انتقلت روسيا بقوة يوم الثلاثاء لإثبات أنها تسعى إلى حل سلمي للأزمة سوريا، من خلال إرسال وزير خارجيتها إلى دمشق لإجراء محادثات وصفها النقاد بالـ quot;مثمرة جداًquot; والتصدي للانتقادات التي تقول إن الكرملين فقد مكانته في العالم العربي بسبب دعم موسكو المطلق للرئيس السوري بشار الأسد.

جاءت الجهود الدبلوماسية من قبل روسيا، في الوقت الذي تقوم فيه العديد من الدول العربية والأوروبية بسحب سفرائها من العاصمة السورية دمشق، استنكاراً لرد الأسد العنيف تجاه المتظاهرين بعد مرور 11 شهراً على الثورة الشعبية في البلاد.

في واشنطن، ألمحت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، التي أغلقت سفارتها في دمشق يوم الاثنين، أنها تبحث عن سبل لتوفير ما وصفته بـ quot;الدعم الإنسانيquot; إلى السوريين الذين تتعرض حياتهم للخطر. لكن المسؤولين أكدوا ان الادارة لا تفكر في تقديم المساعدة المسلحة للمعارضة السورية.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند، للصحفيين quot;إننا لا نستثني أية احتمالات عن طاولة النقاش، لكننا لا نعتقد أن المزيد من الأسلحة إلى سوريا هو الحلquot;.

في هذا السياق، اشارت صحيفة الـ quot;نيويورك تايمزquot; إلى أن حدة العنف تصاعدت في سوريا منذ يوم السبت الماضي، بعد أن رفضت روسيا والصين قرار في مجلس الأمن، المدعوم من جامعة الدول العربية، الذي يدعو الأسد للتخلي عن بعض الصلاحيات في اطار خطة لنزع فتيل الأزمة، التي باتت أشبه بحرب أهلية في سوريا.

رافضة الانتقادات اللاذعة من الدول التي رعت القرار والنقاد الغربيين، أصرت روسيا على أن القرار يؤدي إلى التدخل الخارجي في الشؤون السورية.

في الوقت نفسه، حرصت موسكو على ألا تبدو وكأنها أعطت الرئيس السوري الضوء الاخضر لسحق خصومه السياسيين، فأرسلت وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ومدير جهاز الاستخبارات الخارجية الروسي ميخائيل فرادكوف إلى سوريا، يحملان اقتراحاً، لم يكشف مضمونه، لإنهاء الأزمة.

بعد لقائه مع الأسد، قال لافروف إن زيارته للقيادو السورية كانت quot;مثمرة للغايةquot;، وفقاً لما ذكرته وكالة ريا نوفوستي في موسكو. واضاف quot;لقد أكدنا استعدادنا لتسهيل التوصل إلى نهاية سريعة للأزمة على أساس المواقف الواردة في مبادرة الجامعة العربية. على وجه الخصوص، أعطى الرئيس السوري ضمانات بأن تلتزم حكومته التزاماً تاماً لوضع حد للعنف، بغض النظر عن مصدرهquot;.

واشار لافروف أيضاً إلى استعداد الأسد لاجراء محادثات مع ممثلي المعارضة في سوريا، التي لا تزال منقسمة، مشيراً إلى أنه quot;من الواضح أنه ينبغي أن تقترن الجهود الرامية لانهاء العنف بالحوار بين القوى السياسية. واليوم تلقينا تأكيداً من الرئيس السوري انه مستعد للتعاون في هذا الجهدquot;.

ولم يتضح بعد ما اذا كانت روسيا تمتلك القوة الدبلوماسية للتأثير بشكل كبير على الأحداث على الأرض، فبسبب دعم موسكو للأسد، من الصعب عليها كسب ثقة المعارضة السورية. ومن غير الواضح ما إذا كانت الجهود الدبلوماسية الروسية قد تدفع الأسد إلى حل وسط، الذي يصر على انه يكافح الإرهاب، وليس انتفاضة شعبية.

ونقلت الصحيفة عن الكسندر شوميلين، مدير مركز تحليل النزاعات في الشرق الاوسط، في موسكو قوله: quot;بعد فضيحة مجلس الأمن، موسكو بحاجة إلى إيجاد طريقة للتصرف. ربما سيؤدي ذلك إلى نتائج جيدة، لكن على أقل تقدير، فإن روسيا سوف تكون قادرة على القول انها تعمل ولا تكتفي بالجلوس مكتوفة الأيديquot;.

وختمت الصحيفة بالقول: quot;شهدت زيارة لافروف إلى دمشق اصطفاف الآلاف من السوريين الموالين، الذين رفعوا الأعلام الروسية ترحيباً بالمسؤول الروسي الذي ساهمت بلاده فى دحض الجهود الدولية لوقف أعمال العنف والقمع فى سوريا، باعتراضها على مشروع قرار فى مجلس الأمن ضد نظام بشار الأسدquot;.