تهدف التحالفات إلى سحب الأغلبية من الإخوان التي يمثلها محمد مرسي

بدأت بشائر المعركة الانتخابية الحامية في مصر مع قيام العديد من التحالفات الحزبية التي ألّفها أعداء سياسيون لجماعة الإخوان المسلمين التي تتولى السلطة حاليًا. وما هدف تلك التحالفات إلا حرمان الإخوان والتيار الإسلامي من الأغلبية التي فاز بها في مجلس الشعب المنحل بحكم قضائي.


القاهرة: يتصدر المرشح الرئاسي السابق عمرو موسى خريطة التحالفات الجديدة المناهضة للإخوان، بتحالف quot;المؤتمر المصريquot; الذي يضم أحزابًا ليبرالية عدة، منها quot;المصريون الأحرارquot; وquot;السلام الاجتماعيquot; وquot;العدلquot; وquot;مصر العربي الاشتراكيquot; وquot;غد الثورةquot; وquot;الجبهة الديمقراطيةquot; وquot;المصري الديمقراطي الإجتماعيquot;.

ودخلت مجموعة من الشخصيات العامة والأحزاب في تحالف quot;التيار الشعبيquot; بقيادة المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي. كما يتزعم الدكتور محمد البرادعي، زعيم حزب الدستور، تحالفًا سياسيًا يحمل اسم حزبه. ويجري المرشح الرئاسي السابق الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح مفاوضات من أجل إطلاق تحالف quot;مصر القويةquot;، وينضم إليه حزب مصر بقيادة الداعية الإسلامي عمرو خالد، وحزب الوسط بقيادة أبو العلا ماضي.

في الوقت نفسه، يُجري التيار الإسلامي بقيادة جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة مفاوضات سرية لإطلاق تحالف إسلامي، يضم أحزاب النور، والأصالة، البناء والتنمية، إضافة إلى حزب الأمة الذي يؤسسه المهندس حازم صلاح أبو إسماعيل.

في ظل قيام تلك التحالفات، يتوقع المراقبون أن تكون المعركة الإنتخابية الجديدة شرسة، لا سيما في ظل قيادة عمرو موسى وعبد المنعم أبو الفتوح وحمدين صباحي، أبرز مرشحي رئاسة الجمهورية الخاسرين، لتلك التحالفات.

ظاهرة صحية

لكن هل يمكن أن تحقق تلك التحالفات التوازن المطلوب مع التيار الإسلامي الذي يتمتع بأغلبية برلمانية في مجلس الشورى، ويتمتع بتواجد قوى على الأرض؟ يقول الناشط السياسي جورج إسحاق، القيادي في حزب الدستور، لـ quot;إيلافquot; إن التحالفات الإنتخابية أو الحزبية ظاهرة صحية وموجودة في كافة المجتمعات الديمقراطية، مشيرًا إلى أن ثورة 25 يناير التي أطاحت بنظام حكم الفرد والحزب الواحد تستحق أحزابًا وتحالفات قوية لتنتهي هذه الظاهرة للأبد، quot;فليس من المعقول أن يهيمن حزب واحد بعد الثورة على الحياة السياسية في مصرquot;.

وأضاف إسحاق: quot;تلك التحالفات ليست موجهة ضد حزب أو جبهة أو تيار سياسي بعينه، ولم تؤسس للدخول في معارك سياسية غير مجدية، لكنها تهدف إلى بناء مصر الديمقراطية، وإثراء الحياة السياسيةquot;. وتوقع أن تحدث التحالفات المدنية توازنًا جيدًا مع التيارات الإسلامية بما يحقق مصلحة الوطن وأهداف ثورة 25 يناير. ولفت إلى أن حزب الدستور بقيادة الدكتور محمد البرادعي يفضل عدم الدخول في تحالفات حزبية.

لا شخصنة

شدد إسحاق على أن تلك التحالفات سوف تنزل إلى الشارع وتعمل مع المواطنين، لتكتسب أرضية لدى المواطن البسيط، منبهًا إلى أنها بغير التواجد في الشارع لن تنجح سياسيًا أو إنتخابيًا.

أما القيادي اليساري حسين عبد الرازق فيرى أن التحالفات السياسية الجديدة تهدف إلى quot;جمع شتات القوى الوطنية، بما يخدم مصلحة الوطن ويحفظ هوية مصر المدنية، وخوض الإنتخابات البرلمانية المقبلة بقوائم قوية تقاوم محاولات الهيمنة على الثورةquot;. وأضاف لـ quot;إيلافquot; أن كثرة التحالفات بين الأحزاب والقوى المدنية أمر جيد، quot;شريطة التخلص من البحث عن المصالح الشخصية والخاصة، والنزول للشارع والعمل بين الناسquot;.

