اعتبر مراقبون وسياسيون أن طائرة quot;أيوبquot; بدون طيار التي أرسلها حزب الله إلى إسرائيل، والتي أسقطت من قبل القوات الجوية الإسرائيلية في الجزء الجنوبي من البلاد في أوائل تشرين الأول (أكتوبر)، خير دليل على استعداد الحزب اللبناني للحرب.
قالت إسرائيل إن طائرة quot;أيوبquot; بدون طيار التي أرسلها حزب الله الى إسرائيل للتجسس هدفت إلى جمع معلومات بصرية استخباراتية لمساعدة الحزب في تحقيق هدفه المتمثل بقصف أهداف بعيدة بصواريخه البعيدة المدى.
ومما لا شك فيه، ان حزب الله يجمع معلومات ليستعين بها في حال اندلاع مواجهة أخرى مع إسرائيل، لكن مسألة ما إذا كان يسعى لحرب شاملة في المنطقة هو أمر أكثر تعقيداً، ولا يعتمد على ما يريده حزب الله لحدة المعركة أن تكون عليه.
وأشار موقع بلومبرغ الاقتصادي، إلى أن حزب الله يحاول استدراج إسرائيل إلى حرب ستكون أقوى وأشد مما يحتمله ويتوقعه، كما أن حيازة المجموعة لهذه الطائرة المتطورة (التي تم تجميعها من أجزاء إيرانية الصنع) هو دليل آخر على أن حزب الله أصبح الأكثر تقدماً والأفضل تجهيزاً من نوعه في العالم على الاطلاق.
منذ أن أرغمت إسرائيل على الانسحاب من لبنان في العام 2000، عمل حزب الله على بناء قوة عسكرية هائلة، مع أسلحة وذخيرة لا تملكها 90٪ من دول العالم، وفقاً لمئير داغان، المدير السابق للموساد (وكالة الاستخبارات الإسرائيلية).
ويعتمد حزب الله على مبدأ يفترض فيه أن إسرائيل شديدة الحساسية لسقوط ضحايا من المدنيين، وأنها لا تستطيع أن تشن حرباً طويلة الأمد، بل ستسعى دائماً للفوز بأسرع وقت ممكن. ومع وضع هذا في الاعتبار، أنشأ حزب الله شبكة معقدة من الخنادق تحت الأرض بهدف البقاء على قيد الحياة والقتال لأطول فترة ممكنة، مع الحفاظ على القدرة لإطلاق وابل من الصواريخ بعيدة المدى ضد المدن الإسرائيلية.
استراتيجية ناجحة
أثبتت استراتيجية حزب الله نجاحها في الحرب بين الجانبين في العام 2006، عندما فشلت اسرائيل في محاولتها لتصفية حزب الله ومرة أخرى أجبرت على الانسحاب من لبنان.
يستمد حزب الله نهجه القتالي من إيران، فهذه المجموعة تأسست عام 1983 من قبل الحرس الثوري الإيراني كجزء من خطة آية الله روح الله الخميني لتصدير ثورته. وعلى مر السنين، بتمويل وتشجيع إيراني، أصبحت المجموعة اللاعب الأساسي في لبنان على الصعيدين السياسي والعسكري.
وفي السنوات الأخيرة، أصبح لحزب الله دورا إضافيا بوصفه ورقة مساومة فعالة في توازن الرعب بين إيران وإسرائيل، وردع هذا الأخير اسرائيل من المضي قدماً في أي حملة لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. وأحد الأسباب الرئيسية التي ردعت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو قدرة حزب الله في أن تعيث فساداً في إسرائيل مع مخزونها الضخم الذي يبلغ نحو 70000 صاروخاً وقذيفة، الأقوى منها هو صاروخ السكود الذي يبلغ مداه 700 كيلومترا.
ونقل موقع بلومبرغ عن مسؤول كبير في وزارة الدفاع الاسرائيلية قوله إنه quot;لولا صواريخ حزب الله، لكانت إسرائيل قد ضربت مواقع إيران منذ فترة طويلةquot;.
