاسة: بعد توليه مسؤولية لواء تعز، أصبح صالح من أكثر الشخصيات نفوذًا في اليمن الشمالي، وارتبط بعلاقة قوية مع شيوخ القبائل أصحاب النفوذ القوي في الدولة.

وفي 11 أكتوبر/تشرين الأول 1979 قتل إبراهيم الحمدي وشقيقه في ظروف غامضة، ثم خلفه أحمد الغشمي في رئاسة الجمهورية لأقل من سنة واحدة، وقتل هو بدوره في مؤامرة اغتيال، وبعد أقل من شهر من مقتل الغشمي، أصبح علي عبد الله صالح عضو مجلس الرئاسة رئيس الجمهورية العربية اليمنية بعدما انتخبه المجلس بالإجماع ليكون الرئيس والقائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 1979 قامت مجموعة من الضباط الناصريين بقيادة محمد فلاح والمدعومين من ليبيا بالانقلاب على علي عبد الله صالح، ولكن الانقلاب فشل، لانعدام الغطاء الجماهيري، وأدى هذا الانقلاب على الرئيس صالح إلى الاعتماد في إدارة الجيش والمؤسسات الأمنية اليمنية على المقربين من أسرته، فتسلم إخوته من أمه مناصب عسكرية مهمة، كما قرب أبناء منطقته وأدخلهم إلى الجيش والوظائف المهمة في الدولة، ومنح المخلصين من مناطق أخرى ومن ذوي الكفاءات والبعيدين عن الطموح الكثير من المناصب العسكرية والأمنية والمدنية.


الوحدة اليمنية: في 22 مايو/أيار 1990 أعلن الشطران اليمنيان عن قيام الوحدة اليمنية، لكن السنوات الثلاث الأولى للوحدة شهدت اختلافات واغتيالات سياسية طالت جنوبيين وشماليين، وحدثت توترات عسكرية خفيفة، ما أدىإلى الحرب الشاملة التي انتهت بانتصار قوات ما سمّي بالشرعية برئاسة علي عبد الله صالح وهروب البيض إلى سلطنة عمان.

وبعد تحقيق إعادة الوحدة يوم 7 يوليو/تموز 1994 أصبح صالح الرئيس اليمني بعدما كان رئيس مجلس الرئاسة في أكتوبر/تشرين الأول 1994، وعبد ربه منصور هادي النائب الجديد للرئيس اليمني.

وأصبح علي عبد الله صالح أول رئيس يمني ينتخبه الشعب مباشرة بانتخابات 1999 التي دخلها ضد مرشح وحيد بعدما رفض البرلمان كل المرشحين الآخرين وقبل أخيرًا نجيب قحطان الشعبي نجل الرئيس الجنوبي الأول قحطان الشعبي، والذي كان عضوًا في المؤتمر الشعبي العام لينشق ويترشح ضد صالح.


ثم تم تعديل الدستور عام 2003 لتمكين صالح من الترشح لولاية ثانية مدتها سبع سنوات، وفاز بفترة رئاسية جديدة، رغم إعلانه في البداية عدم عزمه الترشح لهذه الانتخابات.

أزمات: في 2004 تعرض نظام علي عبد الله صالح إلى تمرد جماعة بدر الدين الحوثي في صعدة شمال اليمن، والتي تقول بعض المصادر إنها لإعادة نظام الإمامة الزيدية لليمن، لكن الحركة تؤكد أنها تطالب فقط بالتوزيع العادل للثروات وتشريكها في العملية السياسية.

وقد خاضت الجماعة حروبًا عدةضد الحكومة اليمنية انتهت الأخيرة منها، والتي انطلقت فيبداية 2009 بتدخل القوات السعودية في الحرب.

وفي جنوب اليمن تزايد نشاط الحراك المطالب بالانفصال خاصة بعد عودة علي سالم البيض الى الحياة السياسية ومطالبته بفك الارتباط عن quot;اليمن الشماليquot;، وقد تزامنت هذه التطورات مع ملاحقة عناصر تنظيم القاعدة من قبل القوات اليمنية، ما جعل المتابعين يعيبون على علي عبد الله صالح قراره فتح ثلاث جبهات متزامنة.

وفي مطلع العام 2011 تأثر اليمن بما سمّي بربيع الثورات العربية لتعم المظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات مختلف المدن اليمنية للمطالبة بإسقاط النظام خاصة بعد سقوط النظامين التونسي والمصري تحت وطأة المظاهرات.

