أعلن المبعوث الأممي في العراق مارتن كوبلر عقب مباحثات اليوم في مدينة كركوك الشمالية مع مكوناتها التركمانية والكردية والعربية اتفاقها على إجراء الانتخابات المعطلة هناك منذ عام 2009 لكنه أشار إلى أنّها مازالت مختلفة حول آليات إجرائها... فيما أعلن في بغداد عن تكليف المالكي لرئيس ديوان الرقابة المالية للاشراف على شؤون البنك المركزي خلفا لمحافظه الصادرة بحقه مذكرة قبض سنان الشبيبي.


أجرى مارتن كوبلر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق في مدينة كركوك الشمالية الغنية بالنفط والمتنازع عليها (255 كم شمال شرق بغداد) مباحثات اليوم مع ممثلي مكوناتها التركمانية والكردية والعربية حول اجراء انتخاباتها المعطة منذ اربع سنوات. كما عقد كوبلر اجتماعات مع حسن توران رئيس مجلس المحافظة ونجم الدين كريم محافظها في مسعى لتقريب وجهات النظر وبما يضمن تحقيق توافق بين جميع الأطراف لحسم موضوع إجراء الانتخابات في المحافظة مع انتخابات المحافظات العراقية الأخرى والمنتظرة الربيع المقبل.

وقال كوبلر خلال مؤتمر صحافي عقب لقاءاته هذه انه استمع إلى جميع الأطراف في المحافظة حول كيفية إجراء الانتخابات المحلية ومؤكدًا أنّ جميع مكونات كركوك ترغب في اجراء الانتخابات المحلية في المحافظة لكن هناك افكار ووجهات نظر مختلفة quot;الا اننا واثقون من التغلب على المشاكل التي تعترض هذه العمليةquot;. وأشار إلى أنّ الامم المتحدة تقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف وتعمل بكل شفافية وحيادية وان دورها يقتصر على تقديم المشورة للعراقيين وليس تقديم الحلول.

ومن جانبه أكد محافظ كركوك نجم الدين كريم على ضرورة إيجاد أرضية مشتركة للتنسيق والتفاهم بين مكونات المحافظة والوصول إلى اتفاق من شانه تنظيم الانتخابات المحلية بما يسهم في ضمان منح الحكومة المحلية والمجلس القادم الصلاحيات التي تسهم في تطوير كركوك.

وتدور خلافات حول اليات اجراء الانتخابات حيث يدعو المكونان التركماني والعربي إلى الغاء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات 100 ألف اسم كردي متشابه في سجل الناخبين مع اسماء في محافظات اقليم كردستان خشية تزوير الانتخابات. لكن المكون الكردي يطالب بتقديم أدلة تثبت quot;ادعاءاتquot; وجود تزوير في سجل ناخبي المحافظة ويدعو إلى اجراء انتخابات كركوك في موعد انتخابات للمحافظات الاخرى نفسه وقانونها نفسه ايضا.

كما يقترح المكون التركماني ان تكون محافظة كركوك اقليما مستقلا بسبب تنوع المكونات الموجودة فيها المدينة رافضا quot;اجراء تحديث لسجل الناخبين في المحافظة بسبب التغير الديمغرافي الكبير الذي شهدته المحافظة في الآونة الأخيرة.

ولم تجر انتخابات مجلس محافظة كركوك كما جرت في جميع المحافظات بسبب عدم التوافق بين مكوناتها على آلية الانتخابات بالرغم من ان المادة 23 من القانون رسمت تلك الالية. وتنص هذه المادة على تقاسم السلطات الادارية والامنية والوظائف العامة بين مكونات المدينة بالتساوي ومراجعة وتدقيق جميع البيانات والسجلات المتعلقة بالوضع السكاني بما في ذلك سجلات الناخبين وتحديد التجاوزات على الاملاك العامة والخاصة قبل وبعد التاسع من نيسان (أبريل) لدى سقوط النظم السابق.

