إيرانيات في كربلاء

عبر العراق عن استغرابه لانزعاج المفوضية السامية لحقوق الإنسان من تزايد عمليات الإعدام لمنفذي العمليات الارهابية وعدم اكتراثها بأرواح الآلاف من ضحاياهم والتزامها الصمت أمام الجرائم التي ترتكبها الجماعات الارهابية... فيما أكد مجلس محافظة كربلاء انخفاض عدد الزوار الإيرانيين الى العراق بشكل ملحوظ نتيجة الانخفاض الكبير لسعر التومان مقابل الدولار بسبب العقوبات الدولية على ايران حيث قال مسؤول عراقي ان بلاده ستطلب من الولايات المتحدةإعفاءها منها.


قالت وزارة حقوق الانسان العراقية إنه من المؤسف أن تعبر المفوضية السامية لحقوق الانسان ومنظمة العفو الدولية عن معارضتهما لتنفيذ أحكام الإعدام الصادرة في العراق ضد quot;عتاة المجرمينquot; واستخدامهما كلمات مثل quot;الصدمةquot; وquot;الانزعاجquot; لذلك.

وأشارت الوزارة في بيان صحافي تلقته quot;إيلافquot; إلى أنّه في الوقت الذي تابعت فيه ردود الافعال من المفوضية السامية لحقوق الانسان نافي بيلاي وتصريحاتها الاعلامية حول تنفيذ أحكام الإعدام بعدد من المدانين وكذلك من من قبل منظمة العفو الدولية فإن الوزارة تستغرب من تعبيرهما عن انزعاجهما وصدمتهما من تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق مرتكبي ابشع الجرائم في انتهاك حق الحياة لمواطنين ابرياء عزل في حين تلتزم الصمت امام الجرائم التي ترتكبها الجماعات الارهابية بين الحين والاخر في العراق. وتساءلت قائلة quot;لماذا هذا التشكيك في أحكام صادرة من سلطة قضائية مستقلة يتميز بها العراق عن كثير من الدول التي لا تتمتع باستقلالية القضاء؟quot;.

وكانت المفوضية السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي قالت الثلاثاء الماضي إنها تشعر quot;بصدمةquot; قوية إزاء التقارير التي تفيد بإعدام 34 شخصا في العراق في يوم واحد ودعت البلاد إلى الوقف الاختياري لعقوبة الإعدام. وقالت quot;حتى مع المراعاة الكاملة لحق المحاكمة العادلة، يعد هذا رقما مخيفا أن تقع كل هذه الإعدامات في يوم واحدquot;. وأضافت quot;نظرا لغياب الشفافية في إجراءات المحاكمة هناك قلق بخصوص الإجراءات السلمية ونزاهة المحاكمات والعدد الكبير للجرائم التي تقع تحت طائلة عقوبة الإعدام في العراق، إنه أمر يثير الصدمةquot;.

وقالت quot;أكثر ما يثير الانزعاج هو أنه لا يوجد لدينا أي تقرير بشأن إعفاء أي شخص على الرغم من أن الكثير من الأدلة تشير إلى أن حالات الاعتراف تمت تحت الإكراهquot;. كما نددت فرنسا امس بازدياد حالات تنفيذ حكم الإعدام في العراق.. وقالت وزارة الخارجية الفرنسية إنه quot;بعد إعدام 34 شخصاً في 19 من الشهر الماضي و17 شخصاً في الأول من الشهر الحالي تندد فرنسا بازدياد اللجوء إلى الإعدام في العراقquot; الأمر الذي يزيد من القلق على حماية حقوق الإنسان في البلاد.

لكن وزارة حقوق الانسان العراقية ردت قائلة إن ارتفاع عدد المحكومين ليس دليلا على عدم توفر الاجراءات والضمانات القانونية للمتهمين quot;خصوصا اذا علمنا ان اغلب هذه الأحكام تتعلق بجرائم ارتكبت في اعوام 2006-2007-2008 واستنفدت كل الاجراءات القانونية ولم يبق الا التنفيذquot;.

وأضافت ان ارتفاع العدد مرتبط بحجم الهجمات الارهابية الشرسة التي تطال المدنيين كل يوم والتي وصل عدد ضحاياها لسنة 2011 فقط اكثر من 13 الفا بين شهيد وجريح علما بان هذا العدد سجل انخفاضا وصل الى 4 الاف ضحية قياسا لعام 2010 وهذا دليل على نجاح الأجهزة والقوات الامنية في مجابهة الارهاب نتيجة المطالبة الرسمية والبرلمانية والشعبية من الحكومة بضرورة اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية للحد من هذه الهجمات والتي راح ضحيتها بالاضافة الى المدنيين عدد ليس قليلا من افراد الاجهزة الامنية.