محاولة اغتيال: وفي 3 يونيو/حزيران 2011 تعرّض صالح لمحاولة اغتيال في مسجد دار الرئاسة أصيب فيها إصابات بالغة ونقل على إثرها إلى السعودية للعلاج، حيث خضع لعمليات جراحية عدة،وتم نقل صلاحياته إلى نائبه عبد ربه منصور هادي.

وفي 7 يوليو/تموز 2011 ظهر صالح في شريط مسجل في حالة صحية سيئة قبل أن يظهر مجددًا بعد يومين في حالة أفضل.

خروجه لا يعني انتهاء المتاعب

حول كلمة صالح الأخيرة قبيل مغادرته، قال المحلل السياسي أحمد الزرقة إنها لم تكن مختلفة عن كلماته السابقة، ولم تحمل جديداً، وإنها جاءت بعد تصاعد الضغوط التي تعرّض لها على المستوى الدولي، من قبل حلفائه الإقليميين والولايات المتحدة.

وأضاف الزرقة لـquot;إيلافquot; إن خروج صالح هو quot;خروج لشخص لم يكن يتوقع أن يخرج بهذه الطريقة، ولم يستطع التخلي ولو لمرة واحدة عن التحدث عن إنجازاته وما حققه للبلاد خلال فترة حكمهquot;.

وتابع: quot;لم يستوعب صالح فكرة الخروج النهائي من السلطة، ويبدو أن فكرة خروجه وبقاء خصومه السياسيين في البلاد لم ولن ترقه، وهو ما كان واضحًا في خطابه حين قال، هناك من سرقوا ثورة الشباب ممن كانوا قياديين في حزبهquot;.

يعتقد الزرقة أن quot;خروج صالح لا يعني نهاية متاعب اليمن واليمنيين، لكنه يعني المزيد منها خلال الأيام المقبلة، ربما تكون على غرار ما حدث في مدينة رداع جنوب العاصمة صنعاء، التي سيطرت عليها القاعدة في الأسبوع الماضي، وربما تأخذ منحى آخر، إضافة إلى بقاء القادة العسكريين من أقاربه وخصومه، وفي مقدمتهم اللواء علي محسن الأحمر، فإن بقاءهم لن يغير من نتيجة خروج صالحquot;.

ملفات مفتوحة وأولويات كبيرة

وحول أهم الإشكالات التي تعوق الآتي بعد صالح، يقول المحلل السياسي علي الفقيه إن quot;صالح خرج بعدما حصل على الحصانة التي تحميه ورجال حكمه من الملاحقة القانونية والقضائية، لكنه كان حريصًا بدرجة كبيرة على إبقاء أقاربه وكبار معاونيه في أماكنهم، وهذه واحدة من أهم النقاط التي قد تسبب المتاعب لليمنيين خلال المرحلة المقبلة.

إضافة إلى عدد من الملفات الشائكة التي صنعها وتركها عقبات، ستستهلك الكثير من الجهود لمن يعقبه، مثل ملف القضية الجنوبية والحراك الهادف إلى الانفصال، والتمرد الحوثي في الشمال، وملف القاعدة وبؤر التوتر في كثير من المناطق ذات التركيبة القبلية، كل هذه الملفات ستؤدي إلى إعاقة الجهود في توفير الاستقرار والتنمية وإعادة اللحمة بين أبناء اليمنquot;.

يضيف الفقيه لـquot;إيلافquot; إن صالح quot;أسهم في فتح هذه الملفات، ومضى لينتقم من معارضيه الذين انتفضوا ضد نظام حكمه وأجهضوا حلمه في التمسك بالكرسي حتى نهاية حياته وتوريث الحكم لأبنائه، إضافة إلى أنه لا يريد لمن يأتي بعده أن يتمكن من إحداث نقلة في حياة اليمنيين، تجعلهم يشعرون بفداحة الوضع الذي كانوا يعيشونهquot;.

ورأى الفقيه أن quot;أهم الأولويات التي يفترض على شركاء العملية السياسية أن يقوموا بها هي المسارعة والدفع نحو توحيد الجيش والأمن تحت قيادة وطنية، بعيدًا عن السيطرة العائلية، إضافة إلى المصالحة الوطنية وتخليص البلاد من المخاوف القائمة، سواء في ما يتعلق بالتفاهم مع الجنوبيين المطالبين بالانفصال أو بتسوية الوضع في صعدة وإقناع الحوثيين بالتخلي عن فرض سيطرتهم بالقوة والاتجاه نحو العمل السياسي، وقبل هذا كله إنجاح الانتخابات الرئاسية، ليستكمل هادي شرعيته كرئيس للبلاد، وتخليص الشعب من أزمات الكهرباء والوقود وتوفير الأمن للناس، ليشعر الشباب في الساحات بأنه فعلاً حصل تغييرquot;.