كما تشير المادة إلى تشكيل لجنة نيابية خاصة لمعالجة هذه القضايا ورفع تقريرها إلى النواب وفي حال فشلها يقوم مجلس النواب العراقي بسن قانون خاص لانتخابات مجلس محافظة كركوك وفي حال تعذر ذلك تقوم الرئاسات الثلاث (مجلس الرئاسة ورئاسة الوزراء ورئاسة مجلس النواب) وبمساعدة الامم المتحدة بتحديد شروط خاصة تجري على اساسها الانتخابات في كركوك.

وكان رئيس مجلس لنواب العراقي أسامة النجيفي قد حذر مطلع الشهر الحالي لجنة مكلفة بالاعداد لانتخابات محافظة كركوك بأن فشلها في انجاز مهمتها سيدفع إلى طلب تدخل الرئاسات الثلاث للجمهورية والبرلمان والحكومة لاعداد قانونها وبالامم المتحدة لاعداد تقرير عن الاجراءات الامنية لضمانها. وحث اللجنة على الاستمرار في عقد الاجتماعات بشكل مستمر ومنظم مؤكدا ان عدم انعقادها سيؤشر عدم رغبة الاطراف المختلفة في حل موضوع انتخابات المحافظة.

أوراق عمل مختلفة للانتخابات

وتبذل جهود حثيثة حاليا لاجراء هذه الانتخابات المعطلة منذ عام 2009 حيث قدم الاكراد والتركمان فيها مشروعين لذلك ليناقشهما مجلس النواب ويصدر قرارا بشأنها. وأعلن عضو كتلة التحالف الكردستاني رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب العراقي النائب خالد شواني عن تقديم مقترح من قبل النواب الاكراد لأجراء انتخابات مجلس المحافظة مؤكدا ضرورة اجراءها بالآليات والصلاحيات نفسها الممنوحة لمجالس المحافظات الأخرى وعدم القبول بالشروط غير القانونية والدستورية.

ويضم مقترح القانون المقدم من التحالف الكردستاني سبعة مواد تشير إلى تشكيل لجنة خلال ثلاثة اشهر من اول جلسة لمجلس المحافظة المنتخب تعمل على تحديد التجاوزات على الاملاك العامة والخاصة في محافظة كركوك قبل وبعد 9 نيسان (ابريل) عام 2003 لدى سقوط النظام السابق ومعالجة تلك التجاوزات وفق القوانين المرعية في جميع انحاء البلاد و مراجعة وتدقيق السجلات المتعلقة بالوضع السكاني.

ومن جهته كشف النائب التركماني عن التحالف الوطني عباس البياتي عن تقديم التركمان ورقتهم الخاصة بانتخابات كركوك إلى مجلس النواب موضحا أنها quot;تركز على ضرورة اعتماد نسب توافقية للمكونات لعدم وجود إحصاء في كركوك أو مراجعة سجل النفوس والناخبينquot;. ودعا البياتي quot;اللجنة القانونية البرلمانية إلى دراسة جميع الأوراق المقدمة من المكونات للجنة واستخلاص المشترك منهاquot; مؤكدا أن quot;التركمان سيتعاونون مع اللجنة القانونية في دعم قانون متوازن يصدرعن مجلس النواب يعكس ذلك التوازنquot;.

ومن جانبهم اعلن عرب كركوك عن الاتفاق على خوض انتخابات مجلس المحافظة بقائمة موحدة ودعوا إلى لإجرائها بالتزامن مع انتخابات مجالس محافظات كردستان كما طالبوا بإشراف مجلس النواب عليها وتدقيق سجل الناخبين وإبقاء وضع كركوك الدستوري والإداري على ما هو عليه مع استقدام قوات اتحادية لحماية الأمن والاستقرار لحين الانتهاء من العد والفرز.

يذكر أن كركوك لم تخض انتخابات مجالس المحافظات التي جرت خلال عام 2009 بسبب الخلافات بين مكوناتها وتم تشكيل مجلس المحافظة عقب سقوط النظام السابق من ممثلي القوميات الرئيسة الأربع فيها مع مراعاة حالة التوافق لتنظيم شؤون المحافظة وملء الفراغ الإداري والتشريعي فيها.