وحذر عبد الرازق التحالفات الجديدة من الشخصنة أو تشتت الأهداف، منوهًا بأن هذه الأمراض تساهم في انهيار التحالفات بشكل سريع، من دون أن تحقق الأهداف التي قامت من أجلها، بل تزيد في شعبية الأطراف الأخرى التي تسعى للهيمنة على المشهد السياسي بعد الثورة.

التلهي بمخاصمة الاخوان

وفي الجانب الآخر، يقول الدكتور حلمي الجزار، القيادي في حزب الحرية والعدالة، لـ quot;إيلافquot; إن التيار الإسلامي لا يخشى تلك التحالفات على الإطلاق، مشيرًا إلى أنه يتواجد بقوة في الشارع ويعمل وسط المواطنين. وأضاف أن تلك التحالفات لن تؤثر في الحياة السياسية إذا كانت موجهة ضد الإخوان، quot;لأنها ستكون منشغلة باختصام الجماعة وليس بالعمل من أجل الوطنquot;.

ونبه الجزار إلى أن حزب الحرية والعدالة يرحب بتلك التحالفات طالما تسعى لإثراء الحياة السياسية وبناء مجتمع ديمقراطي حقيقي، لافتًا إلى أن الحزب لا يضره وجود معارضة قوية وبناءة، ونافيًا أن يكون الحزب يسعى حاليًا إلى إقامة تحالفات مع التيار السلفي، لكنه لم يستبعد حدوث ذلك في الوقت المناسب.

مواجهة صعبة

بحسب وجهة نظر الدكتور عماد عبد الحكيم، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، فإن التحالفات والإندماجات السياسية هي أحد أشكال الحياة السياسية الصحية في الدول الراسخة في الديمقراطية.

ويشير عبد الحكيم إلى أن الحياة السياسية، كما في المجتمع الدولي، لا تعترف بغير التكتلات والتحالفات القوية، وأوضح أن الأحزاب الصغيرة والقوى المشتتة لن تستطيع تحريك المياه الراكدة، لا سيما أنها لا تمتلك تواجدًا قويًا في الشارع وليست قادرة على جذب المواطن المصري إليها من خلال برامج تنموية واضحة.

ولفت عبد الحكيم إلى التجربة الإنتخابية بعد الثورة ممثلة في انتخابات مجلسي الشعب والشورى ثم الإنتخابات الرئاسية، التي quot;أثبتت ضعف وهشاشة الأحزاب والقوى المدنية أو الليبرالية واليسارية في مواجهة التيار الإسلامي الذي يمتلك قدرة كبيرة على الحشد والتوجيه، نتيجة تواجده القوي والمتشعب والمتجذر في المجتمع المصري، نتيجة سنوات طويلة من العمل الشعبي، بالإضافة إلى توظيف الدين لخدمة أهداف سياسية بحتةquot;.

أخطاء قاتلة

قال عبد الحكيم إن الأجواء مهيأة للتحالفات المدنية من أجل إحداث توازن قوي مع القوي الإسلامية، quot;لعدة أسباب منها سقوط التيار الإسلامي في أخطاء سياسية قاتلة خلال المرحلة الماضية، وانهيار مصداقية بعض رموز التيار الإسلامي بسبب أخطائها الأخلاقية، وشعور الشعب المصري برغبة التيار الاسلامي القوية في استنساخ النظام السابق والهيمنة على الدولة ومؤسساتها، ما ترك شعورًا بالنفور من تلك التيارات من قبل الشعبquot;.

وأضاف عبد الحكيم سببًا أخيرًا هو quot;إخفاق التيار الإسلامي في تحقيق برنامج المائة يوم الأولى للرئيس محمد مرسي، ما ترك مشاعر سلبية تجاه هذا التيارquot;.

وجوه للمعركة

ولفت عبد الحكيم إلى أن وجودا محددا هاما يزيد من فرص نجاح تلك التحالفات، يتمثل في وجود رموز وطنية لديها رصيد كبير في الشارع على رأس تلك التحالفات، كعمرو موسى وعبد المنعم أبو الفتوح وحمدين صباحي وحازم أبو إسماعيل، إضافة إلى الداعية الإسلامي عمرو خالد. غير أن عبد الحكيم يرى دون هذه الفرص السانحة عقبات quot;كعدم تواجد الأحزاب المتحالفة في الشارع، وعدم وضوح برامجها السياسية والتنموية، واحترافها العمل عبر وسائل الإعلام والفضائيات، وافتقادها المصداقية لدى قطاعات من المصريين بسبب حملات التشويه المتعاقبة منذ عهد النظام السابق، التي قدمت أصحاب التيار المدني أو الليبرالي على أنهم كفرة وملحدونquot;.

أما عبد الرزاق فأشاد بوجود هذه الرموز الوطنية والمرشحين الرئاسيين السابقين ممن يتمتعون بمصداقية وشعبية على رأس بعض التحالفات، quot;فذلك يزيد من فرص نجاحهاquot;، بحسب رأيه.