واعتبرت الوزارة ارتفاع عدد الموقوفين والمدانين امرا اعتياديا مقابل عدد الضحايا وقالت quot;اننا نطلب من الأجهزة الأمنية وفي اكثر من مناسبة بذل جهود اكبر في مجابهة الارهابيين والتي تمثل احدى اهم الضمانات في الدفاع عن حقوق الانسان للحد من هذه العمليات كونها مرتبطة بكل الحقوق وأهمها الحق بالحياة واذا اردنا ان نتكلم عن المعايير التي تعتمدها بعض المنظمات في عدد من أحكام الإعدام الصادرة من القضاء. فهل كان عدد الضحايا ضمن معايير الدول التي يتم المقارنة معها ؟ وهل تم حساب الاثار النفسية والاجتماعية والاقتصادية والتنموية على مجتمع العراق وذوي الضحايا نتيجة ارتكاب هذه الجرائم ؟quot;.

وأكدت وزارة حقوق الانسان العراقية أنّ عددا من هذه الأحكام الصادرة كانت لجرائم اسبابها جنائية مثل 406 القتل العمد و421 الخطف المقترن بالقتل من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل وبقية الأحكام صدرت بموجب المادة 4 من قانون مكافحة الارهاب لسنة 2005.

وبضمانات قانونية واجرائية كانت كافية من خلال التحقيق الابتدائي مرورا بالتحقيق القضائي الذي يجريه قاضي التحقيق ثم التحقيق الذي تجريه محكمة الموضوع واخيرا اجراءات المحاكمة التي قد تصدر على ضوئها المحاكم أحكامها وفقا للقانون مع توفر كل الضمانات القانونية وبعد اصدار القرارات القضائية بالادانة والعقوبة تأتي مرحلة النظر في هذه القرارات من قبل هيئة الادعاء العام في محكمة التمييز الاتحادية والتي تتكون من 17 قاضيا للنظر في هذه الدعوة.

واستطردت الوزارة انه بعد ذلك تذهب الدعوة الى الهيئة العامة الجزائية في محكمة التمييز الاتحادية التي تتكون من 19 قاضيا لتصدر قرارها اما بالمصادقة او النقض.. ثم يتم مفاتحة ديوان رئيس الجمهورية للطلب بإصدار مرسوم جمهوري للمصادقة على تنفيذ حكم الإعدام من قبل وزارة العدل داخل السجون او اي مكان آخر يحدده وزير العدل خلال مدة لا تتجاوز 30 يوما من تاريخ صدور المرسوم الجمهوري. وأكدت الوزارة انه اضافة لذلك هناك ضمانة اخرى وهي توفر حق للمحكوم عليه بعد كل هذه الاجراءات ان يقدم طلب اعادة المحاكمة اذا توفر سبب لاعادة المحاكمة وفقا للمادة 270 من قانون اصول المحاكمات الجزائية.

وشددت على ان تنفيذ الأحكام القضائية يمثل حق ذوي الضحايا والمجتمع لتكتمل صورة العدالة الجنائية المتمثلة بحقوق الضحايا والمتهمين.. واوضحت انه في ما يخص ما يثار عن عدم اصدار عفو عن المدانين quot;نود ان نبين ان العراق دولة مؤسسات ينظم عملها الدستور العراقي النافذ الذي نص في مادته 73 اولا على ان يتولى رئيس الجمهورية الصلاحيات التي تمكنه من إصدار العفو الخاص ،والمحكومين بارتكاب الجرائم الدولية والإرهاب والفساد المالي والإداري حيث قيد الدستور منح اي عفو للجرائم المشار اليها.

ودعت وزارة حقوق الانسان العراقية جميع المنظمات الدولية والناشطين الى ضرورة التعامل مع هذه المواضيع بمهنية وموضوعية وتوخي الدقة في تبني الآراء وإصدار المواقف.. وقالت انها على استعداد لتلقي الملاحظات والاستفسارات والاجابة عليها.