وتعد محافظة كركوك التي يقطنها خليط سكاني من العرب والكرد والتركمان والمسيحيين والصابئة من أبرز المناطق المتنازع عليها التي عالجتها المادة140 من الدستور العراقي. وفي الوقت الذي يدفع العرب والتركمان باتجاه المطالبة بإدارة مشتركة للمحافظة يسعى الاكراد إلى إلحاقها بإقليم كردستان العراق فضلاً عن ذلك تعاني كركوك من هشاشة في الوضع الأمني في ظل أحداث عنف شبه يومية تستهدف القوات الأجنبية والمحلية والمدنيين على حد سواء.

تسمية محافظ للبنك المركزي العراقي خلفا للشبيبي المطلوب قضائيا

إلى ذلك، أعلن في بغداد عن تكليف رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لرئيس ديوان الرقابة المالية عبد الباسط تركي لادارة البنك المركزي العراقي خلفاً لمحافظه سنان الشبيبي الصادرة بحقه مذكرة جلب. وقال مستشار رئيس الوزراء علي الموسوي ان مجلس الوزراء قرر اليوم تكليف رئيس ديوان الرقابة المالية عبد الباسط تركي لادارة البنك المركزي إلى شعار اخر وذلك بعد صدورة مذكرة اعتقال بحق الشبيبي وعدد من المسؤولين في البنك بتهم تتعلق بفساد مالي وأداري.

وفي اجتماعه اليوم قرر مجلس الحكومة إقرار توصيات لجنة دراسة تذبذب سعر صرف الدينار العراقي والقاضية بالتنسيق والتشاور وتبادل المعلومات بين البنك المركزي العراقي ومجلس الوزراء بشأن السياستين المالية والنقدية وفقاً للدستور مع قيام البنك المركزي العراقي بدراسة الطرق المتبعة حالياً في إيصال العملة الأجنبية إلى السوق المحلية وإعطاء دور أكبر للمصارف وتنظيم أفضل للعملية بمراحلها كافة والإهتمام بآليات أخرى ممكنة لتنظيم سعر الصرف بحيث يمنع إستعمال المبالغ لأغراض أخرى غير المعلنة وبناء إدارة كاملة ومتكاملة لمكتب غسيل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب (هيئة غسيل الأموال) والتأكيد على مشروع القانون الخاص به مع الإهتمام بتطوير وحدة غسيل الأموال في البنك المركزي العراقي وأخذ مقترحات البنك بنظر الإعتبار بشأن تشكيل هيئة غسيل الأموال وتشكيل لجنة برئاسة ممثل عن ديوان الرقابة المالية وعضوية ممثلين عن وزارات الداخلية والمالية والتجارة والبنك المركزي العراقي والأمانة العامة لمجلس الوزراء تتولى تدقيق ومراجعة عمليات بيع العملة لغرض تحديد مواقع الخلل إن وجدت ونقاط الضعف والقوة ومدى الإستفادة من المبالغ المباعة وتناسبها مع كمية البضاعة والخدمات الداخلة وإقتراح الإجراءات للحد من تسرب العملة لغير اهدافها وكذلك تشكيل لجنة برئاسة ممثل عن البنك المركزي العراقي وعضوية ممثلين عن وزارات الداخلية والمالية والتجارة تتولى تبادل المعلومات عن حركة العملة المباعة من قبل البنك المركزي العراقي وتكوين قاعدة بيانات للإستفادة منها في السيطرة على حركة العملة.