لكن لا ينبغي بناء الاستنتاجات استناداً فقط إلى نجاحات حزب الله السابقة والمحتملة، فهو الآن على مفترق طرق في الوقت الذي تشهد فيه سوريا، الحليفة الثانية الأهم لحزب الله، اضطرابات وتغييرات جوهرية.
يتم نقل الذخائر من إيران إلى حزب الله عبر سوريا، وقد زود نظام الرئيس السوري بشار الأسد أيضاً أسلحة مهمة إلى حزب الله، إضافة إلى القدرة على الوصول إلى مواقع quot;إطلاق استراتيجيةquot; لإيصال الصواريخ ضد اسرائيل.
المأزق الذي وقع فيه حزب الله في الآونة الأخيرة هو أن أي نظام يستلم الحكم في سوريا بعد سقوط الأسد سيكون ناقماً على حزب الله على خلفية دعمه للقوات النظامية التي ذبحت الآلاف من المدنيين. قطع الدعم السوري عن حزب الله هو الكابوس الأسوأ لأمين عام الحزب السيد حسن نصرالله.
دور لبنان
يرجح كثيرون أن يشهد حزب الله تهديد آخر، وهو وصول الربيع العربي إلى لبنان إنما بشكل تمرد ضد دويلة حزب الله. ايران نفسها ليست بمنأى عن التغيير وهي تشهد بدورها اضطرابات تهدد صلابتها، وهذه التغييرات يمكن أن تؤثر بشكل كبير على العلاقات بين حزب الله وحلفائه.
مع مرور الزمن، الحرب التي بدت وكأنها انتصار على إسرائيل في العام 2006 بدأت تأخذ منحى أكثر تعقيداً. بدأت الحرب عندما أسر حزب الله جنديين اسرائيليين في غارة عبر الحدود. وجاء رد إسرائيل بمثابة مفاجأة ضخمة لنصر الله الذي اعترف علناً انه لم يتوقع ذلك. وعلى الرغم من أن حزب الله بدا وكأنه فاز بالجولة، إلا أن لبنان تكبد خسائر وأضرار فادحة أدت إلى نقمة بين العديد من اللبنانيين الذين لاموا حزب الله بالتسبب بهذه الأضرار.
نصر الله يدرك أن المواجهة القادمة مع إسرائيل سوف تكون مختلفة حيث استثمر الإسرائيليون في عمليات استخباراتية واسعة منذ عام 2006. فحزب الله يرى أن هذه الجهود كانت واضحة في قتل القائد العسكري للحزب عماد مغنية في شباط (فبراير) 2008 إثر انفجار لغم في سيارته، وكذلك الانفجارات الغامضة في بعض مستودعات الصواريخ غير المشروعة للحزب في لبنان.
الأهم من ذلك، هو أن اسرائيل أعلنت بالفعل عدة مرات أنه في حال اندلاع الحرب مرة أخرى، فإنها سوف تحمّل الحكومة اللبنانية المسؤولية وتدمر أهدافا حكومية.
إيران للطاقة
ترى إيران أن إعداد حزب الله لحرب مكثفة ضد إسرائيل في صالحها، والدليل على ذلك هو طائرة quot;أيوبquot; التي تم إرسالها، ففي حال هجوم اسرائيلي على اراضيها، سوف تطلب طهران من حزب الله الانتقام نيابة عنها، ونصر الله يدرك أن هذا يمكن أن يؤدي إلى دمار في لبنان سيكون هو الملام الوحيد عليه.
ومع ذلك، من غير المرجح أن يرفض نصر الله، الذي يدين لإيران بكل ما يملك، طلب هذه الأخيرة بالانتقام. وترجح مصادر الاستخبارات الإسرائيلية انه قد يتخذ حلا وسطاً وهو بإطلاق صواريخ محدودة حتى لا تشعر اسرائيل بأنها ملزمة بتوجيه ضربة عسكرية واسعة النطاق رداً على ذلك. وهذا سيكون مقامرة خطيرة.
نصر الله أصبح يعلم أنه من غير الممكن معرفة ما يتوقعه من الجانب الآخر، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالإسرائيليين، فحتى الهجوم المحدود ضد تل أبيب يمكن أن يتدهور إلى حرب طاحنة لا تحمد عقباها.
التعليقات