ويبلغ عدد الأشخاص المحكوم عليهم بحكم الإعدام في العراق منذ عام 2004 أكثر من 1200 شخص، ولكن لا يعرف بالتحديد عدد الأشخاص الذين نفذ فيهم الحكم بالفعل، إلا أنه يعتقد أن 63 شخصا نفذ الحكم بحقهم خلال الشهرين الماضيين فقط. وتطبق عقوبة الإعدام في العراق على 48 جريمة بما في ذلك جرائم غير مميتة مثل الإضرار بالممتلكات. وقد صادقت رئاسة الجمهورية العراقية في العشرين من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي على إعدام 53 مداناً بينهم خمسة من مختلف الجنسيات الأجنبية.

وقد صادقت المحكمة التمييزية العراقية امس على أحكام الإعدام الصادرة بحق ثلاثة أدينوا في هجوم على كاتدرائية للسريان الكاثوليك في بغداد عام 2010 في أعنف هجوم يستهدف المسيحيين منذ عام 2003 حين احتجز مسلحون مرتبطون بالقاعدة عددا من الرهائن خلال قداس الأحد في كنيسة سيدة النجاة في بغداد يوم 31 تشرين الاول (أكتوبر) عام 2010 ما ادى الى مقتل 52 من الرهائن والشرطة وإصابة 67 في الهجوم الذي انتهى عندما اقتحمت قوات الامن الكنيسة فيما أعلن تنظيم دولة العراق الاسلامية المنتمي الى تنظيم القاعدة مسؤوليته عن الهجوم.

العقوبات الدولية على إيران تبعد مواطنيها عن العراق

إلى ذلك، أكد مجلس محافظة كربلاء تراجع أعداد الزوار الإيرانيين الى المحافظة إثر التدهور الذي تشهده العملة الإيرانية مقابل العملات الاخرى بسبب العقوبات الدولية فيما اوضح إيرانيون أن نفقات الزيارة باتت تكلفهم أكثر من ضعف ما كانوا ينفقونه سابقا.

وقال رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس كربلاء طارق الخيكاني إن أعداد الزوار الإيرانيين الداخلين إلى كربلاء قد تراجع بشكل لافت منذ الشهر الماضي. وأبلغ وكالة quot;السومرية نيوزquot; قائلا quot;رصدنا الشهر الماضي، تراجعاً واضحاً في عدد الزوار الإيرانيين ممن يقصدون كربلاء لزيارة العتبات الدينية بسبب تراجع قيمة التومان الإيراني أمام الدينار العراقيquot;.

ودعا السلطات العراقية إلى إعفاء الزوار الإيرانيين من تكاليف سمة الدخول تشجيعا للسياحة الدينية.. موضحا ان هؤلاء الزوار شكلوا طوال العقدين الماضيين عماد السياحة الدينية في كربلاء. وقال quot;لدينا نحو 1000 فندق تعتمد على هؤلاء الزوار وتوفر فرص العمل لمئات الأشخاص وساعدت على تنشيط السوق في السنوات الماضية والزوار الإيرانيون يتبضعون من السوق المحلية ويشترون هدايا لأقربائهم وينفقون في مجالات عديدة ما أسهم بتنشيط السوق المحليةquot;.

بدورهم اعتبر عدد من الزوار الإيرانيين الى كربلاء أن انخفاض سعر صرف التومان مقابل الدينار هو السبب غير المباشر في انخفاض أعداد الزائرين المتجهين إلى المدن المقدسة في العراق. وبات كل ألف تومان إيراني يباع بحوالى 500 دينار عراقي وهو سعر غير مسبوق لسعر صرف العملة الإيرانية امام الدينار العراقي منذ سنوات والذي كان يبلغ الف دينار. وكانت كربلاء تستقبل أسبوعيا نحو خمسة آلاف زائر إيراني يدخلون المدينة بشكل قوافل تنظمها شركة شمسا الإيرانية لكن مسؤولين محليين قدروا عدد الزوار الذين دخلوا كربلاء في الأسبوعين الماضيين بأقل من 2000 زائر.

ولذلك أوقف غالبية تجار وأصحاب المحال التجارية في مدينتي النجف وكربلاء العمل بعملة التومان الإيراني بسبب خسارة ما يقارب أكثر من نصف قيمته أمام الدينار العراقي. وكان البنك المركزي الإيراني حدد الشهر الماضي سعر صرف الدولار الأميركي عند 1226 تومان وهو سعر صرف مقارب لقيمة الدولار الأميركي أمام الدينار العراقي في محاولة للحد من انخفاض قيمة التومان أمام الدولار وسائر العملات الأخرى. لكن التومان واصل تراجعه.

لكن القنصل الإيراني في محافظة النجف محمد حسن محي الدين اعتبر أن انخفاض درجات الحرارة هو السبب في تراجع أعداد الزوار نافيا أن يكون لانخفاض سعر صرف التومان مقابل العملات الأخرى دخل بهذا التراجع.