الرئيس اليمني سيمضي quot;فترة محددةquot; للعلاج في الولايات المتحدة

سمحت الولايات المتحدة للرئيس اليمني علي عبد الله صالح، الذي يغادر السلطة تحت ضغط الشارع، بتمضية quot;فترة محددةquot; للعلاج على أراضيها، كما أعلنت الخارجية الأميركية الأحد.

وقالت الخارجية الأميركية إنها quot;وافقتquot; على طلب تأشيرة للرئيس اليمني للتوجّه إلى الولايات المتحدة quot;بهدف وحيدquot; هو تلقي العلاج.

وأضافت إن الرئيس اليمني quot;سيمضي فترة محددة تتوافق مع الوقت المطلوب لهذا العلاجquot;.

وغادر الرئيس صالح الأحد صنعاء إلى سلطنة عمان. وقال عبد الحفيظ النهاري المتحدث باسم حزب المؤتمر الشعبي العام بزعامة الرئيس اليمني للصحافيين إن صالح quot;اتجه إلى عُمان لقضاء بضعة أيام، وبعدها يتوجه إلى الولايات المتحدة الأميركيةquot;.

وأوضح المتحدث quot;هي رحلة علاجية، ليس لها أي طابع رسميquot;.

وعلي عبد الله صالح (69 عامًا) أصيب بجروح في تفجير داخل قصره في صنعاء في حزيران/يونيو، نقل إثره إلى السعودية، حيث تلقى العلاج طيلة ثلاثة أشهر.

وتعهد صالح بمغادرة السلطة بموجب اتفاق بشأن عملية انتقالية أبرم في 23 تشرين الثاني/نوفمبر في الرياض، مقابل منحه الحصانة مع معاونيه.

وقبل إعلان مغادرته إلى الولايات المتحدة، طلب الرئيس اليمني الذي يترك السلطة تحت ضغط الشارع، الأحد، العفو من مواطنيه عن الأخطاء التي ارتكبت طيلة 33 عامًا من حكمه.

وفي خطاب متلفز، قال صالح quot;إن شاء الله سأذهب للعلاج في الولايات المتحدة الأميركية، وأعود إلى صنعاء رئيسًا لـ(حزب) المؤتمر الشعبي العامquot;.

وتابع quot;أطلب العفو من كل أبناء وطني رجالاً ونساء عن أي تقصير حدث أثناء فترة ولايتي الـ33 سنة، وأطلب المسامحة، وأقدم الاعتذار لكل المواطنين اليمنيين واليمنيات، وعلينا الآن أن نهتم بشهدائنا وجرحاناquot;.

أحداث اليمن - تسلسل زمني

مغادرة الرئيس اليمني علي عبدالله صالح لبلاده يوم الأحد 22 كانون الثاني/يناير، جاءت كحصيلة تراكمات من الخلافات بين السلطة والمعارضة، لا سيما في جنوب البلاد، لكن ما نقل اليمن من حالة الاحتقان والتجاذب السياسي الحاد إلى مرحلة الاحتجاجات العنيفة كانت خططًا لتعديلات دستورية أقرّها الحزب الحاكم عشية نهاية العام 2010 على قانون الانتخابات، التي كانت ستتيح للرئيس علي عبد الله صالح الترشح لولاية رئاسية جديدة.

وفي ما يأتي تسلسل زمني للأحداث في اليمن منذ بدء الاحتجاجات:

فى 15 يناير 2011، بدأ متظاهرون في العاصمة اليمنية صنعاء ومدن كبرى أخرى في البلاد تنظيم مسيرات للمطالبة بإنهاء حكم الرئيس اليمنى صالح المستمر منذ أكثر من ثلاثة عقود.

وفي فبراير، أعلن صالح أنه لن يخوض الانتخابات الرئاسية المقررة في 2013، ولكنه سيستمر في حكمه حتى نهاية ولايته الحالية.

وفي 18 مارس/ آذار، تعرّض المتظاهرون المناهضون للحكومة اليمنية لإطلاق نار في صنعاء من قبل من قالوا إنهم رجال الأمن الذين كانوا يرتدون الملابس المدنية، ما أدى إلى مقتل 46 شخصًا، بمن فيهم العديد من الأطفال، وإصابة ما يزيد على 400 آخرين.

