شهر القطريون سيف المبادرة بالتدخل العسكري في سوريا، ولمح محمد مرسي إلى إمكانية مشاركة الجيش المصري في هذا التدخل، لكنّ خبراء عسكريين مصريين يرفضونه لأنه يعرض أمن البلد أولًا ويحول الجنود المصريين إلى مرتزقة.


أمير قطر يعلن مبادرته من الأمم المتحدة

القاهرة: منذ إطلاق قطر مبادرتها للتدخل العربي عسكريًا من أجل إسقاط نظام حكم بشار الأسد، والجدل حولها لا ينقطع. وإزداد هذا الجدل سخونة وحدّة مع إطلاق الدكتور سيف عبد الفتاح، مستشار الرئيس المصري، تصريحات تفيد بأن مصر تدرس جيدًا التدخل العسكري في سوريا لدعم الثورة المشتعلة هناك منذ شهر آذار (مارس) 2011، لا سيما أن مصر أطلقت مبادرة سياسية رباعية مع تركيا وإيران والسعودية، من أجل إيجاد حلول سياسية سلمية لحقن دماء السوريين، وإحداث تغيير جذري في بنية نظام الحكم هناك.
وكان الدكتور سيف عبد الفتاح، مستشار الرئيس محمد مرسي، قال إن مصر quot;تدرس المقترح القطري بشأن التدخل العسكري العربي فى سوريا، وستجري اتصالات مع الدوحة وأنقرة قريبًا حول هذا المقترحquot;، مشيرًا إلى أن quot;القاهرة ربما تدفع تركيا لتنشيط المقترح القطري ودعم التدخل العربي في سورياquot;.
وأضاف عبدالفتاح: quot;نحن مستعدون من حيث المبدأ للمشاركة في التدخل العربي في سوريا، ولكن بعد التعرف على حدود وأهداف وملامح هذا التدخلquot;.
غير أن المصريين يرفضون المبادرة القطرية جملة وتفصيلًا، وخصوصًا المواطنين والخبراء العسكريين، الذين يرون أن خروج الجيش المصري خارج حدود مصر استعادة لسيناريو اليمن في بداية ستينيات القرن الماضي.

أكبر خطأ عربي

يقول الدكتور محمد بسيوني، وهو طبيب في هيئة التأمين الصحي، إنه كمواطن مصري يرفض أن يخرج الجيش المصري في أية عمليات خارجية، مشيرًا إلى أن quot;حدود مصر مستهدفة ولا يجب أن يغفل الجيش طرفة عين عن حمايتهاquot;.
أضاف بسيوني لـquot;إيلافquot;: quot;لو حدث التدخل العسكري العربي في سوريا، سيكون أكبر خطأ يرتكبه العرب منذ غزو صدام حسين للكويت، إذا سوف يساهم في تفتيت الدول العربية، ودخولها في اقتتال لن تخرج منه أية دولة أو شخص أو طائفة رابحة، بل الجميع خاسرونquot;.
ولفت إلى أنه يجب البحث عن حلول سياسية للأزمة، لأن الثورة اتخذت منحى طائفيًا ومذهبيًا، وإيران وحزب الله يدعمان بشار الأسد على أساس طائفي مذهبي، وليس على أساس أنه نظام المقاومة. فهذا النظام quot;لم يطلق رصاصة واحدة لتحرير هضبة الجولان المحتلة منذ أكثر من أربعين عامًا، في حين أن غالبية الضحايا من السنة، وبالتالي فإن التدخل العسكري العربي في سوريا سوف يسكب الزيت على النار، ولن يطفئهاquot;، كما يقول بسيوني.

حالة حرب

أما عادل عبده، البائع الثلاثيني المتجول في منطقة الإسعاف في وسط القاهرة، فيجلس ببضاعته بالقرب من مقر نقابة المحامين، ويؤكد لـquot;إيلافquot; أن الجيش المصري في حالة حرب حاليًا، مشيرًا إلى quot;أن العمليات العسكرية في سيناء ضد الجماعات الإرهابية حرب حقيقية يجب أن يتفرغ لها الجيش المصري من دون تشتيت ذهن القادة والجنود في جبهات أخرىquot;.
وأضاف عبده: quot;المبادرة القطرية للتدخل العسكري في سوريا خيالية وغير مجدية على الإطلاق، ومن باب أولى تكوين جيش عربي موحد والتدخل من أجل حقوق الفلسطينيين، لكن العرب اتفقوا على ألا يتفقوا منذ زمن طويلquot;.

مرتزقة

يرفض اللواء طلعت مسلم، الخبير العسكري، جملة وتفصيلًا التدخل العسكري العربي في سوريا. وقال لـ quot;إيلافquot; إن الظروف التي تمر بها مصر لا تحتمل أن تشارك في أية عمليات عسكرية خارجية، مشيرًا إلى أن مصر quot;تواجه تحديات عسكرية داخلية مثل الجماعات الإرهابية في سيناء، فضلًا عن ضبط الحدود مع ليبيا، ومنع تهريب السلاح إلى الداخل المصريquot;.
ولفت مسلم إلى أن ادارة المجلس العسكري والجيش للمرحلة الإنتقالية أثرت كثيرًا في الجيش. كما أشار إلى أن الدول الداعية للتدخل عسكريًا في سوريا quot;لا تمتلك جيوشًا بل تمتلك أموالًا ضخمة، واشتراك مصر في المبادرة يعني مشاركتها بالجنود والخطط والمعارك الميدانية، ما يحول الجنود المصريين إلى مرتزقة، وهو أمر مرفوض جملة وتفصيلًاquot;.

لا حروب بالخارج

ويؤكد الخبير العسكري اللواء محمد يوسف أن عقيدة الجيش المصري الحالية ترفض العمل خارج حدود البلاد. وقال لـquot;إيلافquot;: quot;أشارت وثائق ويكيليكس التي نشرت في نهاية العام 2010 إلى أن الجيش المصري رفض وقاوم ضغوطًا أميركية كثيرة للقيام بعمليات عسكرية خارج الحدود، بدعوى مكافحة الإرهابquot;.
وأضاف يوسف أن الرئيس مرسي لو خضع لضغوط مماثلة وأرسل قوات إلى الخارج في عمليات من قبيل إسقاط النظام في سوريا، سوف يخسر كثيرًا، لا سيما أن الجيش المصري يحارب حاليًا في سيناء من أجل تطهيرها من الجماعات المسلحة، التي أطلقت تهديدات بنقل عملياتها إلى داخل المحافظات والقاهرة أيضًا. وتابع: quot;لو حدث ذلك سيكون تكرارًا لسيناريو تدخل الرئيس جمال عبد الناصر في اليمن في بداية الستينيات، فحينها أرسل القوات المسلحة المصرية لدعم الثورة اليمنية، فأغارت إسرائيل على سيناء واحتلتها في ما عرف بنكسة حزيران (يونيو) 1967quot;.
من جانبه، نفى المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، ياسر على، الأنباء التي تتحدث عن إمكانية تدخل مصر عسكريًا في سوريا، وقال: quot;هذه الأنباء عارية تمامًا من الصحةquot;، مشيرًا إلى أن quot;الرئاسة المصرية ترغب في إنهاء الأزمة سياسيًا من دون تدخل عسكري، وترى أن العمل العنيف من شأنه أن يفاقم الأزمة ولا يحلهاquot;.