المنزل المتضرر حيث قتل خمسة أتراك جراء القصف السوري الذي طال الأراضي التركية |
مخاطر الإنجرار إلى الصراع السوري مأزق يصعب على أنقرة الخروج منه، على عكس بعض الدول الداعمة للمعارضة التي لديها القدرة على الانسحاب في حال أصبح الوضع أكثر فوضوية.
تواجه تركيا خطر الإنجرار إلى مستنقع الحرب السورية، فالمزاج العام في البلاد كئيب للغاية بعد القصف عبر الحدود والخسائر في الأرواح على كلا الجانبين. وخلال الأشهر القليلة الماضية، انخفض الحماس شبه الإجماعي في تركيا لدعم المعارضة السورية وتحول تدريجياً إلى مزاج أكثر سلبية تجاه الدخول في الأزمة السورية والتورط في مجرياتها أكثر من اللازم.
دعم مثالي
وكان الدعم التركي للحركة الديمقراطية في سوريا مثالياً وواقعياً في الوقت ذاته. ورأى الحزب العدالة والتنمية الحاكم أن شرعيته، والتي تعتمد على مكانتها الديمقراطية، قد تتعرض لتآكل خطير في حال لم تقدم الدعم للحركة المجاورة.
وكانت أنقرة تحسب أيضاً أن أفضل ما يخدم مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية على المدى الطويل هو تقديم الدعم للمعارضة، على أمل أن تمر المرحلة الانتقالية في سوريا بشكل سريع، وأن النظام الذي سيخلف المعارضة سيقدر هذا الدعم.
بين مخيمين
من جهة أخرى، تسعى أنقرة أيضاً إلى توجيه رسالة إلى واشنطن بأنه - على الرغم من الخلافات مع الولايات المتحدة حول الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وبرنامج ايران لتخصيب اليورانيوم - فإن تركيا لا تزال في المخيم الغربي.
وفي هذا السياق، اعتبرت صحيفة quot;الغارديانquot; أن الامور كانت تسير كما خُطّط لها لبعض الوقت، لكن سرعان ما أخذت الأحداث منعطفاً مختلفاً جداً. تحولت الحركة السورية الديمقراطية من طبيعتها المدنية المعارضة إلى تمرد مسلح اخترقت صفوفها عدد من الجماعات - بما في ذلك الجهاديين السلفيين المسلحين - الذين دخلوا في مواجهات قاسية مع قوات الأمن، مما أدى إلى فقدان الآلاف من الأرواح.
علاوة على ذلك أصبح من الواضح أن تركيا، فضلاً عن القوى الأخرى، قللت إلى حد كبير من قدرة نظام الأسد على الاحتمال واستعداده لترك الفوضى وراءه بدلاً من قبول الانتقال السلس للسلطة. وسرعان ما وجدت تركيا نفسها في حرب باردة إقليمية مع إيران التي تعتبر الداعم الأقوى للأسد. وبالتالي، عرضت تركيا للخطر علاقاتها مع إيران، وهي المورد الرئيسي للطاقة.
المشكلة الكردية
وتخشى تركيا أيضاً تفاقم المشكلة الكردية، لا سيما وأن الفصائل الكردية في سوريا المرتبطة بحزب العمال الكردستاني، تسيطر اليوم على أجزاء من شمال سوريا، الأمر الذي يجعلها quot;ملاذاً لعناصر من حزب العمال الكردستانيquot;، بما في ذلك العديد من الذين انتقلوا من كردستان العراق.
وتحاول تركيا منذ عقود كسب الحكومة الكردية العراقية الى جانبها ضد حزب العمال الكردستاني، لكن هذه السياسات تواجه خطر الانهيار.
وأدت الأحداث الأخيرة إلى جعل هذا الوضع الخطير أكثر قابلية للاحتراق، فيوم الخميس صوّت البرلمان التركي للسماح بعمل عسكري في سوريا - على الرغم من أن أحد كبار مستشاري رئيس الوزراء قال إن quot;تركيا ليست لها مصلحة في الحربquot;. ومع ذلك فان البلاد ستخاطر في الانجرار الى صراع اقليمي من دون التدبير الكافي وبعواقب لا يمكن التنبؤ بها.
وأشارت الصحيفة إلى أن الدول الداعمة للمعارضة، مثل الولايات المتحدة، لديها القدرة على الانسحاب من الأزمة السورية في حال أصبح الوضع أكثر فوضوية. لكن هذا الحال لا ينطبق على تركيا، فهي لا تتمتع بـ quot;ترف الانسحابquot; لذلك فمن الضروري ان تتحرك أنقرة بحذر وتعيد تقييم مشاركتها، وإلا تحولت الفوضى السورية إلى فوضى تركية.
التعليقات