وقال الناطق باسم الحكومة علي الدباغ في تصريح تسلمته quot;إيلافquot; إن quot;الحكومة امرت البنك المركزي العراقي بتقديم quot;تقرير فصلي عن رقابته على شركات الصيرفة المجازة بالتحويل الخارجي مع التأكيد على الدور الرقابي لديوان الرقابة المالية في تدقيق معاملات بيع العملة إلى الزبائن والبضائع الداخلة نتيجة ذلك ويقدم البنك المركزي دراسته إلى لجنة الشؤون الإقتصادية بشأن تخويل المصارف الحكومية والأهلية صلاحية فتح الإعتمادات لأغراض تغطية تجارة إستيراد القطاع الخاص كما ويقدم البنك المركزي تقرير لتطوير المصارف للقيام بدورها المناسب وبما ينسجم مع الحجم المالي للإقتصاد العراقي مع وجوب تنظيم التجارة ومتابعتها من قبل الأجهزة الحكومية الأمر الذي سينعكس على طلب العملة الأجنبية والإشارة إلى الوضع العام وخاصة السياسي والإقتصادي والإستثماري وإستقراره والذي يجعل بالنتيجة العراق مركز جذب للعملة الأجنبية وبالتالي يتحسن سعر الدينار العراقي بصورة مستدامة وحث البنك المركزي على دراسة قانونه وفقاً للمعطيات الدستورية التي جاءت بعد إصدار القانون النافذ بإتجاه تعزيز إمكاناته وتطوير العمل فيهquot;.

ومن جهتها بدأت هيئة النزاهة العراقية الرسمية المكلفة بمكافحة الفساد التحقيق في قضايا ترتبط بالبنك المركزي. وقال رئيس اللجنة بهاء الاعرجي ان quot;التحقيق ما زال متواصلا. صدرت مذكرات قبض لكن لم تصدر مذرات منع سفرquot;، مشيرا إلى أنّ عدد مذكرات التوقيف بلغ quot;ثلاثين مذكرة تشمل محافظ البنك ونائبه وهذا ما سيجعل الامر اكثر تعقيداquot;.

واكد ثقته في ان quot;محافظ البنك المركزي ونائبه سيمثلان امام القضاءquot;. وقال ان quot;هذا قرار القاضي ويجب ان يحترم ونتمنى على السياسيين الا يتدخلواquot;. وكان محافظ البنك المركزي سنان الشبيبي الذي يتولى منصبه منذ 2003 قال الاحد quot;لا اعرف شيئا عن هذا الامر وان شاء الله لن تكون هناك مذكرات توقيفquot;.

وشهد سعر صرف الدولار في نيسان (ابريل) الماضي اعلى مستوى له امام الدينار منذ نحو اربع سنوات في الاسواق المحلية وهو 1320 دينارا لكل دولار بعد ان كان مستقرا عند مستوى 1230 دينارا للدولار الواحد. وقال الشبيبي حينها ان quot;الاوضاع السياسية غير المستقرة نسبيا في العراق وفي المنطقة المحيطة اوجدت طلبا كبيرا على الدولار ما ادى إلى ارتفاع سعر صرف هذه العملة مؤخراquot; في أشارة خصوصا إلى ايران وسوريا.

وقد اصدرت المحكمة الاتحادية العليا في 18 كانون الثاني (يناير) عام 2011 قرارا بربط البنك المركزي بمجلس الوزراء معللة ذلك بquot;غلبة الصفة التنفيذية على اعمال البنك ونشاطاتهquot;. وحذر الشبيبي بعد صدور هذا القرار من مخاطر تطبيق قرار المحكمة الاتحادية العليا لان ذلك quot;سيفقد العراق مسؤولية حماية امواله في الخارجquot;.

وفي 12 من الشهر الحالي هدد الشبيبي برفع قضايا في المحاكم المختصة على كل الجهات التي تشن حملة اعلامية مشوّهة ضد البنك المركزي. وأشار إلى أنّه يحتفظ بكتاب رسمي يحمل توقيع رئيس الوزراء نوري المالكي بمنعه عن إبعاد هؤلاء الفاسدين من مناصبهم رغم التأكد من تورطهم بعمليات الفساد كبيرة موضحا ان المالكي اعلم محافظ البنك بان تغيير او إقصاء اي شخص من منصبه هي ليست من صلاحيات محافظ البنك المركزي وإنما من اختصاص رئيس الوزراء. ويؤكد الشبيبي أن النظام الداخلي للبنك المركزي يؤكد على انه مستقل وغير خاضع إلى السلطة التنفيذية لا من قريب ولا من بعيد.