وعلى العكس من ذلك نفى المواطن الإيراني مختار علمدار أن تكون موجة البرد التي تشهدها إيران quot;سببا في تراجع أعداد الزوار لكربلاءquot;. وقال quot;في إيران تنخفض درجات الحرارة طوال الشتاء، ونحن معتادون على ذلك والزوار يجدون في طقس العراق فرصة للهرب ولو لعدة أيام من برد الشتاء في إيران لكن الأوضاع الاقتصادية هي السبب وراء عدم مقدرة المواطنين الإيرانيين على التوجه نحو المدن الدينية في العراق بعد مضاعفة العقوبات الدوليةquot;.

وقال الزائر الإيراني حسين رضا بور quot;أصبحت الأوضاع المعيشية بالغة الصعوبة داخل إيران حيث إن المواطنين الإيرانيين باتوا يعيدون ترتيب أولويات إنفاقهم بسبب ارتفاع الأسعار وانخفاض القوة الشرائية للتومان الإيرانيquot;. وأضاف quot;كان الناس يوفرون جزءاً من المال بهدف إنفاقه أثناء زيارة العتبات الدينية لكنهم اليوم لايملكون فائضا بسبب الغلاءquot;.

وقد اشتكى العراق من العقوبات الاميركية على إيران وقال انه سيطلب من الولايات المتحدة اعفاءه منها. وأشار المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ في تصريحات امس إلى أنّ العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران تشكل صعوبات على العراق بسبب العلاقات الاقتصادية المتينة بين بغداد وطهران ولذلك فإن بغداد تعتزم الطلب من واشنطن اعفاءها من تلك العقوبات.

وقال quot;لدينا علاقات مالية كبيرة بين القطاع الخاص في العراق وإيران لان إيران هي المزود الرئيس للعراق بالعديد من المواد الغذائية وغيرها من السلع هنا في العراقquot;. واضاف quot;خلال ايام قليلة سنتقدم بطلب الى الولايات المتحدة لاعفائناquot; من تطبيق العقوبات.

وأشار إلى أنّ بغداد تريد quot;ان تطبق الالتزامات الدوليةquot; وقد التزمت بعقوبات اخرى فرضت على إيران الا ان القيود الجديدة على التعامل مع البنك المركزي الإيراني -- الذي قال انه طرف في التعاملات التجارية -- تمثل مشكلة بوجه خاص. واوضح قائلا quot;لا نستطيع وقف علاقاتنا التجارية مع إيرانquot; ولان العراق له نحو 60 مليار دولار كاحتياطي في الولايات المتحدة فإن quot;اية عقوبات ستؤثر فيناquot;. وقال quot;ليس من الممكن للعراق ان يطبق مثل هذه العقوبات.. نحن نبحث عن مصالحناquot;.

ويبلغ حجم التجارة بين العراق وإيران مليارات الدولارات ويشتمل على مشتريات الحكومة العراقية فيما تتنوع الصادرات الإيرانية الى العراق ما بين الكهرباء والوقود الى الطعام وغيرها من السلع. وأشار الدباغ كذلك إلى أنّ العراق يخشى التوتر بين واشنطن وطهران.. وحذر من ان بلاده يمكن أن تكون من أكثر البلاد تأثرا في حال تم اغلاق مضيق هرمز امام شحنات النفط الخام. واضاف quot;نحن قلقون بكل تأكيد من الوضع والتوتر.. بين إيران والولايات المتحدةquot;.

وتابع quot;للاسف فان العراق لم يتمكن حتى الان من بناء بنية تحتية يمكن ان تنوع طريقة تصديره للنفط. وحتى الان فان خط الانابيب مع سوريا ليست عاملة، وقدرات خط الانابيب مع تركيا لا تزال منخفضةquot;. وبالتالي فان معظم صادرات العراق تمرّ من مضيق هرمز حيث تمثل مبيعات النفط الغالبية العظمى من دخل الحكومة العراقية ونحو ثلثي اجمالي الناتج المحلي. واضاف quot;بالتاكيد فاننا نحث إيران والولايات المتحدة.. على حل مشاكلهما بطريقة جيدةquot;.

وشددت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وغيرها من الدول عقوباتها على إيران واستهدفت بشكل خاص قطاع النفط والبنك المركزي الإيراني من اجل الضغط على طهران لوقف برنامجها النووي الذي يشتبه الغرب في انه يخفي مساعيها لامتلاك اسلحة نووية.