وأعلن صالح بعد ذلك حالة الطوارئ لمدة 30 يومًا فيكل أنحاء البلاد. وفي اليومنفسه،أصدر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون بيانًا دعا فيه جميع الأطراف المعنية في اليمن إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، من أجل منع تصاعد العنف.

وفى منتصف إبريل، طرح مجلس التعاون الخليجى مبادرة لحل الأزمة اليمنية. وتنص هذه المبادرة على تشكيل حكومة إئتلافية بقيادة المعارضة اليمنية وتسليم صالح السلطة إلى نائبه وتقديم استقالته فى غضون 30 يومًا، مقابل حصول صالح وأسرته على الحصانة من الملاحقة القضائية، وإجراء الانتخابات الرئاسية بعد 60 يومًا من استقالة صالح. ولكن الرئيس اليمني رفض التوقيع على المبادرة الخليجية بصفته رئيسًا للدولة، وأراد أن يوقع عليها بصفته زعيمًا للحزب الحاكم، وهو أمر رفضته المعارضة.

وفي منتصف مايو، طرح مجلس التعاون الخليجي تعديلاً على المبادرة. ووافق صالح على التوقيع عليها بصفته رئيسًا للدولة وبصفته زعيمًا للحزب الحاكم أيضًا، ولكن لم يتوصل الجانبان إلى اتفاق حول تعيين ممثل المعارضة، الذي سيوقع على المبادرة. وعلقت هذه النسخة أيضًا من المبادرة.

وفي 3 يونيو، أصيب صالح ورئيس الوزراء ونائب رئيس الوزراء ورئيس البرلمان، إضافة إلى عشرة مسؤولين حكوميين وبعض كبار ضباط الجيش اليمني في اعتداء استهدف مسجدًا في القصر الرئاسي في صنعاء.

وسافر صالح في اليوم التالي إلى المملكة العربية السعودية لتلقي العلاج، بعدما سلم مهام إدارة البلاد مؤقتًا إلى نائبه عبد ربه منصور هادي.

الرئيس اليمني قبل مغادرته إلى الولايات المتحدة

وفي 4 سبتمبر، نظم مئات الآلاف من المتظاهرين المناهضين للحكومة احتجاجات كبيرة في صنعاء ومدن أخرى في البلاد، مطالبين صالح بالتنحّي فورًا.

وكانت هذه أكبر مظاهرات مناهضة للحكومة اليمنية منذ نشوب الاضطرابات السياسية. وأطلقت الشرطة اليمنية النيران على متظاهرين، وأصابت أربعة منهم، لمنعهم من الذهاب إلى القصر الرئاسى في صنعاء.

وفي 23 سبتمبر الماضي، عاد الرئيس صالح إلى بلاده. وفي اليوم التالي وقعت مواجهات شديدة بين القوات الحكومية والقوات المنشقة عن الحكومة اليمنية وعناصر المعارضة القبلية في العاصمة صنعاء.

وفي 8 أكتوبر، ذكر الرئيس صالح في كلمة خاصة بثها التليفزيون الرسمي أنه سوف يتنحّى عن السلطة quot;خلال الأيام المقبلةquot;. لكن صالح أكد أنه لن يسلم السلطة إلى المعارضة، وسيسلمها فقط إلى من وصفهم بـ quot;الرجال الصادقينquot; وأولئك الذين لديهم القدرة على حكم البلاد.

ولم يحصل بيان صالح على رد فعل إيجابي من قبل المعارضة. وذكر زعماء المعارضة والمتظاهرون أن صالح لا يريد حقًا التخلي عن السلطة، وقالوا إن هذه مجرد quot;لعبة سياسيةquot; يلعبها صالح.

وفي 21 أكتوبر، اعتمد مجلس الأمن الدولي قرارًا يدعو جميع الأطراف المعنية إلى وقف أعمال العنف، وكذا التوقيع السريع على اتفاق التسوية على أساس مبادرة مجلس التعاون الخليجي.

وفي 23 نوفمبر الماضي، وقع الرئيس صالح اتفاق تسليم السلطة في العاصمة السعودية الرياض. وبموجب الاتفاق، يسلم صالح السلطة إلى نائبه عبد ربه منصور هادي، على أن يتنحّى بالكلية في غضون 30 يومًا، ويتم تشكيل حكومة وطنية بقيادة المعارضة، ثم تجري انتخابات رئاسية في فترة لا تزيد على 60 يومًا.