موضوع تصحيح الاجور وما رافقه من مشادات كلامية ومهاترات، دفع البعض الى التأكيد ان لبنان انتقل اليوم من الصراع الطائفي الى الطبقي، ما مدى صحة الامر؟ وما مدى تأثير الطبقية على الاقتصاد، وكيف ينظر القانون الى أسباب أي صراع طبقي او طائفي يمكن ان يتطور في لبنان.
بيروت: بعيدًا عن تحديد مبلغ الحد الادنى الذي توصل اليه مرسوم تصحيح الاجور، وبعيدًا عن المهاترات التي دفع ثمنها المواطن خلال 6 أشهر من بدء الحديث عن تصحيح للاجور في لبنان، يؤكد البعض ان كل هذه البلبلة التي رافقت موضوع تصحيح الاجور، أوجدت مشكلة اجتماعية جديدة تتمثل بظهور صراع طبقي جديد في لبنان، فهل يكون هذا الصراع اليوم بديلاً من الصراع المذهبي والطائفي، ام ان للبنان خصوصيته التي تجعل منه بلدًا لصراع الطوائف بعيدًا عن صراع الطبقات؟.
يؤكد الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة أن مرسوم تصحيح الاجور لم يعط العامل حقه، بل أعطاه هدية صغيرة تعويضًا عن خسائر كبيرة، وبالتالي يزيد فروقات الدخل بين المواطنين، والمشكلة مع تصحيح الاجور برأيه ان عامل الوقت الطويل الذي يأخذه كل تصحيح للاجور هو سبب لزيادة الطبقية في لبنان، لانه اليوم مع اعطاء العامل حقه ويجب دفع الحد الادنى للمواطن، ليس ال650 الفا بل كحد ادنى 900 الف، من دون نقل، ومع هكذا حد ادنى لا تستطيع الشركات الاستمرار، وهي تعطي الحد الادنى الذي تستطيعه، وهذا لا يفي حقه، ومن واجب كل الهيئات الاقتصادية ان تتحرك كل عام من اجل تصحيح الاجور، ومع زيادة تصحيحية للاجور تصل الى 5% كل عام، يكون حينها رب العمل والعامل مرتاحين.
المرسوم الجديد برأي حبيقة يزيد الطبقية في لبنان، لان مدخول العامل نسبيًا تراجع خلال سنوات، وخلال السنوات الماضية تراجع وضعه 50%، هذا المرسوم الذي تم الوصول اليه يجعل وضعه يتراجع فقط 30%، والتراجع موجود، رغم تخفيفه للفروقات، والطبقية زادت نسبة مثلاً للعام 2008.
اما هل يمكن القول ان لبنان من الممكن ان يتحول من صراعه الطائفي لنشهد مستقبلاً صراعًا طبقيًا؟ فيجيب حبيقة:quot; من الصعب ان يتم ذلك لان الطائفية والمذهبية مترسخة منذ القدم فينا، وما يحركنا كثورة هو المذاهب والطوائف، ولن يحصل ثورات بسبب الطبقية كما جرى في فرنسا واميركا، اي صراع بين العمال وارباب العمل، لان المذهبية والطائفية داخلة بكل تفاصيلنا، لا يمكن ان نشهد صراعًا طبقيًا بين العمال وارباب العمل، لان في لبنان كل الصراعات التي تجري تدخل ضمن الطائفية والمذهبية.
رغم وجود الطبقية في لبنان غير انها لا تحرك الشعوب بقدر الطائفية والمذهبية.
ما هو البديل عن المرسوم الذي صدر من اجل الابتعاد عن تعزيز الطبقية في لبنان، يجيب حبيقة:quot; طرحت مشروع لتصحيح الاجور من 4 اشهر، يعيد العامل كما كان في ال2008، اي اول 500 الف من الاجر نزيد عليها 50%، وثاني 500الف 40%، وبالتالي يتم تحسين وضع العامل، واكبر مبلغ يزيد مليون ليرة بالشهر، اليوم اكبر زيادة تبلغ 300الف ليرة لبنانية، وما اقترحته يرجع العامل تقريبًا لما كان عليه في ال2008، شرط ان تزيد القيمة 5% كل عام، على الاقل، او اكثر مع وجود تضخم اقوى، وحتى مع عدم وجود تضخم يجب تحسين وضع العامل.
اليوم لم يتم تصحيح وضع العمال، والزيادات السنوية غير معروفة والنقل لم يعد ضمن المراسيم، وبرأيي، يضيف حبيقة، كان على وزير العمل ان يوقع، لان المرسوم سيوقع عليه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، لذلك لا خوف كان يجب ان يبديه في التوقيع.
مع ذكرك ان المرسوم والمراسيم السابقة تزيد الطبقية في لبنان، الى اي مدى تؤثر الطبقيةفي الاقتصاد اللبناني برأيك؟ يجيب حبيقة:quot; التأثير مباشر من خلال وضع الاسواق التعيس في البلد، حيث وصلت التنزيلات الى 80% ولا احد يشتري، بعد كل هذا المشروع الاعتباطي لزيادة الاجور فان تنفيذه سيكون بداية شباط/فبراير، بالاضافة الى غلاء المواد التي قسم منها زادت اسعاره وقسم آخر لم يرتفع سعره، ويجب ان نميز دعائيًا بين صحة المواد التي زادت اسعارها والاخرى التي بقيت على ما عليه.
ويضيف:quot; منذ 6 اشهر ويماطلون بزيادة الاجور، واعطوا مجالاً للفوضى كي تستشري، لكن ما جرى يوسع الطبقية في لبنان، ولا يسمح بالاستهلاك الصحيح، مع ركود اقتصادي.
دولة القانون هي الحل
يرى الخبير القانوني الدكتور صلاح حنين الا فرق بين الصراع الطبقي والصراع الطائفي في لبنان، وكي ينأى كل المواطنين والسياسيين عن اي صراع كان، طائفي او طبقي يجب الانتقال من الفوضى، الى دولة القانون، ويجب التركيز برأيه على كل المعطيات اللبنانية، والغاء الصراع الطائفي والطبقي لا يكون الا من خلال الدستور وتحسين الوضع، ودستورنا يأخذنا الى إلغاء الطائفية، والغاء الطائفية السياسية، هناك من يتحدث عن كل طائفة تنتخب نوابها، عندما يكون لدينا امكانية في لبنان، مع وجود كل الثورات العربية، ان نكون مرفأ الامان لاستقبال المستثمرين، ويصبح لدينا انتاج اكبر، من هنا يصبح التوظيف اكبر، والدخل اكبر، وبدل التنظير بالصراع الطائفي او الطبقي، يجب الرجوع الى دولة القانون، وليس الانتقال من صراع الى آخر، يجب ان ننتقل من الفوضى وعدم الوجود الى دولة القانون، والدولة المدنية حيث لا طائفية، حيث تكون الدولة منتجة ولديها المعطيات الكافية وبخاصة في الجو العربي، حيث يصبح لبنان مرفأ الامان الذي يستقبل العقول والافكار والمال مع انتاج اكبر، ما يمكِّن لبنان من توظيف اكبر ودفع معاشات اكثر، عندها يختفي الصراع الطبقي.
التعليقات